الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

ممثل مصر السابق في لجنة دستور الغذاء الدولية: السوق المصرية تحتاج إلى رقابة شديدة.. لا يوجد في العالم طعام خال من المواد الضارة.. والإفراط في تناول الوجبات السريعة له انعكاسات خطيرة على الصحة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يزداد الجدل حول الإضافات الصناعية للأطعمة، وصارت مكسبات الطعم أو اللون أو الرائحة أو المواد الحافظة تشغل بال الأسر المصرية، في الفترة الأخيرة، خاصة بعد انتشار العديد من الأمراض. وحول هذه القضية التقت «البوابة نيوز»، الدكتور صلاح أبورية، أستاذ علوم الأغذية، وممثل مصر السابق في لجنة دستور الغذاء الدولية المتخصصة، للحديث حول الغذاء الآمن وسلامة الأغذية.. وكان الحوار التالي.



■ بداية ما الفرق بين الأمن الغذائي والغذاء الآمن والغذاء الصحي؟
- الأمن الغذائي، أن يكون الطعام متوفرا وبكمية مناسبة وبأسعار مناسبة، طول الوقت، أما الغذاء الآمن، فهو طعام لا يسبب ضررا بصحة الإنسان، وبه مواد ضارة تحددها القوانين والتشريعات حفاظا على صحة الإنسان، وهذ الأمر موجود في كل دول العالم، ولا يوجد طعام خال من مسببات المرض، أو الأضرار، وهو ما تحدده المواصفات القياسية لكن منتج غذائي، وقديما كانت المواصفات تشترط أن يكون الغذاء خاليا تماما من مواد مضافة أو متبقيات أو الملوثات أو حتى متبقيات الإشعاع.
أما الغذاء الصحي، فهو الذى يعطي الصحة الجيدة، وبعض الدول الأوروبية توفره لمواطنيها، ليعمل على أداء أفضل لجسم الإنسان وصحته، لكن في الدول النامية والفقيرة يتناولون الغذاء الذي يوفر لهم طاقة خلال يومهم.
■ وماذا عن الأمن الغذائي في مصر؟
- إنتاج مصر من الغذاء غير كاف، وإن كان هناك اكتفاء ذاتي في بعض المنتجات مثل الخضر والفاكهة والدواجن والبيض، لكن هناك منتجات لدينا عجز كبير فيها مثل الحبوب كالقمح واللحوم، والزيوت، والدولة تتغلب على هذا الأمر بالاستيراد من الخارج.
وعلى المواطنين اختيار الطعام الجيد المفيد، فالغذاء الجيد ليس له علاقة بالحالة المادية، فإن بعض الأطعمة البسيطة تعطي الجسم الاحتياجات التي تتوافق مع الصحة المعقولة، والمواطن أيضا يعمل على ترشيد استهلاكه من الغذاء.
■ ما تعليقك على الأنماط الصحية السائدة؟
- بعض الأنماط الموجودة خاطئة، وقد يكون المواطن مضطرا لها لأسباب اقتصادية، لا تؤهله لاختيار غذائه بصورة سليمة، فيتناول نوعًا معينًا من الطعام باستمرار، وغالبا يكون من النشويات، وهذا يجعله عرضة للمشكلات الصحية، لأنه بعيد عن الغذاء المتوازن الصحي، الذى يحتوي على كل العناصر الغذائية التي يحتاجها الجسم، وأكثر الناس حساسية لهذا الأمر الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات.
■ هل لدينا منظومة تضمن سلامة الغذاء في مصر؟
- لدينا محاولة في مراحلها الأولى، تقودها هيئة سلامة الغذاء، ومع الأسف الشديد وبرغم أن هناك ضرورة لوجود كيان يجمع تعدد الجهاد الرقابية في جهة واحدة، لكن السؤال ما المستهدف الذي حققته هذه الهيئة بعد إنشائها منذ عامين!.
■ ما المطلوب لكي تنجح هذه المنظومة في مصر مثل الدول العربية؟
- هذه المنظومة تبنى على 4 أركان، وهي الإعلام، والرقابة، والتشريع، والمعامل التنفيذية، وهي موجودة كلها لكن تعمل في جزر منعزلة، رغم أن القانون يعطي الحق لهيئة سلامة الغذاء أن تكون كلها تحت سيطرتها، لكن أركان المنظومة متفرقة بين وزارات الزراعة والصحة، التموين، والتجارة والصناعة، فإذا تم إنشاء هيئة جديدة بعيدا عن هذه الوزارات، فأين سيذهب العاملون فيها.
■ ماذا يعني عدم وجود منظمة سلامة غذاء في المجتمع؟
يعني أن هناك خسائر صحية كثيرة، فالرقابة على الأسواق شبه معدومة، بالتالى يحدث تلوث وانتشار أمراض نتيجة سوء تعاملات في التداول أو التصنيع، وكل هذه خسارة على صحة البشر والتاجر والمستهلك، وأيضا عدم وجود رقابة على المنشآت الصغيرة.
■ ما مستوى سلامة الغذاء في السوق؟
ليست بالمستوى المطلوب، ونحتاج لسنوات، ليكون لدينا سلامة غذاء جيدة، فالمنفذ حتى الآن من دور الهيئة لا يتجاوز ٣٠٪، مما نطمح إليه. الكثير من الناس، لديهم ممارسات خاطئة، فمثلا يستخدمون مواد غير مسموح بها، أو استخدام مواد مصرح بها بتركيز أعلى من المحدد، أو مواد ممنوع استخدامها في منتجات معينة، منها الألوان الصناعية، أو المواد الحافظة، فمثلا بعض محلات الجزارة تستخدم مادة «ملح البارود»، لحفظ اللحم المفروم، وهي مادة مسرطنة، مما يتسبب في انتشار الأمراض، وهناك معلومات خاطئة تتداول على مواقع التواصل، عن الطعام وطرق حفظه، فنحن الآن نحتاج إلى المتخصصين في مجال الغذاء لينشروا الوعي في المجتمع، وهذا دور الإعلام، بجانب استضافة «الشيفات»، وغير المؤهلين للحديث عن القيم الغذائية، وكثيرون منهم حديثهم خاطئ وبعيد عن العلم، كما ان المواصفات والجودة التابعة لوزارة الصناعة، مسئولة عن تحديد نسب المواد المضرة، الموجودة في المنتج، وهذا أمر إلزامي، أما الجزء الخاص بالجودة متروك للتجار، ومن يحكم على جودة السلعة هو المستهلك، وكل هذا يحتاج إلى رقابة.


■ لكن ما سبب انتشار منتجات غير مطابقة للمواصفات في الأسواق؟
- لا توجد رقابة بشكل كاف، نتيجة قلة عدد المراقبين، بالجهات المختلفة لتغطية السوق كلها فالمواصفات والجودة لدينا منذ الأربعينيات ولا تناسب التطورات التكنولوجية الهائلة في مجالات التصنيع، والمواصفة القياسية تحدث كل 5 سنوات، وأحيانًا يحدث تعديل جزئي كل عام، وأعضاء اللجان المشاركين في تطوير المواصفات، متفقين مع النظم العالمية، لكن الظاهر للمستهلك هو سنة الإصدار الأصلي، وليس آخر سنة تحديث لها، أما القوانين المتعلقة بالمواصفات والجودة، فجار تحديثها حاليا، منها قانون ١٠ لسنة ١٩٦٦، لأن به بعض عيوب، وتم تحديثه عدة مرات، وكل هذا سيعدل وفق إصدارات قانون الغذاء الموحد.
■ هل التطور التكنولوجي في صناعة الغذاء أثر سلبًا على صحة الإنسان..؟
- كل تطور له مميزات وعيوب، وكل التقنيات الحديثة تستخدم إضافات للغذاء، مما أدى إلى حدوث تغيرات في صحة الإنسان، وهناك هيئات عالمية منها منظمة الغذاء والدواء (FDA)، التي تحدد نسبة هذه المواد في الأغذية، ولابد من إقرار أي مادة تضاف إلى الأطعمة من خلالها، لضمان سلامة الغذاء في العالم.
■ كيف نخلق جيلًا واعيًا بالطعام الصحي؟
كل الدول في العالم ومنها دول عربية، لديها برامج توعية بالغذاء، سواء في الإعلام أو عن طريق المدارس، والبعض وصل إلى وضع مناهج تربوية إلى الأطفال، لكن الإعلام لدينا مشغول بالبرامج التي تجلب له الإعلانات فقط. في الجامعات والمدارس، لا بد من تخصيص يوم بالتوعية الغذائية، أو تخصيص منهج علمي للطلاب.
■ ما تعليقك على انتشار عربات بيع (أندومي) المضاف إليها مكسبات طعم في الشوارع وبجوار المدارس؟
- هذه مكرونة سريعة التحضير، وبها كيس صغير به «ملح أحادي الصوديوم»، ويعطي نفس طعم اللحم، تضر بصحة الأطفال، ويسبب مصائب في الدم والكبد والمخ والشرايين، في حال تناول هذه الوجبة بصورة يومية، وهذه كارثة لا بد من التوعية بخطورتها.
■ هل هناك مواصفة لنقل اللحوم من المجازر إلى المحلات؟
- إجراءات سلامة تداول اللحوم في مصر شبه منعدمة، لكن هناك مواصفة لممارسات نقلها وبيعها، لا يتبعها أحد نتيجة عدم وجود رقابة على الأسواق.
كل اللحوم المصنعة تحتوي على مواد مضرة.. ما تأثير هذا على جسم الإنسان؟
يمكن أن تصنع "لانشون" بدون لحم نهائي، باستخدام مادة «ملح أحادي الصوديوم»، المضر بالصحة، أيضا البسطرمة، يستخدم فيها «ملح البارود»، المسرطن، وكل اللحوم المصنعة يتم استخدام مواد حافظة فيها، وتكون مضرة وتسبب السرطانات وأمراض الكلى والكبد والدم، حال تكرار استخدامها باستمرار.
و"البرجر"، لا يضاف إليه مواد صناعية، لكن يحتوى على كمية دهن كبيرة، تتخطى ٤٠٪، لتعطي له طعما وشكلا جيدا، مما يتسبب في رفع مستوى الدهون الثلاثية، ويضر بالكبد والكلى والأوعية الدموية.
أيضا جميع المقليات والوجبات السريعة التى تحمل ماركات عالمية، تطهى في زيت النخيل، الذى يتحمل درجات حرارة عالية، لتوفير التكاليف، تسبب في زيادة الوزن وسد الأوعية الدموية، لهذا لا بد من توعية الناس بأن يكون تناول هذه الوجبات مرة واحدة في الأسبوع.
■ هل النمط الغذائى له علاقة بأمراض السمنة والأنيميا والتقزم؟
السمنة منتشرة خاصة في السيدات والأطفال، بسبب تناول وجبات تحتوى على نشويات وسكريات، ودهون كثيرة، منها الزيت والسمن، نفس سعرات زيت الذرة هى نفس سعرات السمن، ٩ سعرات، وكل هذا دون حركة ونشاط. أيضا مشكلة نقص، الزنك، وهى الأساس، في انتشار التقزم بين الأطفال، لعدم تناولهم وجبات تحتوى على هذا العنصر. أيضا الأنيميا، منتشرة في كل ربوع مصر، حتى بين الرياضيين ولاعبى الكرة، والناس لديها مفهوم خاطئ عن الأنيميا، وهو نقص الحديد، في حين أن الأنيميا هى تغيير في الشكل الطبيعى لكرات الدم الحمراء، أو حجمها أو لونها أو عددها، وترتبط أسبابها بالغذاء وغيره وأسباب وراثية، فيمكن أن يولد الإنسان مصاب بها، وهى كلها لها أسباب متعلقة بالغذاء، والعلاج يكون غذائيًا، وعمل برنامج تغذوى وتعديل النمط الغذائى، أو توفير وجبات للتغذية في المدارس.
■ التغذية المدرسية يمكن أن تكون حلًا لمواجهة هذه الأمراض؟
- نعم.. لكن لا بد من الاستعانة بخبراء التغذية، في صناعتها.