الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

جبال ومحميات جنوب البحر الأحمر.. كرم الطبيعة والإنسان

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«البجا» تكرم ضيوفها.. وعيون ماء ونقوش وحفريات بالمحمية الشمالية تنتظر من يكتشفها عادات وكنوز وتقاليد وموروثات وراءها طبيعة خلابة
الإنسان ابن بيئته، اجتماعيًا وثقافيًا، يتأثر بها ويؤثر فيها، ولكن في مدينة حلايب تختلف المقولات والنظريات، فالإنسان هناك صديق للبيئة، يستغلها أيما استغلال، لا يؤذيها فلا تؤذيه، لا يقطع الإنسان هنا شجرة خضراء، ولا يكسر فروعها لأنه يعلم أنه سيحتاجها يومًا ما، لا يلقى فضلاته في البئر التى يشرب منها، فقط يعيش كجزء منها، يتعايش بما هو متاح داخلها، إذا نظرنا إلى أهالى الجنوب نجدهم أكثر البشر مواكبتا للتقدم يهتمون بالبيئة المحيطة بهم ويحافظون على تراثهم وعاداتهم وطقوسهم وتماسكهم بقبيلتهم تجدهم أكثر الناس إخلاصا لأرضهم.
«البوابة نيوز» ترصد آثارا وأسرارا وجبالا ومحميات وعادات وكنوزا وتقاليد وموروثات وراءها طبيعة خلابة بمنطقة جنوب البحر الأحمر.
قبيلة البجا
من أشهر القبائل التى تسكن الجنوب قبيلة «البجا» وتأتى شهرتها من كثرة كرمها واحتفائها بالضيوف والغرباء والعابرين، ولهم في ذلك الأمثلة الكثيرة عن الكرم، حتى أن المضيف كان يذبح راحلة ضيفه نفسه ويعوضه بأجود منها عند عودة الإبل والأغنام من المرعى آخر النهار. 
ومن أشهر عاداتهم شيء يسمى (تُ تَلَوْ) وهى أن يوقد الرجل النار أمام بيته أو خيمته ليلًا لتجلب إليه العابر والمسافر في الصحراء، ويتفاءل البجا كثيرًا بإكرام الضيف، ويعتقدون أن الكرم يمنح المكان البركة والخير، وعندهم أيضًا ما يسمى بالـ (سِمِلّايْتْ) وهو ألا يشرب الرجل من حليب ناقته إلا بعد أن يرتشف منه آخر غيره «يسمى الله عليه». 
وبجانب الكرم، تتميز البجا بالشهامة والشجاعة وعندهم في ذلك باع طويل وتاريخى يظهر قوتهم وشدة بأسهم، يسجلها تاريخ طويل من مشاركاتهم في حروب عدة دارت في الصحراء الشرقية أو غيرها من المواقع التى شهدت تواجدهم، وكانت البجا تحارب على ظهور الإبل البجاوية المنسوبة إليهم والمشهورة برشاقتها وسرعة عدوها. 
في الجانب الإنسانى هناك ما هو عظيم عند البجا وهو ما يسمى بالـ (دُورْأرِيّتْ) وهو تقليد متبع عندهم يدل على الشهامة، وهو أن ينصر بعضهم بعضًا، من خلال مساعدة المحتاج والمتعسر وكل من يمر بأزمة في محيط القبيلة وتقديم الدعم له، والوقوف إلى جانبه حتى تمر الأزمة من خلال جمع المال له أو مساعدة الشخص بالطرق المتاحة لهم وتوفير الدعم اللازم له. 
أمور عظيمة وكبيرة تدور داخل الصحراء، التى فضل البجا العيش بداخلها حفاظًا على عاداتهم وتقاليدهم المتوارثة. 
تؤمن قبائل البجا أن المكروه خُلِقَ يوم الثلاثاء، وبحسب ثقافتها فإن على الإنسان أن يقدم «كرامة» في هذا اليوم لدفع البلاء والشر عنه وعن بلاده، ومن عادتها، وهو أن يقوم كل شخص منهم في هذا اليوم بتوزيع ما يستطيعه من الحلوى أو التمر على الناس في الشوارع والطرقات، وهناك من يذبح لله في هذا اليوم ويُطعِم المساكين منها كل حسب استطاعته، ويُسمَّى هذا اليوم في لغتهم البداوييت « هَرَىْ» وهو يوم هام كما ذكرنا لإيمانهم بما سبق، وتقود البجا فكرة عمومية في قضية دفع البلاء وإبعاد الشر عنهم، إذ يعتقدون أن لا مناص من ذلك إلا بتقديم الكرامة وإطعام الطعام، وتقديمه للمساكين في كل مناسباتهم الدينية والاجتماعية ومنها معتقدهم عن هذا اليوم.
المحمية الشمالية 
أما المحمية الشمالية بمنطقة أبرق فتضم آثارا عدة تحمل أسرارا كثيرة.. فهناك العديد من الحفريات القديمة، ونقوش وكتابات ورسومات لحيوانات برية كانت في المنطقة وشخوص، وعين مياه أثرية تنبع من الصخور، كل هذا على جبال المنطقة التى تقع في قطاع المحمية الشمالي، أو ما يُعرف بقطاع أبرَق في وصف محمية إيلبا الطبيعية، فهى تزخر بالنقوش والآثار تنتظر من يكشف أسرارها، ومن الطريف أنه بجانب هذه الآثار توجد أكشاك كهربائية بسيطة، التى تسمى «طبلية» في المصطلحات والقواميس الجنوبية، كما يوجد فيها كروت شحن، والخبز اليابس على الأرفف طازجًا، وأسلاك الكهرباء التى تغذيها ذلك «الكشك» الصغير بالكهرباء والضوء والأحلام.
وعلى الرغم من تشبث أهالى جنوب البحر الأحمر بتلك العادات التى تبدو عند البعض بالغريبة، إلا أن مدن حلايب وشلاتين وأبورماد منطقة حيوية ولها منتجاتها الخاصة ويمكنها أن تكون قاطرة تقود الاقتصاد المحلي، كما كانت في سنوات مضت، نقطة رئيسية لانطلاق المنتج المصرى إلى عدد من أسواق أفريقيا.