الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

فاروق الباز: تقاعسنا في تربية جيل يحترم العلم والمعرفة ونعيش مرحلة "سقوط"... يجب أن نتعامل مع أزمة سد النهضة بهدوء وحكمة..."ممر التنمية" يوفر 10.5 مليون فدان صالحة للزراعة

فاروق الباز
فاروق الباز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
القوة أصبحت الآن للعلم والتكنولوجيا، انتهت أشكال القوة العسكرية والسياسية، تطور كبير في علوم التكنولوجيا والفضاء، جعل الغلبة لمن يملك ويتحكم في كل الأمور، وتغيرت موازين العالم، نظرا للتطور والصراع العلمى الكبير بين أكبر قوتين في العالم «أمريكا- الصين»، مصر لديها علماء الأفذاذ في كل المجالات، معظمهم عقول مهاجرة، استفادت بها البشرية على رأسهم الدكتور مجدى يعقوب، والراحل الدكتور أحمد زويل، وغيرهم الكثيرون، إلا أن هناك حالة من التأخر بشكل كبير في مجالات التكنولوجيا خاصة. 
الدكتور فاروق الباز، أحد أهم العقول المصرية في العالم، عمل في وكالة ناسا للمساعدة في التخطيط للاستكشاف الجيولوجى للقمر، وعضو المجلس الاستشارى للرئيس عبدالفتاح السيسي، يتحدث في العديد من القضايا المهمة، الخاصة بالتطور والتنمية والتقدم التكنولوجي.



■ التعليم يمر بمرحلة صعبة بين محاولات للتطوير وهجوم عليه.. ما الحل ليكون لدينا تعليم يخرج علماء مثل زويل وفاروق الباز؟
- التعليم تأخر كثيرا على مدى عشرات السنين، والحل الأمثل والأوحد هو إعادة التعليم لما كان عليه في الماضي، فأنا تعلمت في جامعة عين شمس، وعندما ذهبت إلى أمريكا، لم أشعر بأى فارق تعليميًا، ولم يكن أحد يعرف كلمة زيادة عما أعرفه، كان التعليم وقتها يخرج علماء أفذاذ مثل أحمد زويل ومجدى يعقوب وغيرهم..
■ ما تقييمك لجهود وزير التعليم طارق شوقى وخطة التطوير؟
- الخطة ما زالت إلى الآن في حيز الإعداد، ولا يمكن الحكم عليها وأنا لا أرجح إدخال الجديد قبل إصلاح الفاسد أولا.
■ قلت إن جيلكم فشل في تحقيق أحلامه في العالم العربي.. اليوم لدينا أجيال تربت على الأفكار السطحية.. كيف ترى الموقف وتوقعك إذا لم يتم تدارك المشكلة؟
- للأسف العالم العربى سوف يعيش في فترة من السقوط، وحتى يتم إصلاح الحال، علينا العودة إلى تربية جيل يحترم العلم والمعرفة. 
■ مصر بدأت البحث العلمى من الخمسينيات إلا أنها ما زالت متدهورة في علوم التكنولوجيا.. ما السبب والحلول؟
- لأن «الحكومات» تتدخل في كل شيء، ولا تترك لأهل العلم والمعرفة، اختيار أبحاثهم، كذلك فلا بد أن تتضاعف قيمة ما يصرف على البحث العلمى من ميزانية الدولة، ليصل على الأقل إلى ٢٪، من الميزانية. 
■ هل نستطيع إنشاء تحالف علمى بين دول عربية غنية لديها إمكانيات لتطوير المنظومة على مستوى العرب؟
- كان المجال واسعًا لتحالفات عربية منذ أكثر من نصف قرن، أما الآن فقد فات الأوان لأى تحالفات حقيقية في العالم العربى بأكمله، وعلى كل الدول أن تحاول أن ترتقى بأبنائها حتى يمكنها أن تقوم بتحالف مع من تحب من الدول التى تساويها.
ما سبب عدم تحقيق أى تقدم في عالم صناعة الفضاء والأقمار الصناعية في مصر رغم دخولنا المجال في السبعينيات؟
- كان حديث الإعلام عن الصناعة في عصر الرئيس جمال عبدالناصر، كثيرا عن الإنجازات من «الإبرة للصاروخ»، وهو كلام لا جذور له.
كل ما تقوم به «الحكومة»، محدود الفائدة، ونعم بدأت مصر مع دول مثل الهند والصين، في أبحاث الفضاء في السبعينيات، وتقدمت هذه الدول وتشارك الآن في أبحاث مهمة، لكننا لم نتحرك لسوء التخطيط والفساد وما إلى ذلك من محبطات.
■ هل سينجح تحرك بعض الدول لبناء وكالة فضاء عربية؟ 
بالفعل، بدأ الإعداد لوكالة فضاء عربية، خلال نشاط وكالة الفضاء في دولة الإمارات العربية المتحدة، ووعد الشيخ محمد بن راشد أن يطلق قمرا صناعيا ليكون تحت تصرف هذه الوكالة مستقبلا. 
■ ما يمنع استخدامنا للأقمار الصناعية في العديد من المجالات.. وكيف يمكن أن نستفيد بها في ظل الظروف الراهنة التى نعيشها من محاربة الإرهاب؟
- طبعا تسهم دراسة معلومات الأقمار الصناعية في كل شيء مدنيا وعسكريا وأمنيا، لكن «الخيبة»، التى يمر بها معظم الدول العربية حاليا تمثل عدم القدرة على استخدام الوسائل الحديثة في كل شيء، حتى التخطيط العمرانى والصناعى وحتى في سلامة المواصلات في المدن.
■ كيف ترى لغة الحوار بين المسئولين والمواطن المصرى الآن؟
- ما زلت أعتقد أن الحكومة لا تعرف كيف تُحدث الناس، حيث لا يشرح الوزراء خطواتهم للناس بصراحة قبل التحرك فلا يشعر الناس بأن الدولة تعمل لصالحهم، لذلك نجد أن الحكومة في واد والناس في واد آخر طوال الـ٧٠ عاما الماضية، وبات الأمر وكأن الحكومة تعتقد أنها تتحكم في الناس، والناس لا تعرف ماذا تفعل الحكومة غير الفائدة لنفسها وأقربائها.
■ لو عرض عليك تولى منصب تنفيذي.. هل تقبل وهل لديك شروط؟ 
- لا أقبل بأى منصب على الإطلاق، أنا أعتقد أن المناصب التنفيذية يجب أن تكون في يد شباب قادر على الحركة والعمل المتواصل وعطاء وافر، وليس في يد شخصيات اكتملت حياتهم ولا يتحركون.
■ قلت إنك لن تكشف عن كنوز أرض مصر لو عرفت مكانها حتى تستفيد منها الأجيال القادمة.. ألسنا في مرحلة دقيقة تتطلب الكشف عنها لبناء الوطن؟
- قلت أفعل ذلك إذا ما تأكدنا أن الفائدة سوف تعم على شعب مصر وليس على مجموعة مختارة، وأنا أرى أن الوضع يتحسن بعض الشيء ولكننا لم نصل إلى درجة الطهارة المرجوة بعد.
■ ماذا عن المعادن النفيسة مثل الذهب، هل نفد رصيدنا منه أم الأرض لم تكشف عما بداخلها بعد؟
- هناك الكثير من المعادن النفيسة في مصر، وقد استخدمها قدماء المصريين بكل حكمه، والمرجو حاليا أن تساهم في دفع الاقتصاد لكن لا تحل مشكلة المحسوبية والخلل الإدارى وما إلى ذلك.
■ قلت إن الحكومة لن تستطيع تنفيذ مشروع التنمية.. إذن من يستطيع تنفيذه؟
- «ممر التنمية» يمكن أن تنفذه مجموعة اقتصادية خاصة من مصريين وعرب وأجانب تقوم بجمع ما يلزم من مال ومباشرة الأعمال التنفيذية تبعا للوسائل المعترف بها عالميا في مشاريع التنمية العملاقة. 
■ ما حجم الأموال والوقت الذى يستغرقه للتنفيذ؟ 
- المشروع بأكمله يتكلف نحو ١٣ مليار دولار على مدى ١٠ سنوات، بحسب دراسة لجنة وزارية، تابعة للمعهد الاقتصادى المصرى. 
■ كيف ستكون مصر في حال تنفيذ ممر التنمية؟
- المشروع أهم ما فيه فتح مساحة تتراوح بين 10.5 مليون فدان للإنماء أمام شباب مصر، خاصة خريجى الجامعات، للمشاركة في مشروعات إنمائية خاصة تبعا لرغباتهم وقدراتهم.
■ كيف ستؤثر المشروعات العملاقة على استخدامات الأراضى وهل يمكن الخروج من الوادى الضيق إلى استغلال الصحارى؟
- ستعمل على زيادة الأراضى المستغلة، فمثلا ممر التنمية يوفر 10.5 مليون فدان للمعيشة، بالإضافة إلى ٧ ملايين فدان نستخدمها حاليا.
■ ننتقل إلى إثيوبيا، البعض يقول إن التربة هناك ستعمل على انهيار السد على المدى المتوسط، ما حقيقة الأمر علميا؟
- لا أعتقد أن هذا الكلام مبنى على أى علم أو دراسة، لا يمكن إقامة سد بهذا الشكل دون دراسة مستفيضة لصخور القاع تحته.
■ حصة مصر من النيل قليلة وأصبحنا نعانى من الفقر المائي.. وإثيوبيا تتعنت في موقفها من بناء السد.. ما الحل؟ 
- أساس ما وصلنا له الآن «الخيبة الكبيرة»، في تجاهلنا طلب إثيوبيا في بناء السد أيام الرئيس الأسبق حسنى مبارك، تجاهلا تاما، علينا الآن أن نتعامل مع الوضع بحكمة وهدوء.
■ هل هناك جدوى من مشروع نهر الكونغو لحل الأزمة؟
- الحديث عن تغيير مسار نهر الكونغو ليصب في مسار النيل، هذا خلل ذهني، أولا لأن مياه الكونغو تسير في اتجاه جنوب غرب، وثانيا هناك أرض عملاقة بين أرضه وأرض النيل، بالتالى دفع مياه الكونغو مع تغيير اتجاهها يستدعى طاقة لا طائل لنا بها.
■ هل تحلية مياه البحر والمياه الجوفية يخففان الأزمة؟
- تقريبا جميع دول العالم تبحث عن وسائل لإيجاد مياه إضافية صالحة للاستخدام والحياة، ومنها التحلية على سواحل البحرين «المتوسط والأحمر- في حالنا»، إضافة إلى استخدام المياه الجوفية، التى نستخدمها بكثرة في مشروعات شرق العوينات الكبرى، وهو مشروع زراعى كبير في جنوب الصحراء الغربية، تحدثت كثيرا عن إمكانية استخدامها، وهذا المشروع يكفى الآن لإنتاج ٢٥٪ من احتياجاتنا من القمح.