الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

«وقف استيراد» قرارات مع إيقاف التنفيذ.. «الزراعة» توصى بدعم الإنتاج المحلي من الدواجن.. واتباع خطط لتسويق إنتاج الأرز المحلي.. وخبراء: معادلة صعبة تستلزم تفعيل الدور الرقابي

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ما بين قرارات وتوصيات حكومية، اتخذت الدولة خلال الفترة الأخيرة مجموعة من التدابير التى من شأنها وقف الاستيراد، آخر هذه القرارات كان قرار وزارة التموين بحظر استيراد الأرز خلال العام الحالي، نظرا لزيادة معدلات الإنتاج وكفايتها لحاجة السوق المحلية مع توقعات بوجود فائض للعام المقبل، كما جاءت نتائج الاجتماع المشترك للاتحاد العام لمنتجى الدواجن ومسئولين من وزارة الزراعة، حيث أوصى المجتمعون بوقف استيراد كل المنتجات الداجنة من دواجن كاملة ومصنعاتها، لتوجيه كامل طاقة السوق المحلية لاستهلاك المنتج المحلى بصورة حصرية، ودعا الاتحاد الوزارات المعنية للعمل على تنمية صناعة الدواجن.
مجمل القرارات جاءت في توقيتات متتابعة بهدف الحفاظ على الإنتاج المحلي، إلا أن هذه القرارات تواجهها العديد من التوصيات بضرورة الحفاظ على حصول المواطنين على السلع بأسعار مخفضة، وهو ما اعتبره العديد من الخبراء معادلة صعبة تستلزم تفعيل الدور الرقابي، والعمل على القضاء على احتكار السلع وتقليص دور الحلقات الوسيطة وتحكم التجار و«السماسرة» في السوق المصرية، من أجل الحفاظ على الصناعة المحلية وحماية المستهلك المصرى من موجات غلاء الأسعار.

مواجهة نزيف الأسعار
وزارة الزراعة بدورها حاولت مواجهة نزيف أسعار الدواجن بعد أن شهدت الانخفاض الأكبر لها منذ عامين مع نهاية شهر أغسطس الماضي، حيث سجل سعر كيلو الدواجن نحو ٢١ جنيها، الأمر الذى خلف خسائر كبيرة للمربين، في الوقت الذى برر المسئولون الانخفاض الحاد بموسم عيد الأضحى المبارك، وانخفاض الطلب على الدواجن.
وقدم العديد من المسئولين بوزارة الزراعة مقترحات للنهوض بالدواجن المحلية ترتكز على محورين، الأول هو إنشاء بورصة مركزية تعلن الأسعار بشكل أسبوعى ملزم ولا تدخل السمسرة، وتدشين المنصة الزراعية الإلكترونية، والتى تهدف إلى العمل على زيادة تنشيط وتسويق قطاع الدواجن بالشكل الأمثل.
أما عن الأرز فقد زادت المساحات المزروعة من الأرز هذا العام بواقع ١.٨ مليون فدان مع توقعات بفائض في الإنتاج هذا العام، لذا عملت وزارة التموين على إصدار قرار بوقف الاستيراد، والتوقف عن عمل مناقصات جديدة هذا العام لتوريد الأرز.

٧ وزارات تتابع الاستيراد
يقول عبدالعزيز السيد، رئيس شعبة الدواجن باتحاد الغرف التجارية، إن الحقيقة الغائبة عن معظم وسائل الإعلام التى تروج لصدور قرار بحظر استيراد الدواجن، هى أنه لا يوجد قرار فعلى بحظر استيراد الدواجن بل هناك توصية صادرة عن لجنة من الخبراء والمسئولين في وزارة الزراعة والتى ناقشت مستقبل صناعة الدواجن في مصر.
وأكد « السيد»، أنه لا يوجد قرار بحظر الاستيراد، وما يثار منذ أسبوع عار من الصحة، والحقيقة أنها مجرد توصية، مشيرا إلى أن حجم الاستيراد في قطاع الدواجن ضئيل للغاية حيث لا يتجاوز من ٥٠ إلى ٦٠ ألف طن سنويا، في حين أن إنتاج الدواجن في مصر ١.٣ مليار طائر بحسب أحدث الإحصائيات، لافتا إلى أن المستورد نسبة ضئيلة لا تتجاوز من ٣ إلى ٥ ٪.
وأضاف «السيد» أن هناك لجنة عليا تضم أكثر من ٧ وزارات معنية، وتتولى اللجنة الموافقة على الاستيراد، وفقا لحجم الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك وتنظر في قرارات الاستيراد، وفى حال رغبة أية شركة في استيراد دواجن تتقدم بطلب للجهات المختصة والتى تنظر هل هناك فجوة في السوق المصرية تستدعى الاستيراد من عدمه، وهنا يتم السماح بعمليات الاستيراد من عدمه، وفى حال عدم وجود فجوة في السوق المصرية فيقابل الطلب بالرفض، وهنا تكمن محاور السيطرة على الاستيراد في قطاع الدواجن.


مشكلات السوق
وقال رئيس شعبة الدواجن، إن السوق المصرية بها مشكلات عديدة ليست لها دخل بعمليات الاستيراد وإنما المشكلات تنبع من الإنتاج المحلي، فسعر بيع المنتج من المزارع لا يتناسب مع تكلفة الإنتاج، ومن هنا نقول إن هناك مجموعة من المربين تقدموا بشكاوى كثيرة لوزارة الزراعة ومجلس الوزراء للمطالبة بوضع سعر عادل للمنتج المصرى من الدواجن، فلا يصح أن يستمر الحال على ما هو عليه فالمربون يقومون بإنتاج الدواجن بتكلفة ٢١ جنيها للكيلو، في حين يبيعونها مقابل ١٥ إلى ١٧ جنيها لذا يجب العمل على رفع السعر لوقف نزيف الخسائر بين صغار المربين الذين يشكلون أكثر من ٨٥ ٪ من منتجى الدواجن في مصر. وتابع رئيس الشعبة: «لو قضينا على فئة صغار المربين الذين يشكلون أكثر من ٨٠ ٪ من الإنتاج أى ما يعادل مليار طائر وحتى في ظل التحرك الإيجابى لتسهيل الإجراءات لن نستطيع الوصول إلى الطاقة الإنتاجية المطلوبة في حال خروج صغار المربين عن المنظومة». وقال عبدالعزيز السيد، إن استمرار تدنى الأسعار في قطاع الدواجن طبيعي، وأرجع ذلك إلى أن الفترة الحالية بعد عيد الأضحى، توجد حالة من التشبع من اللحوم، ومع بدء الموسم الدراسي، أثر بالسلب على الوضع الخاص بالاستهلاك والركود الذى يسيطر على السوق في المرحلة الحالية من ٤٠ إلى ٦٠ ٪ من الحجم الحقيقى للسوق، مؤكدا أن أسعار الدواجن ثابتة منذ فترة العيد وحتى الآن. ولفت السيد إلى أن المواطن البسيط لا يشعر بهذا الانخفاض حيث إن الحلقات الوسيطة «السماسرة» هم الرابحون الأكبر من تدنى الأسعار، فهم يتسلمون المنتج من المزارع بـ ١٥ جنيها، ويبيعونه للمستهلك بـ ٢١ فأكثر، لذا هم من يربحون في ظل استمرار خسائر المربين والمنتجين، واستغلال المواطن برفع الأسعار عن السعر الحقيقي.


أسعار الدواجن
وكشف السيد عن أن هناك مشكلة أخرى في موضوع الأسعار هو أن فئات بعينها هى من تحسست انخفاض الأسعار في حين لم يشعر معظم المواطنين بهذا التحسن، ففى بعض المناطق الشعبية نجح المواطنون في الحصول على الدواجن بأسعار مخفضة بنسبة كبيرة في حين لم يشعر سكان المناطق الراقية بهذا الانخفاض، واستمرت الحلقات الوسيطة في استغلال سكان هذه المناطق وبيع المنتجات بأسعار مرتفعة.
كما أكد السيد، أن انخفاض أسعار الدواجن ليس في صالح المواطن تماما، فالمربى الذى يخسر ليس وحده من يخسر فخسارته هى مديونيات عليه لموردى الأعلاف والأمصال، ومن هنا يخرج صغار المربين من المنظومة، لذا يجب العمل جديا على وضع سعر عادل للدواجن في مصر، وأن تكون هناك جهة مسئولة عن تحديد تكلفة الإنتاج، هذه الجهة هى بورصة الدواجن أو مجموعة من الفنيين، لأن وجود السعر العادل يعنى ضمان استمرار صغار المربين في المنظومة.
وأوضح السيد أن خروج صغار المربين من المنظومة يعنى أن الدولة ستلجأ بكل تأكيد إلى الاستيراد بعد انخفاض الإنتاج، وهو الأمر الذى أصبح صعبا في ظل ارتفاع أسعار الدولار، مما يرفع الأسعار ويضار المواطن كما يضار الاقتصاد الوطني، حيث إن تحول الدولة لاستيراد الدواجن كما هو الحال في استيراد اللحوم سيعود بالسلب على الاقتصاد المصري، فمصر تستورد نحو ٦٠ ٪ من الاستهلاك، والاتجاه نحو الاستيراد يعنى فشلا في إدارة المنظومة وقلة الخبرة في دراسة الأزمة.


المنصة الإلكترونية
واعترف السيد، أن وزارة الزراعة لم تقدم أية حلول في أزمة الدواجن سوى المنصة الإلكترونية التى أعلنت عنها الدكتورة منى محرز، نائب الوزير، موضحا أن هذا الخيار مثله مثل البيع والتجارة الإلكترونية عبر الإنترنت، وله نفس مشكلات البيع الإلكترونى الذى لم يلق الإقبال الكافى حتى يومنا هذا، فنحن بحاجة إلى تغيير ثقافة الناس، وهى تجربة في وقت لا يسمح بالتجارب، فالأزمة بحاجة لحلول عاجلة.
وتابع: السماسرة يتحكمون في المنظومة بالكامل ونحتاج لحلول جذرية لإنقاذ المنظومة، من الممكن جدا أن تعود البورصة (بورصة الدواجن) لعملها للقضاء على تحكم السماسرة في الأسعار.
ويشير السيد إلى أن تجربة البورصة بمحافظة القليوبية كانت ناجحة، إلا أن كل مدخلاتها كانت تعود إلى المحافظة، قائلا: «نريد بورصة تقوم وزارة الزراعة بالاهتمام بها والعمل على دعم المنظومة بالكامل، من خلال دعم الأعلاف ودعم المربي، ودعم صغار المربين، بحيث تخدم البورصة في فكرتها الجديدة كامل المنظومة الداجنة على مستوى الجمهورية وليس دعم محافظة القليوبية فقط». وأكد رئيس شعبة لدواجن، أن دعم المربين يشمل تقديم قروض ميسرة لوقف الخسائر، والتوسع فر زراعة الذرة الصفراء لتوفير الأعلاف عن طريق استصلاح أراضى جديدة، وكل ذلك يتم من خلال الأموال الواردة إلى بورصة الدواجن، وعمل صندوق خاص بالبورصة يستطيع الإنفاق على العاملين بالبورصة والإنفاق على مشروعات منظومة الدواجن دون أن يكلف الدولة قرشا واحدا.


القرار لا يعد انتصارًا للفلاحين
على الجانب الآخر فإن مشكلة الأرز متصاعدة وقرار وقف استيراد يثير جدلا كبيرا، هنا يقول رجب شحاتة، رئيس شعبة الأرز بغرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات،: «مفيش قانون لمنع الاستيراد، بلى أوقفت وزارة التموين عمل مناقصات لاستيراد الأرز، ولا توجد أية جهة أو شخص له القدرة على منع الاستيراد، ولكن الأسعار في مصر تدنت للغاية، ومن يفكر في الاستيراد سيتعرض للخسارة».
وأضاف شحاتة، أن استيراد الأرز سيكلف المستورد ٧ جنيهات للكيلو في ظل تدنى الأسعار الحالية في مصر لتبلغ ٦ جنيهات للكيلو، وبالتالى سيترتب عليه خسارة للمستوردين، قائلا: «القرار لا يمنع المستوردين من استيراد الأرز».
وتابع: «قرار وقف الاستيراد لا يعد انتصارا للفلاحين كما يروج، قائلا: «فرضا، لو الأسعار ارتفعت غدا لن يستفيد الفلاح»، وأضاف: «لو كانت هناك استفادة للفلاحين فستكون بفتح باب التصدير، إلا أن التصدير أيضا أصبح غير مربح في ظل تدنى الأسعار في الخارج، والأرز المصرى أغلى سعرا وأعلى جودة إلا أن الحاكم في هذه النقطة هو السعر أكثر من الجودة، والأرز في الخارج أكثر انخفاضا، والأرز في العالم أجمع أسعاره منخفضة».
ودعا رئيس شعبة الأرز إلى ضرورة العمل على وضع خطط طويلة الأجل لتسويق محصول الأرز.


ترسيخ الاحتكار
ورأى الدكتور عبدالرحمن عليان، الخبير الاقتصادي، أن قرار حظر استيراد أى منتج أو أية سلعة لا بد أن يرتبط بوجود بديل مناسب لهذه السلعة أو المنتج أو السلعة، وفى حالة عدم وجود بديل مصري، فإن قرار الحظر يعنى ترسيخ الاحتكار ويترتب عليها ارتفاع أسعار واستغلال التجار للمواطنين.
وتابع الخبير الاقتصادي، أنه في الحالات الأخيرة التى سبق فيها قرارات أو توصيات بحظر الاستيراد يمكن أن نقول إن قرار مثل وقف استيراد الأرز في ظل توافر منتج محلى عالى الجودة يعد قرارا إيجابيا لأننا في الفترة الماضية كنا نستورد أرزا من الخارج بأسعار منخفضة، ونصدر الأرز المصرى عالى الجودة للحصول على مكاسب فرق العملة، والذى يعد دخلا قوميا.
أما بالنسبة للتوصية بحظر استيراد الدواجن، فالقرار هنا ينطبق عليه نفس الحالة التى سبق ذكرها، والأهم أن تكون في صالح المنتج المحلي، فالأهم هو تحقيق الاكتفاء الذاتى والبعد عن الاستيراد، الأمر الذى يوفر العملة، ولكن الأمر هنا يرتبط بالأسعار فإننا نسعى لرفع الإنتاج في السوق المحلية وليس رفع الأسعار بما ينعكس بالسلب على المواطن، الذى سيجبر على البحث عن البدائل الأقل سعرا، فالمعادلة هنا صعبة ما بين المنتج والمستهلك، في ظل وجود تجار يتلاعبون في الأسعار.
ويؤكد الخبير الاقتصادي، أن الحل يكمن في تعزيز دور الرقابة للسيطرة على السوق المحلية، حيث إنه في حال تفعيل الدور الرقابى ستحصل كل فئة على حقوقها سواء المنتجين أو المستهلكين ولا تسمح للتجار بالسيطرة على الإنتاج المحلى وتخزينه بغرض الاحتكار ورفع الأسعار.
ولفت «عليان» إلى أن أى تقاعس في الدور الرقابى لا يعنى سوى أحد الخيارين، إما فساد وإما إهمال، وهنا نجدد مطالبنا بتعزيز الدور الرقابي، لأن سيطرة الحلقات الوسيطة على السوق يعنى تراجع الدور الرقابى عن حماية المستهلك، مشددا على تفعيل دور الأجهزة الرقابية وتفعيل آلياتها في السيطرة على السوق، وعدم التقاعس عن دوره يعنى إهمالا في التطبيق أو تواطؤا ومصالح شخصية، وبالتالى يجب محاسبة المسئولين على أعلى مستوى، فلا توجد حماية للفاسدين.


الاكتفاء الذاتى
وقال حسين أبوصدام، نقيب الفلاحين، إن قرارات حظر الاستيراد أو قرارات منع التصدير هى قرارات وزارية تستهدف حفظ التوازن في السوق المحلية، لصالح المواطن.
أكد أبوصدام، أن منع استيراد الدواجن كان قرارا صائبا لمنع الأسعار المحلية من التدنى أو الانهيار في السوق المحلية، فوصلنا على مقربة من الاكتفاء الذاتى بإنتاج وفير، ومع وفرة الإنتاج انخفضت الأسعار في السوق المحلية.
ويشير نقيب الفلاحين إلى أن تأثير ذلك على السوق المحلية كان ضعيفا بعض الشيء لأكثر من سبب وهو تأخر اتخاذ القرار الخاص بحظر الاستيراد، وكذلك تحكم الحلقات الوسيطة في السوق، ويتوقع أن ترتفع القوى الشرائية في الأيام المقبلة، الأمر الذى من شأنه إحداث تحسن في السوق المحلية ورفع معدلات الشراء.
ودعا أبوصدام إلى دعم قرار وقف استيراد الأرز من أجل الحفاظ على مصالح المزارعين المحليين، قائلا: «زرعنا هذا العام مليونا و٨٠٠ ألف فدان غير المستورد وبالتالى لدينا كفاية ذاتية من الأرز، وقد يصلح الفائض للتصدير، في حال كفاية السوق المحلية».