الثلاثاء 19 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة ستار

المخرج الكبير محمد فاضل في حواره مع "البوابة نيوز": حفر أنفاق قناة السويس لا يقل أهمية عن بناء الهرم الأكبر.. والتليفزيون يمتلك كنوزًا.. ويحتاج لإدارة اقتصادية

المخرج الكبير محمد
المخرج الكبير محمد فاضل
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يكره الألقاب ويراها تستند إلى المجاملة حاليًا، مؤكدًا على أن حق الأستاذية والنجومية مقدس لا يجوز منحه لكل من «هب ودب»، بل لمن أضاف لمجال الفن، مطالبًا بإعادة النظر في تشكيل لجان جوائز الدولة في الفنون، فلا بد أن تكون اللجان على شاكلة جوائز الدولة في العلوم لكى يصيبها التطوير، واصفًا معظم المسلسلات التى قدمت خلال الـ8 سنوات الماضية بـ«قزقزة اللب»، وما تبقى منها سوى القشور، لافتا إلى أن الدراما مؤخرًا صدّرت نموذجًا كارثيًا للبطل الذى يأخذ حقه بيده دون احترام للقانون.
إنه المخرج الكبير محمد فاضل، أحد أبرز مخرجى الدراما على مدى تاريخها ومن مؤسسيها منذ نهاية الستينيات، والمهموم طوال الوقت في أعماله بالمهمشين وقضايا الوطن والمواطنين، وكان على رأس الجيل الثانى بعد جيل نور الدمرداش، تنوعت مسيرته فانتقل من التليفزيون إلى السينما ليقدم أفلامًا قليلة، ولكنها تعد علامات سينمائية مهمة.
«البوابة » حاورت المخرج الكبير ليكشف خلال حواره عن العديد من المفاجآت.. فإلى نص الحوار..
■ لماذا يكره المخرج الكبير محمد فاضل الألقاب، وأنت رائد من رواد الدراما تستحق الكثير؟
- لأنها فقدت قيمتها وأصبحت تطلق على كل من هب ودب، فعندما نطلق لقب النجم نسأل أولا هل قدم صاحبه شيئا يستحق هذا اللقب أم لا.
■ مَنْ هم من وجهة نظرك؟
- أرفض ذكر أسماء بعينها، وهم كبار ومعروفون، وأرى أن من أخذ حقهم في التكريم آخرون، وكذلك البعض في الأجيال الجديدة لم يتم منحهم المساحة التى أخذها منهم من لا يستحقونها.
■ قدمت العديد من الأعمال منها «ما زال النيل يجري، وأبنائى الأعزاء شكرا، وعصفور النار، وقال البحر، والراية البيضا، وحب في الزنزانة، وناصر ٥٦»، وغيرها، وعندما نشاهدها نشعر أن مخرجها ليس شخصًا واحدًا بل مجموعة أشخاص، فما تعليقك؟
- دا حقيقى لأن التليفزيون يختلف كثيرًا عن دراما المسرح والسينما، حيث يذهب إليهما المشاهد، لكن الدراما التليفزيونية دراما منزلية، مبنية على المسئولية والتفكير في متطلبات المجتمع هل هو بحاجة إلى الاكتئاب وخلق مناخ متوتر، أم أنه بحاجة ليعى أننا نبنى دولة جديدة.
وللأسف الملاحظ خلال الخمس سنوات الماضية وجود كمية ضرب وقتل ودماء رهيبة تسكب في مسلسلات رمضان بالإضافة أن الدراما طرحت فكرا غريبا وهى عدم خلو البيوت المصرية من المدافع والمسدسات، وهذا غير حقيقى ولقد أجريت إحصائية على معظم أقاربى هل تحتفظون بمسدسات وأسلحة داخل بيوتكم فكانت الإجابة لا فمن أين أتت كل هذه الأسلحة؟ وأرفض الرأى الذى يقول لديك ريموت كنترول لتغير القناة وتمتلك حرية الاختيار فهذا ليس بصحيح فحرية الاختيار أصبحت غير موجودة نتيجة احتكار الإنتاج فعلينا أن ندرك الهدف الأساسى من إنشاء التليفزيون هو العلاقة المباشرة بين الوطن والناس، فقديما كانت العلاقة من خلال المنادى لنقل الأخبار بجملة «اسمعوا وعوا» ثم الراديو، ثم التليفزيون، ليصبح فردا من أفراد الأسرة، وقصة أن هناك عددا كبيرا يتابع اليوتيوب والمنصات والتريندات هى المؤشر على نجاح العمل، والنجم فكرة كاذبة. 
■ ولكن التريندات أصبحت أمرا واقعا نتابعه يوميا من خلال عملنا الصحفي؟ 
- التريندات خدعة كبيرة، وأعرف شركة في الهند تمنح اللايكات والتريندات مقابل مبالغ مالية، ما لم يكن لدينا جهاز قياس رأى عام علمى فلا أحد يستطيع أن يقنعنى بنجاح العمل، ولا يوجد حتى الآن في مصر جهاز قياس رأى عام علمي، «فبأمارة إيه» يقال إن المسلسل الفلانى كسر الدنيا؟، العمل الناجح هو الذى يعيش لمدة ٣٠ عاما، وتظل الجماهير تتذكر نجومه وأبطاله وتفاصيله، وعندما تشاهده في كل مرة كأنك تراه للمرة الأولى مثل «رأفت الهجان، والمال والبنون، وليالى الحلمية» وغيرها، هذا هو التقييم الحقيقي.
فمنذ سنة ٢٠١١ إلى الآن مرت ٨ سنوات أنتج خلالها ما يقرب من ٤٠ مسلسلا كل سنة بمتوسط ٢٠٠ عمل درامى تقريبا، ودعينا نجرى اختبارا للمشاهدين أن يحددوا أسماء لـ١٠ مسلسلات بأبطالها، فلن يتذكروا سوى القليل، وهذا ليس معناه أن كل ما عرض سيىء، ولكن تلك الفترة مسلسلاتها مثل «قزقزة اللب»، تناولها المشاهد ولم يتبق منها سوى القشر، فبقاء العمل مرتبط بعوامل كثيرة على رأسها القضية التى تهم المواطن، وتحدث داخل أسرتهم وعند أقاربهم وجيرانهم.
■ ما الذى جعل تلك الأعمال خلال الـ٨ سنوات كـ«قزقزة اللب»؟
- عندما تخلت الدولة عن الإنتاج للأسف الشديد ظهرت نوعية الدراما التى نشاهدها حاليا، فقبل ٢٠١١ كان هناك قطاع الإنتاج بماسبيرو، ومدينة الإنتاج وشركة صوت القاهرة بجانب القطاع الخاص، والمنافسة كانت حقيقية وقوية من حيث اختيار القضايا وفريق العمل، وقد تصورت بعد عام ٢٠١٤ ومع وجود دولة جديدة وتنمية حقيقية نراها الآن على أرض الواقع من حفر قناة السويس الجديدة والاهتمام بمنظومة الطرق والكبارى والطاقة الشمسية واستصلاح مليون ونصف المليون فدان وغيرها، إنه سيواكب تلك التنمية تطور وطفرة فنية، ونحن كدولة كان لدينا قطاع الإنتاج وشركة صوت القاهرة ومدينة الإنتاج الإعلامى والمنتجين التابعين للقطاع الخاص، بهذه الكيانات قدمنا أعمالًا ضخمة، فأين ذهب كل ذلك وأين الأعمال القوية الباقية التى تبث روح الانتماء والتنمية وتكافح الإرهاب.
فأصبح حاليًا يتم اختيار الممثل أولا ثم الذهاب إلى المؤلف «الفلاني» بهدف كتابة الموضوع «الفلاني» له بمعنى تفصيل النص والأدوار على الممثلين، وتحولت موهبة التأليف إلى نظام الورش ذلك المناخ السيئ الذى قضى على الموهبة والابتكار والإبداع.
■ ما سبب هجومك ووصفك لنظام ورش التأليف بالمناخ السيئ رغم وجودها في الخارج؟
- لأنها أصبحت واقعًا مريرًا، فأنا حزين وخائف جدًا، فلم يعد لدينا مؤلفون كبار، ونص جيد، فالمناخ الذى أنتج لنا أمثال أسامة أنور عكاشة ووحيد حامد ومحفوظ عبدالرحمن ومجدى صابر اختفى، ولم يعد موجودا بسبب ما يسمى «بفن الورش»، وعندما يكون لدينا مؤلف قوى نطالبه الآن بالعمل بنظام الورش والمجموعات، فكل مؤلف يكتب «حتة»، كيف يبدع الكاتب في توصيل فكرته.
ففن الورشة يقضى على بصمة ولون وروح المؤلف، وتقريبا هذا «شغل ميكانيكى السيارات»، أما التأليف شيء تاني، ومن يرددون أن فن الورش موجود في الخارج أنا معهم، ولكن هناك مشرف عام يرتب وينظم ذلك، بالإضافة إلى أن الدراما المصرية هى الرائدة، ولها تاريخها ولونها وقيمتها وبصمتها، وبكل أسف عدد كبير من المنتجين يأتى بفورمات لمسلسلات أجنبية، ويطلب من المؤلفين كتابة نص مثلها، وهذه إحدى الكوارث الرئيسية لانهيار الدراما المصرية مؤخرا، فأنا من أنصار نظرية المؤامرة، ولدى أدلة على ذلك، كتب منشورة منذ سنوات ومترجمة منها كتاب بعنوان «من يدفع للزمار» وآخر يوضح دور المخابرات المركزية في الفنون والآداب والإعلام، فبعد الحرب العالمية الثانية قرروا السيطرة على العالم من خلال الفنون والآداب والإعلام، وكتاب آخر اسمه «المتلاعبون بالعقول» ويعتبرونه من حروب الجيل الرابع والخامس.
وأنا مقتنع أن هذه مؤامرة يشترك فيها البعض بشكل مباشر والبعض الآخر بشكل غير مباشر، ولا يدرى أنه يتم سحبه إلى منطقه معينة، بحيث تكون الدراما بعيدة عن المشروعات التى تحدث في مصر، ما نشاهده من تنمية لا بد أن يترجم من خلال الدراما بما يسمى «المزاج الجماعى للمواطنين»، فكيف نعرض مسلسل بعد منتصف الليل، كله ضرب ودماء ومطلوب من المواطن الذهاب لعمله لينتج، الدراما الناجحة هى التى تؤثر على المزاج الجماعى وتجعل المشاهد يحقق المطلوب منه بشكل غير مباشر، لكن للأسف طوال السنوات الماضية ما نشاهده أن الدراما تجعل المشاهد متوترًا وحاقدًا طوال الوقت، يرى الممثلين ساكنى الفيلات والقصور، ويمتلكون كلابًا للحراسة وسيارات فارهة، وهذه ليست الحياة التى يعيشها معظم المصريين، وبالتالى أنت توجه الشباب بشكل غير مباشر، وتقول له لكى تمتلك كل ذلك عليك أن تنصب وتغش وتتاجر في السلاح والمخدرات، وليس هذا النموذج الذى من المفترض طرحه، ثم نطالب الشباب بالذهاب إلى الصحراء ليستصلح الأراضى ويستخرج البترول بأى منطق، الدراما دورها خطير في توجيه المزاج الجماعى للمواطنين، وماسبيرو في عصره الذهبى وجه المجتمع بأعمال مهمة خالدة في الوجدان.
■ بمناسبة ماسبيرو، كيف ترى وضعه الحالى وما روشتة الخروج من أزمته؟
- ماسبيرو وضعه مؤسف، ولكن المسئولين صنعوا مشكلة من لا مشكلة، فما يحدث في المبنى تمر به جميع المؤسسات في الدولة، وديونه نتيجة تراكمات ليست خاصة بماسبيرو فقط بل بمدينة الإنتاج والنايل سات، والتليفزيون المصرى يمتلك كنوزًا وأصولًا ثابتة، وبحاجة إلى إدارة اقتصادية وليست ربحية، مثله مثل التعليم والصحة حيث تنفق الدولة عليهما، وعليها أن تدرك أن دعم الإعلام والإنتاج الدرامى القومى مهم جدًا، فالدراما توجه الرأى العام، ومن حق الدولة تقديم استراتيجيتها، وتوضح أننا بحاجة إلى خطة إعلامية فنية تشمل تقوية روح الانتماء واستخدام العقل ومكافحة الإرهاب، فمشاريع التنمية التى تحدث الآن تحتاج إلى جهد ودعم من الجميع، ورغم ذلك لم نر مسلسلا واحدا في الـ٢٠٠ عمل على مدى الـ٨ سنوات يظهر لنا بطلًا خريج تعليم فنى كافح وحقق نجاحات بمجهوده ليصبح قدوة للشباب، فنحن بحاجة إليهم لاستصلاح الأراضى واستخراج البترول وغيرها من المشاريع المهمة للنهوض بالدولة.
■ إذن أنت ترى أن المنتجين والمؤلفين في وادٍ آخر بعيد عن إستراتيجية الدولة المتجهة نحو التنمية والبناء؟
- بالفعل الدراما والفنون في واد، وإستراتيجية الدولة في واد آخر، وللأسف لا يتم تقديم النموذج الصحيح، ولوحظ شيء كارثى في الدراما خلال الخمس سنوات الأخيرة، وهى أن البطل يأخذ حقه بيده دون احترام للقانون.
■ لكنك طرحت ذلك من خلال عادل إمام في «حب في الزنزانة» عندما أخذ حقه بيده وقتل الشرنوبى «جميل راتب»؟
- هذا في السينما، من الممكن عرض رؤى مختلفة، وكما وضحت الدراما التليفزيونية تختلف عن السينما، وبها التزام تجاه المجتمع، ولكنى لم أترك عادل إمام ينتصر، بل دخل السجن عكس ما يقدم الآن.
■ ناقشت في «مازال النيل يجري» مشكلات القرية والانفجار السكاني، والفساد في «وقال البحر» و«الراية البيضا»، فهل أثرت تلك الأعمال في المجتمع؟
- هنا نحتاج لوقفة، عند مسلسل «مازال النيل يجري»، ففى عام ٩٠ قررت أنا وأسامة أنور عكاشة تقديم فيلم عن مشكلة الانفجار السكانى لأنها أزمة كبيرة تعيشها الدولة، وزرنا جميع المراكز الصحية من إسكندرية إلى سوهاج، وحصرنا أسباب المشكلة، وأولها الخطاب الديني، وعدم استخدام وسائل منع الحمل، وناقشنا كل الجوانب، ومع كل هذا المجهود عرض المسلسل مرة ومرة أخرى على استحياء، رغم أنه يتحدث عن مشكلة حقيقية، ومازالت قائمة، فالملاحظ انفصال الإعلام والفن عن قضايا الوطن. 
■ بما أن مشكلة الانفجار السكانى قائمة، فهل من الممكن عمل جزء ثان لـ«مازال النيل يجري»؟
- من الصعب تقديم جزء ثان، ولكن من يريد مناقشة القضية ومعالجتها خلال عمل جديد عليه أن يستفيد بالمعلومات التى قدمناها خلال «مازال النيل يجري»، فقد جمعتها أنا وأسامة أنور عكاشة بأنفسنا، وعلى الإعلام أن يستخدم أدواته ويستفيد من خبرات السابقين في الدراما وكل الفنون، فلدينا إعلان كريمة مختار عن هذه القضية، وكان إعلانا ناجحا جدا، وإعلان حسانين ومحمدين، فالملاحظ الآن انفصال بين الإعلام وخطة الدولة، والسبب عدم وجود وزير إعلام، لذلك أطالب بعودته لأنه المكلف بتنفيذ سياسة الدولة التى تشمل حاليا محاربة الإرهاب والتنمية.
■ ترأست لجنة الدراما بالمجلس الأعلى للإعلام، ثم قدمت استقالتك، فلماذا؟
- قدمنا توصيات اللجنة الخاصة بالأعمال الدرامية للمجلس الأعلى للإعلام، ولم يصدر قراراته بتطبيقها، علما بأن قانون الأعلى يفرض عليه إصدار قرارات بالتنفيذ، وتوصيات اللجنة كانت مهمة، منها تحديد وقت وعدد الإعلانات، حيث وجدنا أن الإعلانات داخل الأعمال الدرامية، كما أنه لا يجوز القطع بين المشاهد في أى وقت إلا بموافقة المؤلف والمخرج، ولا بد من وجود مائدة حوار مع المؤلفين والمخرجين تطرح خلالها إستراتيجية الدولة، بالإضافة إلى أنه لا يجوز لأى نص البدء في تصويره دون أن يكون مكتوبا بالكامل، فكل ذلك لم ينفذ، إذن ما قيمة وأهمية اللجنة؟ كان يجب الاستقالة. 
■ تعاونت مع عادل إمام في «أحلام الفتى الطائر» لوحيد حامد، وجسد فيه اللص الشقى أبودم خفيف، وطرحته بشكل مختلف تماما في «حب في الزنزانة»، فما سر ذلك الاختلاف؟ 
- سر الاختلاف يكمن في أن عادل ممثل كبير، وعامل الزمن مهم، فـ«أحلام الفتى الطائر» كان سنة ١٩٧٨ حيث كتب وحيد حامد القصة أثناء الانفتاح وطغيان القيم المادية، وحلم «إبراهيم الطاير» بالغنى وكيفية تحقيقه، هل عن طريق شريف أم بأية وسيلة، أما في «حب في الزنزانة» سنة ١٩٨٢، وصل الانفتاح الاقتصادى العشوائى للتجارة في كل ما هو فاسد، وأصبح الضغط بالجانب المادى على الطبقات الكادحة في يد رجال الأموال وليس رجال الأعمال، وكان من ضمنهم الشرنوبى «جميل راتب» الذى ضغط على الشاب عادل إمام لكى يبيع نفسه، ففى ذلك الوقت وصلت الأمور إلى أن يبيع الشخص نفسه، وكنا نريد أن نقول إن أضرار الانفتاح لن تصل إلى الأكل والشرب فقط، بل ستصل إلى الصداقة والحب وكل شيء. 
■ «حب في الزنزانة» كان من المقرر أن يكون بطولة أحمد زكى وفردوس عبدالحميد، فما سبب التغيير؟
- الفيلم بدأت فكرته عام ١٩٧٩، وكان أحمد زكى وفردوس عبدالحميد وجوها جديدة، وفكرت في التعاقد معهما بمبلغ ضعيف على أمل القيام بحملة دعاية كبيرة للفيلم بباقى مبلغ الميزانية، ثم سافرت إلى اليابان شهرين، وعدت فوجدت المخرج العزيز محمد خان قد قدم زكى وفردوس في «طائر على الطريق»، وحرق لى فكرتي، لذلك تعاقدنا مع عادل إمام وسعاد حسني.
■ كيف جاء ارتباطك بالفنانة فردوس عبدالحميد، وما سبب الأقاويل التى تشير إلى أنها بطلة معظم أعمالك؟
ارتباطى بفردوس عبدالحميد أساسه التوافق العقلى بيننا، وساعد على توطيد العلاقة قبل أى ارتباط عاطفي، كما أننا نتفق معًا في الكثير من المبادئ، وكذلك نظرية الاستغناء، بمعنى أن الشيء الذى ليس لدينا القدرة على شرائه لسنا بحاجة إليه، أما الأقاويل فهى أقاويل متداولة ومغلوطة، وفى حالة عمل إحصائية سنجد أننى قدمت ما يقرب من ٥٠ مسلسلا لفردوس عبدالحميد، لم تكن بطلة كل هذه المسلسلات، حتى بعد ارتباطنا ولكن العمل الذى يجمعنا يسلط عليه الضوء، ولقد تعاونت مؤخرا مع المخرج محمد سامي.
■ لماذا قدمت «ناصر ٥٦» رغم وجود أحداث كثيرة في حياة الزعيم جمال عبدالناصر؟ 
- لأنه فيلم ومدته محدودة، ساعة ونصف، ولا يمكن أن نقدم حياة عبدالناصر كلها، وهذا تكرر مع فيلم «كوكب الشرق»، قدمت معاناة الفنان، وفى ناصر قدمنا ١٠٦ أيام ضمت قرار التأميم وتنفيذه، وهناك أيضا مشروع آخر «ناصر ٦٧» لم ينفذ حتى الآن.
■ ولماذا لم تقدم عملًا عن الرئيس محمد أنور السادات؟
- كان هناك مشروع عن السادات ولكن لم ينفذ، فقد تعاقدت مع جهاز السينما عندما كان ممدوح الليثى رئيسا له على عمل عن خطة الخداع الاستراتيجى أيام السادات، كتب مادتها الدكتور صلاح قبضايا والسيناريو لعاطف بشاى ومن إخراجي، وإنتاج جهاز السينما، واستغرقت التحضيرات للعمل سنة، وفوجئنا بقرار بوقف العمل دون إبداء أسباب، فالسادات زعيم كبير، وفترة حكمه مليئة بالعديد من القرارات ويكفيه قرار الحرب.
■ اخترت عرض فيلم «ناصر ٥٦» أبيض وأسود، فلماذا؟
- في ذلك الوقت لم ير أحد صورة الزعيم جمال عبدالناصر بالألوان، وشعرت بالخوف من طرح العمل ملون، وأنه لن يكون مقنعا، ففضلت عرضه سينمائيا أبيض وأسود زيادة في الإقناع. 
■ الفيلم حقق إيرادات ما يقرب من ١٤ مليونا في العرض الأول، فلماذا تم رفعه وقتها من دور العرض؟
- تم رفعه من السينما لظروف سياسية سنة ١٩٩٦، وبقرار سياسى لا أعلم عنه شيئًا.
■ فيلم «كوكب الشرق»، هل حقق النجاح الذى كنت تتوقعه؟
- كانت هناك مؤامرة على «كوكب الشرق» أم كلثوم، فكنت أفكر في إنتاج مسلسل عنها منذ فترة طويلة، وفردوس عبدالحميد لها صورة غلاف على مجلة الكواكب عندما كان رئيسها حسن إمام عمر، وقد تحدثت مع أسامة أنور عكاشة بعد وفاة أم كلثوم بعامين لعمل مسلسل عنها، وهناك برنامج مع الإعلامى مفيد فوزى مسجل فيه أننى أستعد لمسلسل عنها.
وعقب ناصر ٥٦ التقينا بممدوح الليثي، وطلب تجهيز فيلم آخر فطرحت «كوكب الشرق»، سيناريو إبراهيم موجي، وتم توقيع العقد، ورحل ممدوح الليثى سنة ٩٦، وجاء يحيى العلمى رئيسا لقطاع الإنتاج في ماسبيرو، وفوجئت أنه غير متحمس لفيلم عن أم كلثوم، وفوجئت أن محفوظ عبدالرحمن وإنعام محمد على يستعدان لتقديم مسلسل عنها، وتصاعدت الأمور إلى أن علم بالأمر وزير الإعلام في ذلك الوقت صفوت الشريف، وقرر إنتاج عملين عن أم كلثوم، مؤكدا أن تاريخها يستحق تقديم فيلم ومسلسل.
ولديّ تأشيرة أمين بسيونى رئيس مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون بالموافقة، وعقب ذلك وجدت تصريحا ليحيى العلمى أنه لن ينتج الفيلم، فقررت سحبه وبدأت رحلة البحث عن منتج، وأنشأت شركة لإنتاجه، وأثناء افتتاح سينما «راديو» بحضور صفوت الشريف سألنى أخبار كوكب الشرق إيه؟ فرديت أنا هنتجه، فعلق:«هتفلس يا محمد يا فاضل». 
■ وفلست؟
- فعلا فلست، ولكن صفوت الشريف طلب منى الذهاب إلى عبدالرحمن حافظ، مقررا أنهم سيشاركون في فيلم «كوكب الشرق» مثل فيلم «الآخر»، فتوجهت لعبدالرحمن فكان رده كالتالي: «هنشترى منك السيناريو وننتجه وقت ما نحب»، فرفضت، وبالصدفة كانت درية شرف الدين رئيس القطاع الفضائى وقتها موجودة، وتوجهت من مبنى ماسبيرو إلى أحد البنوك المجاورة أنا وفردوس، وطلبنا قرضا ماليا قدره ٢ مليون جنيه لإنتاج الفيلم، وانتهيت من تصويره، وحملة الدعاية والحجز في دور العرض.
وكان الموزع محمد حسن رمزى طلب ٣٠ نسخة نظرا لقيامه بعمل حملة دعاية ضخمة في الشوارع على حد وصفه، وبعد حفل العرض الخاص للفيلم، وحضرته أسرة أم كلثوم وعدد كبير من الإعلاميين والفنانين، والجميع أثنوا عليه، ذهبت إلى المنزل أشاهد التليفزيون وفوجئت بإعلان عن فيلم الآخر سيطرح بعد أسبوع واحد عن أم كلثوم في نفس دار العرض وعلى الفور اتصلت بمحمد حسن رمزى الساعة ٨ صباحا في العجمي، وطلبت سحب الفيلم وكانت أول سابقة في التاريخ أن يتم سحب فيلم ليلة العرض وهو لم يقاوم أو يرفض مما يشير لعلمه بالمؤامرة، وأصبح هناك تسويف حتى عرض مسلسل أم كلثوم رغم عدم انتهائه، بالإضافة لوجود تفاصيل كثيرة وتم الضغط عليّ لكى أتنازل عن الفيلم واضطررت لبيعه من أجل تسديد ديوني.
■ قدمت «أبوالعلا البشرى» في الثمانينيات ثم في التسعينيات، ألم تفكر في طرحه سنة ٢٠٠٠ ؟
- لا يمكن لأنه لا يوجد أسامة أنور عكاشة، ولا محمود مرسي، هما نجمان بطعم خاص، ولا يعنى ذلك أن الحياة توقفت، فهناك مؤلفون وفنانون أقوياء يستطيعون تقديم شخصية أبوالعلا البشرى المثقف الشريف المنضبط وهى ما زالت موجودة حاليا، ولكن معاناتها بشكل آخر، بالإضافة لغياب المؤلف والنص الجيد. 
■ في فيلم «طالع النخل» ناقشت فيه قضايا مختلفة ولا نراه كثيرا في التليفزيون، هل تعتقد أنه تم مسحه؟ 
- لا أعلم، ولكن هناك أزمة كبيرة في التليفزيون المصرى حتى الآن وهى عدم وجود لجنة متخصصة تضع الخريطة البرامجية، قديما كانت موجودة وللأسف المسئولون بماسبيرو يعتمدون حاليا على توجيه سؤال لأمين المكتبة: ماذا يوجد لديك من شرائط وأفلام ومسلسلات، وأمين المكتبة غير متخصص. ولا بد من عودة اللجنة حتى تقدم ما يتناسب مع المزاج الجماعي، فالإعلام هدفه الأساسى العلاقة المباشرة بين الدولة والمشاهد، وهل ترغب في أن يكون مبتهجا ولديه علم بالتنمية التى تحدث أم مكتئبا وتصدر له طول الوقت حوادث ومشكلات فردية كما نقرأ ونشاهد، عندما يتناول الإعلام حادثة شاب يقتل شابا وتصبح قضية فهذا شيء غريب.
هناك ٢٣ كلية إعلام تضم ٢٣ هيئة تدريس فأين كل ذلك مما نشاهده الآن؟ فلا يجوز أن تتداول حادثة فردية بهذا الشكل والرد على ذلك يكون هدفه عدم تكرار تلك الحوادث مرة أخرى، هذا خطأ كبير، فمواجهة ذلك يكون بالدراما وبالأعمال التى تنمى روح الانتماء والحب، وأكرر أننا بحاجة إلى وزير إعلام معه مجلس الحكماء والمتخصصين في كل المجالات كما كان، فهل يجوز أن نستعين في وزارة الصحة بالمهندسين؟ فلماذا يحدث ذلك في الإعلام الذى أصبح مهنة من لا مهنة له؟
■ ما القضية التى ترغب في طرحها ومناقشتها دراميًا؟
- العلاقة بين ما يحدث في مصر والناس، فمثلًا حفر أنفاق قناة السويس لا تقل أهمية عن بناء الهرم الأكبر، فأين الإعلام والدراما منها؟ فلا بد من وجود عمل يوضح كيف قام المهندس المصرى والعامل المصرى واستطاع أن يحفر قناة السويس كما قام أجداده ببناء الهرم الأكبر، كذلك قضية التنوير وتجديد الخطاب الدينى ومطالب المسئولين بضرورة توعية الجمهور بمحافظات الحدود والاندماج معها، وقد قدمت مسلسل اسمه «الشمندورة» قصة الكاتب النوبى محمد خليل قاسم منذ فترة عندما كانت درية شرف الدين وزيرة الإعلام يتناول ذلك ولكنه حبيس الأدراج.
■ هل تاريخ ميلادك والمعلومات الخاصة بك على ويكيبيديا والإنترنت صحيحة؟
- هناك ثلاث معلومات خاطئة منتشرة على المواقع الإلكترونية، أولا تاريخ ميلادى ٢٢ يونيو ١٩٣٨ وليس ٢٥، ثانيا مسلسل «القاهرة والناس» يكتبون أنه بدأ ٧٢ فقد انتهى ٧٢ وبدأ ٦٧، وهناك معلومة ثالثة خاطئة، وهى أن «أبنائى الأعزاء شكرا» الخطأ المنتشر أنها من تأليف أسامة أنور عكاشة، بينما مؤلفها عصام الجمبلاطي، وتعاونا معًا في «أخو البنات».