السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

شهادتى عن أحداث 25 يناير 2011

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وأنا أترقب احتفال الشرطة المصرية بعيدها الـ 68 اليوم 25 يناير 2020، رجعت بى الذاكرة تسع سنوات كاملة، وتحديدا يوم الثلاثاء 25 يناير 2011؛ حيث فوجئت بولدىّ التوءم أحمد ومحمد يدخلان علىّ مكتبى فى التاسعة صباحا، ويخبرانى أنهما سوف يتوجهان إلى نقابة الصحفيين بشارع عبدالخالق ثروت، ولما سألتهما عن السبب، كانت إجابتهما أن هناك وقفة احتجاجية سيقوم بها الشباب، ضد تجاوزات رجال الشرطة وضد وزير الداخلية وقتها حبيب العادلى، وسوء الأوضاع الاقتصادية فى مصر، وأن الهدف من هذه الوقفة الاحتجاجية، هو توصيل رسالة للقيادة السياسية الرئيس الأسبق حسنى مبارك، عن هذه التجاوزات، وأن الوقفة ستكون سلمية.
وبالرغم من أن ولدىّ لم يكن لهما أى ميول سياسية أو حزبية من قبل، وقد تعودت معهما مبدأ الصراحة والمصارحة؛ فقد احترمت رغبتهما فى المشاركة فى هذه الوقفة الاحتجاجية، وسمحت لهما بالمشاركة فيها على وعد منهما بألا يحدث تجاوز أو إهانة ضد أى رمز من رموز الدولة؛ حيث إن هدف هذه الوقفة هو توصيل رسالة سلمية للقيادة السياسة عن سوء أحوال مصر المعيشية ومعاناة الشباب فى الحصول على فرص عمل.
وكنت على تواصل معهما بالموبايل طوال الوقت للاطمئنان عليهما، وكانت ردودهما أن الوقفة سلمية والهتاف كان «عيش، حرية، عدالة اجتماعية»، وأن عدد المتواجدين وصل إلى نحو عشرة آلاف متظاهر من جميع التيارات، وأن الشرطة المصرية متواجدة بكثافة، ولم يحدث أى احتكاك مع المتظاهرين، بل كانوا هادئين جدا فى التعامل معنا طوال الوقفة.
وفى نهاية الوقفة الاحتجاجية عصر ذلك اليوم، قرر المشاركون فيها التوجه إلى ميدان التحرير حيث المكان أوسع بعدما اكتظ شارع عبدالخالق ثروت بالمتظاهرين، مما أدى إلى ازدحام الحركة فى وسط البلد.
وأبلغنى أولادى أنهم توجهوا إلى ميدان التحرير فى حراسة الشرطة المصرية التى سمحت لهم بالتوجه إلى الميدان، طالما المظاهرة سلمية، وبالفعل تمركزوا فى صينية الميدان، وبدأوا فى تبادل الهتاف الشهير «عيش، حرية، عدالة اجتماعية»، وأن الوضع هادئ والشرطة تعاملهم معاملة طيبة جدا، وتتبادل معهم الحديث فى ود من أكبر الرتب إلى أصغر الرتب، ولم يكن هناك أى احتكاك بينهم وبين الشرطة طوال الوقت.
وعندما حانت الساعة الثانية عشرة ليلا طلبت منهم الشرطة إنهاء الوقفة الاحتجاجية، وفض المظاهرة سلميا، وعندما اقتنع عدد كبير من الشباب بفض المظاهرة، فوجئوا ببعض قيادات المظاهرة سواء من حركة 6 أبريل أو حركة كفاية أو الاشتراكيين الثوريين أو غيرهم، تطلب منهم البقاء فى الميدان وعدم المغادرة، وهذا ما لم يكن متفق عليه من حيث إنها وقفة احتجاجية تنتهى فى نفس اليوم.
وحاولت الشرطة بكافة الطرق الودية فض المظاهرة بالقيام بالحديث مع المتظاهرين ومع قيادات هذه المظاهرة، إلا أنها وجدت رفضا وعنادا بعدم مغادرة الميدان، وعندما استنفذت الشرطة كافة الوسائل الودية لفض المظاهرة بدأت فى استخدام الوسائل السلمية لفضها، فبدأت برش المتظاهرين بخراطيم المياه فى البداية، فاستجاب البعض وغادر الميدان وظل البعض متمسكا بالبقاء فاضطرت الشرطة إلى استخدام القنابل المسيلة للدموع، وبالفعل غادر باقى المتظاهرين الميدان هربا من الغازات المسيلة للدموع.
وعند الساعة الواحدة صباحا فوجئت بابنىّ يدخلان البيت مبللين، ويحكيان لى ما حدث، ويؤكدان أن الشرطة لم تتعامل معهم بأى عنف طوال الوقت، وكانت فى منتهى الصبر والحكمة، ولكن ظهور بعض الأشخاص المتشددين فى آخر اليوم وتحريضهم على عدم مغادرة الميدان هو الذى أدى إلى فض المظاهرة عن طريق الشرطة، وليس كان مخططا أن يتم فضها وديا فى نهاية اليوم.
هذه هى القصة الحقيقية لما حدث من الشرطة المصرية يوم 25 يناير 2011، بشهادة من شارك فيها من ضبط النفس والتعامل مع المتظاهرين بمنتهى الود والاحترافية.
أما ما حدث بعد ذلك يوم 28 يناير 2011 وما بعدها، فتلك حكايات أخرى سوف يتاح لى المجال لذكرها بوصفى شاهدا على أحداثها.
تحية للشرطة المصرية فى عيدها 68، ودعواتى إلى الله أن يرحم شهداء الشرطة الأبطال الذين ضحوا بحياتهم من أجل حماية أمن مصر والمصريين.