تعود ملحمة جلجامش إلى ألفي عام قبل الميلاد، الموصوفة بـ"أقدم أسطورة في الشرق الأدنى" مكتوبة بالخط المسماري، يقطع فيها جلجامش ملك مدينة "أورك" جنوب بابل، رحلة طويلة ومأساوية للبحث عن طريقة ناجحة في الوصول للخلود.
تقول ألواح الملحمة إن الصياد الذي عثر على "أنكيدو" الند الحقيقي لجلجامش عاد وأخبر أباه بأمر الرجل الغريب والقوي الذى شاهده عند مورد الماء، وتوافقت نصيحة الأب مع نصيحة الملك بتدبير غواية لـ"أنكيدو" تفقده قوته وتجعل الحيوانات تنفض من حوله ولا يستطيع اللحاق بها.
ورد في الألواح الطينية للملحمة:
فتح الصياد فمه وقال لأبيه:
يا أبتِ لقد هبط رجل من الجبال،
هو أقوى من في البلاد، وبأسه شديد،
تشبه قوته الجبارة قبضة آنو،
وهو لا ينفك يجوب الجبال والتلال
ويلتهم العشب مع الحيوان،
وتتوقف قدماه عند موارد الماء،
منعني الخوف فلم أَقْوَ على الاقتراب منه.
ردم الحفر التي حفرت،
وقطع شباكي التي نصبت.
جعل الوحش وحيوان البرية تفلت من بين يدي،
وصيد البرية حرَّمه عليَّ
فتح الأب فمه وقال للصياد:
اعلم يا بني أن أوروك يعيش فيها جلجاميش،
ما من أحد فاقه في قوته؛
فقوته الجبَّارة تشبه قبضة آنو.
يمِّمْ وجهَك شطر هذا الملك،
أنبئه بنبأ الرجل القوي الجبار
وَلْيعطِك بغيٍّا تصحبها معك إلى البرية،
ولتتمكن المرأة منه بقوتها التي تفوق قوة الرجل،
وعندما يأتي مع الوحوش ليَرِدَ الماء،
دعها تخلع ثوبها لينجذب إلى فتنتها؛
فسوف يتقرب منها، بمجرد أن يراها،
لكن ستنكره حيواناته التي تربت معه في البرية
عمل الصياد بمشورة أبيه،
وانطلق في طريقه إلى جلجاميش،
أخذ يغذُّ السير حتى استقر به المقام في أوروك:
استمع إليَّ يا جلجاميش، وجُدْ عليَّ بالنصيحة.
هناك رجل متفرد هبط من الجبال،
هو أقوى من في البلاد، وبأسه شديد،
قوته الجبارة تشبه قبضة آنو،
وهو لا ينفك يجوب الجبال والتلال
ويلتهم العشب مع الحيوان،
وتتوقف قدماه عند موارد الماء،
وقد منعني الخوف من الاقتراب منه.
ردم الحفر التي حفرتها،
قطع الشباك التي نصبتها،
جعل الوحش وحيوان البر يهرب من يدي،
وحرَّم عليَّ القنصفي البرية
قال له جلجاميش، قال للصياد:
اذهب يا صياد، وخذ معك بغيٍّا.
خذ معك المومس،
فإذا ما اقترب الوحش البري ليرد الماء،
فاجعلها تخلع ثوبها، وتكشف عن فتنتها،
وما إن يقع عليها بصره، حتى يقترب منها،
لكن حيواناته ستنكره، وهي التي تربت معه في البرية
مضى الصياد مصطحبًا معه البغي،
(مصطحبًا معه) المومس،
وانطلقا قُدُمًا على الطريق الصحيح.
في اليوم الثالث بلغا الموضع المقصود،
وقبع الصياد والبَغِي في مخبَئِهما.
مكثا اليوم الأول، واليوم الثاني تجاه مورد الماء،
وجاء حيوان البر وشرب من الماء.
