الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

أفراح الهمداني: أجهز لكتاب يصدر قريبًا ويتماس مع الواقع اليمنى والعربى.. لم أشعر بالأمان إلا في مصر.. واليمن عاد لأيام الظلام مجددا

أفراح الهمداني خلال
أفراح الهمداني خلال حديثها لــ"البوابة نيوز"
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تردٍ كبير تشهده الأوضاع الثقافية والأدبية في اليمن منذ اندلاع الحرب في ٢٠١٣، وسيطرة الحوثى على مقاليد الأمور في البلد السعيد، الشاعرة والكاتبة اليمنية أفراح الهمداني، تحدثت لـ«البوابة» عن تلك المعاناة التى يعيشها الشعب اليمنى جراء السيطرة والتقييد لحركة الإبداع والنشر.

وقالت «أفراح»، إن الحرب الدائرة في بلادها أثرت على الواقع الثقافى والأدبى هناك بشكل كبير، فأصبح في حالة كبيرة من التراجع والتردي، مشيرة إلى المسافة الكبيرة التى قطعها اليمن قبل العام ٢٠١٣ على طريق الثقافة والأدب والفنون، وهذا ما تجلى في ظهور عدد من الفنانين والشعراء على الساحة، إضافة إلى الفنانين التشكيليين، إلا أن الحرب أوقفت كل شيء فأصبح الهم الأول للمواطن اليمنى البحث عن لقمة العيش، لما فرضته الحرب من قيود على الأقلام، جلتها مقيدة بل مكبلة، نظرًا لعودة الحكم في البلاد لأيام الإمامة التى كان فيها الإمام أحمد يحكم البلاد منذ ما يقرب من المائة عام، وهى فترة كانت يسودها الظلام ورفض التعليم، واليوم ليس ببعيد عن الأمس فاليوم تغيرت المناهج الدراسية بشكل كبير لا علاقة له بالدين أو الثقافة ولا علاقة له تاريخ اليمن. 
وعن أوضاع المبدعين اليمنيين قالت الهمداني: نجد اليوم العديد من المثقفين اليمنيين تركوا بلادهم فارين من ويلات الحرب، فنجد مثلا الشاعر والناقد الكبير الدكتور عبدالعزيز المقالح، وهو من كبار المثقفين اليمنيين، ورئيس دار الثقافة اليمنية، أصبح بفعل الحرب لا يستطيع أن يقدم تصريحا له علاقة بالأدب أو السياسة، وهذا كله من تأثير الأوضاع التى نعيشها الآن. موضحة أن أغلب المثقفين اضطروا للخروج أو اللجوء للدول العربية، فالعديد من اليمنيين أتوا إلى مصر لأن مصر بوابة كبيرة جدًا والحريات في مصر موجودة بقدر كبير، ولا تمنع أو تقمع كاتب أو مثقف مثلما هو الحال في اليمن، أما بالنسبة لصنعاء تحديدًا، نجد أن الكثيرين ليس لديهم القدرة على الكتابة لأن الضوء مسلط عليهم، والكاتب مثله مثل الطبيب يحتاج إلى راحة نفسية وعقلية حتى يُقدم كتابة سليمة، فكيف له أن يكتب ويعبّر عن نفسه وعن مجتمعه وهو تحت هذا القدر الهائل من الضغط وحياته مهددة، وكتاباته يتم مراجعتها مرات عديدة، فلا يمكن لكاتب يمنى أن يكتب ويُرسل لدار نشر خارج اليمن لنشر أعماله، فهذه عملية محفوفة بالمخاطر أيضًا لأنك بطبية الحال تحت سلطة الحوثيين أو المتحكمين في أمر البلاد وتحت طائلة قانونهم.

وواصلت «أفراح»، كان عندنا على سبيل المثال في اليمن الشاعر الكبير محمد عبدالله الزبيري، وهو من قام بالثورة ضد الإمام أحمد آن ذاك، وهو من قال في قصيدته المعروفة قبل أن يعدموه «تبًا لقوم أردت لهم الحياة فأرادوا لى الموت»، ولك أن تتخيل أن رجلا دافع ويُناضل من أجل الحرية ومن أجل العلم والثقافة، فيعدموه. نحن اليوم رجعنا لهذه الفترة، هذه الفترة التى ترفض التعليم لأنهم يعلمون أن المثقف أو المتعلم سيكون واعيًا بحقوقه وواجباته، لذلك فهم يريدون الجميع جاهلا بلا تعليم، حتى يهتم فقط بالطعام والنوم لا غير.
وأشارت الهمدانى إلى أن الخروج من الأزمة اليمنية الحالية لا يكون إلا من خلال وعى لدى حاكم البلاد ليترك الحرية للكتاب والأقلام طالما لن يمسوا الدولة وكيانها بسوء، لننطلق ثقافيًا وإبداعيًا ويعود لليمن مجده كما كان من قبل ونصل لما وصله له من سبقونا، على الأقل ربما نعود مرة أخرى للسابق حيث كانت صنعاء عاصمة الثقافة العربية في العام ٢٠٠٤، وخرج العديد من الشعراء الصغار حينها مثل صلاح الورافى، أفراح الهمداني، وغادة، وغيرهم كثيرون جدًا، أين هم الآن؟ في بيوتهم لا يقدرون على الكتابة، أو بعضهم سافر لمختلف البلدان العربية، أكثرهم لا يستطيع الكتابة سواء في مجلات أو صحف أو حتى على مواقع التواصل الاجتماعي، واكتفوا بأسماء مستعارة لنشر بعض الكلمات كما فعلت أنا للأسف.
وعن توثيق الواقع اليمنى أدبيًا أكدت الشاعرة اليمنية أن التاريخ لا يرحم كبيرًا كان أو صغيرا، وأنها تتوقع أنه سيأتى اليوم الذى يقول فيه التاريخ كلمته على الملأ، مؤكدة أنه سيتم توثيق كل ما عانى اليمن وأهله وكل ما مر به من أحداث، وما دامت الحكمة موجودة في عقول الناس سيكون هناك توثيق لكل ما يحدث، مضيفة أن الوعى هو السلاح الذى يجب أن يتحلى به جميع أبناء الوطن، ليأتى اليوم الذى يخرج الأدباء ويكتبوا كل ما حدث ويحدث ولو طال الوقت، ولو بعد حين.
وعن مشوارها الأدبى قالت: بدأت من خلال بيت الثقافة اليمني، وأصبحت عضوًا به وقمت ببعض الأمسيات، حضرها عدد كبير من النقاد، من بينهم الدكتور عبدالعزيز المقالح، ولى عدة كتابات أشهرها «نبضة»، وكنت بصدد تجهيز ديوان شعر بعنوان «حمقاء في زمن الرجال»، لكن بسبب الأحداث توقفت طباعته، والآن أعمل على كتاب سيخرج للنور خلال أيام قليلة، بعنوان «يوزر سيف مصر وبلقيس اليمن»، وهذه الأعمال تتماس مع الواقع اليمنى والعربي، فأنا لم أشعر بالأمان إلا عندما جئت إلى مصر، لذلك عندما أكتب لا أكتب إلا الواقع المحيط بي، وكتابى الأخير ما هو إلا نقطة تماس والتقاء بين الأدب والواقع المعيش.