الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

السينما ومحاربة "طواحين الهوا"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا يختلف أحد على أهمية السينما ودورها كأحد أهم الأدوات التى تسهم في تشكيل وعى الإنسان وليس فقط للترفيه عنه، بل ستظل دوما صناعة مهمة كانت يومًا أحد أهم مصادر الدخل القومى.
إلا أن المتابع لأحوالها الآن لا بد وأن يشعر بالحزن والأسى لما وصلت له أوضاعها ومن يعملون بها لعل آخرها أزمة زيادة رسوم التصاريح الخاصة بالمصنفات الفنية والتى أثارت جدلًا كبيرًا وحالة من الغضب وسط جموع العاملين بالفن عمومًا، وليس فقط صناعة السينما ما دفع الفنانة إيناس عبدالدايم وزيرة الثقافة للتراجع عن تلك القرارات والتى كانت ستقضى تمامًا على طموحات جيل من المبدعين يعانون فعليًا كى ترى أعمالهم النور وهم النسبة الأكبر والتى يعول عليها ليس فقط في إدارة عجلة الإنتاج، ولكن في رفع شأن المصنف الفنى المصرى في المحافل الدولية.
تراجع الوزيرة والذى جاء استجابة لحالة الغضب ومراعاة لوضع السوق السينمائية ولحماية المنتج المصرى الذى لا يجب معاملته أسوة بالكيانات الإنتاجية الكبرى التى لا يفرق معها بضعة آلاف بينما هناك من يصارع لخروج فيلمه إلى النور، يؤكد وبما لا يدع مجالا للشك أن هناك «عشوائية» في التعامل مع هذه الصناعه، بل إن شئنا الدقه لم تعد تلق قبولًا واهتمامًا من صناع القرار رغم دورها المهم في التنوير والتعبير عن هموم المجتمع والكثير من قضاياه المصيرية، فالشريط السينمائى شئنا أم أبينا ليس فقط ترجمة لعلاقة الفنان بالواقع سواء اتفقنا أو اختلفنا حوله، ولكنه سيظل «وثيقة» على العصر الذى تم تصويره فيه.
المؤكد أيضا أن أزمه التصاريح ليست الأولى التى واجهت صناعة السينما وربما لن تكون الأخيرة فصناع السينما يبدو كتب عليهم محاربة طواحين الهواء نظرا لكم المشكلات التى يعانون منها سواء على مستوى الإنتاج أو التسويق أو غيرها من الصعوبات التى تهدد استمرار الصناعة بل وتغلق الستار على أحلام وطموحات أجيال من المبدعين يرون في صناعة الأفلام المتنفس لأفكارهم ورؤيتهم عن الحياة والسينما التى يحلموا بتقديمها.
وعلى الرغم من التكنولوجيا التى طالت الشريط السينمائى ولعبت دورًا لا يمكن تجاهله في تطوير المصنف الفنى بل والعملية الإبداعية في مجملها من تطور الكاميرات ومعدات الإضاءة والمونتاج وغيرها من التفاصيل التى ساهمت بلا شك في تطور الصناعة بشكل عام، إلا أن مشكلات الإنتاج والتوزيع ستظل بمثابة أهم العثرات التى تواجه صناع هذه السينما وتعيق تطورها وازدهارها، بل تهدد وجودها من الأساس، على الرغم من وجود مواهب كثيرة لفتت الأنظار لها بقوة نظرا لما حققته من نجاحات.
ما يجعلنا نسأل عن دور وزارة الثقافة في دعم الإنتاج السينمائى ولماذا توقفت مسابقات الدعم منذ العام 2013 وحتى الآن، رغم إعلان الدولة أكثر من مرة عن دعم صناعة السينما وبمبالغ كبيرة، والتى في حال تطبيقها ستسهم حتما في ظهور العديد من الأعمال المتميزة، كذلك ستثرى الساحة بالكثير من المبدعين.
أيضًا المركز القومى للسينما لم نر فيلمًا يحمل توقيعه منذ سنوات طويلة، وغيرها من الجهات التى يمكن أن تدعم هذه الصناعة عبر ميزانياتها وبما يسمح بظهور أجيال جديدة واعدة، إذ إن هذه الجهات باتت تتقلص كل فترة مقارنة بسنوات مضت، ولم تعد تقوم بدورها في الدعم، والذى لا يتعلق بالمادة فقط على الرغم من أهميتها ولكن ضرورة حماية المصنف نفسه تحديدًا من حروب التوزيع والتى أطاحت بأعمال متميزة منها على سبيل المثال لا الحصر فيلم «يوم الدين» للمخرج أبوبكر شوقى، فعلى الرغم من مشاركته في المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائى الدولى وما حصده من نجاح عالمى، إلا أن الفيلم عانى في إيجاد دور عرض تتحمس له، ناهيك عن «محدودية» عدد النسخ التى عرض بها، و«يوم الدين» ليس الفيلم الوحيد الذى عانى نفس المصير، وإن كنا نتمنى أن يكون «الحالة الوحيدة» حتى تتمكن السينما من فرز جيل جديد من المبدعين، لأنه وبعيدًا عن فكرة «الترفيه» المرتبطة بصناعة السينما والتى يرتاح لها البعض فإن الفن السابع سيظل دومًا صناعة وفنًا، ومن دون تذليل كل هذه الصعوبات التى تواجه العاملين بها ستتعثر هذه الصناعة، وربما تتوقف تمامًا على الرغم من أهميتها كما أشرنا سواء ثقافيًا أو اجتماعيًا والدور الذى يمكن أن تلعبه على كل المستويات.