السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

عبد الدايم نصير مستشار شيخ الأزهر في حوار لـ"البوابة نيوز": المسلمون يدفعون ضريبة الإرهاب مرتين.. تجديد الخطاب الديني هي قضية مجتمع لا تخص الأزهر وحده وتبسيطه ضرورة مُلحة

مستشار شيخ الأزهر
مستشار شيخ الأزهر خلال حواره لـ"البوابة نيوز"
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أكد الدكتور عبد الدايم نصير، الأمين العام للمنظمة والمستشار العلمي لشيخ الأزهر، أن تجديد الخطاب الديني يجب أن يترك للمختصين والمعنين به، وشدد نصير في حواره الخاص مع "البوابة نيوز" على ضرورة أن تتركز مهمة المؤسسات على محاربة الجهل، ونشر ثقافة العمل والإنتاج كي تنهض الأمة.. وإلى نص الحوار:



■ كيف تجد قضية الخطاب الديني؟ 
- للإنصاف قضية تجديد الخطاب الديني هي قضية مجتمع لا تخص مؤسسة بعينة لا الأزهر ولا الأوقاف والشئون الاجتماعية ولا الثقافة، بل هي قضية تهم المجتمع كله وينبغي أن يتملك هذا المجتمع إستراتيجية واضحة لتحقيقها، وأمام التحديات التي نواجها اليوم من تعدد وسائل الاتصال والاستماع مقارنة بقرون ماضية كانت الاستماع لجهة واحدة سواء كانت تلك الوسيلة المذياع أو غيره فإن المهمة الآن صعبة للغاية وما تصلحه يفسده غيرك.
لذا ينبغي أن يتحرك الجميع وفق إمكانيته والنظم المتبعة سواء مؤسسات دينية أو تعليم، ثقافة،وإعلام، علينا جميعا أن نتبع إستراتيجية عامة ووسائل متنوعة سواء إصدارات مراكز ثقافية أوعلمية، والعمل على تصويب صورة الإسلام، فالقصية ليست لا تفعل بل تتطلب أن نرشد بما ينبغي أن أفعل،فليس كافيًا أن نقول لا تقع في فخ الإرهاب بل ينبغي أن تكون أو أن تفعل ذلك خدمة للدين.
وأرى أن تجديد الخطاب الديني قضية يجب أن تترك للمتخصصين في العلوم الدينية، فالقضية نتيجة لأهميتها وخطورتها، خاصة بهذه الفترة التي يمر بها الوطن لا بد من غير المتخصصين أن يستمعوا للآخرين، كي يؤدوا دورهم، وكما يشاهد الجميع فلا يخلو أي مؤتمر أو دراسة معنية بالدين الإسلامي إلا وكان التطرف الديني والإرهاب يتصدرها على اعتبار أن هذا هو المرض المتفشي عندنا، إلا أنه هناك قضية أكثر إلحاحًا ويترتب عليها الخطاب الديني فيما بعد تتمثل في التخلف الذي يؤدي إلى الحمق والهزيمة والتراجع والتأخر عن مصاف الأمم الأخرى بل وكراهية تقدمهم.
كما ينبغي الحرص على أن يتعدد الخطاب وتبسيطهبما يناسب من تعلم ومن لم يتعلم، فالمجتمع بأكمله بحاجة إلى انتفاضه من قبل المؤسسات الحكومية وغير الحكومية والسعي إلى تحقيق نهضة للمجتمع وتعلية قيمة الكفاءة وغيرها من الأمور التي تكفل التقدم.
■ كيف تواجهون الفكر المتطرف وظاهرة الإسلام فوبيا؟
- علينا أن نقر بحقيقة واضحة أننا نحن من يدفع الضريبة مرتين فيما يتعلق بالإرهاب، مرة باتهامنا أننا سبب هذا الإرهاب، والأخرى أننا نحن الأكثر ضحايا لتلك الممارسات الإرهابية فنحن ضحية ومتهم في ذات الوقت، وما نراه من قبل بعض الجماعات من اختطاف للدين واستخدامه كمبرر وأساس للأفعال وترويجها لدى البسطاء أمر مرفوض، والأزهر بصفته الممثل للمرجعية الأكاديمية لأهل السنة والجماعة في العالم يقوم بدور كبير في التعريف بالرسالة الوسطية والإسلام الوسطي عبر قرون وليس اليوم.
وتقوم المنظمة اليوم بدورها في تدريب الوافدين والعمل على تأهيلهم بما يكفل تحقيق أنموذج لما ينبغي أن يكون عليه المسلم، فالعالم الخارجي ربما يفتقر للصورة الصحيحة، وقد بادر البعض بسؤالي عن الإسلام فأجبته بأنه كذا وكذا فتسأل أين أجده في مجتمعات المسلمين؟!، إذن القضية أننا أمام دين لم يستطع أتباعه أن يظهروه بالقدر الذي يستحق، ومن خلال إعداد علماء يتوافر فيهم الأسلوب اللين والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة وأن تتكامل فيهم صورة ولو بسيطة من الإسلام أمر كافٍ.
■ وكيف ترى الانتقادات الموجهة للتراث؟
- مسألة انتقاد التراث هو جزء من رغبة البعض في فرض قيمه بل وأن يقوم بتقييمك على مدى التزامك بقيمه هو، وحينما ننظر لا نجد انتقادات لقيم اليابان بالرغم من أنها ليست غربية ولا يوجد انتقاد لكتب سابقة أيًا كان محتواها مخالف لما هم عليه من قيم تسود الآن إلا أن هناك قوة تحمي ذلك فحينما تكون قويًا لا يستطيع أحد أن يشير إليك، بينما نحن المسلمين نجد من يقوم بقراءة حديث أوآية ويتم اجتزائها عن نصها ليخرج قائلًا: "الإسلام دين تطرف"، في حين لا ينظر إلى كتب سابقة كالتوراة أو العهد القديم الذين بين أيدينا الآن بالرغم من دعوة تمييز صريحة تقف ضد القيم السائدة اليوم.
■ ماذا عن فكرة الجهاد والقتال في الإسلام؟
- الدين الإسلامي دين يعرف للحياة قدرها ويحرص على حياة الناس جميعًا، بل كرم وعظم وأعلى شأن النفس وحفظ الروح وعصمة الدماء أيًا كان معتقدها، وللأسف الشديد نحن من يساعد على إظهار الجانب غير الصحيح عن الدين، من خلال التصرفات التي تبين أن الدين قتل ونحن في الحقيقة نقاتل لا نقتل، فالإسلام لا يعرف قتل الغيلة بل وضع شروط وقواعد وقيم للقتال، لا يقتل عجوز ولا امرأة ولا طفل صغير ولا تحرق أو تقطع شجرة وغيرها،وما نشاهده من القتل الذي تنفذه بعض الجماعات لا يعرفه الإسلام ولم يرد في سيرة الإسلام ولا المسلمون من حمل الأسلحة وارتدى الأحزمة الناسفة وفجر نفسه ليحصد أرواح الأبرياء.
■ ماذا عن قضية الخلافة؟
- كما أشرت إلى أن قضيتنا الآن هي الجهل والتي أدت إلى كراهية الفائز والمنتصر، وباعتبارنا لم نفز ولم نتقدم،ولمنتتج أي شيء من كساء وعمل وغذاء، ما زالنا نحتاج إلى مراجعة ما يجب أن نقوم عليه، هل نحن شعوب مستطيعة؟، هل نحن شعوب قادرة على فعل أي شيء؟، بالطبع لا، وهذا يظهرنا أمام الدول كمستضعفين، لا أتحدث عن السلاح فقط وإنما عن المعرفة وإمكانيه التقدم، فاليابان لا تملك قنبلة نووية ولكن لديها القدرة على المعرفة، فالقدرة تعطي الاحترام، وإظهار القوة أفضل من استخدامها، وادعاء أن هناك نظام معين للحكم الإسلام أمر بأن نعد القوة وهي قوة في كافة الأصعدة لا أن تكون ضعيفًا فتسهل على كافة الأمم.
■.. وبشأن قبول الآخر؟
- الدنيا تنافس وهو شيء إنساني، وعلينا أن نعيأن هناك من يحاول افسادك لذا يجب أن تجتهد في ظل هذا الصراع على الثروة والنفوذ إلى آخره، فالقوي يحب أن يفرض قيمهأما الضعيف فمغلوب علىأمره لأنه ضعيف وليس لديه القدرة، وهذا مربط الفرس، وقضيتنا الكبرى كما أشرت هي التخلف، فالإسلام كدولةإلى حدما أخذت بسبل التقدم والمعرفة فسادت بالتقدم الحضاري حتىالقرن الرابع عشر، فبدأ الاختلاف والتقسيم واتفقوا مع الأعداء ضد المنافس لذلك انتهينا في الأخير إلى انهيار الدولة الإسلامية وانتهاء الخلافةحتى وإن لمتوجد خلافه حقيقيةعلى سبيل المثال في أواخر الدولة العثمانيةحيث لم يكن فيه خلافة،إلا أنها كانت رمزًا لهزيمة الدولة الإسلامية،وبدأ الناس يفكرون في حل، حيث مازالنا نحارب بالسيوف، فيما يحاربون هم بالمدافع لذلك كانت هناك فجوة وصدمة بالنسبة لنا،لما تقدم به الغرب كما حدث لنا أثناء الحملة الفرنسية، ولابد أن يكون لدينا القدرة فمثلما استفادوا من حضارتي وحققوا نهضتهم، علينا أن نستفيد وحينما نسير في طريق التقدم لا نفعل أخطاء وأن ندرك أن علينا أن نبني أنفسنا اقتصاديًا وثقافيًا وعلميًا، دون أن نعتدي على أحد ولا نظلم أحد ولا نأخذ من بلاد الغير ما لا يتماشى مع الإطار الذي يرضي به الإسلام، فالإسلام يهدف للعدل والسماحة.
فالإغراء في المادية أحد أهم مشكلات المجتمع الأوروبي وبات الجميع اليوم يكره عدم التوازن بين المادة والروح، وهو ما ينبغي أن ندركه وان نحسن صورتنا التي جعلت من الدين منتقدًا ورمزًا للتخلف وهو برئ تمامًا من هذا.
■ الأزهر وتطوير المناهج؟
- الأزهر بدأ بالفعل في تطوير وتنقيح مناهجه وإن كانت البداية تركزت على تفكيك الفكر المتطرف من قضايا الولاء والبراء، التمكين، دار الحرب ودار السلم وغيرها، إلا أننا نريد الجانب الآخر المتمثل فيما ينبغي على المسلم أن يفعل، فكما قلت لا يجب أن تحذرني من الشيء بقدر ما ينبغي أن توفر لي وتوضح ما ينبغي على أن أفعل.
ويجب أن يكون هناك عمل للمؤسسات الأخرى كما أشرت فيما يخص المناهج والمقررات الدراسية حيث ينبغي أن يكون للمؤسسات التعليمية والثقافية دورها الموازي والمكمل لما يقدمه الأزهر كي يكون هناك تكامل وتطوير يحتاجه المجتمع ويضمن تحصين الشباب وكافة المراحل العمرية الأدنى والأعلى.
■ ماذا عن دور وزارة الأوقاف وأئمتها؟
- بعض الخطباء يصب تركيزه على الشعائر والعبادات وهو أمر طيب، لكنه ليس المشكلة، فنحن لسنا في مشكلة مع الشعائر ولا يوجد بيننا محروم من الصلاة أو الصوم ولا يمنع أحد من الحج، والجميع على قدر الاستطاعة ومن يرغب يمارس، لكن المشكلة في المعاملات وهذا الجزء الأصعب في التطبيق لأن هناك نوع من المقاومة، ولأن الإنسان بطبعه يحب التملك من القناطير المقنطرة وهو فطرة فطره الله عليها، ينبغي أن يدرك أن هذا الهدف لا يتحقق بأي طريقة من الطرق بل يتطلب اجتهاد والتزام بتعليم وقيم هذا الدين، وهو أمر ينبغي أن يتدرب الائمة على إيصاله إلى الناس.
■ ماذا عن تأهيل الوافدين؟
- المنظمة تقوم في المقام الأول على رعاية الوافدين وتذليل كافة الصعوبات التي تواجههم، ويتم عقد سلسلة لقاءات مع الطلاب لسماع الرؤى والاقتراحات، ومن بين تلك التسهيلات التي تحرص عليها المنظمة إنشاء المعاهد الأزهرية التي تخضع لإشراف الأزهر، ومراكز لتعليم اللغة العربية ببلادهم، ومساعدتهم في الحصول على دراسة شاملة بالأزهر من خلال المنح الدراسية وفتح قنوات وجسور للتواصل بين خريجين الأزهر بعد تخرجهم في الجامعة وعودتهم لموطنهم، وذلك عن طريق إنشاء فروع للمنظمة هناك، بالإضافة لتقديم الدعم المالي. يتم عقد سلسلة من الندوات والدورات لكافة الوافدين لتدريبهم على المناهج الوسطية التي تمكنهم من خوض الحرب الفكرية بالأدلة والبراهين العقلية والشرعية بما يجعلهم حصنًا ضد محاولات اختراق مجتمعاتهم.