السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

يسطس الأنطوني..عاش مع الله لا ينتظر شيئا غير محبته

القديس يسطس الأنطونى
القديس يسطس الأنطونى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
القديس يسطس الأنطونى راهب من رهبان دير الأنبا أنطونيوس، ولم يكن القديس واعظًا متكلمًا بليغًا، ولكنه هو نفسه تحول إلى عظة.. حياته أصبحت عظة شكله، ملابسة الرثة، بساطته، فقره، نظراته، الذى تراه على الجانب هو الراهب يسطس الأنطونى، إذا رايت شخصًا بهذه الملابس الرثة القديمة فلن يلفت نظرك، إلا أن زوار الدير كانوا يذهبون خصيصًا لرؤية هذا الراهب البسيط ويتزاحمون للجلوس معه، أما ملبسه فكان عبارة عن جلباب قديم، 
يذكر أنه لم يكن أحد يستطيع تمييز لونه إن كان أسودًا أم أخضرًا من قدمه، وكان يلبس حذاءً ممزق، وكانت طاقيته قديمة لا تستطيع ان تميز لونها ايضًا، أما في الشتاء فكان يضع بطانية على كتفه، يأنف أفقر الناس من استعمالها أو حتى إبقائها في بيته، ولكنه مع إهماله لملابسه لفقره الإختيارى كان يهتم أهتمامًا خاصًا بأيام الأعياد ولياليها فكان يرتدى ملابس التونية المذهبة والتاج.
ومع فرحته وإبتهاجه كان يبدو في مظهر ملائكى جميل يليق بخدام المذبح، ولد في قرية رزقة الدير المحرق مركز القوصية محافظة أسيوط عام1910 من أبوين بارين ومن صغره داوم على الصلاة والصوم، ذهب إلى دير الأنبا بولا عندما كان سنه 30 سنة وبعد فترة إنتقل إلى دير الأنبا أنطونيوس، كان يملك ثوبًا واحدًا فقط حتى إنه كان ينزل إلى خزان المياه ليستحم ويغسله في نفس الوقت وعلى الرغم من بساطة ملابسه المليئة بالأتربة إلا أنه كانت له رائحة غطرة جدًا.
لم يكن في قلايته سوى حصيرة ينام عليها، كان دائمًا قليل الكلام ومحب للفقراء، تنيح يوم 17/12/1976م 8 كيهك وجسده الآن موجود بدير الأنبا أنطونيوس، من الصعب أن نتكلم عن رجل آثر الصمت، فكان في صمته عظة، إذا إحتاج موقف ما ليتكلم فكان يتكلم في عبارات مقتضبه جدا، ان في صمته أبلغ عظة وكم كان يؤثر في الناس بصمته، والده أسمه المقدس شحات وكان يعمل ترزيًا في زرابى دير المحرق وهو كان اسمه " نجيب "، وأدرك هذا القبطى البسيط يسطس الأنطونى قيمة الوقت، وحدث أنه كرر السؤال عده مرات لطبيب شاب كان في زيارة للدير فسألة متهكمًا: "، ليه بتسأل عن الساعة كل شوية، هو أنت وراك الوزارة ؟ فأجابه الراهب يسطس في أدب جـميل: "لكل شيء تحت السماء وقت " (جامعة 3:1( وكانت الجموع تتقاطر لسماع هذه الجملة منه، فهى الجملة المفضلة لديه وأشتهر بها كان الزحام حوله، أنه هو نفسه أصبح أبلغ عظة كراهب بسيط صامت، وفي يوم ما ذهب الراهب يسطس إلى احد الآباء الرهبان بعد منتصف الليل، وأخذ يقرع باب قلايته بشدة وإنزعج الراهب فلما فتح سأله: " الساعة كام دلوقت ؟ " تضايق هذا الراهب كثيرًا وصاح غاضبًا في وجهه قائلًا: "إنت بتصحينى دلوقتى علشان تقولى الساعة كام دلوقتى ؟ هوه ده وقته يا ابونا ؟ ساعة إيه دلوقت، ثم أنصرف القديس في صمت، وعند عودة الأب الراهب إلى فراشه ليعاود نومه، فوجئ بوجود عقرب في القلاية فليس إذا الموضوع موضوع ساعة، ولكن الموضوع أن الراهب يسطس رأى ما هو وراء الطبيعة، وتقول رئيسة دير الراهبات عن ذكرياتها عندما زارت دير الأنبا أنطونيوس:أنه كثيرًا ما كان يوجه سؤاله التقليدى: الساعة كام دلوقتى ؟ " فتقول: "أنه وجه هذا السؤال لأحد زوار الدير وأراد هذا الشخص أن يمزح معه، فأجابه بالوقت الذى خطر على باله بدون أن ينظر إلى الساعة؟، فرد عليه الراهب يسطس بما لا يجد الإنسان له تفسيرًا فقد قال محددًا التوقيت المضبوط بالثانية رغم أنه لا يحمل ساعة،وتكرر هذا السؤال كثيرًا أمامى وأصبح علامة أستفهام لا بد لها من تفسير فظننا أنه يعرف التوقيت بواسطة الشمس، يذكر انه يوم نقل جثمان البابا كيرلس السادس من القاهرة إلى دير مار مينا بمريوط، وكان اليوم ملبدًا بالغيوم حدد التوقيت بمنتهى الدقة. 
محبته للكنيسة:
كان فكرة متجهًا لكنيسة الدير فهى فلك نوح الذى ينقذ الإنسان من طوفان العالم وهى أيضًا مثلًا لأورشليم السمائية، ومن محبته لها كان كثيرًا ما يركع مصليًا أمامها، وعندما يدق جرس التسبحة يكون هو أول الداخلين إليها وكان وجهه يتلألأ فرحًا يضئ كقنديل منير فيها، وفى وقفته وصلاته يقف كجندي يتلقى الأوامر الإلهية فهو أمام ملك الملوك ورب الأرباب فلا يتحرك أو يلتفت يمينًا أو يسارًا موجهًا عقله للحضور الإلهى في القداس، وكان موجهًا بصره إلى أيقونه السيد المسيح، وكان يود أن يمكث في الكنيسة طول حياته لا يفارقها وهو حيًا، وكان كثير من الرهبان يرغموه على مغادرتها بالقوة في أحيان كثيرة.
الشماس يسطس والكتب المقدسة: 
يقول الأب القمص أبسخروس الأنطونى: "إن الراهب يسطس النطونى كان يحفظ رسائل القديس بولس حفظًا جيدًا، فيردد أجزاء كبيرة منها دون الإستعانة بالكتاب المقدس، وكان أيضًا يحب قراءة الإنجيل باللغة القبطية التى أجادها قبل إنخراطه في سلك الرهبية، وتعلمها في بلدته زرابى الدير المحرق، وهى لا تبعد عن هذا الدير كثيرًا".
عاش أبونا يسطس على القليل صائما ولم يأكل لحمًا طيلة حياته، وقد مرض بضع ساعات قبل نياحته، ووجده الرهبان نائمًا على الأرض أمام القصر، فحمله أحد آباء الدير إلى حجرة من حجرات الدير، ولاحظ أن درجه حرارته مرتفعة وأنه ضعيف جدًا وما هى إلا بضع ساعات إلا وتنيح قديسًا عظيمًا من قديسى دير الأنبا أنطونيوس وأقيمت الصلاة على جسدة الطاهر في كنيسة ألأنبا أنطونيوس ألأثرية بديره العامر.