الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

فى عيد الحب.. النحل والزهور أقدم علاقة حب فى خطر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أقدم قصة حب فى التاريخ هى بين النحل والزهور، لقد بدأت منذ أكثر من 100 مليون عام، عندما ابتكرت الطبيعة طريقة أكثر فاعلية من رياح النباتات للتكاثر، يستخدم نحو 80٪ من الأنواع النباتية الآن الحيوانات أو الحشرات لنقل حبوب اللقاح من الجزء الذكرى من النبات إلى الجزء الأنثوى، وضعت النباتات الزهور، صممت رائحتها المعطرة وشاشات العرض الملونة والعصائر الحلوة لجذب الملقحات.
بمرور الوقت، تطورت نحو 25000 نوع أو نحو ذلك (ما زلنا لا نعرف بالضبط العدد) من النحل على مستوى العالم، للعب كيوبيد مع نباتات وأشجار مزهرة محددة: دورة حياتها القصيرة متزامنة تمامًا مع ازدهار الزهور، فى كل زيارة يزودون بالوقود بالرحيق، ويجمعون حبوب اللقاح لإطعام صغارهم، وبالتالى يصبحون رسولًا للحب.
عشاق الطبيعة العظماء يعانون رقعة صخرية قد لا يتعافون منها، فى صميم مصلحتنا، تستمر هذه الرومانسية القديمة؛ لأن نحو واحد من كل ثلاثة أفواه تعتمد على تلقيح النحل، بما فى ذلك معظم الفواكه والخضراوات والمكسرات والأعشاب والتوابل والمحاصيل الزيتية، بالإضافة إلى القهوة، وهم يوفرون معًا نسبة كبيرة من العناصر الغذائية فى النظام الغذائى البشرى، بالإضافة إلى ذلك، يتم تلقيح محاصيل الأعلاف والأدوية المشتقة من النباتات، مثل: الأسبرين والمورفين، والألياف مثل القطن، لا ننسى أن العديد من الأشجار التى هى رئتى الكوكب وتمتص الكربون من الجو يتم تلقيحها.
لكن العديد من 250 نوع نحلة فى جميع أنحاء العالم، والتى تسمح لها معاطف الفرو والأجسام الدائرية بالطيران فى درجات حرارة باردة، فى انخفاض حاد، ما يقرب من واحد من كل أربعة أنواع نحلة الأوروبية تواجه الانقراض، فى أمريكا الشمالية أكثر من ربع فى انخفاض، فى الأسبوع الماضى، أبلغت دراسة عن انخفاض خلال فترة 115 عامًا «تتفق مع الانقراض الجماعى فى غضون بضعة عقود» فى المناطق التى ترتفع فيها درجات الحرارة، إنها فقط الأحدث فى قائمة طويلة من الأوراق العلمية التى تصور زوال النحل.
ركزت الكثير من الأبحاث على دور الزراعة الحديثة، الغالبية العظمى من المروج المزهرة التى كانت تتغذى على النحل فى وقت من الأوقات على نظام غذائى مغذٍ، وتم انتزاع القنافذ، لإفساح المجال أمام حقول ضخمة من الاستزراع أحادى اللون تم تناولها فى مجموعة من المواد الكيميائية الضارة بالنحل والحشرات الأخرى، من خلال جعل المشهد غير صالح للسكن بالنسبة للنحل البرى الأصلى، أصبح المزارعون يعتمدون بشكل متزايد على نحل العسل الأوروبى المدار للتلقيح، حتى عندما تكون هذه النحل أقل تكيفًا مع الزهور.
وأبرز مثال على ذلك هو منطقة كاليفورنيا التى تمتد على بعد نحو 400 ميل، ومزروعة بأشجار اللوز، يوم عيد الحب النحالين التجاريين من جميع أنحاء الولايات المتحدة يصلون إلى وسط الوادى مع 2 مليون خلية نحل مربوطة على شاحنات مفصلية، على مدى الأسابيع الثلاثة المقبلة، عندما تزهر الأشجار، سينطلق نحل العسل من رأس الزهرة إلى رأس الزهرة، ونتيجة لذلك ستنتج الأشجار 80٪ من لوز العالم، أبحر المصريون القدماء خلايا النحل فى النيل لتلقيح المحاصيل، ولكن بعد ثلاثة آلاف عام، فإن هذا الحدث الكبير للتلقيح المهاجر يمد علاقة الحب بين النحل والزهور إلى أقصى الحدود.
منذ أكثر من عقد بقليل، زرت الوادى المركزى لمعرفة سبب اختفاء ثلث نحل العسل فى البلاد، تحتل هذه الظاهرة الغامضة، التى يطلق عليها اسم «اضطراب انهيار المستعمرة»، عناوين الصحف حول العالم، قابلت مربى النحل والمزارعين والعلماء لاكتشاف الأسباب، وصدمت بما وجدته. أميال من الأميال من الأشجار المزروعة فى صحراء غير قادرة على تحمل أى حياة، حيث يتم خداع القوى العاملة فى العمل أكثر صعوبة وقبل شهر من الطبيعة المقصودة، عندما كانت لا تزال باردة، ويلقى مربو النحل باللائمة فى الموت على فئة جديدة من النيكوتينويد مبيدات حشرية، ويعزى ارتفاع معدل وفيات النحل فى نهاية المطاف إلى مجموعة قاتلة من سوء التغذية، والطفيليات، التى تضعف النحل وتنتشر الأمراض، والمبيدات الحشرية (كل ذلك نتيجة الزراعة المكثفة)، حذرت من أن زوال نحل العسل سيكون لنا أيضًا ما لم نغير الطريقة التى نزرع بها طعامنا.
لكن على الرغم من أجراس الإنذار الصادرة عن الجمعيات الخيرية للحياة البرية ومجموعات الصون، فقد تكثفت الزراعة وأصبح مربو النحل التجاريون فى الولايات المتحدة يقومون بشكل روتينى بتخزين أكثر من ثلث النحل كل عام بسبب الخسائر.
مساحة اللوز فى الوادى الأوسط إلى الضعف تقريبًا، مدفوعة جزئيًا بالطلب الكبير على حليب اللوز. فى الولايات المتحدة وحدها نمت المبيعات بنسبة 250 ٪ فى السنوات الخمس الماضية. لم يتم تبنى الحظر الذى فرضه الاتحاد الأوروبى على المواد النيكوتينوتية الأكثر استخدامًا من قِبل حكومة الولايات المتحدة، لذلك لا تزال الأشجار مصبوغة فى مجموعة من هذه المواد الكيميائية السامة الأخرى، وتوقفت المحاكمات المتعلقة باستخدام نحلة ميسون من بستان أمريكا الشمالية الأزرق، وهو ملقح أشجار الفاكهة أكثر فعالية من نحل العسل العام؛ لأنها تتكاثر ببطء شديد وبأعداد قليلة للغاية، بحيث لا يمكن اعتبارها قابلة للتطبيق من الناحية التجارية، اللوز هى الأعمال التجارية الكبرى، والمساهمة 11 مليار دولار للناتج المحلى الإجمالى فى كاليفورنيا، وتوفير أكثر من 100000 وظيفة، هناك بعض الأخبار الجيدة: منذ عام 2013، قام مزارعو اللوز بزراعة 34000 فدان من الزهور البرية لتوفير غذاء إضافى للنحل، ولكن هذا لا يمثل سوى 3.4 ٪ من الأراضى. لماذا لا تدفع للمزارعين لتغطية كل ذلك مع الزهور البرية؟ أخبرنى المزارعون أنهم يخشون أن يقضى النحل وقتًا أكبر فى زيارة الزهور البرية مقارنة بأشجار اللوز وأن الغلال ستنخفض، رغم أن الأبحاث تظهر عكس ذلك.
قامت Xerces Society ومقرها الولايات المتحدة بتطوير مجموعة أدوات صديقة للنحل بالنسبة لعدد صغير من اللوز المزروع بالزهور البرية ودون مبيدات، إنها بداية، لكننا نحتاج إلى زراعة جميع المحاصيل التى يتم تلقيحها على النحل بطريقة صديقة للنحل، كمستهلكين، يجب أن نطالب المزارعين وتجار التجزئة بتبنى طرق صديقة للنحل، وأن نكون مستعدين لدفع علاوة على ذلك، وكمواطنين، يجب علينا الضغط من أجل دعم المزارعين للعمل مع الطبيعة وليس ضدها، وإلا فإن هذه الرومانسية الهشة التى يعتمد عليها بقاؤنا سوف تذبل وتموت ومعها الحياة كما نعرفها.