السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

المركز الفرنسي لدراسة الإرهاب: الدوحة توفر ملاذات آمنة لتمويل المتطرفين.. وحفيد «البنا» تلقى مكافآت سخية عبر نقل أموال من قطر إلى سويسرا وفرنسا

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أساليب ملتوية وخادعة منها دعم مؤسسات غربية وجامعات بسخاء، هكذا تفعل قطر لتجنب العداء مع الغرب عبر السعى لإقامة علاقات طيبة مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وفى نفس الوقت تقوم الدوحة بتمويل الإرهاب والترويج له بهدوء، واستغلال القاعدة الجوية الأمريكية على أراضيها كوثيقة تأمين ضد العقاب على تعزيز الإرهاب.


ومن بوابة الدعم القطرى للإرهاب، تثار جملة من التساؤلات لدى السياسيين والاقتصاديين الأوروبيين حول الأموال القطرية وآلية تشغيلها في شراء الكثير من المشاريع العقارية والبنكية إلى جانب عمليات تملك الأندية.
حول هذا الموضوع كان التقرير الأخير للمركز الفرنسى لدراسات الإرهاب والتطرف، والذى ترجمه مركز رؤية حيث يؤكد المركز أنه وفقًا لتقارير دولية، فقد برز اتجاه عالمى لفحص استثمارات قطر الخارجية للتعرف على عمق العلاقة بين الدوحة وعمليات تمويل الإرهاب على المستوى العالمي، فالبنك المركزى الأوروبى قرر إجراء مراجعة خاصة لملكية اثنين من كبار المساهمين في «دويتشه بنك» الألمانى وهما من الأسرة الحاكمة في قطر بالإضافة إلى شركة صينية قابضة.
كما جاء في التقرير أنه وبالرغم من تحركات قطر لإبعاد تهمة تمويل الإرهاب من خلال إقرار تعديل قانون مكافحة غسل الأموال والإرهاب في ١٢ سبتمبر ٢٠١٩ وذلك «وفقا لأحدث المعايير الدولية المعتمدة من قبل المنظمات الدولية الرئيسية، بما فيها مجموعة العمل المالي». بحسب مصرف قطر المركزي، إلا أن هذه التحركات الظاهرة لم تمنع من المطالبة بالكشف عن عمليات قطر الاستثمارية في الاتحاد الأوروبي.
ووفقًا لتقارير إعلامية واستقصائية، فقد دأبت الدوحة على استخدام المال السياسى لكسب الولاءات وشراء التأييد، ولكن تحول الأمر فيما بعد إلى ملاذات آمنة لتمويل الإرهاب ونقل الأموال حول العالم بيسر وسهولة.
في هذا الإطار، نشرت مجلة «لوبوان» الفرنسية في أبريل ٢٠١٩، دلائل دامغة عن دور قطرى كبير في تمويل جماعة «الإخوان» في فرنسا، والترويج لها، عبر «مؤسسة قطر الخيرية»، من خلال ملف استثنائى وضع فيه كل من كريستيان شينو Christian Chesnot من «إذاعة فرنسا الدولية» وجورج مالبرونو Georges Malbrunot من صحيفة «لوفيغارو» أيديهما على الحسابات المفصَّلة لـ«مؤسسة قطر الخيرية»، وذلك عبر كتاب «أوراق قطرية»» الذى يعجّ بالوثائق التى اكتشفا من خلالها تعاملات قطر مع ١٤٠ مشروعًا في أوروبا من مراكز ثقافية ومساجد وجمعيات إسلامية يديرها تنظيم الإخوان فرع أوروبا، وذلك رغم النفى المستمر للدوحة. 
ووفقًا للكتاب، فإن «قطر أرادت توسيع نفوذها في جميع القطاعات بأوروبا في مجال الرياضة والتعليم، والأنشطة التجارية، والدبلوماسية، وأنفقت قطر بين ٢٠٠٧ و٢٠١٧، أكثر من ١٢٠ مليون يورو على مشروعات في أوروبا، وتحديدا في بريطانيا وفرنسا، إيطاليا، بلجيكا، ألمانيا، سويسرا، النرويج ودول البلقان بما فيها صربيا.
وتتم عمليات التمويل القطرى من خلال ترتيبات مالية معقدة، وهى ليست بالضرورة غير قانونية ولكن تبقى مبهمة لإخفاء الهدف الحقيقي.

وبحسب مذكرة نشرتها وزارة الاقتصاد والمالية الفرنسية، والمتخصصة بمكافحة الاحتيال المالى وتبييض الأموال وتمويل الإرهاب في ٦ أبريل ٢٠١٩، فإن حفيد مؤسس تنظيم الإخوان المسلمين طارق رمضان، كان يتلقى مكافآت سخية من قطر لتمويل مشاريع مشبوهة مثيرة للريبة عبر حقائب أموال قام بنقلها من قطر إلى سويسرا وفرنسا رصدتها أجهزة الاستخبارية الأوروبية، لكون التمويل يفتقر إلى الشفافية ويثير الشبهات حول ازدواجية المشروعات الخيرية.
كما فضخت صحف بريطانية مثل صحيفة التايمز أنشطة قطر على الأراضى البريطانية، وخاصة عبر البنوك، حسبما نشرت في ٥ أغسطس ٢٠١٩ أن الدوحة تمكنت وطيلة سنوات، وعبر مصرف «الريان» الذى تسيطر عليه الحكومة القطرية، من ضخ أموال لفائدة جمعيات خيرية تقوم بنشر الأفكار المتطرفة بين عناصر الجالية، وخاصة من الشباب، وتحث على بناء مجموعات دينية منعزلة عن المجتمع البريطاني. وذكرت الصحيفة، أن البنك يقدم خدمات وتسهيلات مصرفية، لـ١٥ منظمة إسلامية منها ٤ مساجد و٣ جمعيات خيرية، يثار بشأنها الكثير من الجدل بشأن دعم المجموعات المتشددة، رغم أنها تنشط بشكل مرخص في بريطانيا. بينما أغلقت حساباتها البنكية في عدة مصارف مرموقة مثل «HSBC» و«باركليز» و«NatWest» و«NatWest» و«Lloyds TSB».
وفى أغسطس ٢٠١٩ ذكر موقع «كريستال آيز» الذى يركز على مكافحة التطرف أن مؤسسة «قطر ترست» وهى منظمة مسجلة غير هادفة للربح تعمل في المملكة المتحدة جاءت تحت رادار هيئة مراقبة أنشطة الجمعيات الخيرية البريطانية، والتى يديرها «يوسف الكواري»، الرئيس التنفيذى لمؤسسة قطر الخيرية بالمملكة المتحدة، وهى الفرع الأوروبى لمؤسسة قطر الخيرية التى تتمركز في الدوحة، والتى يُعرف عنها بأنها تدعم الجماعات الإرهابية، وفى مقدمتها جماعة الإخوان، وقد تم في الآونة الأخيرة، تغيير اسم المؤسسة إلى «نكتار تراست»، وذلك ببساطة لإخفاء صلاتها بمنظمتها الأم وإبعاد التركيز عن يوسف الكواري.
تأتى هذه التقارير في ظل تزايد فضائح دولة قطر فيما يتعلق بدعم الإرهاب في مناطق مختلفة من أوروبا والعالم، من بينها الكشف عن تورط قطر في فضيحة تهريب أسلحة، بعد عثور الشرطة الإيطالية في ١٥ يوليو ٢٠١٩، على صاروخ «جو - جو» يستخدمه الجيش القطرى في حوزة جماعة يمينية متطرفة يطلق عليها «النازيون الجدد». ما أثار الكثير من التساؤلات حول كيفية وصوله إليها، وأثار قلقا عالميا حول مصير الأسلحة الضخمة التى تشتريها الدوحة بما يفوق قدراتها واحتياجاتها مئات المرات، وانطلقت دعوات حول العالم، خاصة فرنسا، تطالب بحظر تصدير الأسلحة للإمارة الصغيرة.
ومن ثم فضيحة التسجيل المسرب الذى نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، في ٢٢ يوليو من نفس العام، وتضمن مكالمة هاتفية بين السفير القطرى في الصومال حسن بن حمزة بن هاشم وضابط المخابرات القطرى المتخفى بصفة رجل أعمال خليفة كايد المهندي، المقرب من أمير قطر تميم بن حمد، يؤكد فيه الأخير أن «أصدقاء قطر» يقفون وراء التفجير الذى حدث في مدينة بوصاصو مايو/أيار الماضى «لتعزيز مصالح الدوحة من خلال طرد منافسيها».

بات من المؤكد أن النظام القطرى ينظر للإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية كـ«مشروع استثماري» يمكنه من تحقيق طموحاته إقليميًا ودوليًا، والسيطرة على المنطقة العربية، مقابل دعم تحركاتهم ومنظماتهم المنتشرة في مختلف دول العالم، فسعت قطر للاستثمار في التنظيم الدولى للإخوان خاصة في أوروبا، وذلك لخلق شعبية وتأثير سياسى له، والعمل على تغلغله في المراكز الأكاديمية والثقافية.
إن تمويل الأسرة الحاكمة في قطر لمنظمات في أوروبا تتخفى وراء شعارات خيرية وحقوقية في أوروبا لتدعم تنظيمات إرهابية في الشرق الأوسط، هى بمثابة جرس إنذار للمجتمع الأوروبى حول تورط أمير قطر وأسرته في خلق شبكات تستغل المناخ المفتوح والحر للمجتمع المدنى في أوروبا لترتكب أكثر من جريمة، أولها نشر العنف والتطرف عبر دعم الإرهاب وتوفير غطاء خيرى وحقوقى له، وثانيها غسيل الأموال عبر هذه الجمعيات التى تضخ فيها الأموال على سبيل التبرعات، وثالثها والأكثر خطورة هى تهديد الأمن القومى للشعوب في أوروبا والشرق الأوسط، فضلًا عن التلاعب بقيم سامية مثل حقوق الإنسان أو المساعدات الإنسانية لتمرير أجندات سياسية وتضليل الرأى العام.