الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

"دورية أمريكية": المخابرات التركية كانت تنسق مع زعيم تنظيم داعش

أردوغان وداعش
أردوغان وداعش
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تساءلت دورية " انتلجنس أون لاين " الأمريكية ، المتخصصة فى الشأن "الاستخباراتي " ومكافحة الارهاب، عن حقيقة علاقة الدعم والمناصرة بين النظام الحاكم في (أنقرة ) وتنظيم داعش الإ رهابي.
وقالت - في هذا الصدد - إن مقتل أبو بكر البغدادي، زعيم "داعش " فى مقر اختبائه فى منطقة "باريشا " - وهى قرية تقع فى منطقة "إدلب " السورية التي تبعد ميلين اثنين تقريبا عن الحدود التركية - في أكتوبر الماضي ، تطرح تساؤلات مهمة عن مدى التنسيق الخفى القائم بين النظام التركي و تنظيم "داعش " الإرهابي ، حيث كانت منطقة اختباء البغدادي تقع في محيط النطاق العسكري الأمني الذي تسيطر عليه القوات التركية في شمال سوريا .
وقالت الدورية "الأمريكية " في عددها الصادر اليوم الإثنين، إنه مثلما أثار مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن ، في مخبأه بمدينة "أبود أباد " الباكستانية ، عام 2011 التساؤلات حول علاقة الاستخبارات الباكستانية بتنظيم القاعدة "الإرهابي " حيث من المستحيل أن يقيم بن لادن على أرض باكستان ، دون علم وموافقة السلطات الباكستانية ، فإنه وبالمثل يثير إقامة زعيم "داعش " حتى لقي حتفه في منطقة "الحزام الأمني" الخاضع للقوات التركية فى سوريا ، تساؤلات مهمة تؤكد ضرورة علم الاستخبارات التركية بمكان البغدادي، بل وربما قيامها بالتنسيق، والتسهيل لوجود البغدادى فى منطقة توصف بأنها " محمية تركية على الأراضى السورية " ، فضلا عما يثيره ذلك من تساؤلات حول حقيقة وطبيعة الدور التركي في سوريا ، لا سيما على خلفية اتهامات لتركيا بالقيام بنقل وحشد مالا يقل عن ثلاثة آلاف من مسلحي "داعش " من سوريا لدعم "حكومة الوفاق" في (طرابلس) .
وتؤكد التقارير الاستخبارية الغربية أن منطقة " باريشا " السورية التي كانت ملاذا للبغدادي، كانت خاضعة بصورة كاملة، ومشددة للقوات التركية منذ عام 2016 مشيرة إلى أنه في عام 2018 تمكنت الفصائل السورية المسلحة - المتحالفة مع الأتراك - توسيع نطاق سيطرتها على مناطق إضافية الى الجنوب من تلك المنطقة التي لا تزال تحت سيطرة المسلحين الموالين لتركيا في سوريا .
وتتسم المناطق الخاضعة للهيمنة التركية في شمالى سوريا بنظام خاص لتسيير أمور الادارة المحلية بها، وذلك عبر مجالس محلية تضم خليطا من العناصر العربية والتركمانية والكردية والإيزيدية ، ويتم عبر تلك المجالس انتخاب ممثلين عنها في تشكيل ما أطلقت عليه تركيا " الحكومة السورية المؤقته " التي نصبت نفسها وصية على مقدرات تلك المناطق بدعم كامل من (أنقرة ) والمؤلفة من معارضين سوريين ممن استقدمتهم تركيا من أماكن منفاهم البعيدة ، وحددت لهم بلدة "عزاز " في ريف "إدلب " مقرا لها ، وأمدتهم بكافة أشكال الدعم .
وكشفت الدورية الأمريكية - في سياق تقريرها - استنادا الى تقارير استخباراتية غربية عن استخدام تركيا لبلدة " عزاز " مركزا للتدريب العسكري لما يعرف بـ "قوات الشرطة الحرة " تحت الاشراف الكامل من جهاز الاستخبارات التركي، وبتسليح وعتاد مقدم بالكامل من (أنقرة ) لمنتسبي تلك "الشرطة الحرة " .
وتعد بلدة "عزاز " بشمالي سوريا ، إحدى البلدات القريبة من الأراضي التركية، وتقع بالكامل تحت السيطرة التركية العسكرية ، ولا يتجاوز عدد سكانها 30 ألفا من العناصر العربية .
كما تشير التقارير الإخبارية إلى أن عناصر ما يعرف بـ " الجيش الوطني السوري الحر " المؤلف من 25 ألف مسلح ، تتدرب وتعمل بحرية تامة تحت القيادة والإشراف التركى الكامل، وإن ذلك يتم في مناطق الشمال السوري الخاضعة للسيطرة العسكرية التركية ، لافتة كذلك إلى أن تركيا قد عمدت إلى إدماج المئات من مقاتلي "داعش " في صفوف " الجيش السورى الحر " كما أدمجت فيه عناصر من "القاعدة " و" جبهة النصرة " التى تصفها التقارير الغربية بـ" القوة المتسلفة الأكثر قدرة بعد داعش " في الميدان السوري.
كما تكشف التقارير الاستخبارية الغربية النقاب عن دور كبير لتركيا فى دعم ما يعرف بـ" تنظيم أحرار الشام " وهو تنظيم جهادي سلفي يضم عشرين ألف مسلح ، ولا يرتبط ببيعة ولاء – معلنة رسميا – من قياداته للقاعدة، وإن كان هذا التنظيم فى حقيقة نشاطه يشارك "القاعدة" أهدافها على الأراضي السورية .
وتشير التقارير الاستخباراتية كذلك – حسب الدورية الأمريكية – إلى قيام (أنقرة ) منذ عام 2017 بالسيطرة على نشاط مقاتلي "أحرار الشام" وجعلهم وكلاء قتال عن تركيا ، كما سمحت لهم القيادة العسكرية التركية بإقامة نقاط الارتكاز والتفتيش في مناطق السيطرة التركية شمالى سوريا.
وتسيطر تركيا فى مناطق الشمال السورى على ما يعرف بميليشيا "حراس الدين" التى تنتمى للتيار الجهادي السلفي، والمعروف عنها ارتباطها بالقاعدة ، رغم إنكار قياداتها، وتعمل عناصر "حراس الدين" تحت إمرة القيادة العسكرية التركية في شمال سوريا، والتي أسندت إليها مهمة ضبط الأمن فى منطقة " باريشا " حيث كان يختبئ زعيم "داعش" .
وتستبعد التقارير المخابراتية الغربية أن تكون (أنقرة ) على غير علم بمكان اختباء زعيم "داعش " الهالك ، أبو بكر البغدادي في شمال سوريا ، كما أنها لا تستبعد أن تكون (أنقرة ) هي التي كانت تتولى حراسته وإيواءه ، وهو ما يطرح تساؤلات خطيرة تستوجب التحرى حول علاقة تركيا بالارهاب الذى يصور نظام أردوغان بأنه يكافحه " لا سيما وأن كتائب " حراس الدين " قد تبين انها هى التى كانت تتولى تأمين البغدادى فى اقامته بمنطقة "باريشا".
وفي سياق متصل ، أكدت صحيفة "نيويورك تايمز " الأمريكية - فى تقرير لها - استحالة إقدام أبو بكر البغدادي ، على العيش لعدة أشهر فى منطقة " باريشة " السورية بعيدا عن اعين ، وربما ترتيب من القيادة العسكرية التركية ، مؤكدة على أن قيام كتائب "حراس الدين" التى تدير نشاطها (أنقرة ) بحراسة وتأمين البغدادي ، تقدم دليلا دامغا على ذلك التعاون، بل ربما التحالف القوى القائم سرا بين النظام الحاكم في تركيا وتنظيم "داعش " الإرهابي .
وبينما ينفى الموالون لتركيا على الساحة السورية أي علم للاستخبارات التركية بمكان اختباء البغدادي في منطقة تخضع عسكريا للجيش التركي من الناحية العملية ، تتساءل الصحيفة في سياق تقريرها عن حقيقة ما تم الإعلان عنه ، من أن عميلا للاستخبارات الكردية فى سوريا هو الذى زود بالمعلومات التي ساعدت الأمريكيين على تحديد مكان البغداد ، ومن ثم استهدافه .
وتساءلت "نيويورك تايمز" عن حقيقة العلاقة بين تركيا والمجموعات المسلحة التابعة للقاعدة ، وسماح (أنقرة ) لها بأن تصول و تجول بحرية تامة في منطقة "إدلب " السورية ، وغيرها من مناطق السيطرة العسكرية التركية في شمال سوريا ، وكذلك قيامهم بتقديم " خدمات حماية مدفوعة الأجر " لقيادات "داعش " الموجودين في تلك المناطق .
وكانت الصحيفة قد دعت الإدارة الأمريكية - في تقرير نشرته في أكتوبر العام الماضي - إلى الانتباه الى الدور التركي الداعم للإرهاب فى سوريا والشرق الأوسط ، وكذلك الانتباه الى دعم (أنقرة ) الخفي للتطرف الاسلامي العنيف ، وهو ما كشفت عنه نهاية زعيم "داعش " في سوريا .
وأكدت نيويورك تايمز" - في ختام تقريرها على ضرورة الانتباه لحقيقة الدور التركي في سوريا ـ مشددة على أنه بات أمرا واجبا على (واشنطن) القيام به ، قبل أن تتعامل مع (أنقرة ) كشريك حرب على الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط .