الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بنوك

"المصارف العربية": ضرورة تهيئة البنية التحتية التكنولوجية لدعم التحول الرقمي

وسام فتوح الأمين
وسام فتوح الأمين العام لاتحاد المصارف العربية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أكد وسام فتوح، الأمين العام لاتحاد المصارف العربية، إنه في ظل المنافسة المتنامية لشركات التكنولوجيا المالية، وتنامي دور البنوك المركزية في دعم التحوّل الرقمي والمتطلبات الجديدة للرقابة والإشراف، أصبح من الضروري البحث في مسألة تهيئة البنية التحتية التكنولوجية لتنفيذ هذا التحوّل، واستعراض ما يُستجد من مخاطر ناشئة عنه، وكيفية مواجهتها من خلال وضع تصوّرات تتيح للبنوك التعرّف على أهم الفرص والتحديات والتواصل لوضع خارطة طريق لاستراتيجية التحوّل الرقمي للمصارف العربية.
وأضاف في كلمته خلال حفل افتتاح "منتدى التحوّل الرقمي في المصارف، ومستقبل الوساطة المالية"، الذي نظمه اتحاد المصارف العربية بمدينة شرم الشيخ بالتعاون مع البنك المركزي المصري واتحاد بنوك مصر، في إطار التوجه العالمي والعربي نحو تبني التحول الرقمي.
وأشار "فتوح" إلى أن هذا العالم قد أصبح "عالم جديد شجاع"، وذلك على حد وصف كريستين لاغارد، مدير عام صندوق النقد الدولي، خلال مشاركتها في مؤتمر لبنك إنجلترا في لندن عام 2017، التي اعتبرت أن الكثير قد تغيّر، وخصوصًا بالنسبة للمصرفيين وصنّاع السياسات، وسألت كيف ستتغيّر التكنولوجيا المالية والمركزية على مدى الجيل القادم.
وقال إن الكثير من الابتكارات قد وجد طريقه إلى محافظنا وهواتفنا الذكية ونظمنا المالية، وما ذلك إلا البداية فقط، خصوصًا بالنسبة لما ستسفر عنه العملات الافتراضية، والطلب المتزايد على خدمات الدفع الجديدة، وظهور نماذج جديدة للوساطة المالية، حيث من الممكن تقسيم الخدمات المصرفية أو تفكيكها، ففي المستقبل قد نحتفظ بأرصدة ضئيلة لخدمات الدفع في محافظنا الإلكترونية، ويمكن الاحتفاظ ببقية الأرصدة في صناديق مشتركة، أو استثمارها في منصات للإقراض المباشر بين الأطراف، تتميّز بتفوّقها من حيث البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي من أجل احتساب الجدارة الائتمانية تلقائيًا.
وتابع:" إنه عالم يتميّز بدورات تطوير المنتجات وعمليات التحديث التي لا تتوقف، ولاسيّما لبرمجيات الكمبيوتر التي تولي أهميّة كبيرة لتسهيل أعمال المستخدم وتأمين الأمن الموثوق به. ونسأل أنفسنا اليوم، كيف يمكن وضع السياسة النقدية في هذا السياق، فإنّ مهام البنوك المركزية ستتوسّع، وقد تزداد ضغوط الرقابة، والضغوط السياسية، وستحتاج الاستقلالية في وضع السياسة النقدية إلى مزيد من التحصينات وتواصل مستمر وشفاف، وإلى حوار بين الأجهزة التنظيمية المتمرّسة والأجهزة التنظيمية التي بدأت مؤخّرًا في التعامل مع التكنولوجيا المالية، ويقودنا هذا إلى البحث في الأثر التحويلي للذكاء الاصطناعي واستشراف ما سيكون عليه دور محافظ البنك المركزي بعد عقود من الزمن، وماذا سيحدث عند تحويل ملايين الوظائف إلى التشغيل الآلي؟ وهل بوسع التكنولوجيا المالية، رصد التغيّرات في العلاقات الاقتصادية وتقييم مخاطرها؟ وهل يمكن للأجهزة الإلكترونية أن تتولى مهمة إعداد السياسة النقدية."
ولفت إلى أن مفاجآت الصيرفة الرقمية قد تسارعت مع ظهور شركة فيسبوك الدولية المحدودة، وحصلت على حقّ تقديم الخدمات الأساسية مثل التحويلات المالية الإلكترونية، ومكّنت فيسبوك مستخدميها من إرسال الأموال إلى بعضهم البعض في تطبيق "ماسنجر"، وأضيف إليها التحويلات المالية بين الشركات، حيث تشير الدلائل إلى أنّ شركات التكنولوجيا الكبرى تعمل على منافسة البنوك وتقديم نفسها كوسطاء ماليين يحلون محل البنوك التقليدية.
وأكد أن هذا الأمر يبشّر ويمهّد بتحويل المؤسسات المالية إلى شيء من الماضي من خلال توفير البنية البديلة للبنوك عبر مواقع تكنولوجية مثل "أمازون" و"غوغل" أو "فيسبوك"، ما يشير إلى أنّ الزمن الذي كنا نعيشه، عندما كانت الخدمات المالية تقدّم من قبل البنوك، يوشك على النهاية، وأنّ شركات مثل "غوغل" و"أمازون" و"فيسبوك" والعديد من شركات التكنولوجيا التي لديها الكثير من العلاقات مع عملائها سوف يكون بإمكانها الطلب من البنوك المركزية الحصول على رخص لإنشاء خدمات مالية أفضل من خدمات البنوك الحالية.
وأضاف أنه من المعتقد أن تكون حصّة شركات التكنولوجيا عملاقة لدرجة أنّ معظم البنوك قلقة من هذا التحوّل، حيث يتوقّع أن تصبح الخدمات المالية جذابة لشركات التكنولوجيا، وتصبح قادرة على انتزاع وظيفة البنوك تدريجيًا، وهذا يذكّرا كيف تطوّرت خدمات موقع "باي بال" تدريجيًا حتى أصبح بنكًا إلكترونيًا.
من جهة ثانية، أشار "فتوح" إلى أن هناك تحدٍ آخر، حيث قامت الشركة الصينية العملاقة للتجارة الإلكترونية " على بابا" عبر ذراعها المالية المتخصصة بالمدفوعات عبر الإنترنت بطلب الحصول على ترخيص للمعاملات الإلكترونية في بريطانيا، في سعي منها لتوسيع نشاطها المالي عالميًا انطلاقا من أوروبا.
وشدد على أن هناك الكثير ما يّبرّر للبنوك الشعور بالقلق بسبب نجاحات شركات التكنولوجيا، ففي العام 2018 أظهر مسح في 18 بلدًا، أنّ واحدًا من ثلاثة زبائن للبنوك وشركات التأمين العالمي مستعد لتغيير حساباته البنكية إلى "غوغل" و"أمازون" و"فيسبوك"، وما يزيد قلق البنوك اليوم إعداد تشريعات تُعزّز المنافسة تحت اسم "المصرفية المفتوحة"، وذلك عن طريق إجبار البنوك على السماح لطرف ثالث مثل أمازون أو غيرها للوصول إلى بيانات العملاء.
من جهة ثانية، أوضح أنه في المستقبل القريب قد يتمكن عملاء البنك من الحصول على إجابات على استفساراتهم البسيطة مباشرة عبر خدمة الدردشة مع منصّة الذكاء الاصطناعي، كما أن مفهوم الفروع المصرفية الكبيرة التي يعمل بها عدد كبير من الموظفين سيختفي ليحل محلّه الفروع المتنقلة "موبايل برانش" التي يمكن استدعائها لتقديم خدمات للموظفين في شركة ما أو في تجمّع سكني معيّن، حيث تتيح هذه الفروع أداء الخدمات المصرفية عبر أجهزة الصراف الآلي وغيرها.
وتابع: " أمّا عن رحلة العميل داخل فرع البنك فإنها ستبدأ من عند روبوت الذكاء الاصطناعي الذي سيستقبل العملاء في كل فروع البنك، ويقدّم لهم المساعدة والمعلومات حول المنتجات والخدمات المصرفية، إضافة إلى اطلاعهم على مختلف الحلول المصرفية المبتكرة المقدّمة من البنك عبر إجراء محادثة معهم باللغة العربية. وهناك الكثير من المهن في البنوك قد تختفي في المستقبل القريب وبينها مهنة الصراف "التيللر"، حيث من المتوقع أن يقل عدد الموظفين في القطاع المصرفي بشكل عام، لا سيّما فروع البنك التي ستعتمد على الخدمات الرقمية."
ولفت إلى أنّ نسبة الوظائف التي تتطلّب مهارات الذكاء الاصطناعي شهدت زيادة تقارب خمسة أضعاف على الصعيد العالمي منذ عام 2013، ويتوقّع بحسب خبراء في الموارد البشرية وتكنولوجيا المعلومات أن تدار العديد من الوظائف والخدمات في منطقة الشرق الأوسط بالاستعانة بالذكاء الاصطناعي، الذي سيعمل، وفقًا لشركة "غارتنر" للأبحاث، على إنشاء 2.3 مليون وظيفة، بينما سيقضي على 1.8 مليون فقط، وبحلول العام 2022 سيعتمد واحد من كل خمسة موظفين في الغالب على الذكاء الاصطناعي للقيام بعمله.
واختتم "فتوح" كلمته قائلًا: "إنّه عالم جديد شجاع، واعتقد أنه لدينا القدرة على تشكيل مستقبل تكنولوجي واقتصادي يعمل لصالح الجميع، ويمكننا أن نصل بهذا المسعى إلى مواكبة هذا التطوّر واستغلال مكامن النجاح فيه وتكريسها لصالح المهنة المصرفية العربية."