الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

حبيب جورجي.. القطب التربوي في ميدان الفنون الجميلة

 الفنان العالمي الكبير
الفنان العالمي الكبير حبيب جورجي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في مثل هذا اليوم من عام 1965 توفي الفنان العالمي الكبير حبيب جورجي صاحب نظرية الفن التلقائي عند الأطفال والذي طلبت ملكة انجلترا زيارة معرضه خصيصا والذي ولدت فكرة إنشاء معهد الدراسات القبطية في منزله بأبو قير، فقال ماجد كامل كبير باحثين بالهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية، يمثل الفنان والمبدع الكبير حبيب جورجي 1892 – 1965 أهمية كبيرة في تاريخ الفنون التشكيلية في مصر، فهو صاحب نظرية الفن التلقائي عند الأطفال التي قلبت نظريات الفن التشكيلي في العالم كله.
ولد في 22 مارس 1892 ؛وتدرج في مراحل التعليم المختلفة حتى حصل على بكالوريوس كلية المعلمين ؛وتخصص في تدريس علوم الرياضيات، وفي عام 1918 أعلن ناظر المدرسة الإنجليزي التي كان يعمل بها مدرسا للرياضيات عن تأسيس قسم للفن ؛ فأنضم إليها حبييب جورجي ؛ وسرعان ما عشق حبيب جورجي هذا الأمر حتى أنه ترك تخصصه الأصلي الرياضيات وتخصص في دراسة الفن ؛ فأوفدته وزارة المعارف العمومية في بعثة إلى أنجلترا لدراسة الفنون ؛وكان ذلك خلال عام 1919 ؛فحصل على درجة الزمالة في الفنون الجميلة عام 1923، وبعد عودته إلى مصر عمل مدرسا للرسم بالمدارس الابتدائية ثم الثانوية فمدرسا بمدرسة المعلمين العليا عام 1924 فمفتشا لوزارة المعارف ثم عميدا لمفتشي الرسم عام 1940 
ساهم في تأسيس العديد من الجمعيات الفنية نذكر منها جمعيات الرسم بمدارس المعلمي، وتأسيس جمعية الرعاية الفنية عام 1936 وجمعية الرسم بالألوان المائية، حيث أستمر حبيب جورجي في الفن والإبداع حتى توفي في 22 أكتوبر 1965 عن عمر يناهز 73 عاما تقريبا.
أما عن الإضافة الحقيقية التي أضاقها الفنان حبيب جورجي للفن المصري ؛ فهو تأسيسه لتجربة الفن التلقائي عند الأطفال المصريين التي استغرقت ما يقرب من 12 عاما خلال الفترة من 1939- 1951 واستخلص منها نتائج تربوية بالغة الأهمية غيرت مناهج التربية الفنية في مصر والعالم، وكانت بمثابة الأرضية التي قام عليها بيت الفن في الحرانية ؛والذي أسسه صهره المرحوم رمسيس ويصا واصف (1911- 1974 ) واشتهر بإنتاجه السجاد المعروف بسجاد الحرانية.
ولقد ذكر الفنان والكاتب الكبير كمال الملاخ 1918- 1987 في كتابه الرائد 80 سنة من الفن عن هذه التجربة فقال عنها " في عام 1938 بدأ الفنان حبيب جورجي تجربته حول الفن التلقائي عند الأطفال فبدأ يجمع الأطفال في سن مبكرة ؛وكانوا خمس فتيات وولد صغير ؛وأسكنهم معه في منزله وتركهم بعبرون في تلقائية عن كل ما يخطر على بالهم ليستخرج المخزون التشكيلي الوراثي قبل أن يتأثروا بالحياة المدنية ؛فقام بعزل هؤلاء الأطفال عن المؤثرات الحضارية والتعليمية؛ وبعد خمس سنوات من التجربة، أي خلال عام 1943 تقريبا بدأ بعض الأثرياء في تدعيمه ماديا بعد أن شعروا بقيمة العمل الذي كان يقوم فزاد عدد الأطفال إلى 14 فتاة و6 أولاد ؛ من أبرزهم سميرة محمد حسن وسيدة ميساك وبدور جرجس وقد أقام لهم خمس معارض في القاهرة ؛ وقد وصلت التجربة إلى علم مؤسسة اليونسكو ؛فقامت لهم معرضا في باريس ومعرضا آخر في لندن. 
ولقد أثبت حبيب جورجي من خلال تجربته أن تاريخ الجنس البشري مختزن في أعماق الذاكرة الإنسانية بشكل مكنون ؛ ومن الممكن عند عزل الأطفال عن المؤثرات الحضارية المختلفة مع تشجيعهم على استخراج هذا المخزون أن يقدموا ما بداخلهم من مواهب مكبوتة تنتظر اللحظة المناسبة للإعلان عنها في شكل عمل إبداعي متميز لمزيد من التفصيل راجع الكتاب السابق ذكره من صفحة 143 – 147.
وحدث أنه كان في زيارة لدار التربية الفنية بحمامات القبة وشاهد هؤلاء الأبناء يبعثون الحياة في كتل من الطين تحمل كل سمات الفن المصري القديم وأبدي على حياء رأيا كان يعتقد أنه يخالف به الأستاذين حبيب جورجي ورمسيس ويصا واصف. 
وأنتقد ما تقوم به خضرة إحدي الفتيات الموهوبات من تقليد متقن ومذهل لتمثال الفلاحة المعروض بالمتحف المصري ؛وأنه كان يفضل أن تكون أعمالهم خلاقة من وحي الخيال والبيئة وليس النقل والمحاكاة وهذه نظرية لا يختلف عليها أثنان وكم كانت دهشة دريتون كبيرة عندما أكدت له خضرة أن هذه أنها لم تدخل المتحف المصري أبدا طول حياتها، ولكنه تراث آلاف السنين يسري في عروقها سريان الدم في الشرايين،و في عام 1950 دعت اليونسكو حبيب جورجي إلى إقامة معرض في فرنسا وانجلترا يعرض فيه آثار المدرسة الفنية التي أنشأها.
وخصصت الأذاعة البريطانية برنامج النقاد الأسبوعي لمناقشة أعمال هذا المعرض، وفي هذا الرنامج قال الناقد الأدبي روبرت أنستي Robert Anstey أن أعمال هذه الفتاة سيدة ميساك قد خرجت عن نطاق الطبيعة وأحدثت صياغة جديدة للطبيعة.
ولقد ذكر الفنان الكبير حبيب جورجي أن ملكة انجلترا قد غيرت برنامج زبارتها لتري معرض حبيب جورجي ؛ كما قال له الفيلسوف الأنجليزي العالمي ألدوس هكسلي Aldous Huxley ( 1894- 1963 ) " إن نظريتك في الفن قلبت مفاهيمنا في الفن رأسا على عقب
ويذكر أن وزارة الثقافة التفتت إلى أهمية حبيب جورجي ورأت الأستفادة منه ؛فقدمت إليه الطابق الثاني من وكالة الغوري حيث أهتمت الصحف والتلفزيون المصري به وألقت أضواءها على أعماله ولقد أصبحت هذه الوكالة مركز إشعاع فني صفحة 101 من الكتاب السابق ذكره 
ولقد عمل حبيب جورجي في خدمة الفن القبطي أيضا ؛ حيث قام بتسجيل مباني الأديرة القبطية في لوحات رائعة ؛ ولقد ذكرت المؤرخة الكبيرة إيريس حبيب المصري 1918 - 1994 في موسوعتها الرائعة "قصة الكنيسة القبطية الجزء السادس رقم ب ؛ صفحات 69 73 " أن فكرة إنشاء معهد الدراسات القبطية ولدت في منزل حبيب جورجي بأبي قير حيث قالت " كان الدكتور عزيز سوريال عطية يزور حبيب جورجي ؛ وخلال الزيارة تطرق الحديث إلى المبني القائم على أرض الأنبا رويس ووجوب استغلاله لخدمة الكنيسة. 
ورأوا أن خير وسيلة لاستغلاله هو إنشاء معهد عالي للدراسات القبطية ؛ فتحمس الأنبا يؤانس مطران الجيزة الراحل للفكرة وقال لعزيز سوريال عطية " مادمت متضايقا من حرمانك كرسي أستاذية التاريخ بجامعة الإسكندرية فما رأيك في الاستقالة وتركيز جهودك على افتتاح المعهد ثم تولي رئاسته " فراقت الفكرة للمؤرخ الكبير فبدءوا يناقشون كيف في كيفية جمع التمويل اللازم ؛ فأعلن الانبا يؤانس استعداده أن يساهم ب 500 جنيه سنويا. وحذا حذوه الأنبا ياكوبس مطران القدس الراحل.فقال لهما حبيب جورجي " هل أنتما مستعدان أن تكتبا تعهدا كتابيا بذلك ليكون وثيقة في يد وثيقة في يد عزيز سوريال يطوف بها مختلف الجهات لجمع المال اللازم ؛ فوافق المطرانين وكتبا التعهد المطلوب ؛ وبالفعل أستعان عزيز سوريال عطية بهذا التعهد لجمع المبالغ المطلوبة "راجع المرجع السابق ذكره ؛صفحتي 69 و70 وما بعدهما.
ولقد ظل قسم الفن القبطي بالمعهد امتدادا لمدرسة حبيب جورجي في النحت كما أسندت إيه مسئولية تعليم الفن بالمدرسة القبطية الأولية وجمعية التوفيق القبطية، ولقد قام معهد الدراسات القبطية بتكريم أسمه مع آخرين في احتفال كبير أقيم مساء يوم الأربعاء 31 مارس 1976 بالقاعة المرقسية بالأنبا رويس بالعباسية برئاسة نيافة الأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمي ؛ ولقد تم التكريم مع خمسة شخصيات أخري هم عزيز سوريال عطية سامي جبرة الفنان راغب عياد الدكتور شفيق عبد الملك الفنان الراحل حبيب جورجي المرحوم المهندس يوسف سعد.