الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

المولد النبوي وتاريخ الاحتفال به.. طقوس المصريين في ذكرى ميلاد خير البرية.. أبرزها مسيرات الطرق الصوفية.. ومظاهر الفرحة في كل المحافظات

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تختلف مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي من دولة إسلامية إلى أخرى طبقا للعادات والتقاليد ولكن تتفق على الحب، حيث يعتبر المسلمون يوم مولد النبي يومًا استثنائيًا تتعدد به مظاهر الفرحة والبهجة التي تجوب الأنحاء، كما يمثل عيدا سنويا يحرصون على الاحتفال به كما اعتاد أباؤهم الأولون، والتي تعتبر الحلوى جزءا مهما في إقامة الاحتفالات العديدة والتي يبدأ بإقامة الشوادر وعرض الحلوى بها قبل موعد المولد ما يقرب من شهر حيث تعرض الأشكال والألوان والعرائس التي يحرص على شرائها المصريين وتقدم كهدايا لأحبابهم.
في ليلة الثاني عشر من ربيع الأول وهو مولد النبي صلى الله عليه وسلم تقيم المساجد مجالس الذكر والإنشاد الديني ذكرى لمولد النبي، فضلا عن إقامة السيدات المطاهي والأكلات احتفالات واعتزازا بهذا اليوم المبارك، يرجع تاريخ الاحتفال بمولد النبي إلى العصر الفاطمي حيث ظهرت به معظم الاحتفالات الدينية والتي مازالت تقام حتى اليوم.
اختلفت وتنوعت مظاهر الاحتفال على مر العصور وكل عصر له طقوس وعادات وتقاليد تقيمها بطريقتها المثلى، تسرد "البوابة نيوز" بعض المظاهر الاحتفالية بداية من الدولة الفاطمية:
العصر الفاطمي
كانت تبدأ الخلافة الفاطمية الاحتفال بالمولد النبوي مع بداية شهر ربيع الأول، وفي اليوم الثاني عشر تعد الحلوى ويتم توزيعها على الفقراء والأصدقاء، وكان موكب قاضي القضاة يعتبر هو الاحتفال الرسمي الذي يحمل الصواني المليئة بالحلوى التي يتجهون بها إلى جامع الأزهر الشريف ثم إلى قصر الخليفة التي يقام بها حفلات الذكر والخطب.
العصر المملوكي
كان مولد النبي يتميز بالعظمة والترف في أوائل عصر المماليك، وكان سلاطين المماليك يحرصون على مشاركة حاشيتهم الاحتفال بالمولد، أما في عهد السلطان "قايتباي" كان يتم إقامة خيمة كبيرة وعظيمة في يوم الحادي عشر من ربيع الأول والتي تحدث عنها الكثيرون أنها كانت تتكلف ما يقرب من 36 ألف دينار والتي كانت من عجائب الدنيا حيث يحضر إليها العديد من القامات والهامات، السلطان والأمراء والأعيان وغيرهم.
يبدأ الاحتفال بتلاوة القرآن الكريم من بعد صلاة الظهر مباشرة، أما موائد الحلوى تبدأ من بعد صلاة المغرب، وبعد ذلك يبدأ المنشدون في مدح الرسول وآل بيته وأثناء ذلك يتوافدون الدراويش والفقراء إلى الخيمة السابق ذكرها ويستمرون في رقصاتهم وتمايلهم احتفالا واعتزازا بمولد خير البرية. 

العصر الأيوبي
في أول يوم من الاحتفال يقام بشكل منظم في عهد "صلاح الدين الأيوبي"، كان يقام احتفال كبير وتقدر النفقات في ذلك الاحتفال أكثر من 300 ألف دينار، والتي يبدأ الاحتفال في سنة 8 ربيع الأول وسنة أخرى يوم 12 ربيع الأول يرجع ذلك لاختلاف تحديد يوم مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث تذبح الإبل والماشية وتقام الموائد العامة للفقراء. 
العصر العثماني
اعتاد العثمانيون الاحتفال بأعياد المسلمين والمناسبات الدينية، وفي مقدمتها مولد النبي التي كان يقوم في بعض الجوامع الكبيرة التي يقع عليها الاختيار من السلطان العثماني، حيث ويبدأ الاحتفال بقراءة القرآن ورواية سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، فضلا عن الإنشاد الديني والأغاني الدينية بحلقات الذكر والتي ترتفع بها همهمات الصلاة على خير الأنام حيث يحرص كبار رجال الدولة العثمانية في يوم المولد الذهاب للسلطان لتهنئته بالمناسبة.
يأتي الاحتفال بالمولد النبوي تذكيرا بأخلاق النبي والتحلي بها حتى يكون المسلمين مثالا عمليا وقدوة حسنة للأمة كلها وكذلك الدعاة اقتداء برسالة النبي التي حملها رحمة للعالمين، حيث يعمل الإسلام على نشر المفاهيم الصحيحة المستقرة التي تعمد على تعميق التعايش السلمي القائم على المسالمة وقبول الجميع بكافة معتقداتهم بالبر والاحسان والقسط.
تتعدد مظاهر الاحتفال في مصر حيث تعد الدولة الأولى عربيا التي تشهد تنوعا بالطقوس والاحتفال لأنه ميراثها القديم، فيظل مولد النبي درة الاحتفالات الدينية والتي يحتفي بها أهل مصر احتفاء كبيرا بعدة طرق التي تبدأ من شراء الحلوى وطهي الطعام مرورا بإحياء الشعائر الإسلامية، حيث صنعت عروسة من الحلوى التي تعبر عن الوقار في ذكرى ميلاد الرسول الكريم. 
تنتشر مظاهر الاحتفال بأرجاء القاهرة مع بداية شهر ربيع الأول بإقامة السرادق للإنشاد الديني والابتهالات والقصص الدينية فضلا عن مواكب الطرق الصوفية التي تسيير وتطوف الأحياء والمراكز والقرى بجميع محافظات الجمهورية، كما تضم الاحتفالات شوادر تضم ألعاب الأطفال وبائعي الحلوى والأطعمة فضلا عن وجود نساء يطهون الطعام وتقديمه للزوار بالإضافة إلى ركن للمداحين والمنشدين التي تتخصص في مدح الرسول ورواية القصص التي تثير اهتمام المارة والتي يتراقصون عليها يمينا ويسارا.
تحرص القرى والمدن والقبائل المصري على الاحتفال وتعتبر بعض القبائل والقرى فرصة عظيمة لتقوية الروابط الاجتماعية التي يقبلون على المشاركة والتعارف بإقامة الولائم وإحياء ليالي المولد فضلا عن الزيارات والتهاني والتباهي بمظاهر الاحتفال بالقرى والمدن التي تقام على هامش الاحتفالات الكبرى بالمحافظات وأماكن الذكر التي لا ينقطع بالشعائر التي يتوافد إليها الزائرون للوفاء بالنذور المقطوعة عليهم، حيث يقصد بها أولياء الله الصالحين والتي تتمثل في العديد من الأولياء والمقامات مثل إبراهيم الدسوقي والسيد البدوي وغيرها من الأضرحة الدينية التي يقصدها البسطاء بالمناسبات التي تقربهم إلى الله ورسوله. 
تنتشر الطرق الصوفية بالقرى والقبائل التي تخرج دورة المولد في صباح يوم الثاني عشر من ربيع الأول بأضرحة الأولياء في صورة احتفالات بالشوارع وكرنفالات شعبية التي يقوم بتنظيمها رجال الطرق الصوفية المعتاد عليها كل عام وبالمناسبات الإسلامية التي يركبون بها الخيل والإبل التي تتزين بالألوان وقطع من القماش الملون والتي يتبعها العديد من رجال الطرق الصوفية حاملين السيوق والدفوف يطوفون أرجاء القرى حيث تلقي عليهم النساء من شرفاتهم الحلوى والروائح العطرية فضلا عن الزغاريد والولائم التي تقام بالدواوين والغرف الكبيرة "المندرة" والإنشاد الديني من الفنانين الشعبيين والشعائر الدينية والابتهالات وحلقات الذكر التي لا تنقطع طوال الاحتفال ومن ثم التقارب والتواصل والتسامح والتصالح التي يأتي بها المولد النبوي الشريف.