الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

بيتر هاندكه.. يفكر كقارئ وينتمي إلى الرواية

بيتر هاندكه
بيتر هاندكه
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قدّم فيلم العبقري الألماني فيم فندرز "أجنحة الرغبة" 1987 الكاتب النمساوي بيتر هاندكه إلى العالم ككاتب سيناريو؛ لكن الرجل من قبل ذلك عُرف كواحد من أبرز الكتاب والشعراء الأوروبيين بعد الحرب العالمية الثانية، ويملك تجربة واسعة في الأعمال التجريبية، الروائية، والشعر أيضًا؛ سنوات طويلة من الكتابة مهّدت طريق النمساوي إلى جائزة نوبل في الأدب، حتى إذا كان البعض يراه كائنًا برّيًا، منعزلًا، صموتًا، غريبًا.
يرى آخرون كذلك اضطراب هاندكه وتوتّره وحيرته تكاد تكون مؤثرة فيما تشيع روحه مرارة طاعنة، خاصة وهو يتكلم همسًا بجمل قصيرة ذات إيقاع؛ لكن اللجنة المانحة للجائزة بالأكاديمية السويدية، والتي شملت هذا العام أعضاء جدد، وإصلاحات على قوانينها الداخلية بعد تدخل نادر من قبل ملك السويد شخصيًا، رأت أن أعمال الرجل المؤثرة تستكشف، عبر نص استثنائي، أبعاد الحدود الإنسانية والخصوصيات الإنسانية".
اهتم هاندكه في المرحلة الاولى لكتاباته، وهي فترة أوائل السبعينات، باللغة بشكل أساسي، وبرز ذلك في روايته الاولى "الزنابير" والتي عدّت تطبيقا عمليا لبحوث فيتجنشتاين الفلسفية في اللغة؛ ثم تجسد ذلك في مسرحيات مثل "جاسبار" و"مسرحيات الكلام"، وديوانه الشهير "العالم الداخلي للعالم الخارجي للعالم الداخلي"؛ وكذلك تطورت كتاباته في روايات "البائع المتجول" و"الخطاب القصير للوداع الطويل" و"المرأة العسراء"، إضافة إلى المقالات مثل "أنا ساكن البرج العاجي" و"حينما كان التمني ما يزال ذا جدوى" 
حصل بيتر هاندكه على العديد من الجوائز الأدبية المهمة؛ ورغم إسهاماته في حقول أخرى لكنه يقول "أنتمي انتماء صاعقا ومطلقا إلى الرواية لأنها الأكثر تلاؤما مع تـنفّسي وإيقاعي. إلا أنّي لم أتخلّ عن الشعر. الشعر هو لحظة ألم، وعندي من تلك الكثير، ولكن عليّ أن أنتظر. أن أنتظر المزيد من الجروح. أعني جروح الفرح أيضا. ثمة أمور تنقصني لكي أكتب الشعر. لكي استحق أن أكتب الشعر. أن يدوسني الزمن أكثر مثلا. يجب أن نتضّع أمام الشعر، وأنا لا أريد ان استعجله كي لا يجفل مني. لذلك انتظر".
وفي مقدمة ترجمته لرواية "دون جوان"، التي تصدر قريبًا، كتب المترجم الكبير سمير جريس يقول "ثمة شخصيات أدبية تولد ولا تموت. وعبر السنين تشهد هذه الشخصيات ولادات متعددة، فتكتسي في كل مرة شكلا آخر وبعدا جديدا. ومن أبرز هذه النماذج شخصية "فاوست" مثلا التي تناولها عديدون قبل أن يخلدها الشاعر الألماني غوته في ملحمته الشعرية. وبعد غوته شهد فاوست أكثر من ولادة، مثلا على يد الروائي المشهور توماس مان في "دكتور فاوستوس"، أو على يد بعض الأدباء العرب مثل توفيق الحكيم في "عهد الشيطان" و"نحو عالم أفضل". بعد كل هذه المعالجات، هل بقي جديد يقدمه بيتر هاندكه في روايته هذه؟ ومن أي زاوية أمكنه الاقتراب من دون جوان؟".
يقول هاندكه عن نفسه كذلك "أفكّر كقارئ عندما اكتب. القارئ الذي فيّ لا يريد أن يجد في ما يقرأه نسخة طبق الأصل عمّا يحيياه في حياته. الإخلاص للواقع في الأدب قلبا وقالبا ليس فضيلة. القارئ يرغب على ما أعتقد أن يحلّق، ان يستكشف آفاقا أخرى، إن على مستوى المضمون أو اللغة. لا استطيع أن احدّد لكِ ذلك بصياغة واضحة، لأني عاجز عن إيجاد أشكال دقيقة ومبلورة لكتابتي أستطيع تأطيرها داخلها. غالبا ما أقول إني عاجز حتى عن إيجاد شكل لحياتي نفسها، ومن النفاق في رأيي أن نتوق إلى تناغم ما بين أشكال الحياة وأشكال الكتابة. ولهذا السبب ربما أتوانى عن إطلاق أحكام أدبية نهائية وصارمة، لأنني عاجز عن العيش بناء على مفاهيم صلبة عموما، وعاجز عن الكتابة بناء على هذه خصوصا".