الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة ستار

الإذاعة نبض الشعب في انتصار أكتوبر.. قصة أول بيان عن الحرب.. مندوب رفيع المستوى من وزارة الدفاع إلى مقر الإذاعة المصرية حمل خطابًا مهمًا كتب عليه «سرى للغاية»

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم يكن هناك وسيلة إعلامية، تنقل أحداث حرب أكتوبر المجيدة، بشكل تفصيلى في ١٩٧٣، إلا الإذاعة المصرية، وشكلت الإذاعة وجدان الشعب المصرى في ذلك الحين بشكل كبير، واتجه جميع المواطنين لهذه الوسيلة من أجل معرفة ما يجري، ولن ينسى أحد الدور الذى لعبته الإذاعة في هذه الملحمة التاريخية.


بيان شهير شهدته جدران الإذاعة أثناء الحرب، وهو البيان الذى ألقاه المذيع الشهير «صبرى سلامة»، وبدأ حديثه بـ: «هنا القاهرة»، وتبدأ قصة هذا البيان في الساعة الواحدة من ظهر السادس من أكتوبر، حيث توجه مندوب رفيع المستوى من وزارة الدفاع إلى مقر الإذاعة المصرية، حيث كان يحمل خطابًا مهمًا كتب عليه «سرى للغاية».
كان الخطاب هو أول بيان تمت إذاعته في الثانية وعشر دقائق بعد انطلاق الضربة الجوية بخمس دقائق. ولم يعرف أحد من الحضور سواء كان رئيس الإذاعة بابا شارو ومدير الإذاعة أو المذيعين ولا المخرجين شيئًا عن محتوى الخطاب، لكنهم عرفوا أن هناك أمرًا مهمًا وخطيرًا على وشك الحدوث.
وانتظر المندوب على أحر من الجمر وصول الأمر، والدقائق تمر عليه وكأنها ساعات، وهو ممسك بالخطاب المغلق الذى لا يعرف محتواه حتى صبرى سلامة المذيع الذى سيلقى البيان بصوته، وبعد أن عبرت القوات الجوية بـ٢٢٠ طائرة بموجة كاسحة لـ«شط» القناة في تمام الثانية وخمس دقائق، تلقى الرجل اتصالًا من اللواء حسن الجريدلى من داخل غرفة عمليات القوات المسلحة حاملًا الإذن بإذاعة البيان.
كان اللواء الجريدلى، يشغل منصب سكرتير عام وزارة الدفاع، وبعد الاتصال انفرجت أسارير المندوب، وسلم البيان لرئيس الإذاعة، واشترط أن يسلمه له داخل الاستوديو، وكان الدكتور عبد القادر حاتم، وزير الإعلام، يتابع الموقف هاتفيًا حتى لا يكشف تواجده الموقف. وكان هذا هو بيان الضربة الجوية.
ومع دقات الساعة الرابعة عصرًا، والكل يترقب ما يحدث على الجبهة، وينطلق صوت حلمى البلك ليلقى البيان الخامس الشهير، الذى حمل نبأ العبور العظيم، واقتحام خط بارليف، وقال «البلك»: «هنا القاهرة.. جاءنا الآن البيان الخامس، نجحت قواتنا المسلحة في اقتحام قناة السويس في قطاعات عدة، واستولت على نقط العدو القوية بها ورفع علم مصر على الضفة الشرقية للقناة، كما قامت القوات المسلحة السورية باقتحام مواقع العدو في مواجهتها وحققت نجاحًا مماثلًا في قطاعات مختلفة». وفى هذه اللحظة لم ينتظر الشعب المصرى وخرج إلى الشوارع يحمل الأعلام المصرية، معبرًا عن سعادته بالنصر وامتنانه للقوات المسلحة والرئيس السادات بعودة الكرامة والعزة لمصر وشعبها. يذكر أيضًا أن ٨ بيانات قد صدرت من القوات المسلحة المصرية من أصل ٦٤ بيانا، وتمت إذاعتها عبر أثير الإذاعة المصرية، ليوم السبت ٦ أكتوبر ١٩٧٣ ميلادية، الموافق ١٠ رمضان عام ١٣٩٣ هجرية.

وفى هذه الفترة أيضًا تواجد عدد كبير من الفنانين داخل الإذاعة لتنفيذ أغنيات لهذا الحدث، وقاموا بالفعل بصناعة أغنيات ما زالت هى التى تذاع إلى وقتنا هذا في ذكرى حرب أكتوبر، وهو ما رواه الإعلامى حمدى الكنيسى المراسل الحربى للإذاعة المصرية في حرب أكتوبر ١٩٧٣ في أحد الحوارات قائلًا: «إن الدور الإعلامى وتوعية المواطنين خلال حرب أكتوبر كان يعتمد على البيانات العسكرية الدقيقة دون أى مبالغات، وأيضا استثمار القوة الناعمة المصرية من خلال الأفلام والمسلسلات والأغاني»، مضيفًا أنه كان هناك عدد من الفنانين متواجدين ليل نهار بهذه الفترة لعمل أغنيات للحرب، ومنهم الفنان عبد الحليم حافظ وبليغ حمدى وأحمد فؤاد حسن وفرقته، وكلهم كانوا متطوعين، ولا يتقاضون أجورا.
وتابع «الكنيسي» أنه بعد النجاح الساحق الذى حققته إحدى أغانى بليغ حمدي، سأله أحدهم عن المقابل المادي، فقال له «بليغ»: «الأغانى الوطنية دى بعملها لأمي.. حد ياخد من أمه التمن؟»، موضحا أنه حضر كواليس تسجيل وردة الجزائرية لأغنية «على الربابة».