السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

الإليزيه يكشف لـ"البوابة نيوز" خطة ماكرون لمواجهة الإرهاب.. "ميلوز" أولى محطات استعادة فرنسا من قبضة المتشددين.. وفرض قيود على استقبال أئمة من تركيا.. واستراتيجية لمواجهة العائدين من داعش

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كشف مكتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لـ"البوابة نيوز"، أهداف زيارة "ماكرون" لمدينة ميلوز شمال شرق البلاد، مشيرة إلى الرئيس يهدف لمواجهة التطرف الإسلاموي ومحاربة الطائفية، من خلال خطة عمل لاستعادة بعض الأحياء من قبضة المتشددين.


وأوضح المكتب في اتصال هاتفي مع "البوابة نيوز"، أن هذه الزيارة تتركز حول ملف حساس للغاية، كان الرئيس الفرنسي قد وعد بمعالجته في بداية عام 2020، إضافة إلى أنه كان موضوع عدد كبير من الاجتماعات المشتركة بين الوزارات في الأسابيع الأخيرة. 
وأوضح أن رئيس الدولة اختار هذه المدينة لمناقشة القضايا المتعلقة بمكافحة "الانفصالية الإسلامية" والخاصة بظاهرة الطائفية الدينية، وتمويل أماكن العبادة وتدريب الأئمة، وبالتالي هدف الزيارة هو ضرورة استعادة الدولة حضورها في بعض المناطق عبر منظومة إعادة قيم الجمهورية، وكذلك في إطار استراتيجية رسمية جديدة في مواجهة التطرف الإسلاموي. 
وأضاف "الإليزيه" أن الرئيس الفرنسي اصطحب معه وزير الداخلية كريستوف كاستنر، ولوران نونيز، نائب وزير الداخلية لشئون الأديان، وروكسانا ماراسينانو وزيرة الرياضة لشئون الشباب.
وقال "الإليزيه" إنه تم إجراء نقاش مع نحو 60 شخصًا في مائدة مستديرة، من مدراء أمن المنطقة والمحافظين وبعض المسئولين والنواب المنتخبين ورؤساء المؤسسات والجمعيات والمنظمات الاجتماعية ورجال الأعمال والمقيمين، حيث ناقش اللقاء خطوط العمل والحلول لمحاربة الطائفية والتطرف.
وأوضح "الإليزيه" أن الرئيس ماكرون سيفرض قيودا على إيفاد دول أجنبية أئمة ومعلمين إلى فرنسا، وذلك بهدف القضاء على ما وصفه بـ"خطر الشقاق"، فضلا عن إعادة تنظيم الإسلام في فرنسا.



بداية الحملة الانتخابية المبكرة:
وخصص "ماكرون" معظم أجندته الأسبوع الماضي لـ"البيئة"، من خلال ترأسه مجلس الدفاع البيئي في الإليزيه، حيث زار سفح الجبل الأبيض Mont-Blanc، لكنه قرر هذا الأسبوع تغيير خطته ومناقشة مسألة الطائفية والانفصالية في الجمهورية وهما المحوران الاستراتيجيان لإيمانويل ماكرون، وفرسا رهان الانتخابات بالنسبة له.
وكان ماكرون يتحاشى من قبل الدخول في قضايا متعلقة بالجالية المسلمة في فرنسا، مكتفيا بالتركيز على الإصلاحات الاقتصادية، لكنه بعد 3 سنوات من الحكم رأى أن يتدخل، وتطرق لأول مرة إلى هذا الملف، خلال نعيه لضحايا الهجوم الإرهابي الذي وقع في أكتوبر الماضي، حيث دعا إلى التصدي لما وصفه بـ"الوحش الإسلاموي"، و"الإرهاب الإسلاموي" عبر "مجتمع يقظ" و"معركة دون هوادة"، وهو ما أثار وقتها غضب المنافسين والخصوم السياسيين الذين استهجنوا دعوته وسخروا منها، لكنه أطلق العنان لحملته الانتخابية قبل أقل من شهر من الانتخابات البلدية، عازما على أن تمتد جولته الوطنية إلى ما بعد الانتخابات البلدية التي من المقرر إجراء دورتيها في 15 و22 مارس المقبل والتي تعد مقياسا للانتخابات الرئاسية في مايو 2022.
ويبدو أن ماكرون مصمم على طرد حزبي الخضر ومارين لوبان من الساحة، محاولا سحب البساط من تحت أقدام زعيمة أقصى اليمين التي بدأت تستحوذ على أغلب البلديات الفرنسية في أولى محاولاتها للوصول إلى سُدة الحكم عبر تغيير وجه فرنسا السياسي في الانتخابات المحلية والتي سترسم معالم الحكومة القادمة.
وبالتالي بات الطريق ممهدًا أمامها لقاعدة برلمانية مريحة بأغلبية سياسية تمكنها من منافسة ماكرون في الانتخابات الرئاسية، وتثأر لنفسها عن الانتخابات الماضية.
ونجحت "مارين" فى الاستحواذ على أصوات الفرنسيين الرافضين للأوضاع الأمنية المتردية في البلاد، وفرضت نفسها كثاني قوة سياسية بالبلاد، وتزعمت التيار اليميني المتشدد في أوروبا بامتياز.
وساعدها في ذلك تنامي عدد الخلايا الإرهابية النائمة في فرنسا والتي تتغذى من التنظيمات المتطرفة كل يوم دون رقابة، حتى غدت فرنسا تتصدر قائمة الدول الأوروبية الأكثر تصديرا للمقاتلين الأجانب في صفوف تنظيم داعش الإرهابي، بل وتشكل هدفا مفضلا للتنظيم.
وكان وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، قد أعلن أن ما يقرب من 450 فرنسيا انضموا إلى تنظيم داعش الإرهابي خلال السنتين الماضيتين فقط فيما يعتبر العائدون من المقاتلين منهم قنابل موقوتة يخشى الفرنسيون من كوارثهم المحتملة.
وبات الهاجس الكبير لفرنسا هو كيفية منعهم من ارتكاب إرهابهم على أراضيها، وبالتالي يحاول "ماكرون" سحب البساط السياسي ايضا من تحت أقدام حزب الخضر الذي بدأ يستحوذ على أصوات الناخبين بعد أن غيرت معالم قوته نفوذ دول الاتحاد الأوروبي.
ومن أجل هذا بدأ ماكرون ملامح استراتيجيته بالعمل على إيقاف التمويل الأجنبي للمساجد والمراكز الإسلامية التي وجدت لها مواطن نفوذ في قلب أوروبا واستحوذت على اغلب الفقراء والمهمشين في الأحياء الفقيرة والذين باتوا فريسة سهلة لتنظيم داعش الإرهابي، وسجلت فرنسا إرسال عدد كبير منهم إلى تركيا بهدف السياحة ولكن اكتشفت المخابرات الفرنسية فيما بعد أنهم يقاتلون في سوريا والعراق.
ولهذا قرر "ماكرون" إنهاء النظام الذي ترسل بموجبه دول الجزائر والمغرب وتركيا أئمة إلى فرنسا للوعظ في مساجدها، خشية أن تلوث عقول وقلوب السُّذج في البلاد في خضم الفراغ  الكبير مع غياب علماء الإسلام الحقيقيين ولاسيما الأزهر الشريف. 
ورغم أن أغلب أئمة الإرهاب في فرنسا تم ترحيلهم إلى دولهم في شمال أفريقيا وتركيا، لكن الخطر ما زال كامنا كالنار تحت الرماد، ولا بد من تحرك حاسم كي لا ينفرط عقد الإرهاب أكثر من ذلك.
وأبرمت فرنسا اتفاقات مع 9 دول، منها الجزائر والمغرب وتونس وتركيا، تتيح لحكومات تلك الدول إيفاد معلمين إلى المدارس الفرنسية لتدريس اللغات للطلاب القادمين من هذه البلدان.
واختار الرئيس الفرنسي مدينة ميلوز، متحدثا في حي بورتزفيلر، الذي يقطنه 15 ألف شخص، ويعتبر واحدا من 47 حيًا على مستوى فرنسا تسعى الحكومة لاستعادتها من القبضة الإسلاموية المتحكمة فيه، باعتباره أحد 17 إقليما دعمتها السلطات بتعزيزات أمنية، تسمى بـ"الخلايا الخاصة" لمواجهة التشدد والنزعة الطائفية، وكذلك إطلاق سراحها من العصابات الإجرامية المتفشية فيها.