الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"سيف" خرج بحثا عن "لقمة العيش" فعاد لأسرته قتيلا.. والدته: الجناة ذبحوه لسرقة "التوكتوك".. والتحريات: سيدة منتقبة وشخصان نفذوا الجريمة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
طفل ارتدى ثوب الرجال منذ صغره، سلك طريق الحلال لمساعدة أسرته محدودة الدخل على الحياة القاسية، تاركًا دراسته وحلمه في مستقبل باهر كباقى أقرانه من الأطفال، يجوب الشوارع والميادين أملًا في توفير بضعة جنيهات يعود بها لعائلته في المساء محملا بـ«بشاير الخير»، لسد جوع أشقائه الصغار وشراء علاج والده المريض من خلال عمله كسائق على مركبة «توكتوك»، لكنه لم يدر أن الراكضين خلف لقمة العيش أحيانًا يدفعون حياتهم ثمنًا في سبيل الحصول عليها، وهو ما حدث معه بالفعل، إذ استدرجته مجموعة من الأشرار بحجة توصيلهم لأحد الأماكن، وقبل أن يصل بهما إلى المكان الوهمى الذى أرشدوه إليه، تعدوا عليه بالضرب بـ«سلاح أبيض»، وعند قيامه بمقاومتهم قتلوه وألقوا جثته على جانب الطريق، واستولوا على «التوكتوك»، وفروا هاربين.

«البوابة»، انتقلت لمنطقة منشية الخانكة في محافظة القليوبية، لكشف ملابسات الحادث من خلال رواية أسرة المجنى عليه والأهالي.
«مات اللى كان سندى في الدنيا وتركنى أصارع عذاب الفراق بمفردي»، بهذه الكلمات بدأت السيدة «هاجر»، تروى تفاصيل الجريمة البشعة التى راح ضحيتها نجلها الأكبر «سيف»، صاحب الـ١٦ ربيعًا، مشيرة إلى أنها منذ نحو ١٧ عامًا تزوجت من «رجب»، والد المجنى عليه، وكان عمرها في ذلك الوقت لا يتجاوز ١٧ سنة، وبعد مرور عام رزقت بمولودها الأول «سيف»، شعرت حينها بأنها امتلكت الدنيا، فكان لها بمثابة الابن والأخ، وبمرور السنوات اشتد ساعد الطفل الصغير الذى كتب عليه القدر أن يتحمل ما لا يستطيع تحمله رجل في الأربعين من عمره، خاصة بعدما تعرض والده لوعكة صحية، جعلته لا يستطيع التحرك من داخل شقتهم البسيطة، التى تدل على ضيق حال قاطنيها».
وأضافت: «قرر نجلى عقب مرض والده التفرغ للمنزل من أجل تدبير احتياجات الأسرة، وقرر أن يكمل مرحلة التعليم الإعدادى من المنزل عن طريق طلب تقدم به لإدارة المدرسة وقال لي: «هأخدها منازل يا ماما»، وكان ما أراد، وظل بعدها يبحث عن فرصة مناسبة له كطفل «حديث سن»، فلم يجد، حتى اقترح عليه أحد زملائه أن يعمل معه سائقًا على مركبة «توكتوك»، فوافق نظرًا لظروفنا الصعبة، فكان يخرج لاستلام الوردية يوميًا الساعة ٢ بعد الظهر ثم يعود في تمام الساعة العاشرة مساء، محملا ببعض الجنيهات والطعام والحلويات لأشقائه الصغار «زياد ومنة»، وقبل الحادث عرضت أن يتخلى عن تلك المهنة وأنها سوف تعمل عاملة نظافة في إحدى المدارس بالمنطقة، إلا أنه قابل ذلك برفض شديد، وطلب منها عدم التفكير في ذلك الأمر نهائيًا، قائلًا لها: «لما أموت ابقى اشتغلى، لكن طول ما أنا عايش متقوليش كده تاني». وتابعت: «لم يمر الاثنين قبل الماضى على نجلى «سيف»، كسابقيه من الأيام، حيث استيقظ من نومه على غير عادته لا يريد الذهاب لاستلام وردية «التوكتوك»، إلا أنه تذكر أنه ليس مسئولا عن نفسه فقط، لكنه يعول أسرة معلقة في رقبته فبدل ملابسه وانطلق مسرعًا نحو الموقف وبعض وقت قليل من تبادل المزاح مع أصدقائه، انطلق كعادته يجوب شوارع المنطقة باحثًا عن زبائن يحصل من منهم على بعض الجنيهات قيمة التوصيلة، حتى دقت عقارب التاسعة مساء فقرر أن يذهب لـ«الجراج»، لركن «التوكتوك»، فقد انتهت ورديته، إلا أنه لم يفعل ذلك بعدما طلب منه مجموعة من الأشخاص أن يقوم بتوصليهم لمنطقة المؤسسة، لكنه لم يدر أنها بالنسبة له ستكون التوصيلة الأخيرة في مسلسل البحث عن «لقمة العيش»، وأثناء سيره في طريق المؤسسة المظلم طلبوا منه الوقوف، وعندما رفض باغته أحدهم بطعنة في الوجه، وعند محاولته الدفاع عن نفسه قام أحد الجناة بذبحه دون شفقة أو رحمة، ثم ألقوا جثته على جانب الطريق، واستولوا على «التوكتوك»، وفروا هاربين».

واستطردت: «ظلت جثة نجلى ملقاة على الطريق، ولم نكن على علم بما حدث حتى حضر صاحب «التوكتوك»، الساعة الواحدة صباحًا، ليسأل عن سبب تأخر «سيف»، عن تسليم الوردية والمركبة، فأخبره والده بأنه لم يأت للمنزل منذ أن خرج وقت الظهيرة، وعندها تسلسل الخوف لقلب زوجى وذهب معهم للبحث عن نجلى المفقود في كل مكان حتى إن جميع محاولاتهم باءت بالفشل، حتى أخبرهم أحدهم الأشخاص بأن هناك جثة عثر عليها ملقاة بطريق المؤسسة لعلها تكون جثة الطفل «الجدع»، عند وصولهم للمكان أشعل أحدهم كشاف هاتفه المحمول فعرفوا أنها جثة «الطفل الشقيان»، وبعدها أخبرونى بالحادث، والذى أفقدنى الوعى في الحال.
وأوضحت: «بعد مرور يومين تعرض أحد السائقين لحادث مماثل، لكنه نجا منهم بأعجوبة، والذى توجه لمركز الخانكة ليخبر الرائد أحمد عبدالمنعم، رئيس المباحث بالواقعة، ومنها هنا كان ذلك بداية لطرف الخيط لكشف هوية التشكيل العصابى الذى تتزعمه سيدة منقبة برفقتها شخصان آخران، وعلى الفور انتشر رجال البحث الجنائى في المنطقة لجمع المعلومات عن تلك المرأة ذات الوشاح الأسود، وعقب أعداد كمين لها تم ضبطها وباقى أفراد العصابة، حيث إنهم جميعا من أسرة واحدة، ليعترفوا بارتكاب الواقعة، مستطردة: «أطالب بالقصاص العادل من الجناة وهو إعدام المتهمين شنقًا، كما تطالب الأجهزة المعنية بوضع أعمدة إنارة في الطريق الذى شهد الجريمة، حتى لا يحدث ما وقع لنجلها لشخص آخر».