الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

ماريز تادرس: التراث الشفهي لـ«الصعيد» مليء بالكنوز الخفية.. والفولكور المصري أثر في التاريخ القبطي

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أكدت الدكتورة ماريز تادرس، أستاذ العلوم السياسية والتنمية فى معهد دراسات التنمية بجامعة ساسكس بإنجلترا أن مشروع جمع وتوثيق التراث الشفهى القبطى يسعى لإثراء فهم التراث القبطى من خلال شهادات النساء والفئات المهمشة فى صعيد مصر، نظرا لدورهم فى حفظ التراث، مشيرة إلى أن المشروع يعتمد على الشباب فى جمع التراث بديلا عن علماء الآثار والإنثروبولوجيا والتاريخ.


ما هو هدف المشروع؟

- يهدف هذا المشروع إلى فهم ورصد وتوثيق التراث الشفهى للشعب القبطى فى صعيد مصر، والحفاظ عليه، هذا المشروع فريد من عدة جوانب، منها: ويركز هذا المشروع على التراث الشفوى الشعبى للشعب القبطي، ويسعى إلى إثراء فهمنا للتراث من خلال توثيق وجهات نظر وآراء النساء وآراء الفئات المهمشة فى صعيد مصر، لم تحصل هاتان المجموعتان على الاهتمام والتقدير اللائقين فيما كان يتم من أنشطة متعلقة بحفظ التراث. وهذا المشروع فريد من نوعه لأنه لا يعتمد على الخبراء المتخصصين، بل يعتمد على الشباب من مجتمعات صعيد مصر، الذين يتم إعدادهم ليكونوا جامعى التراث، فى العادة تتم الاستعانة فى هذا المجال بخبراء من علم الآثار والإنثروبولوجيا والتاريخ والمجال الأكاديمى على نطاق أوسع، وهو ما لم يتم فى المشروع الحالي.

 وهذا المشروع فريد من نوعه لأنه يبنى قدرات مجموعات من الشباب الذين ليست لديهم أى خبرات أو حصلوا على تدريب متخصص فى هذا المجال، ويتم تدريبهم على كيفية رصد وتوثيق تراثهم بطريقة دقيقة وشاملة وعميقة، يشارك فى هذا المشروع حاليا عدد ٨٥ من «جامعى التراث» من الشباب القادمين من نفس المجتمعات المحلية، وجميعهم يتمتعون بالثقة والاحترام فى مجتمعاتهم، ولديهم حاليًا المهارات والمعارف حول كيفية رصد وتوثيق والحفاظ على تراثهم.

 ولم يتم تصميم هذا المشروع لمساعدة شباب صعيد مصر فقط، بل هو مشروع يعمل لصالح المجتمعات نفسها، فنحن حريصون فى هذا المشروع على مشاركة المجتمع بكل ما يتم رصده وتوثيقه من تراث، مثلًا القصص والأغانى وتاريخ وسيرة الشخصيات المحلية، والأحداث التى تم التقاطها وتوثيقها يتم الاحتفاء بها فى المجتمع، وفى النهاية سيتم نشر هذه المادة فى كتب مطبوعة ستكون متاحة لخبراء التراث.

 وهذا المشروع فريد من نوعه من حيث إن هؤلاء الشباب قد مروا بتجارب تؤدى إلى توسيع آفاق فى ما يمكنهم إنتاجه، وطوروا مهاراتهم فى فنون القيادة، والتواصل الإنساني، وعمليات التوثيق، واستخدام التكنولوجيا الرقمية، ونظرًا لأن هذه المهارات واسعة النطاق، نأمل أن يؤدى ذلك إلى استفادة الشباب منها فى سوق العمل.


كيف بدأ التنفيذ الفعلي؟ كيف بدأت الفكرة؟

- كانت بداية هذا المشروع من واقع أن التراث كان جانبًا مهملًا فى التنمية المستدامة وتمكين الشباب، ورغم هذا الواقع فقد كنا مؤمنين أن التراث غنى جدًا، ولا يتعلق فقط بالماضى بل بالمستقبل أيضًا.

 ثم كان البحث عن طريقة تساعد على تحفيز مشاركة المجتمع فى الحفاظ على التراث الشعبى، ولكى يكن هناك أفضل من العناصر الشابة، ثم بدأ البحث عن كيفية تحويل التراث الشعبى ليصبح أداة مفيدة وعملية وملائمة للشباب للتفاعل معه.

 ما أهم أشكال التراث القبطى الذى جمعناه؟

- يجب الحفاظ على كل من التراث المادى والتراث غير المادى أيضًا، ومثلما نحن حريصون على الحفاظ على أمور مهمة مثل المخطوطات والمبانى الأثرية والقديمة، نحتاج أيضًا إلى الحفاظ على القصص والممارسات الشعبية والأغانى وغيرها من الممارسات التراثية التى تتعرض لخطر الاختفاء والضياع.

 ونقوم أيضًا بجمع التراث من وجهة نظر تنموية، والهدف هو استخدام جوانب التراث الشعبى التى تعمل على تعزيز كرامة الإنسان، وبناء التماسك الاجتماعى والشعور بالهوية المجتمعية، مثل مشاركة أنواع معينة من الطعام الذى يجمع الناس معًا فى المناسبات السعيدة، أو عادات اجتماع فئات المجتمع فى موسم الحصاد، وفى نفس الوقت نحن نرصد ونوثق أيضًا عناصر التراث الشعبى السلبية التى يجب القضاء عليها أو إضعافها، وهى الممارسات والمعتقدات الاجتماعية التى تمنع الناس من تحقيق الأفضل، مثل السحر، ونقوم بتمكين المجتمع حتى يجد طرقا لتحدى تلك الممارسات. 

ما أهمية التراث القبطى الشفهى على المستوى القبطى والكنسى والوطني؟

- إلى حد بعيد، كان أهم مصدر للتراث الذى جمعه الناس هو التاريخ الشفوى للرجال والنساء المتقدمين فى السن، ولكل منهم تاريخ طويل فى المجتمع، ويمكن أن يشاركونا ويخبرونا بما كان سائدًا فى الماضى من معتقدات وممارسات وتجارب الأقباط منذ فترة طويلة. فى العادة نقوم بتوثيق هذا التاريخ غير المكتوب لأنه إذا لم نفعل ذلك، فعندما يرحل هؤلاء الأشخاص، فإنهم يأخذون حلقات كاملة من التاريخ معهم.

 مصدر مهم آخر للتراث القبطى هو توثيق قصة كيفية بناء المجتمع القبطى فى صعيد مصر لكنائسهم الخاصة، هذه القصص قوية وتكشف لنا عن كيفية مشاركة النساء بأن يقمن بحمل الطوب أحيانًا، ومشاركتهن فى أعمال البناء والإنشاءات، وكيف ساهم الفقراء حتى بالقليل من الموارد التى يمتلكونها، وكيف خاطر الناس فى إنشاء الكنائس لأنهم آمنوا بأهمية وجود مكان للعبادة خاص بهم. كل هذا ذكرنا بأن التراث القبطى ليس فقط ما يحدث داخل جدران الكنائس ولكن كيف تم بناء هذه الجدران بالذات.

 إن التراث الذى جمعناه والذى كان مهمًا للتاريخ المصرى هو كيف أثرى التراث القبطى التاريخ المصرى والعكس بالعكس، وكيف أثرت ممارسات الفولكلور المصرى فى التراث القبطي، مثل إضافة الخبز المصنوع على شكل صليب لتحمل الشموع السبعة عند الاحتفال بأسبوع الطفل حديث الولادة.


لماذا تبنت جامعة ساسكس هذا المشروع؟

تحتل جامعة ساسكس المرتبة الأولى فى العالم فى مجال دراسات وبحوث التنمية الدولية، ومن هنا لدينا اهتمام شديد بابتكار طرق ووسائل تساعد على إحداث تغيير اجتماعى إيجابى فى حياة الناس والمجتمع، لذلك اعتقدنا أننا سوف نستكشف كيفية الاعتماد على تراث الناس كنقطة انطلاق لتحقيق جوانب التنمية مثل تمكين الشباب، ومشاركة المجتمع ودعم ظهور القيادات النسائية.

 نعتقد أن منهجيتنا التى تجمع بين التراث والتنمية فى مصر، تتيح لنا تقديم نموذج يمكن تكراره فى جميع أنحاء العالم.

 ما مراحل العمل على أرض الواقع؟

- مر العمل فى هذا المشروع فى مراحل مختلفة، يمكن تلخيصها فى المراحل الثلاث التالية:

المرحلة الأولى، مرحلة الاختيار: بدأت باختيار المجتمعات المحلية التى نعمل بها فى صعيد مصر، ثم اختيار الشباب الذى سيشارك فى المشروع من كل مجتمع، ثم من داخل كل مجتمع تم تحديد وإيجاد الأفراد الذين على استعداد للتعاون معنا، وتقديم ما لديه من خبرات وذكريات ومعلومات وقصص تراثية.

 والمرحلة الثانية بناء القدرات: حيث تم بناء قدرات الشباب فى العديد من المجالات العملية، مثل مهارات كيفية إجراء التاريخ الشفوى للأفراد، وطرق عمل المقابلات الناجحة، وتطبيق معايير الأخلاقيات فى العمل المجتمعي، ومهارات التواصل الإنساني، والأرشفة الرقمية، والتصوير الفوتوغرافى، ومنح الشباب لتطبيق هذه المهارات عمليًا فى مجال جمع التراث.

والمرحلة الثالثة توظيف التراث: وتشمل تطوير مناهج مبتكرة لإيصال هذا التراث بطريقة جذابة لعامة الجمهور فى المجتمع لتحقيق الاستفادة القصوى منه من أجل التنمية المستدامة.

 كيف تم اختيار الشباب فى فرق جمع التراث؟

- كان هناك عدد من الخصائص (الشروط) الرئيسية الواجب توافرها فى أى شخص يريد أن يشارك فى مشروع رصد وتوثيق التراث الشعبى، منها: يجب أن يكونوا من داخل المجتمع نفسه. ويجب أن يكونوا مشاركين نشطاء فى أنشطة الحياة العامة فى المجتمع. ويجب أن يكون نصفهم من النساء. ويجب أن يكونوا شبابًا. ويجب أن يكون لديهم روح على استعداد للتعلم والاهتمام بتراثهم.

 لماذا اختيرت هذه المحافظات بالتحديد؟

- نحن نؤمن بأن مصر كلها غنية بالتراث الإنساني، لكننا نعتقد أن التراث الشفهى لشعب صعيد مصر مليء بالكنوز الخفية، لذلك خططنا منذ البداية أن نبدأ تنفيذ هذا المشروع فى محافظتى أسيوط والمنيا كمحافظتين كبيرتين للغاية لدى شعب كل منهما الكثير من التراث ليقدمه.


كيف كانت النتائج التى تحققت؟

- تم تحقيق النتائج ببطء، لدينا الآن مئات الصور الفوتوغرافية ونصوص القصص التى نود مشاركتها المجتمع فى الكتب المنشورة، وفى وسائل الإعلام عبر الإنترنت والتليفزيون.

 ما مستقبل المواد المنتجة فى المشروع؟

- الرجاء الرجوع إلى إجابة السؤال السابق.

ما مستقبل المشروع وإلى ماذا يطمح؟

- نأمل أن يواصل الشباب بناء وتطوير مهاراتهم فى جمع التراث، ومشاركة عملهم ونشاطهم مع الآخرين فى المجتمع، نأمل أيضًا أن نطبق نفس المنهجية فى أجزاء أخرى من صعيد مصر لبناء قدرات الشباب مع جمع التراث الشعبى.