الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

بعد شائعات غلق الحديد والصلب.. ساهمت في بناء السد العالي وحائط الصواريخ بعد نكسة 67.. وخسائرها بلغت 1.24 مليار جنيه في 2018.. و"الحكومة" تنفي تصفيتها

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
خلال الأيام الماضية، تداول عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، منشورات يزعمون فيها أن الحكومة قررت تصفية شركة الحديد والصلب المصرية، إحدى شركات القابضة للصناعات المعدنية، التابعة لوزارة قطاع الأعمال العام، مُتسائلين عن المصير المجهول لـ7 آلاف عامل في الشركة العريقة التي بدأت عملها قبل نحو 66 عامًا.
"البوابة نيوز" تستعرض خلال السطور التالية بعض المعلومات حول، "الحديد والصلب المصرية"، وما حققته من إيرادات وما تعرضت له من خسائر في السنوات الأخيرة، وحقيقة اتجاه الحكومة لتصفيتها وإغلاقها.



تاريخ قلعة الحديد والصلب
البداية كانت بإصدار الرئيس جمال عبدالناصر، في يوليو 1954، مرسومًا بتأسيس شركة الحديد والصلب، كمصنع في منطقة "التبين" بحلوان، برأس مال 21 مليون جنيه، ليكون أول مجمع متكامل لإنتاج الصلب في العالم العربي وأحد أعرق الشركات التي تأسست في الشرق الأوسط منتصف القرن الماضي.
في بدايتها؛ طُرحت الشركة للاكتئاب الشعبي، وكانت قيمة السهم 2 جنيه مصري يضاف إليهما 50 مليمًا مصاريف إصدار، وفي يوليو 1955، وضع عبدالناصر حجر الأساس، برفقة أعضاء مجلس الثورة، للمشروع على مساحة تزيد على 2500 فدان؛ شاملة المصنع والمدينة السكنية التابعة لها والمسجد، وذلك بعد توقيع العقد مع شركة "ديماج ديسبرج" الألمانية لإنشاء المصانع وتقديم الخبرات الفنية اللازمة.
ورغم تأخر موعد الانتهاء من المصنع بسبب العدوان الثلاثي على مصر، سنة 1956، إلا أنه في 27 يوليو 1958، افتتح عبدالناصر شركة الحديد والصلب رسميًا، لتبدأ الإنتاج في نفس العام، وبعد مرور 4 سنوات فقط من تأسيسها؛ ارتفع إنتاجها من 200 ألف طن إلى 1.2 مليون طن سنويًا، وبلغت مساحتها نحو 3000 فدان، لتتحول في سنوات قليلة إلى قلعة ساهمت في بناء مرحلة اقتصادية مهمة من تاريخ مصر الحديث.
وظهر دور شركة الحديد والصلب جليًا في بناء السد العالي سنة 1960، وكذا في بناء حائط الصواريخ بعد نكسة يونيو 1967 حتى تحقيق النصر في أكتوبر 1973، حيث ساهمت في بناء ما دمرته الحرب أو بناء حوائط الصواريخ والحصون العسكرية، بعدما زادت معدلات الإنتاج إلى 1.5 مليون طن أواخر الستينات، وتنوع إنتاجها بين؛ الصلب، والألواح والقضبان والفلنكات حديدية وبلنجات السكك الحديدية.

الشركة الأعرق تتعرض للخسائر
نتيجة لعوامل كثيرة، على رأسها؛ الإهمال والتقاعس عن التطوير ومواكبة التطور العالمى من الحكومات المتعاقبة على مدى أكثر من 20 عامًا، تراجع إنتاج شركة الحديد والصلب، في مطلع التسعينات، وما لبثت أن تحول هذا التراجع إلى خسائر مدوية؛ اقتربت من المليار جنيه في العام المالي 2016/2017، مرتفعة عن العام المالي السابق له 2015/2016 بنسبة 46%، حين حققت خسائر نحو 615 مليون جنيه.
ووفقًا للبيانات الرسمية، فإن شركة الحديد والصلب تكبدت خسائر بقيمة 1.24 مليار جنيه خلال العام المالي 2018/2019، مقابل خسائر بلغت 899.6 مليون جنيه خلال العام المالي السابق له، وتراجعت المبيعات إلى 1.24 مليار جنيه خلال العام 2018/2019 مُقارنة بمبيعات بلغت 1.61 مليار جنيه خلال 2017/2018.
وخلال الربع الأول من العام المالي الجاري 2019/2020، حققت شركة الحديد والصلب خسائر بلغت 367.8 مليون جنيه مُقابل 178.14 مليون جنيه خسائر خلال الفترة نفسها من 2018/2019، بمعدل خسائر وصل 4 ملايين جنيه يوميًا، كما بلغت مديونياتها لصالح سكك حديد مصر نحو 126 مليون جنيه، فضلًا عن وصول نسبة الأعطال إلى 92% خلال 2018/2019، مُقابل 82% في العام المالي السابق له.

مصير الشركة الحديد والصلب
في يناير 2019، دعت شركة الحديد والصلب، الشركات العالمية لتقديم عروض لتأهيل وتطوير وإدارة خطوط إنتاجها، مع ضخ استثمارات مناسبة، من خلال اتفاقية مشاركة إيراد تمتد لمدة 20 عامًا، ‎لضمان ألا يقل حجم الإنتاج من البليت عن 1.2 مليون طن سنويًا، لكن في مايو 2019، أعلنت الشركة رفض العرض الوحيد الذي تلقته من شركة ميت بروم الروسية "بإجماع الآراء" لأنه غير مناسب لتطوير الشركة.
وتعددت تكهنات استمرار شركة الحديد والصلب من عدمه، خلال الشهور الماضية، خاصة بعد أن أشارت تقارير الجهاز المركزى للمحاسبات إلى صعوبة قدرتها على الاستمرار بحالتها الحالية، كما أن مديونيتها لصالح شركة النصر للكوك التي تستورد الفحم للحديد والصلب، بلغت 450 مليون جنيه، إضافة لمديونيات لوزارة الكهرباء اقتربت من مليار جنيه، بجانب أجور العاملين قاربت نحو 870 مليون جنيه.
في المقابل، فإن شركة الحديد والصلب تمتلك أصولًا ضخمة غير مستغلة، منها أراضٍ تصل إلى 790 فدانًا بمنطقة التبين، و654 فدانًا بالواحات البحرية، إضافة إلى 54 فدانًا مشتراه من الشركة القومية للأسمنت منذ عام 1979، وقطعة أرض بمساحة 45 ألف متر مربع بأسوان، بالإضافة إلى كميات ضخمة من الخردة تصل إلى 600 ألف طن، فضلًا عن جبل التراب الذي يحتوي على خردة تُقدر بـ700 ألف طن.
وفي 11 نوفمبر 2019، خرج قرار الجمعية العمومية الطارئة للشركة، باستمرارها رغم تخطي خسائرها رأس المال بأكثر من 5 مرات، وذلك وفقًا لتصريحات الدكتور مدحت نافع، رئيس الشركة القابضة للصناعات المعدنية، مُشيرًا إلى أن عدم انعقاد الجمعية العمومية الطارئة كان من الممكن أن يؤدى إلى التصفية الفعلية للشركة وفقًا لنصوص القانون 203 لقطاع الأعمال العام، لكن الجمعية انعقدت وقررت استمرارها.

الحكومة تنفي تصفية الشركة
ووسط ما تداوله بعض رواد التواصل الاجتماعي باتجاه الحكومية لتصفية وإغلاق شركة الحديد والصلب خلال الأيام الماضية، أصدرت شركة الحديد والصلب بيانا، قبل أيام، أكدت فيه، عدم صحة ما نشر حول اتخاذ قرارًا بتصفية الحديد والصلب المصرية، موضحة أن قرار التصفية لا يمكن اتخاذه إلا من خلال جمعية غير عادية، مبينة أن آخر عمومية عقدت بتاريخ 11 نوفمبر الماضي اتخذت قرار باستمرارية الشركة.
فيما أكدت شعبة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات، على لسان رئيسها؛ محمد حنفي، أنه من الصعب تنفيذ عملية تصفية الشركة رغم ما تحققه من خسائر بملايين الجنيهات، وهذه الخسائر تتحملها الدولة لكن التصفية أيضًا قرار صعب، منوهًا إلى وجود بدائل أخرى يمكن دراسته للخروج بالشركة من عنق الزجاجة؛ كالاستفادة من أسطول نقل الشركة من معدات وسيارات وأتوبيسات، وأيضًا الورش والمخازن.
وأخيرًا أكد الدكتور على عبد العال، رئيس مجلس النواب، خلال جلسة اليوم الاثنين، على عدم وجود تصفية لشركات قطاع الأعمال وفى مقدمتها "الحديد والصلب"، نافيًا بيعها، مُضيفًا أن "هناك إشكالية في القطاع العام، بالتالي ذهبنا إلى الخصخصة ففشلت، لذا يجرى حاليًا إعادة الهيكلة، وتابع: "لا نصفي شركات على الإطلاق، ومفيش بني آدم تحدث عن تصفية شركة الحديد والصلب" أو بيع الأراضي التابعة لشركات قطاع الأعمال".