الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

5 سيدات ناجيات من سرطان الثدي يروين قصصهن لـ"البوابة نيوز"

السيدات الناجيات
السيدات الناجيات من سرطان الثدى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يشبه في إصابته القلاع الصامتة، يحيط بإحداهن بأسلاك شائكة، تصارعن معه الزمن، سنوات هى مدة علاجهن، شهقات من الفزع، مع صراخ الأهل وسقوط الأبناء حزنًا، الأمر يشتد كلما علمت إحداهن بإصابتها بالمرض الخبيث «سرطان الثدي».
وداخل مستشفى «بهية» بدأت حكاية محاربات السرطان، وما بين أعمار مختلفة، تخبرك الشارة الوردية أنهن من المحاربات اللاتى تواجهن الأورام الخبيثة، وبعد انتشار هذا المرض اللعين بين النساء، نجد إحداهن تخلى عنها أهلها، والأخرى تتساقط دموعها كل ليلة، أما الثالثة فانتصرت على السرطان وانتصرت على الحياة معًا، حكايات لم تعد مؤلمة كما كانت من قبل، بل أصبحت سراجًا منيرًا يضيء حياة بعضهن، فما السر الذى جعل السيدات تنتصر على الألم وتبقى أنوثتهن، «البوابة» التقت بالمحاربات اللاتى انتصرن على الخبيث، ليروين قصصهن مع رحلة العلاج.



«هدى»: صممت على مواصلة امتحانات «الدبلومة» رغم الآلام
«كنت قادمة من المستشفى، واستقللت «ميكروباص» وأنا أرتدى شارة المريضات بالسرطان، وكانت على شكل «إسورة»، ومددت يدى لأدفع «الأجرة»، فأمسكت فتاة عشرينية بمعصمى وقالت: «مش عيب وانتى في الخمسين، وتلبسى حاجة لبنت في العشرين» وقتها لم أتماسك نفسى وسقطت منهارة».
«فلاش باك» استهلت «هدى» به حديثها، حيث كانت حياتها بين منزلها وعملها، وفى صباح السابع من فبراير عام ٢٠١٦ انقلبت حياتها رأسًا على عقب، حيث توجهت إلى «بهية» لعمل فحوصات للاطمئنان وليس أكثر، فتوجه إليها الطبيب مقتضب الحاجبين، عيناه إلى أسفل، لا يعلم كيف تستقبل المرأة الخمسينية الأمر، «يُحزننى أننى أخبرك أنك مصابة بسرطان الثدي».
صمت يسود بينهما كأنهما على رؤوسهما الطير، استقبلت هدى الخبر ثم تماسكت وما العمل؟
أجابها: «السرطان في مرحلته الثالثة، ربما يكون استئصالا كليا للثدى أو ربما يكون جزئيا، الأمر لم يتضح».
كلمات كالصاعقة استقبلتها هدى إسماعيل، موجه أول المسرح، وحاملة بكالوريوس الإعلام، والتى قالت: «وقتها لم أكن أعلم كيف أنقل الخبر لأسرتى وبناتي، رأيت الحياة أكثر سوادًا، الموت أحاطني، تخليت عن كل أحلامى منتظرة الموت، كنت وقتها في امتحانات دبلومة المسرح، قررت أن أترك الامتحان لم يعد هناك متسع للحلم.
وتضيف: «تعرفت على محاربات مثلى جميعهن شجعونى لأواصل الامتحانات، وخضعت لرغبتهن وتجاوزت كل الألم، وتم استئصال الجزء، والآن أنا منتصرة وفخورة بنفسي، هزمت السرطان وتغيرت حياتي، وبدأت ألتقى كل من أصابها الخبيث أشجعها على الحياة، وما لا يصدق عقل، أننى توجهت في حفلة لتكريمى وأنا لم أتعافى من جراحة سرطان الثدي، ولكنى أصررت أن أذهب للحفل، وأنا أحمل «الدرنقة» فوضعتها في شنطة هدايا حتى لا يلاحظ الحضور ذلك».

بتوزيع الهدايا.. هانى عازر يدعم محاربات بهية 
حرص المهندس هانى عازر، مستشار رئيس مجلس الوزراء لشئون النقل والمواصلات والأنفاق، وعضو المجلس الاستشارى الرئاسى لكبار علماء وخبراء مصر، على دعم محاربات سرطان الثدى بتقديم الهدايا عليهن في مستشفى «بهية»، بعد أن استمع لحكايات المحاربات اللاتى حاربن المرض رغم ما مررن به من ظروف قاسية وألم.
وقال إن الفرق بيننا وبين الغرب هو الكشف المبكر عن المرض، وهو ما يؤثر في نسب الشفاء منه.

"سماح".. تخلى عنها أهلها وواجهت محنتها بشجاعة
لم تكن الحياة قاسية على أحد مثلما قست عليها، فور أن علمت والدتها وإخوتها بإصابتها بالسرطان تخلوا عنها، ربما سترحل قريبًا فلا داعى أن تحصل على دعم أو ميراث.
واجهت «سماح» الأربعينية المرض وقسوة الأهل، قائلة: «لم أخف من المرض ولا الموت، ولكن كان كل خوفى على بناتى وابني، أكبرهم لم يتجاوز التاسعة عشر عامًا، كيف سيواجهون الحياة من بعدي، صراع داخلى لا يتوقف، منذ أن علمت الخبر، ولكنى استقبلته بالرضا والحمد، لا بد أن أكون جسرًا فولاذيًا صلبا يعبرون عليه هذه الفترة القاسية». وتضيف: «أخبرنى الطبيب أنه سيتم استئصال كامل للثدي، قلت لا عليك ستجدنى إن شاء الله من الصابرين، وأخذت ٣٣ جلسة كيماوي، أسرتى الصغيرة ساندتني، وخاصة عندما رأوا أننى لا أخاف الموت من أجلهم، وأتعامل كأن السرطان نزلة برد وستمر بعد يوم أو اثنين بالكثير».
وتتابع: «تمت العملية بنجاح، ولكن حياتى تغيرت، لم أعد المرأة التى تستيقظ في الثانية عصرًا، تقوم بتجهيز الأكل لأسرتها بعد العودة في يوم تقليدى ممل، تعرفت على محاربات أخريات أمدونى بالأمل، وبدأت أتعلم الهاند ميد، حتى أصبحت أصنع الكثير من الأعمال اليدوية».
وتكمل: «بالفعل داخل المستشفى تطوعت في البداية في تعليم المصابات بسرطان الثدى الأعمال اليدوية، ومعظمهن تغيرت حياتهن وامتلكن مصدرًا للدخل، أشعر بالفخر بنفسى وأسرتى التى ساندتني، وأننى تخطيت مرحلة يعجز عنها الكثير، وفى كل يوم أقدم إلى المستشفى أقص حكاياتى للمحاربات حتى تمدهن بالأمل وحب الحياة رغم كل الألم».

«أميمة»: كبريائى رفض الاستسلام.. وأمى اشترت لى «الكفن»
كانت ناجحة في عملها، مديرة لمكتب سيدة أعمال، تحاول الاجتهاد ومواصلة التفوق في حياتها، فتاة عمرها ثلاثون عامًا، تزوجت ولم يكرمها الله بأولاد، بدأت الحكاية عندما وجدت «فص» أسفل الثدي.
وتقول «أميمة»: «تغاضيت عنه، ربما لأننى لم أحمل بأطفال، وهذه خلايا لبنية، بعد فترة وجدت الفص تحول إلى أربع وحجمها في تزايد، توجهت إلى مستشفى سرطان الثدى «بهية»، وأخدت موعدا بعد شهر بعد التواصل تليفونيًا».
وتواصل: «فحوصات وتحاليل كثيرة بين سونار و«ميموجرام» وفى النهاية طلب الطبيب من مساعدته سحب عينة، كل ذلك في أقل من ١٢٠ دقيقة، حياتى تتغير، وكأننى في حلم كئيب، وقتها بدأت أعلم أن السرطان انتقل إلى جسدي، وبدأ في محاربتي، لم يكن الأمر غريبًا، جدتى حملت قبلى هذا اللعين، وخالتى هاجمها السرطان قبل ذلك ولكنه كان حميدًا، هل سأشرب من نفس الكأس المرير، ولماذا أنا أرث المرض، أنا لا أطيق دخول مستشفى، أكره رائحة الأدوية، أصاب بسرطان يقضى على أنوثتي؟ ساعات أقفها أمام «المرايا» في دقائق كل ذلك سيتبخر، كيف سأواجه عبارات المواساة؟».
وتكمل: «مسح ذري.. ورنين مغناطيسي، بعد يوم واحد هاتفنى الطبيب، منتظرك غدًا في المستشفى، في مكتبه سألنى كم عمرك أجبته في أوائل الثلاثينيات، هل حدث حمل لك من قبل؟ نعم يادكتور وتوفاه الله، ثم قمت بإجراء حقن مجهرى للحمل، ولكن الله لم يرد لى حملًا».
وتتابع: «أجاب بصوت هادئ ربما الحقن تسبب في ذلك مع تجمع للغدد اللبنية، كل ذلك كان هواجس، لا أنا لا أرث سرطان الثدي، كل هذه أوهام، ولكن الوهم أصبح حقيقيا، أنا مريضة سرطان ثدي، طيب يا دكتور وشكلي؟ وقتها أخبرنى أنه سيقوم باستئصال الثدي، ويقوم بعمل إعادة بناء للحفاظ على شكلى من خلال اقتصاص عضلة من الضهر ووضعها مكان الثدي، ولكن عليكى أن تعلمى أنك لن تشعرى بأى إحساس في هذه المنطقة تليف تام وكأنه ميت».
وتضيف: «بدون دموع ولا صدمة قلت له: «اتكل على الله» علمت أنهم كانوا يعلمون خطورة العملية، حتى أن والدتى اشترت «كفن» لي، ولكن تمت الجراحة بعد أقل من أسبوع، وتمت بنجاح.
وتواصل «أميمة»: «كبريائى رفض فكرة المرض، ما جعلنى أقوم وأتحرك، وسبب ذلك لى مضاعفات، وتم نقل دم، ولكن الله ألهمنى الصبر، وتخطيت الخبيث، بعد أن تخطيت قبل ذلك عمليات جراحية بسبب عيب في الكلى، حاولت أن أعود لعملى مرة أخرى، ولكنهم رفضوا، لم يصبنى اليأس، بعد أن عملت مشروعا خاصا بى ساعدتنى فيه «بهية»، وأنا الآن راضية تمامًا على شكلي، وزادنى الأمر قوة وصلابة».

«تهانى»: «الكانسر» غير حياتى وعلمنى إزاى أحب ربنا
«لا أمتلك من الدنيا سوى ابني، أرى الحياة بعينه، كباقى سيدات مصر، تعمل تحلم أن ترى أسرتها سعيدة وتعمل على سعادتهم، فما بالك لو كانت هى مصدر الكآبة في المنزل؟ هكذا تحولت في البداية حياتى بعد معرفة إصابتى بسرطان الثدي، الكل حمل المرض معي، وكأنه عدوى صارت في جسد ابنى وزوجي، رأيت وقتها أن قبرى أمامي، ومن الأفضل أن أنزل فيه بنفسى رحمة بمن حولي»، هكذا بدأت تهانى حكايتها مع المرض ورحلة العلاج.
وتضيف: «عبارات التخفيف من أسرتى تجعلنى أتماسك، التقيت الطبيبة المعالجة، أشعر بألم في كل جزء من جسدي، روحى تختنق، أغيب عن الدنيا ودموعى لا تتوقف، توجهوا بى في المستشفى إلى قسم الدعم المعنوي، التقيت طبيبة تحدثت إلىّ، ما الذى يخيفك؟ قلت الموت، فكرة مخيفة، أن تفقدى شغف الحياة موت بالبطىء وأن تعلمى أنك على ناصية الموت أشد ألمًا من المرض قالت لا تخافى الموت».
وتكمل: «قلت أخاف الحساب، أجابتنى على الفور حالة خوفك من الله كفيلة أن تغفر لك كل ذنوبك، الله أحن علينا بكثير، ربما تكونين في فترة اختبار، كلمات خففت على مرضي، ووقتها علمنى الكانسر كيف أحب الله، أجريت العملية، وتمت بنجاح وأنا الآن في فترة العلاج الذى سيستمر ٥ سنوات، قضيت منها سنة ونصف، غير الكانسر من حياتى من امرأة لا تحمل سوى هم أسرتها، إلى سيدة تبحث عن تعلم الجديد في حياتها، فكانت رسالة الله إلى كونى قوية».

«كريمة»: المرض فتح لى نافذة على الحياة
«قضيت عمرى لم أجر عملية جراحية، حتى ولادتى كانت طبيعية رغم أننى لدى ٣ أولاد، وفى عمر الثلاثين كانت بدايتى مع المرض، ورم في الرحم، تجاوزت الأمر، وفى مشارف الخمسين، شعرت بآلام في «رقبتي» توجهت إلى الطبيب، فطلب منى أشعة «ميموجرام» أصابتنى الدهشة، ولكنه أخبرنى أن الغدد جميعها مرتبطة ببعضها، وطمأننى أن الحالة جيدة»، بتلك الكلمات بدأت «كريمة» رواية قصتها مع المرض.
وتكمل: «من طبيب لآخر جميعهم أجمعوا أننى أحتاج إلى عملية ولكن في الوقت البعيد، الكل يرفض أن يخبرنى بالأمر، فوجئت يومًا باتصال من أختى تخبرنى بأن على التوجه لمستشفى للكشف».
وتضيف: «بعد عام من المتابعة، أخبرنى الطبيب أننى مصابة بسرطان الثدي، بينما طيلة السنوات الماضية كنت أظن أنه مجرد كيس «دهن»، كان ابنى معى وقتها، وبعد عبارات من التهوين، لم تشفع ولم تهون، فكرت بأن أترك كل من يعرفني، وأختفي، ولكن على أن أقاوم». وتتابع: «أسرتى جميعهم رفضوا الحديث عن الأمر، وكأنه شيء لم يكن؛ تخفيفًا على، أما أختى الأخرى، فبعد أن علمت بإصابتى وهى في فترة الحمل، أصابها الحزن الشديد فمات ابنها في بطنها حزنًا على حالتي، لم أكن أعلم أن السرطان هو الطريق الذى سيغير حياتي، بعد أن تعرفت على المحاربات فُتحت لى نافذة أخرى على العالم». وتختتم: «تحولت من السيدة التى لم تُكمل تعليمها إلى سيدة صاحبة إرادة وتبحث عن التعليم، وبالفعل التحقت بالجامعة، وحاليا أحضر دورات تدريبية للأعمال اليدوية، فتحول السرطان من هم بالليل والنهار، إلى حياة جديدة أحلم فيها بتحقيق ما عجزت عنه في أيامي الماضية».