الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

غادة عبدالرحيم تكتب.. وصفة وحكاية من التاريخ للأمهات

دكتور غادة عبدالرحيم
دكتور غادة عبدالرحيم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بالورقة والقلم والمثل.. كيف تعلمين ابنك القراءة.. والعقاد والرافعى وأصلان جامعات معرفية دون شهادات
استوقفنى حديث والدة طالب مع مدرس وهي تؤكد عليه في إلحاح: «يا أستاذ أنا عايزة ابنى يقرأ بس، مش مهم عندى الشهادة ولا يكون الأول، لكن عايزاه يمسك الحاجة يقرأها»، فلسفة هذه السيدة البسيطة أدت نفس المعنى الذى قاله «فولتير» حينما سُئل عمن سيقود الجنس البشري، فأجاب: الذين يعرفون كيف يقرأون»، ومن هنا ننطلق لنبدأ روشتة اليوم بنصائح لتنفيذ العوامل التى تساعد في تنمية ميول القراءة لدى الأطفال:
١- فاقد الشيء كما يقولون لا يعطيه وما دام الطفل لا يرى الأب والأم يمسكان كتابا ويحبان الاطلاع فلن يهوى ذلك، لذا لزامًا عليهما القراءة والاطلاع أمام الأبناء.
٢- اصطحاب الأطفال إلى المكتبات ومعارض الكتب، حتى إن لم يكن قد بدأ في القراءة، لكن ليتعود على الأمر.
٣- توفير بعض الألعاب على شكل كتب أو ممارسة ألعاب تعتمد على السؤال والإجابة مما قرأه الطفل أو الطفلة.
٤- سرد القصص عن نماذج نجاحه وعن فضل الكتابة من ناحية قدرة من يقرأ على تفسير كل الأمور حوله.
٥- تشجيع الأطفال على الاستعارة من مكتبة المدرسة وتحديد أوقات لمناقشتهم فيما قرأوه.
٦- إذا كان طفلك صغيرا اعتمدى على التعود السمعى له بأن تقرأى بجواره ما يناسبه ويجعله يُحب القراءة.
٧- ترديد الأغنيات وتعاون الأشقاء مع بعضهم البعض في القراءة وهذا دور أساسى للأم لخلق هذا الأمر بينهم.
٨- استغلال الرحلات المدرسية عن طريق إرشاد الطفل أو الطفلة إلى القراءة عن الأماكن التى سيتم زيارتها.
٩- تشجيع الابن أو الابنة على أن يكون له سجل بالكتب التى قرأها وبالنشاطات التى مارسها.
١٠- إذا لم يكن طفلك من هواة القراءة فلا بد من مناقشته لمعرفة أسباب عزوفه عن القراءة ومعالجتها.

نقطة نظام
يجب أن يفطن الوالدان إلى أن أطفالنا صفحة بيضاء، نحن نخط بها ما نشاء، لذا نجاح القصد في كل الأمور يتوقف على المناخ الأسرى، فكل النصائح التى نقدمها لا جدوى منها دون توفير مناخ أسري يساعد على ذلك، فكما أشرنا إلى العوامل الإيجابية التى تساعد على تعليم الابن أو الابنة القراءة، يجب أن نشير أيضًا إلى الأمور السلبية التى تحول دون ذلك، فالتوبيخ والتهديد ومطالبة الطفل بسلوكيات أعلى من قدرته تجعله يعزف عن أداء المطلوب منه وتؤدى إلى ضعف ثقافته بنفسه، ففى موضوع تعليم القراءة قد يضغط أحد الوالدين على طفله أو يُقدم له كتابًا أكبر من استيعابه ويضغط عليه لقراءته، وللأسف بعض الأمهات يأخذن النصيحة ليس بمعيار النهى فقط، فحينما نقول لا تعاقبيه لسنا نقصد معناها المطلق، لكن أن يكون العقاب ملائمًا لما اقترفه، أما ألا نعاقب ونفعل النقيض بالتدليل والحماية الزائدة، فهذا يؤدى إلى النتائج السلبية نفسها، وإذا ما أردنا بعد ذلك تقويمه سيكون رده التهرب، إما بادعاء المرض أو الامتناع عن الطعام أو الكلام، فحاولوا قدر الإمكان أن يكون سلوككم نحو أبنائكم غير متذبذب، فتحلى الآباء بالصفات والقدرات الابتكارية يدفع الأبناء إلى تقليدهم.
أجابت المعلمة الأمريكية «كاثارين بيتشر» حينما سُئلت عمن سيقود الجنس البشري؟ فقالت الذين يعرفون كيف يقرأون.. أذكر ذلك لأقول لكل الأمهات الشهادة ليس لها علاقة بالقراءة، فعلامات بارزة في تاريخنا لم تساعدهم الظروف للحصول على شهادات مدرسية وجامعية، لكنهم صنعوا لأنفسهم تاريخًا بالقراءة.. نذكر منهم هنا البعض لتحكى الأمهات قصصهم لأطفالها تحفيزًا منها لهم على حب القراءة.

"هؤلاء.. قرأوا فأصبحوا عظماء"
راهب الفكر.. العقاد
لم يتجاوز تعليمه الشهادة الابتدائية، لكن تجاوزت مؤلفاته المائة كتاب، حتى بات علامة فارقة، ليس فقط في الأدب المصرى، ولكن في الأدب العربى، كان جامعة معرفية تسير على قدمين، فلم يكن هناك مجال في الكتابة إلا خاضه! وترجم له العديد من كتبه إلى الكثير من اللغات الأخرى، ومنحه الرئيس جمال عبدالناصر جائزة الدولة التقديرية، فلم يتسلمها، ورفض الدكتوراة الفخرية من جامعة القاهرة، وكأنه كان يريد بذلك أن يعلمهم أنه فوق الدكتوراه.

باولو كويلو.. أشهر الأدباء في العالم
رفض التعليم، ولم يكمل دراسته، وأدمن المخدرات، وصار مع حركة الهيبز العالمية، لكنه حقق نجاحًا أدبيًا كبيرًا، وأصبح من أشهر كتاب الأدب في العالم، تجاوزت مبيعات روايته الخيميائى ٢٧ مليون نسخة، وترجمت إلى أكثر من ٥٦ لغة حول العالم، ووزعت في ١٥٠ دولة.
وهو روائى وقاص برازيلى، وقبل أن يتفرغ للكتابة، كان يمارس الإخراج المسرحى، والتمثيل وعمل كمؤلف غنائى، وصحفى، وقد كتب كلمات الأغانى للعديد من المغنين البرازيليين أمثال إليس ريجينا، ريتا لى راؤول سييكساس، فيما يزيد على الستين أغنية.

الحكاء الأعظم.. خيرى شلبى
لم يتلق خيرى شلبى تعليمًا جامعيًا، وحصل على شهادة من معهد المعلمين، وعمل بكثير من الأعمال، منها أنه التحق بعمال التراحيل، وعمل بعدد من الحرف، مثل بائع سرّيح يبع المنظفات، والأمشاط، وعلب الكبرىت، وإبر الخياطة في الترامات.
وأصبح خيرى شلبى بعد ذلك كاتبًا وروائيًا له سبعون كتابًا، من أبرز أعماله مسلسل «الوتد» عن قصة بنفس الاسم قامت ببطولتها الفنانة هدى سلطان، وهو رائد الفانتازيا التاريخية في الرواية العربية المعاصرة، وتعد روايته رحلات الطرشجى الحلوجى عملًا فريدًا.
وحصل خيرى شلبى على جائزة الدولة التشجيعية في الآداب، ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، وجائزة أفضل رواية عربية عن رواية «وكالة عطية»، والجائزة الأولى لاتحاد الكتاب للتفوق عام ٢٠٠٢، حاصل على جائزة ميدالية نجيب محفوظ من الجامعة الأمريكية بالقاهرة عن رواية «وكالة عطية» ٢٠٠٣، وغيرها من الجوائز الأخرى.

الفاجومى.. لم يحصل على أى شهادة علمية
التحق بكتّاب قريته بالشرقية كعادة أهل القرى في ذلك الزمن، ولم يحصل على تعليم نظامى بعد ذلك، وتمرد «نجم» على واقعه، حتى أصبح أحد أبرز شعراء العامية في مصر الملتزمين بقضايا الشعب، والجماهير الكادحة ضد الطبقات الحاكمة، مما أدى إلى سجنه ثمانية عشر عامًا، كما أنه أحد مؤسسى حزب المصريين الأحرار عقب ثورة ٢٥ يناير.
تكونت بينه وبين الشيخ إمام علاقة فنية كبيرة، مثلت انطلاقة جديدة في حياته، وبجانب علاقتهما الفنية، تكونت علاقة صداقة قوية، يقول عنها «نجم» في مذكراته: «أهم من العلاقة الفنية كانت العلاقة الإنسانية بينا، كل يوم تنمو وتتوثق كل يوم عن اللى قبله وبدأنا نحكى ونتحاكى».
واختارته المجموعة العربية في صندوق مكافحة الفقر التابع للأمم المتحدة سفيرًا للفقراء في عام ٢٠٠٧، وفى عام ٢٠١٣، فاز بجائزة الأمير كلاوس الهولندية، وهى من أرقى الجوائز في العالم، لكن وافته المنية قبل تسلمها ببضعة أيام، وفى ١٩ ديسمبر ٢٠١٣ وبعد وفاته، مُنح وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى.

العظيم إبراهيم أصلان.. مالك الحزين
لم يحقق أصلان تعليمًا منتظمًا منذ الصغر، فقد التحق بالكتاب، ثم تنقل بين عدة مدارس حتى استقر في مدرسة لتعليم فنون السجاد، لكنه تركها إلى الدراسة بمدرسة صناعية، والتحق إبراهيم أصلان في بداية حياته بهيئة البريد وعمل لفترة كبوسطجى ثم في أحد المكاتب المخصصة للبريد، وهى التجربة التى ألهمته مجموعته القصصية «وردية ليل». ونال الكاتب المصرى الكبير إبراهيم أصلان شهرة وجمهورًا عريضًا من خلال رواياته، ومن خلال الأفلام التى بنيت على رواياته، والتى استطاع بها أن يلتحم بالمجتمع المصرى بكل مكوناته، كما نال جائزة الدولة التقديرية وعددًا من الجوائز الدولية الأدبية الكبرى أيضًا.
ولد إبراهيم أصلان بقرية شبشير الحصة التابعة لمركز طنطا، ونشأ وتربى في القاهرة وتحديدا في حى إمبابة والكيت كات، وقد ظل لهذين المكانين الحضور الأكبر والطاغى في كل أعمال الكاتب بداية من مجموعته القصصية الأولى «بحيرة المساء» مرورًا بعمله وروايته الأشهر «مالك الحزين»، حتى كتابه «حكايات فضل الله عثمان» وروايته «عصافير النيل».

نابغة الأدب العربى.. مصطفى الرافعى
حصل الرافعى على الشهادة الابتدائية بتفوق، ثم أصيب بمرض، يقال إنه التيفود، أقعده عدة شهور في سريره، وخرج من هذا المرض مصابًا في أذنيه، واستفحل به المرض حتى فقد سمعه نهائيًا في الثلاثين من عمره، لم يحصل الرافعى في تعليمه النظامى على أكثر من الشهادة الابتدائية.
وقد بدأ الرافعى قول الشعر في سن مبكرة، وبدأ بشعر يحاكى فيه فحول الشعراء العرب قوة وجمالًا، وفى الثالثة والعشرين من عمره أصدر الجزء الأول من ديوانه وأتبعه بعد سنة بالجزء الثانى، وبعد سنتين أخريين أصدر الجزء الثالث، وقد جمع الأجزاء الثلاثة في ديوان أسماه «النظرات»، وحينما بلغ سن الثلاثين، اتجه إلى كتابة الأدب المنثور، فله العديد من الكتب منها «تاريخ آداب العرب، إعجاز القرآن في البلاغة النبوية، السحاب الأحمر، حديث القمر، المساكين، وغيرها»، فيعتبر الرافعى في زمانه حامل لواء الأصالة في الأدب.

أبو الأدب الروسى.. ليو تولستوي
حاول تولستوى دراسة القانون، واللغات الشرقية، لكن أسلوب التعليم لم يعجبه في الجامعة؛ فتركها مفضلًا القراءة، وبدأ بتثقيف نفسه، وشرع في الكتابة، وفى تلك المرحلة الأولى من حياته كتب ثلاثة كتب وهى «الطفولة، الصبا، والشباب».
يستطيع البعض أن يعتبره «أبو الأدب الروسى»، ويُعد كتاب «الحرب والسلام» ١٨٦٩م، من أشهر أعمال تولستوى، ويتناول هذا الكتاب مراحل الحياة المختلفة، كما يصف الحوادث السياسية والعسكرية التى حدثت في أوروبا في الفترة بين ١٨٠٥ و١٨٢٠م؛ وتناول فيها غزو نابليون روسيا عام ١٨١٢م؛ ومن أشهر كتبه أيضًا «أنا كارنينا» الذى عالج فيه قضايا اجتماعية وأخلاقية وفلسفية في شكل مأساة غرامية كانت بطلتها هى أنَّا كارنينا.

رسام السجاد الذى أعاد رسم التاريخ.. جمال الغيطانى
تلقى تعليمه الابتدائى في مدرسة عبدالرحمن كتخدا، وأكمله في مدرسة الجمالية الابتدائية، وفى عام ١٩٥٩ أنهى الإعدادية من مدرسة محمد على الإعدادية، ثم التحق بمدرسة الفنون والصنائع بالعباسية، ولم يلتحق بعدها بالجامعة.
استطاع الغيطانى في عام ١٩٦٣م أن يعمل كرسام في المؤسسة المصرية العامة للتعاون الإنتاجى، حيث استمر بالعمل مع المؤسسة إلى عام ١٩٦٥، وتم اعتقاله في أكتوبر ١٩٦٦ على خلفيات سياسية، وأطلق سراحه في مارس ١٩٦٧، حيث عمل سكرتيرًا للجمعية التعاونية المصرية لصناع وفنانى خان الخليلى، وذلك إلى عام ١٩٦٩م.
وفى عام ١٩٦٩، مرة أخرى استبدل الغيطانى عمله ليصبح مراسلًا حربيًا في جبهات القتال، وذلك لحساب مؤسسة أخبار اليوم، وفى عام ١٩٧٤ انتقل للعمل في قسم التحقيقات الصحفية، وبعد أحد عشر عامًا في ١٩٨٥ تمت ترقيته ليصبح رئيسًا للقسم الأدبى بأخبار اليوم، وقام بتأسيس جريدة أخبار الأدب في عام ١٩٩٣م، وشغل منصب رئيس التحرير.
وحصد الغيطانى عددًا من الجوائز الأدبية، منها جائزة الدولة التشجيعية للرواية، وجائزة سلطان بن على العويس، ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، وجائزة الدولة التقديرية، وغيرها من الجوائز الأدبية.

خاتمة
ما أود قوله في النهاية أن سر الحياة في كلمة «اقرأ».. ذلك الأمر الربانى الذى قاله الله لنبيه وكأنه توجيه لكل الشعوب.. اقرأ؛ لذا كان تعليم القراءة للأطفال فرضا واجبا على كل أب وأم، فكيف يخاطب طفل العالم دون أن يكون قد تعلم لغته وهى القراءة؟ اقرأ خارج القوالب المدرسية.. اقرأ وإن لم تكن حتى في حقل التعليم، اقتطع جزءًا من وقتك لتقرأ وتعلم أطفالك القراءة، فنحن نحتاج إلى ذلك.. العالم يحتاج إلى ذلك بقدر حاجته للطعام والدواء والماء.. «فاقرأ كتابك بنفسك وعلمه أبناءك، فهذه هى البذرة التى ستنبت وتزهر ما دامت على الأرض حياة».