كان واضحا مدى سخط الجبرتى على الاحتلال العثمانى لمصر الذى بدأ بمذبحة مروعة لسكان المحروسة العزل بلا ذنب سوى إرهابهم ونشر الخوف والرعب فيهم كما يفعل «الدواعش» الآن فيمن يقع تحت طائلتهم وقد اختلفت الروايات فى عدد من ذهبوا ضحية لهذه الجريمة الشنعاء من جانب سليم الأول وجنوده فبعض الرواة والمؤرخين أشار إلى أن عدد الضحايا المصريين وصل إلى 50 ألفا فى يوم واحد وأخرون ذهبوا إلى 30 ألفا ومنهم من أشار إلى أن العدد كان 10 آلاف شهيد قتلوا بلا ذنب لمجرد أنهم من أبناء القاهرة وتصادف وجودهم فى طريق «الإنكشارية» العثمانية و«الانكشارية» كانوا فرقة من «المرتزقة» العثمانية تتصف بالشراسة وحب القتل وقسوة القلب استغلهم العثمانيون فى بث الرعب فى قلوب المحكومين حتى يدينوا لهم بالتبعية خوفا ورعبا. «لاحظ أن الترك الأردوغانية الآن يستخدمون تقريبا نفس الأساليب القديمة فالانكشارية الجدد هنا هم الدواعش الذين يحملون نفس السمات التى تتميز بالفجر فى ارتكاب الجرائم بدم بارد!»
وكانت يوميات الجبرتى وثيقة متخمة بالتفاصيل الكاشفة لما كان يجرى يوميا على أرض مصر فى وقت سرد وتدوين هذه الوقائع اليومية بصدق وأمانة شهد لها بذلك المؤرخون جميعا وكان نقل الجبرتى نقلا أمينا ليوميات هذا الاستعمار الذى رآه فاجرا ناهبا لخيرات مصر ومؤسسا لأنواع جديدة من الفساد لم تكن منتشرة فى المجتمع المصرى قبل قدوم هذا المستعمر ومن بين الممارسات الاجتماعية السيئة التى تفشت بسبب العثمانلية الأتراك «الرشوة» و«المحسوبية» و«البقشيش»
وهى صفات لم تكن متمكنة فى المصريين قبل قدوم المستعمر التركى بل كانت مصاحبة لهذا المستعمر الظلامي.
ومن بين الممارسات الشخصية والاجتماعية السيئة التى نقلها الجنود الأتراك إلى المجتمع المصرى الفحش فى شرب الحشيش والمسكرات ونشر خيام الراقصات والغلمان والعاهرات فى كثير من الأماكن التى يسكنها الجنود الإنكشارية العثمانية.
وكان الفجور فى ارتكاب الجنود الأتراك للموبقات سافرا وفجا بحسب وصف الجبرتى فأدت الممارسات الشاذة لهؤلاء إلى شقاء أهل مصر فكانوا يقفون فى الطرقات يخطفون من يمر من النساء والغلمان ورصد الجبرتى باشمئزاز الانحرافات الأخلاقية للمحتلين الأتراك فيذكر أن «أربعة من الجند اغتصبوا غلاما، وذهبوا به إلى بيت لهم، وتكاثر عليهم الناس يريدون إخراج الغلام فأطلق الجند الرصاص على الناس فمات منهم 15 رجلا».
ويقول الجبرتي: كان أغلب هؤلاء العسكر يجاهرون بالإفطار فى نهار رمضان «فيجلسون على الحوانيت والمصاطب ويأكلون ويدخنون» ويمضى واصفا تلك المخازى بقوله: «حدث أن أدخل رجل من الجند امرأة فى مسجد الأشرفية وفعل بها الفاحشة فى المسجد بعد صلاة الظهر فى رمضان» يتابع الجبرتى «كما كانوا يمرون بشوارع القاهرة فى نهار رمضان والقهاوى مقفلة فيطلبون أصحابها ليفتحوها وليصنعوا لهم القهوة ليشربوها، فإذا أبى صاحبها كسروها وعبثوا بما فيها من الآنية والأدوات، كما كان يجتمع فى معسكراتهم الكثير من النساء، فينصبون لهم الخيام ويجىء لهم بائعو الحشيش ويجتمع حولهم الغوازى والراقصون، فينصرفون جميعا إلى شرب المسكر والحشيش والاجتماع بالنساء والغلمان ولعب القمار جهارا فى رمضان».
لاحظ أن الأتراك كانوا أول من نشروا بيوت البغاء وحانات الرقص والشراب «وهى تماثل ما نطلق عليه الآن «كباريه» بل كانوا يرخصونها ويأخذون عليها الضرائب والرسوم.. وهو نفس الأسلوب الموجود الآن فى دولة الأتراك الأردوغانية الحالية حيث تشير التقارير الاقتصادية إلى أن بيوت الدعارة فى تركيا تساهم بنسبة كبيرة فى دخل الاقتصاد التركى تصل إلى 6 مليارات دولار سنويا وهى نسبة تتجاوز دخل قناة السويس فى مصر!.
التاريخ هنا يكرر نفسه بصور جديدة فكما استعمر التركى بلاد المسلمين تحت مسمى الفتح الإسلامى فى القرن السادس عشر وكان أبعد عن الإسلام وأخلاقه يأتى الآن بعد نحو 100 عام يريد تكرار نفس اللعبة القذرة بنفس أدواته الخبيثة والخسيسة وهو الأبعد عن الإسلام وأخلاقه.. لكن هل سيبتلع الضحايا نفس الطعم ويقعون مرة ثانية فريسة لمن يسلبهم أرزاقهم وينتهك أعراضهم وينشر فيهم رذائله!؟.التاريخ هنا ينتظر من يتعلم منه الدرس ولعلنا نتعلم!