السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

فيلم السهرة "كورسك".. كارثة تحت سطح البحر

الغواصة النووية كورسك
الغواصة النووية كورسك
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مع بداية توليه سدة الحكم، كان الرئيس الروسى فلاديمير بوتين يواجه أولى الكوارث الوطنية في بداية حكمه، في الثانى عشر من أغسطس عام 2000؛ حيث تعرضت الغواصة النووية «كورسك» للغرق بعد انفجار طوربيد أثناء مناورات في بحر بارنتس الواقع شمال غرب روسيا، ليقضى أفراد طاقمها البالغ عددهم 118 بحارًا نحبهم على متنها في قاع البحر بسبب تعذر إنقاذهم.
تسبب شعور العظمة لدى رئيس استخبارات الاتحاد السوفيتى السابق ورئيس الدولة الجديدة في كارثة إنسانية قضت على 23 ناجيًا ظلّوا أحياء بعد انفجار الغواصة، ليواجه الرئيس الذى تولى مهامه بالوكالة في نهاية ديسمبر عام 1999 حتى انتخابه رسميًا في 26 مارس، لموجة حادة من الانتقادات في ذلك الوقت لعدم قطعه إجازته التى كان يقضيها في البحر الأسود، وإصراره لفترة طويلة على رفض المساعدة الغربية.
وبينما يتشاور قادة روسيا، لحق الناجين القلائل برفاقهم بسبب رفض التعاون مع الغرب؛ ففى نهایة المطاف كان قد وافق على مساعدة غواصین من بريطانيا والنرويج، وقد أبلغ هؤلاء الغواصون بالفعل في 21 أغسطس، بعد عشرة أيام من بدء الكارثة، لكنهم بالقطع لم یجدوا أى منهم على قيد الحياة.
وبعد ثمانية عشر عامًا من هذه الكارثة الإنسانية يعود المخرج الدنماركى توماس فنتربيرج، بفيلم من إنتاج بلجيكى قام فيه بسرد الكثير من تفاصيل الكارثة، محاولًا تسليط الضوء على جوانب غير معروفة عن العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة، بالاشتراك مع مجموعة من النجوم الأوروبيين، على رأسهم البلجيكى ماتياس شوينارتس، والفرنسية ليا سيدو، والبريطانى المخضرم كولين فيرث؛ ليُقدّم الفيلم الذى تم عرضه لأول مرة في ٦ سبتمبر الماضى جوًّا من الإثارة يرقى بشكل كبير إلى حبكات هوليوود التشويقية، رغم استخدام المخرج إمكانيات مادية محدودة، ربما لهذا جاءت لغة الفيلم هى الإنجليزية حتى تجعل الأمر إنسانيا عالميا.
اعتمدت الحبكة الدرامية للفيلم على رسالة كتبها أحد ضباط الغواصة أشار فيها إلى وجود 23 ناجيًا بعد الانفجار الناتج عن ارتفاع حرارة أحد الطوربيدات التى تحملها، ليروى فنتربيرج الساعات الأخيرة لهؤلاء البحارة الذين يواجهون قدرهم وسط أجواء متوترة بسبب العطب الذى أصاب الغواصة ومستوى المياه الآخذ في الارتفاع والأكسجين الآخذ بالتناقص داخل الغرفة التى احتموا بها من المياه المتسربة للداخل، مُتنقلًا في الوقت نفسه بين عائلات هؤلاء، والموقف في قيادة البحرية الروسية. حيث ينتقد الفيلم بيروقراطية الجهات الرسمية التى تعرقل الجهود الإنسانية لإنقاذ هؤلاء البحارة، وكيف تمت التضحية بحياة الجنود من أجل حسابات سياسية ورفض اللجوء إلى المساعدة الغربية من أجل هيبة الدولة العُظمى السابقة.
جاءت المشاهد موزعة بين نضال من تبقوا من طاقم الغواصة للبقاء على قيد الحياة داخل الغرفة الجافة التى يحتمون فيها، وفساد الآلات المنوط بها إنقاذهم، وما يقابل كل هذا من سجالات دبلوماسية تجرى على اليابسة، حيث قائد يرغب في إنقاذ رجاله مهما كان الثمن في مواجهة قيادة سياسية تعتبر الأمر اعترافًا بالعجز أمام الغرب؛ هناك الكثير من المشاهد أضافت للمشاهد التوتر العصبي، خاصة هدير محركات وسائل الإغاثة الروسية التى كانت تقترب ثم تبتعد بسبب خلل في البطاريات تارة، والمياه التى یرتفع مستواها والأكسجين الآخذ بالتناقص؛ ليتصدر البطولة تحت الماء ماتياس شوينارتس المسئول عن إنقاذ فريقه من البحارة باعتباره أعلاهم رتبة، بينما تحاول ليا سيدو وكولين فيرث أن تتحديا أمواج البيروقراطية فوق الماء.
لا يخوض الفيلم في العوائق السياسية بقدر ما يروى قصة إنسانية حول الخسارة والحزن والحب، وفق ما قال مخرجه في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية، حيث إن قصة كورسك هى مأساة كان بالإمكان تفادى وقوعها بالقليل من المرونة التى افتقدتها القيادة الروسية؛ لذا ظهرت ليا سيدو في صورة الزوجة الحامل المثقلة بالخطوات والهموم تحت عبء مسئولية المنزل والسعى لإعادة زوجها، والوصول إلى حقيقة ما يجرى على عمق 108 أمتار في البحر القريب من القطب الشمالي، أو ما وصفته هى نفسها بـ«محاولة لأسمع صوت هؤلاء النساء والرجال والعائلات التى سحقها النظام القائم».