الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

المطران يوحنا جنبرت يكتب: الميلاد بهجة وحياة

المطران يوحنا جنبرت
المطران يوحنا جنبرت
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نحتفل جميعنا بعيد الميلاد المبارك المجيد، وها هي الشوارع تستنير والمطاعم تزدان والمحال التجارية تعرض أفضل ما عندها من ألبسة أنيقة للبالغين وألعاب للأطفال وسلع وهدايا جميلة لكل الأعمار، مرغبة المارة بالشراء والناس جميعا بالاستعداد لهذا العيد المبهج، زارع البسمة على الوجوه والفرح في قلوب البشر أينما وجدوا، كباراً وصغاراً، فقراء وميسورين، أمّيين ومثقفين.
هو عيد يشمل الناس أجمعين في حلب وفي غير حلب، في مدن سوريا وحواضر الدنيا وفي كل مكان، وقد غدى موسماً دولياً للفرح والابتهاج يعم العالم أجمع . فنحن نرى بيت لحم تستعد وتبتهج، كما نرى الفاتيكان يزين ساحته الكبرى بشجرة ميلاد عملاقة ومزود جميل في مظهره ورائع في بساطته، يذكر المارين بحدث الميلاد العظيم. ونحن نرى أيضاً، غير المؤمنين من أهل الهند والسند والصين واليابان كما والمؤمنين في بلاد الشرق والغرب يتطلعون إلى حلول هذا اليوم المنير وينتظرون قدومه بلهفة كبيرة وشوق لافت، كونه غدا عنوانا للأفراح والاحتفالات العائلية في كل مكان ومناسبة يتبادل فيها الأحباب والأصدقاء الهدايا والتهاني معبرين عن فرحتهم وأجمل العواطف التي تملأ قلوبهم وتبهج أفئدتهم.
كل هذا ممتع وجميل ولكن عيد الميلاد، وعلى ما له من شعبية كبيرة عند المؤمنين وغير المؤمنين وعند الناس أجمعين، يحمل عندنا نحن المسيحيون معاني تتعدى في رونقها وجمالها كل هذه المظاهر البراقة التي تتغنى بها شعوب الدنيا، غير مدركة أسباب الابتهاج الذي يعم أرجاءها، ولا علم لها بمصدر الفرح الذي يملأ قلوب أبنائها. فعندنا نحن المؤمنين العلم الوثيق بأن المسيح المخلص يأتي ويولد بعد طول انتظار. عنده تتحقق المواعيد التي قطعها الله لشعبه، ومعه تلتصق الأرض بالسماء، وفيه يستعيد الإنسان صورة الله النقية في حياته .هو عيد للمسيحيين يتخطى في معانيه كل أدراك البشر، هو عيد عودة حياة المؤمن إلى ما أراد لها الخالق ان تكون، حياة كلها رحمة و محبة، سبيلها الصدق والبساطة، ونهجها العطف والعطاء.
المؤمن الذي أدرك معاني العيد السامية، إذ يستعد للاحتفال بذكرى هذا الحدث العظيم، يهيئ له مغارة قلبه بالتنقية والوفاء،وهو له قلباً مستنيراً يليق بالطفل وليد السماء، فيه صدق وسخاء وفيه توق لبذل الذات في أعمال الرحمة والجود وحسن الأخلاق .وكما أوصانا قداسة البابا مؤخراً، حيث توجه في الثامن عشر من هذا الشهر إلى مؤمني شرقنا العربي العزيز بقوله:" إن رب المجد ترك سماءه لكي يأتي ويقيم بيننا جاعلاً من أرضنا سماء... والمزود الذي يتمنى الله لسكناه على الأرض، هو قلبنا...الرب يريد أن يهبنا سلامه غير المتزعزع ويعطينا حياته الخالدة التي لا تنتهي، وهذا من شأنه أن يغير وجه العالم وينعش طبيعة البشر الآيلة إلى الفناء.
وبطبيعة الحال، إن كان الله قد تلطف واختار قلوبنا مسكنا له، فهذا إكرام لنا وبركة واعتبار ليس فوقه اعتبار، وهذا من شأنه أيضاً أن يدعو كل واحد منا إلى الشكر والعرفان وإلى إعداد قلبه الإعداد اللائق بالزائر العظيم، وذلك بالسعي إلى تأهيل هذا القلب الوضيع وإلى العمل على تنقية حناياه بالتوبة الصادقة وإلى تطييب أجوائه بشذى التسامح والوئام كما وإلى تدفئة أرجاءه بموقد العطف وأعمال الرحمة والإحسان.
فرحة استقبال السيد في قلوبنا هي فرحة ليس لها من مثيل، وهي المدخل إلى حياة جديدة تملئ الإنسان غبطة لتحجب الغم عن كل ذهن كل مؤمن وتسعد الناس أجمعين. ففي هذا عيدنا، فيه نجد معنى حياتنا وأما ما يلحفه من زينة وزخارف فكلها وهم وسراب.
فالمجد لله في العلى وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرة.
وكل عام وأنتم بخير يا أيها الأبناء الأحباء المسيح حاضر في حياتكم، يحييكم ويملأ قلوبكم فرحا وسعادة.