الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

"بوح الروح" يكشف ستر متصوفة في حب الوطن

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أصابت الكاتبة عزة أبوالعز عندما أعطت كتابها الجديد مسمى «بوح الروح»، لأن سطور الكتاب تسطع منها روح صوفية جديدة تكاد تصرح بروح تتردد في الإعلان عن نفسها..
يمكننى أن أشم روح سيرة ذاتية تكتبها الكاتبة في مزج طفيف ما بين روح المقال والقصة والحكاية الشعبية إلا أنها مجدولة في أسلوب أدبى رقيق ورشيق.
الكتاب الذى صدر مؤخرا عن دار «يسطرون للطباعة والنشر» سلسلة كتاب «طيوف» في ١٤٠ صفحة من القطع المتوسط يكشف عن أديبة متعددة المواهب وصاحبة قدرة كبيرة على التعبير الأدبى والتصوير المعبر عن بيئة قرية ما زالت تعيش في وجداننا. 
أراها سيرة ذاتية بكل ما فيها من تفاصيل ومحطات ونزق الطفولة وأحلام الشباب بما فيه من جموح وجنوح وإحباطات وطموحات ما زالت تعتبر المعين الذى يدفعنا إلى المزيد من الأمل والعمل.
سيرة ذاتية تكاد تكشف عن درويش يخشى أن يسفر عن نفسه ربما خجلا من ذاته أو وجلا من مجتمع يحتمل أن يرفضه أو يراه مدعيا.. وأمام تخوفاته تلك ينأى بنفسه عن البوح فيحكم على نفسه مغاليقها ليستقر في بئر حكمته سعيدا بسجنه راضيا عن ذاته مكتفيا بعالمه الخاص عن عوالم من حوله ويراه عالمه الأوحد والأصدق والأقرب إليه.
الكاتبة عزة أبوالعز لم تشأ أن تصنف كتابها الجديد هل هو مجموعة قصصية أم مقالات صحفية أو مجرد سرديات وخواطر..لكننى كما أشرت هى سيرة ذاتية تم تدوينها بعفوية الكاتب وبضميره الصادق.. وهل هناك أصدق من الواقع ومن تجارب الذات المغموسة بمشاهدات الطفولة البريئة في أرض البراءة في قرى مصر الطيبة.
الكاتبة رغم أنها الآن ابنة المدينة إلا أن روحها باحت بأنها ما زالت أسيرة في قريتها البعيدة في دلتا مصر.
«بوح الروح» ليس مجرد كتاب أدبى لكنه كتاب وشى بصاحبته وكشف سترها الذى كانت تتخفى خلفه وأسفر عن «درويشة» هائمة في حب الوطن واستغراقها في ملكوت الرحمن الذى تهيم فيه أرواح المحبين العاشقين المتبتلين المعجونين بمحبة الخلق والخالق..هائمون في آفاقه الرحبة. وسمائه اللامتناهية وأبعاده غير المحدودة.
لا يمكنك أن تترك الكتاب قبل ان تنهى عليه لأنه يأخذك إلى عوالمه الساحرة المدهشة التى تسكن كل منا منذ طفولته وصباه وحتى شبابه وكهولته هى سيرة ذاتية في حكى موصول يسلمك من موقف إلى موقف جديد ومن واقعة إلى واقعة أخرى في قالب أدبى أقرب إلى القصة القصيرة أو الخاطرة الأدبية البديعة في حرفها الرشيق وعبارتها الجادة المعبرة.
إلا أن صفحات الكتاب تحتفى بالوطن وبالشهيد وتكشف عن أزماته وتمجد التضحيات التى تبذلها النفس فداء له.. والوطن عند الدرويش فكرة لا يمكن التهاون معها، فالدرويش يرى الوطن هو المركز والمرتكز، والموطئ والمنطلق، ويراه غاية كبرى لا يمكن التفريط فيها، ولا الإفراط في نقدها، أو الإساءة إليها.. الدرويش هنا يرى وطنه الجنة التى يعيش فيها على الأرض ويراه قبلة العاشقين المتولهين التائبين المتعوذين به ضد تقلبات الأيام وصروف الزمان.
«بوح الروح» لا يملك روحك فقط ولكنه يمتعك برشاقته وجمال عبارته، وصفاء فكرته وإخلاصه لها..هو كتاب يحملك إلى حيث تريد روحك الشغوفة بالحب والبراءة.. ويلهمها بالمزيد من حب الجمال والنظرة العميقة للأحداث والأشياء حتى وإن كانت مجرد أشياء وأحداث عابرة.. هو لا يراها عابرة.. بل يرى قيمتها عابرة لمحتواها البسيط إلى معنى أكثر شمولية وأعمق معنى.
هو كتاب يكشف عن كاتبة متقدة الفكرة غزيرة العطاء حادة الذكاء يستحق منا المتابعة والقراءة خاصة أن دار الأدباء بشارع قصر العينى ستعقد له ندوة يوم الاثنين ٢٣ ديسمبر مع نخبة من أدباء ونقاد مصر.