الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

هيكلية «داعش» باقية بعد مقتل البغدادي.. هكذا يُدار التنظيم الإرهابي بعد مقتل «زعيمه» .. والولايات المتفرقة «كلمة السرّ» في بقاء الفروع.. ومدير سابق لـ«مكافحة الإرهاب»: مقتل أبو بكر لا يعني النهاية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في أوائل يوليو عام ٢٠١٦، نشرت مؤسسة «الفرقان»- الذراع الإعلامية لتنظيم داعش- مقطعًا مرئيًا بعنوان «صرح الخلافة»، كشفت فيه للمرة الأولى عن هيكل التنظيم والولايات التى أسسها في سوريا والعراق وخارجهما.
وتضمن الإصدار إشارة إلى ما سمى بـ«اللجنة المفوضة» دون الكشف عن الاختصاصات المنوطة بها أو دورها في العمليات الإرهابية.


وبحلول يوليو ٢٠١٧، بدأت المعلومات عن اللجنة المفوضة تتكشف؛ إذ كلفها زعيم التنظيم الإرهابى وقتها أبوبكر البغدادى بإدارة شئون التنظيم ومتابعة ما وصفه بمظالم المسلمين داخل معاقل داعش.
«أمير المؤمنين يكلف اللجنة المفوضة برفع المظالم عن المسلمين».. كانت هذه الكلمات ملخصًا لرسالة -حصلت «البوابة» على نسخة منها- موهت بما يسمى «ختم ديوان الخليفة»، وكانت موجهة لحجى عبدالناصر العراقى أمير اللجنة المفوضة سابقًا.
جاءت الرسالة عقب أسابيع من إعلان وزارة الدفاع الروسية مقتله في غارة جوية مزعومة على معاقل داعش في سوريا عام ٢٠١٧، وهو الأمر الذى ثبت لاحقًا عدم صحته.
عقب الإعلان، اختفى «البغدادي» لفترة طويلة قبل أن يعود للظهور من جديد ويطوف على «قواطع داعش» بمدينة الميادين السورية في ذلك العام، ويؤكد أنه كلّف اللجنة المفوضة بإدارة شئون التنظيم.


«اللجنة المفوضة».. المتحكم الحقيقى
خلال عام ٢٠١٧، عاش تنظيم داعش الإرهابى صراعًا بين أكبر تيارين داخله وهما التيار المنسوب لشرعى داعش المقتول تركى البنعلي، والتيار المسمى إعلاميًّا بتيار «الحازمي».
وفى تلك الفترة، طالب عدد من قادة التنظيم الإرهابى «أبوبكر البغدادي» بالظهور وحل الخلاف الذى تسبب في خسارة «داعش» لعدد من المناطق التى كان يسيطر عليها، لكن «البغدادي» اكتفى بإرسال رسالة مختومة بختمه «الأحمر» أكد فيها أن اللجنة المفوضة هى التى تتابع شئون التنظيم، وأنه يتلقى تقارير دورية عبر أمير اللجنة المفوضة المعروف بـ«حجى العراقي».
ووفقًا لعدد من الوثائق- حصلت «البوابة نيوز» على نسخة منها- من بينها رسائل الشرعى الداعشى السابق «أبوجندل الحائلي» لزعيم التنظيم الإرهابى «أبوبكر البغدادي»، فإن البغدادى كان مختفيًا أغلب الوقت ولم يكن له دور حقيقى في إدارة التنظيم.
وبحسب «الحائلي» فإن قيادات اللجنة المفوضة هم المسئولون عن داعش، واتخاذ القرارات المهمة، بينما كان «البغدادي» يحرص على قطع تواصله عن العالم الخارجى خشية سقوطه في أيدى قوات التحالف الدولى الذى يحارب التنظيم.
وتشير الوثائق إلى أن اللجنة المفوضة مكونة من عدد من القيادات أبرزهم أمير ديوان الأمن العام الداعشي، وأمير ديوان الجند، والأمير الشرعى للتنظيم، ويترأس اللجنة «عراقي» مهمته متابعة العمليات الإرهابية وتنسيق جهود التنظيم والتحكم في الأموال التى بحوزته.
وذكر برنامج «مكافآت من أجل العدالة» التابع لوزارة الخارجية الأمريكية، أن حجى العراقى هو المسئول عن قيادة اللجنة المفوضة لتنظيم داعش، كاشفًا أن «العراقي» مرشح بقوة لخلافة «البغدادي» في إمارة التنظيم الإرهابي.
كما تضم اللجنة المفوضة قياديًّا داعشيًّا مسئولًا يوصف بأنه أمير هيئة الهجرة التى ينضوى تحتها قسم العمليات الخارجية، وهذا القسم هو الذى نسق الهجمات الخارجية لتنظيم داعش الإرهابى في فرنسا وبلجيكا وسيريلانكا، بحسب صحيفة «النبأ» الأسبوعية الصادرة عن التنظيم الإرهابي.
بحسب دراسة سابقة للمركز الدولى لمكافحة التطرف العنيف، فإن تنظيم داعش لديه شبكات في أوروبا وآسيا، وهى شبكات رئيسية مكلفة بمهام محددة وتتلقى توجيهاتها من الأمنيين الخارجيين المكلفين بالإشراف على العمليات الإرهابية في خارج سوريا والعراق.

إدارة الولايات البعيدة.. «كلمة السرّ»
إصدار صرح الخلافة الذى نشره تنظيم داعش في ٢٠١٦، أكد أن فروع داعش الخارجية في أفريقيا وآسيا يتم إدارتها عبر ما يسمى بإدارة الولايات البعيدة والنائية، وهى جهة إدارية تتبع اللجنة المفوضة لإدارة شئون داعش.
وبحسب مركز مكافحة الإرهاب في أكاديمية «ويست بوينت» العسكرية الأمريكية، فإن تنظيم داعش يشرف عبر تلك الإدارة على التزام الفروع الخارجية في غرب ووسط أفريقيا وأفغانستان والفلبين بالمنهج والخطة المرسومة من قِبل قيادة التنظيم.
وبحسب تقارير سابقة لـ«البوابة»، فإن الفروع الداعشية لديها ما يسمى بمجلس الشورى، وهذا المجلس مسئول عن اختيار قائد الولاية الداعشية وتزكيته لقيادة التنظيم الإرهابى في سوريا والعراق لتوافق على توليه المنصب.
وأوضحت منظمة الدفاع عن الديمقراطية (منظمة أمريكية معنية بشئون الإرهاب الدولي)، أن إدارة الولايات البعيدة أرسلت مندوبين عنها خلال يونيو الماضى إلى أفغانستان وأن هؤلاء المندوبين التقوا بأعضاء ما يسمى بمجلس شورى ولاية خراسان، وقرروا تولية «الملا أسلم فاروقي» منصب والى خراسان بدلًا من «مولوى ضياء الحق».


مجلس الأمن: هياكل داعش «باقية»
في السياق ذاته، أصدر مجلس الأمن الدولى التابع للأمم المتحدة في يوليو الماضي، تقريرًا تفصيليًا عن وضع تنظيم داعش في العراق وسوريا وفروعه الخارجية عقب سقوط الخلافة المكانية التى انهارت في مارس ٢٠١٩.
وأكد تقرير مجلس الأمن، أن هياكل القيادة والسيطرة الداعشية لم تسقط حتى بعد انهيار الخلافة المكانية والسيطرة على آخر معاقل داعش في قرية «الباغوز» السورية.
وألمح التقرير إلى أن تنظيم داعش رغم خسارته للأرض وفقدانه عددًا كبيرًا من قادته، فإنه طور آليات تواصله مع فروعه الخارجية، وقام بسلسلة تغييرات هيكلية داخلية لكى يستطيع الاستمرار في الحرب الاستنزافية التى يشنها ضد الدول المحاربة له.
ولفت التقرير إلى أن التنظيم واصل توجيه الرسائل والإرشادات لفروعه وكلفهم بتصوير فيديوهات لتجديد بيعة «البغدادي»، ونشرها ديوان الإعلام المركزى خلال الفترة الزمنية التى تلت سقوط قرية الباغوز في قبضة القوات الكردية.

مقتل البغدادى لا يعنى نهاية «داعش»
من جانبه اعتبر «جوشو جيلتزر» المدير الأول لمكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومى الأمريكى سابقًا، أن مقتل زعيم تنظيم داعش لا يعنى انتهاء التنظيم الإرهابي.
وأضاف «جيلتزر» في تحليل سابق له، أن «البغدادي» خاطر بظهوره الإعلامى المتكرر في مقابل بقاء تنظيم داعش، مشيرًا إلى أن ظهوره في لقاء مرئى تلاه إصدار صوتى في أبريل وسبتمبر الماضيين أتاح لأجهزة الاستخبارات تحليل المواد الدعائية والتوصل للأماكن المحتملة له.
واعتبر المدير الأسبق لمكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومى الأمريكي، أن زعيم داعش كان يعى خطورة ظهوره، وكان متأكدًا من أن ذلك سيؤدى لقتله، لكنه آثر الظهور لإيصال رسالة لأنصار داعش بأن التنظيم باقٍ وسيواصل العمل الإرهابي.
وتابع: تنظيم داعش بقى على هياكله القديمة، وسيواصل العمليات الإرهابية حتى بالرغم من القضاء على البغدادى الذى كان يمثل «قيادة كاريزمية» أكثر منه «قيادة تنظيمية».
وكان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب أعلن مقتل زعيم تنظيم داعش الإرهابى «أبوبكر البغدادي»، خلال عملية عسكرية خاصة على قرية باريشا التابعة لمحافظة إدلب السورية.