الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

المرأة وحركة الاقتصاد الأخضر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يُعد الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر لتحقيق التنمية المستدامة أمرًا يحتاج وقتًا طويلًا ويتطلب تعاونًا ثابتًا من كافة شرائح المجتمع. ونظرًا لأن القضايا المعقدة والمترابطة المتعلقة بعدم المساواة الاجتماعية والتدهور البيئى وعدم الاستقرار الاقتصادى لا تزال تشكل تهديدًا رئيسيًا للتقدم والحياة الجيدة، لهذا فإن لكل فرد دور يلعبه في تسريع حركة الاقتصاد الأخضر في جميع أنحاء العالم.
وفى ظل هذا المنظور، يتضح لنا بشكل حاسم الدور الذى تلعبه النساء والذى يعد دورًا أساسيًا في هذه الحملة القوية والشاملة لبناء مستقبل مستدام للجميع. وكونها مساهمًا فعالًا في الاقتصاد والمجتمع ككل، فإن المرأة لها دور حاسم في ضمان نمو الاقتصاد الأخضر.
ويشير مقال نُشر من قبل اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخى (UNFCC) إلى أن 51% من التعداد العالمى يتألف من نساء وفتيات. ويتفق الخبراء على أنهن أكثر قدرة لتحمل وطأة تغير المناخ. وهذا يجعل أفكارهن ووجهات نظرهن أكثر أهمية من نظرائهم الرجال. لذا فإن الوصول إلى حلول خضراء شاملة ومستدامة وعادلة وذات قيمة مضافة يجب أن يتطلب مشاركة نشطة من المرأة كذلك.
وكثير من الإناث تدرك تمامًا أهمية هذا الدور. لهذا فليس من المستغرب أن نرى النساء في جميع أنحاء العالم يقدن العديد من المبادرات ضد تغير المناخ ويدعون إلى حماية البيئة والموارد الطبيعية. وإن قيادتهن ومهاراتهن الفريدة والنهج غير التقليدى في عدد لا يحصى من القضايا، وتأثيرهن الكبير داخل الأسر - نواة المجتمع - هى أمور أساسية لمشاركتهن لدفع أهداف الاقتصاد الأخضر المشتركة، وزيادة الطلب على المنتجات والخدمات الخضراء، والحد بشكل كبير من انبعاثات الغازات الملوثة، بالإضافة للعديد من الأمور الأخرى. كما أن للمرأة دورًا أساسيًا في المساهمة ودفع صناع القرار لتحديد أولويات تغير المناخ واتخاذ إجراءات فورية وطويلة الأمد لمواجهة هذا التهديد.
وفى ظل الكفاح العالمى ضد تغير المناخ، برزت نساء كثيرات على مر القرون وما زلن يقفن في الصدارة باستمرار حتى يومنا هذا. فلقد كانت العالمة الأمريكية «يونيس نيوتن فوت»، أول امرأة تتخصص في علوم المناخ، وتعد من الرواد البارزين في هذا المجال. ففى عام 1856 اكتشفت «فوت» سبب الاحتباس الحرارى من خلال ملاحظة تأثير التغيرات في غاز ثانى أكسيد الكربون في الغلاف الجوى على درجة حرارة الأرض.
وتأتى البيئية الهندية والناشطة السياسية «سونيتا ناراين» لتضع بصماتها البارزة في وزارة التنمية المستدامة. حيث قامت «ناراين» المدير العام لمركز العلوم والبيئة بتحرير التقرير الهندى للبيئة في عام 1985 وكتبت كتابًا بالتعاون مع «أنيل أغاروال»، حول أهمية التنمية المستدامة. وخلال سنوات عملها في المركز ساعدت في زيادة الوعى العام حول الحاجة إلى التنمية المستدامة.
وجاءت «هانا جونز»، رئيسة الاستدامة ونائب رئيس مسرع الابتكار في نايكي، والتى تم اختيارها كأحد أفضل المهنيين الذين يشكلون صناعة الأزياء، حيث عملت على تغيير الطريقة التى تنظر بها الشركات إلى الاستدامة والمسئولية الاجتماعية، والتوجه إلى التفكير في طرق جديدة لزيادة فرص الابتكار.
وتأتى الناشطة في المناخ السويدية «غريتا ثانبيرج» والتى تعد من أصغر المبادرات في هذا المجال، حيث تمكنت تلك الفتاة البالغة من العمر 16 عامًا من حشد جيل كامل من أجل المطالبة بتحركات مناخية من خلال الدعوة إلى مساءلة جادة توجه لكبار المسئولين عن التلوث البيئى والحكومات الداعمة لذلك.
هؤلاء بعض من النساء اللاتى ساهمن بشكل كبير في الدعوة إلى الاستدامة وإيقاف التغير المناخي، ولكن لا تزال هناك حاجة إلى المزيد من القيادات النسائية في المجال للمساعدة في تسريع تحقيق هذا الهدف. ولكى نصل إلى ذلك يجب على صانعى السياسات والقرارات في كل من الحكومة والقطاع الخاص القيام بدورهم للمساعدة في تمكين المرأة وتقديم كل الدعم الحيوى لها لضمان حصولها على المساواة في الوصول إلى جميع الفرص المتاحة.
ولا يزال هناك عدد من التحديات الأخرى التى يجب أن نوليها الاهتمام، مثل عدم المساواة بين الجنسين، مما يعوق النساء عن تعظيم إمكاناتهن بشكل كامل في القيادة والمساهمة في تحقيق الهدف النهائى للتنمية المستدامة.
ويعد توجيه النساء للتعليم والتدريب الذى يلبى احتياجاتهن أمر جيد، لا سيما في ضوء الطلب المتزايد على المهنيين ذوى المعرفة في الممارسات التجارية الخضراء والمستدامة. ففى خضم التهديد المستمر لتغير المناخ ينبغى أيضًا اعتماد سياسات وتدابير رئيسية تتيح وتمكن المرأة من لعب دور أكبر في جهود كل دولة للتحول إلى اقتصاد أخضر وبناء عالم أفضل للأجيال الحالية والمقبلة.