الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

ضحايا طبية نساء وتوليد بـ"المنيا" يطالبون بسرعة ضبطها.. "شيماء": لم أعُد أنجب بعدما فقدت قناة فالوب أثناء الجراحة.. "إسلام": زوجتي ماتت بسببها.. و"محام": حصلنا على حكم نافذ ضدها.. والمُتهمة "هاربة"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
جدد عدد من أهالي محافظة المنيا مطالبهم بسرعة إلقاء القبض والتحقيق مع طبيبة النساء والتوليد، ماري شكري شحاتة، بعدما تسببت في تهتك أرحام وفقد قنوات فالوب لبعض مرضاها حتى أن وصل الأمر لفقد واحدة منهم حياتها، نورهان طارق، وذلك قبل شهرين، أثناء إجراء الضحية عملية ولادة قيصرية بمركز "الأمل للولادة" التابع للطبية، حيث جاءت مطالبات الضحايا وذويهم بعد أن فقدوا السُبل في الحصول على حقوقهم من الدكتورة ماري التي تمتهن "الهروب" على حد وصفهم رغم صدور أحكام سابقة ضدها بدفع غرامات وأيضًا ضبط وإحضار.
كانت "البوابة نيوز" تناولت جزءًا من الأزمة في تحقيق بعنوان: "نساء فقدت حلم الأمومة بسبب أخطاء الأطباء" نُشر في العدد الورقي، بتاريخ 29 يونيو 2017، حيث ألقت الضوء على قصص عدد من الضحايا السيدات التي تعرضن إلى تهتك في الرحم أو فقد لقنوات فالوب بسبب أخطاء مارسها أطباء النساء والتوليد ضدهن أثناء إجرائهن عمليات الولادة القيصرية ما يسبب لهن "عاهات مستديمة" نتيجة عدم قدرتهن على الإنجاب مرة أخرى، وكان من بينهم ضحايا وقعوا تحت يد ومشرط ومقص الدكتورة ماري شكري شحاتة، طبيبة النساء والتوليد بمدينة محافظة المنيا.

البداية كانت من إسلام يحيى، زوج الضحية نورهان طارق. يحكي يحيى قائلًا: "كانت زوجتي نورهان في زيارة إلى عيادة الدكتورة ماري لمتابعة حملها، كانت وقتها حاملًا في أواخر الشهر الثامن، لكن سرعان ما تحولت تلك المتابعة إلى عملية ولادة قيصرية بعدما أكدت الدكتورة أن "نورهان" تعاني من ضغط حمل عالي يستلزم إجراء عملية الولادة القيصرية بعد يومين، وهو ما وفقنا عليه للحفاظ على حياتها رغم أنها لم تكن في الشهر التاسع لكن في النهاية هي أدرى كونها الدكتورة".
ويُتابع يحيى لـ"البوابة نيوز": "في مركز الولادة التابع للدكتورة لم يكن هناك طبيب للتخدير، كان هناك ممرض ينتحل صفة طبيب التخدير وهو ما اكتشفناه لاحقًا، وحينما سألنا الدكتورة ماري عن ذلك أجابت بأنها "دكتورة باكدج" تقوم بالتخدير أيضًا لعمليات الولادة الخاصة بها.. استمرت العملية لنحو ساعتين، وهو وقت أكبر من اللازم جعلنا، مضطرين، الدخول لغرفة العمليات وفوجئنا بأن نورهان جسة هامدة على السرير، توفت أثناء العملية إثر جرعة بنج زائدة تسببت في احتراق رئتيها".
ويُشير يحيى إلى أن هوّل الموقف وفظاعته لم تجعله يُفكر إلا في إجراءات وأوراق الدفن وتوقعيها لستر جثتها غير أنه بعد مرور 94 ساعة من وفاة نورهان كان قد حرر محضرًا ضد الدكتورة ماري شكري، يتهمها فيه بأنها تسببت في وفاة زوجته ليتم استخراج الجثة وأخذ عينات منها للتشريح في الطب الشرعي بالقاهرة بعدما حدث تدليسًا، بحسب قوله، في التقرير المبدئي الصادر عن الطب الشرعي بمحافظة المنيا والذي أشار إلى عدم وجود شبهة جنائية في وفاة نورهان طارق.
ويُضيف يحيى: "أخطاء كبيرة حدثت أثناء أجراء عملية الولادة لزوجتي، بداية من عدم إكمالها لتسعة أشهُر للولادة، مرورًا بتعليق محلول ملح لها قبل العملية رغم أنها كانت تعاني من ضغط الدم قبل الجراحة، وصولًا بعدم وجود طبيب تخدير أثناء العملية".
ويؤكد يحيى أنه بعد تحريره للمحضر رقم 7956 وإضافة أقوال جديدة لما حدث بعد مرور صدمة الوفاة لنورهان، وشهود ممرضتين في مركزها بأنه لم يكن هناك دكتور للتحليل، وأيضًا شهود مدير المستشفى الأميري بمحافظة المنيا والمسعفين بأنهم تسلموا نورهان جثة هامدة من المركز، استدعت النيابة ماري شكري للتحقيق معها لكنها حتى الآن "هاربة". واختتم قائلًا: "استلم كل بضعة أيام اتصالات لأشخاص من خلالها يطلبون التنازل والتصالح مقابل تعويض مادي".

شيماء عبدالدايم، 39 عاما ومُقيمة بكفر المنصورة ببندر المنيا، هي واحدة أيضًا من ضحايا للدكتورة ماري شكري. سردت شيماء لـ"البوابة نيوز" قصتها قائلةً: "كُنت حامل في الشهر الثامن حينما توجهت لعيادة الدكتورة ماري لإجراء متابعة لحالتي وحالة الجنين.. فوجئت بإلحاحها بضرورة إجراء عملية ولادة قيصرية ليّ في نفس الليلة رغم عدم إتمامى لتسعة أشهُر من الحمل.. وبعد فترة من النقاش بيننا، اتصلت بزوجي كي يأتي للعيادة وأستشيره فيما تقوله ليّ".
وتستطرد شيماء: "أتذكر وقتها أن زوجي، عبدالرحيم فتح الباب، دخل مع الدكتورة ماري في نقاش لمدة دقائق من النقاش، لأنني كُنت حامل في الشهر الثامن وفقًا لحساباتي بينما هي تؤكد لنا بأنني في أواخر الشهر التاسع، حتى أن أنهت النقاش من جانبها مؤكدة لزوجي بأنه في حالة عدم إجراء الجراحة القيصرية للولادة اليوم ستكون هي غير مسئولة عني أو عن الجنين، فتركنا لها الأمر بحكم أنها الدكتورة".
أَجرت "شيماء"، في الثامن من ديسمبر ٢٠٠٨، عملية الولادة القيصرية في مركز "الأمل للولادة" وهو التابع للدكتورة ماري أيضًا بمدينة المنيا. ورغم الآلام الشديدة التي شعرت بها في تلك الليلة شديدة البرودة بعد الانتهاء من العملية والتي أرجعت أسبابها الدكتورة ماري إلى "مضاعفات طبيعية" إلا أن "شيماء" أفاقت على كارثة أكبر تمثلت في فقدها للمولود داخل حضانة بمستشفى سوزان مبارك الحكومي للأطفال والولادة نتيجة صعوبة شديدة في التنفس وزرقة بالفم مما أدى إلى هبوط حاد في الدورة الدموية وتوقف القلب والتنفس وعدم الاستجابة للإنعاش الرئوي.
تتُابع شيماء قائلة: "كانت المرة الثالثة لي في تكرار إجراء عملية الولادة القيصرية لكنها المرة الأولى التي أشعر فيها بآلام شديدة.. ابني مات واستعوضت ربنا فيه.. كان كُل أملي بعد فترة التعب التي تعرضت لها أن أُنجب مرة أخرى، ذهب للدكتورة ماري أيضًا ونصحتني باستخدام موانع الحمل لفترة قبل أن أقبل على حمل جديد، للدكتورة فأكدت لى أنه لازم استمر على موانع الحمل لفترة، وصلت لـ 5 سنوات، ثم بإشرافها أيضًا عاما ونصف آخر في استخدام المُنشطات بعدما رأت أنه لا يوجد مانع من الحمل، لكن ذلك الحمل لم يحدث لما يُقارب عامين".
لجأت "شيماء"، دون علم الدكتورة ماري، إلى مستشفى سوزان مبارك بمدينة المنيا بتاريخ 18 مايو ٢٠١٥، لإجراء كشف بالمنظار على الرحم للوقف على أسباب عدم قدرتها على الحمل، فكانت المُصيبة، حيث وجه الطبيب حديثه لها قائلًا: "قناة فالوب مش موجودة في الرحم يا شيماء.. وهو ده سبب عدم حَملك كل الفترة الطويلة اللى فاتت"، ما يعني أنه حدث استئصال لجزء من الرحم أثناء عملية الولادة الأخيرة لها.
تؤكد شيماء إن ٣ تقارير طبية مختلفة أكدت أني فقدت جزءًا من الرحم إثر عملية ولادة قيصرية أجرتها أولها تقرير باللغة الإنجليزية من مستشفى المنيا الجامعى للنساء والأطفال انتهى بأن قناة "فالوب" غير موجود بالرحم، والآخر من نفس المستشفى في ديسمبر ٢٠١٦، أكد أيضًا عدم ظهور قناة فالوب الناحية اليُسرى بعد إجراء كشف بالمنظار على الرحم وأن المبيض الأيسر مُلتصق بجدار الحوض.
فيما أفاد التقرير الثالث، الصادر من قسم النساء بمستشفى المنيا العام، بتاريخ ٣ أكتوبر ٢٠١٦، أنه بعد الكشف على "شيماء" تبين وجود جرح عرضي بأسفل البطن مكان عملية قيصرية مع وجود فتحات بالصرة وجانبي البطن مكان عمل منظار، وأن الأشعة بالصبغة بينت عدم ظهور الأنابيب، فيما أثبت المنظار أن الأنبوبة اليُسرى "قناة فالوب" غير ظاهرة وأن المبيض مُلتصق بجدار الحوض من الناحية اليُسرى.
حررت "شيماء" المحضر رقم 15897 جنح قسم المنيا ثم تقدمت بتظلم من قرار حفظ المحضر تحت رقم ١٧٣ لسنة ٢٠١٦ تظلمات المنيا إضافة لشكوى إلى النائب العام حملت رقم ٥٩٨٢/٢٠١٧ وأخرى إلى وزير الصحة تحت رقم ٨٤٥١٦٠ جميعها ضد ماري شُكري تتهمها فيهم باستئصال جزء من الرحم خاصة بعدما خضعت شيماء لتوقيع الكشف عليها مع الطب الشرعي وأثبت التقرير وجود نسبة عجز لدى "شيماء" نتيجة إهمال طبي مما تسبب في عدم قدرتها على الحمل مرة أخرى.
واختتمت شيماء لـ"البوابة نيوز" قائلة: "لم أحصل حتى الآن على حقي من الدكتورة ماري رغم صدور حكم نهائي وبات ضدها في يناير 2019 بدفع تعويض مليون جنيه حتى أنه لم تقفل عيادتها أو مركز الولادة الخاص بها خلال تلك الفترة إلا بعدما تسببت في حادثة قتل لمريضة قبل شهرين، حيث تم تشميع العيادة والمركز، لكن في الوقت نفسه هي ما زالت هاربة رغم وجود أمر بضبطها وإحضارها، هاربة لأنها تستخدم عمل ونفوذ زوجها ومعارفه في إضاعة حقوقنا القانونية".



من جانبه يوضح أحمد سيد، محامي ضحيتين للدكتورة ماري، أن عملية إثبات وقوع ضرر بحق سيدة إثر إجرائها عملية ولادة قيصرية تبدأ بتحرير المجني عليها محضرًا بالواقعة، والعرض على النيابة، حيث يحق للنيابة حبس الطبيب 4 أيام على ذمة التحقيق أو صرفه لحين عرض المجني عليها على الطب الشرعي والاستناد أيضًا إلى تحريات المباحث، وإذا أكدت التحريات صحة الواقعة وأثبت تقرير الطب الشرعي أن ما حدث خطأ طبى، تُحول القضية إلى محكمة الجُنح وتحدد لها جلسة.
ويُضيف سيد: "أما لو أثبت تقرير الطب الشرعي حدوث عاهة مستديمة كما في حالة عدم القدرة على الإنجاب مرة أخرى، تُحول القضية إلى محكمة الجنايات، وهي إجراءات قد لا تستغرق 5 أشهُر حتى أن يصدر الحكم فيها، حيث تتراوح العقوبة من ٧ إلى ١٥ عاما بالسجن في حالة إحداث عاهة، وعلى حسب نسبة العجز، إنما في الجُنحة، الخطأ الطبى فقط، تتراوح العقوبة من حبس ٦ أشهُر إلى ٣ سنوات مع الغرامة، وفي الحالتين يتم وقف الطبيب عن مزاولة المهنة ويُلغى ترخيصه بناءً على حكم تكميلي".
لكن ما يحدث في معظم المحاضر التي يُحررها الضحايا ضد أطباء النساء والتوليد أنها تنتهي بـ"الحفظ" بعدما يلجأ الأطباء المُتهمين إلى التصالح مع الطرف المجني عليه بعد تعويضه بمبلغ مالى ضخم أو لجوء بعض الأطباء إلى تشكيل ضغط على المجني عليهم وتهديدهم بعواقب وخيمة في حالة استمرار القضية مع لجوءهم إلى بعض الجهات أو الأشخاص التى قد تُساعد في حفظ القضية في النيابة وهو ما حدث كثيرًا في حالة الطبيبة "ماري شكري" حتى أن بعض الأحكام النافذة لا تمتثل لها.
يؤكد "سيد" أن النيابة العامة بالمنيا أمرت بضبط وإحضار الدكتورة ماري شكري بعد تسببها في وفاة نورهان طارق أثناء عملية ولادة قيصرية غير أنها ما زالت "هاربة". مُشيرًا إلى أنه صدر ضد الطبيبة حكمًا في يناير 2019 بتعويض قدره مليون جنيه في قضية "شيماء عبدالدايم" كما أن طعنها على الحكم رُفض في الاستئناف غير أنها لم تدفع التعويض أو حتى تغلق العيادة والمركز التابعين لها حيث كانت تمارس مهنتها بطريقة عادية خلال تلك الفترة قبل "الهروب".
ويُكمل سيد قائلًا: "قضية أخرى منظورة في المحاكم، ننتظر الحكم فيها في 1 أكتوبر القادم أمام الدائرة الثالة مدني كُلي المنيا، اختصمنا فيها الدكتورة ماري شكري بجانب نقيب الأطباء بمحافظة المنيا ورئيس لجنة العلاج الحر بالمحافظة وأيضًا وزيرة الصحة حيث إنهم متورطين ومتواطئين في عدم سحب رخص مزاولة المهنة وغلق عيادة ومركز المهتمة بالرغم من صدور أحكام ضدها".