الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

القس سهيل سعود يكتب: هل تسمع أم تصغي لكلمة الله؟

القس سهيل سعود
القس سهيل سعود
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يخبرنا سفر أعمال الرسل، الذى هو سجّل الكنيسة الأولى، عن سيدة أعمال تدعى ليديا، كانت تعمل فى تجارة الأرجوان. الأرجوان كانت تجارة مهمّة جدًا انتشرت فى القديم. كانت تجمع صبغة الأرجوان، نقطة فنقطة من حيوان بحرى يعيش فى صدفة. وكانت تصبغ بها الملابس، فتجعل منها باهظة الثمن. لبس الملابس الأرجوانية، الملوك والأغنياء فى العالم الروماني. مثلا يخبرنا البشير لوقا، فى قصة لعازر والغني، أن ذلك الغنى كان يلبس البزّ والأرجوان (لوقا ١٦: ١٩). كان يرمز اللون الأرجواني، إلى السلطة والقوة، ولا يزال حتى اليوم، تلبسه الأساقفة.
يخبرنا البشير لوقا، عن «اجتماع سيدات»، كان يقام على نهر فى مدينة فيلبي. فقصده الرسول بولس، مصطحبا تلميذه تيموثاوس، ليكرزا لهنّ بالمسيح. يقول النص الكتابي، «وفى يوم السبت خرجنا، إلى خارج المدينة، عند نهر حيث جرت العادة أن تكون صلاة، وكنّ نكلّم النساء اللواتى اجتمعنا» ( أعال الرسل ١٦: ١٣). وكان من بينهن سيدة أعمال يونانية، تدعى ليديا. «ليديا» هو أيضًا اسم مدينة يونانية قديمة، عُرفت بتجارة الأرجوان. يصف الكاتب ليديا، انها كانت متعبّدة لله. يقول، «فكانت تسمع امرأة اسمها ليدية» (أعمال ١٦: ١٤). فى ذلك الوقت، كانت هناك فئة أطلق عليها اسم، «خائفو أو طالبوا الله». مع أن تلك الفئة، لم تكن من اليهود، ولم يكن يحق لهم ممارسة الطقوس اليهودية، لكنها آمنت بالله الحيّ الذى يعبده اليهود. وصف الكاتب القديس لوقا، كيف اختبرت ليديا التوبة، فقال: «ففتح الرب قلبها، لتصغى إلى ما كان يقوله بولس» (أعمال الرسل١٦: ١٢).
هناك فرق بين الاستماع والإصغاء. يمكننا أن نسمع الكلمة، دون أن نصغي. السمع هو مجرّد مرور المعلومات على الأذنين، دون أن تترك أى أثر. أما الإصغاء، فهو إعطاء كامل الحواس للإنسان الآخر وليس فقط الأذنان، بل القلب والعواطف والفكر أيضًا. تتضمن كلمة الاصغاء، prusecho، باللغة اليونانية، عدة معاني، من ضمنها: الإنجذاب، التكريس، الالتزام.
الإصغاء هو وضع الإنسان نفسه مكان الآخر المتكلّم، ورؤية الأمور من منظوره. السمع، لا يغيّر فى الإنسان السامع شيئا، لكن التغيير يحدث فى الإصغاء. إن استخدام كلمة «فتح» باللغة اليونانية الأصلية، له معنى كبيرا «dianoigo». إنه نفس الفعل الذى استخدمه البشير لوقا ليصف كيف فتح الله فتح أعين تلميذا عمواس، عندما كان يسوع معهما، ولم يعرفاه إلاّ عندما كسر الخبز (لوقا ٢٤: ٣٣)، ونفس الفعل استخدمه أيضا لوقا، ليصف كيف فتح الله ذهن التلاميذ، ليفهموا الكتب (لوقا ٢٤: ٤٥).
إن كرازة الرسول بولس بالمسيح، فى اجتماع السيّدات، استنفر كامل حواس سيدة الأعمال ليديا، ففتح الرب قلبها. فتحه بقوة الروح القدس. وهكذا انجذبت إلى الكلمة، والتزمت بها، ولم تقبّل فقط، ما كان يقوله الرسول بولس عن يسوع، وإنما اختبرت الإيمان الذى اختبره بولس، وتعرفت على المسيح من منظاره. بعدها، اعتمدت هى وأهل بيتها. واستقبلت بولس وتيموثاوس فى بيتها، قائلة لهما: «إن كنتم قد حكمتم إنى مؤمنة بالرب، فادخلوا بيتي» (أعمال الرسل١٦: ١٥).
عندما نصغى لكلمة الله فى الكتاب المقدس، يفتح الرب قلوبنا وعيوننا وأذهاننا بقوة الروح القدس، لنختبر نحن أيضا الإيمان بالمسيح، الذى اختبرته ليديا بياعة الأرجوان، نختبر التغيير الذى تجريه الكلمة، فننجذب إليها، ونلتزم بها، وهكذا نصير «مولودين ثانية، لا من زرع يفنى، بل ما لا يفنى، بكلمة الله الحيّة الباقية إلى الأبد» (١ بطرس ١: ٢٣). آمين.
هناك فرق بين الاستماع والإصغاء، يمكننا أن نسمع الكلمة، دون أن نصغي. السمع هو مجرّد مرور المعلومات على الأذنين، دون أن تترك أى أثر، أما الإصغاء، فهو إعطاء كامل الحواس للإنسان الآخر وليس فقط الأذنان، بل القلب والعواطف والفكر أيضًا.