الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

مولد "سيدي العريان" من مسجد التوحيد حتى مدخل الدير يؤكد التسامح الديني بين المصريين.. كرنفال شعبي تكريمًا لـ"برسوم" في المعصرة.. 20 عامًا عاشها القديس مع الثعبان في مغارة مرتديًا قطعة من جلد الماعز

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ينتظر الأقباط مولد برسوم العريان؛ أحد قديسى القرن الثالث عشر، بمجرد الانتهاء من مراسم الاحتفال بعيد العذراء، فلم يقتصر فقط على الأقباط، بل ينتظره أيضًا المسلمون كل عام، وفى هذه الأيام تحديدًا يزور الأقباط يوميًا دير الأنبا برسوم؛ لنيل بركته، خلال المولد الخاص به، وبذلك تستكمل سلسلة احتفالات الأقباط بالأعياد، التى لم تتوقف، ولكن تتجزأ بين الأعياد الكبيرة والصغيرة ومواسم أخرى.


وفى هذه الأيام، يأتى مولد «العريان»، الذى كان كاتمًا لأسرار شجر الدر وزاهدًا حاملًا من الإيمان قدرًا جعله في مكانة القديسين، الذى عاش خمس سنوات في حياة نسكية جادة مع صلوات بلا انقطاع، كان يرتدى قطعة من جلد الماعز على حقويه، لذا عُرف بـ«العريان».
ويعد عيد الأنبا برسوم العريان، من الأعياد المهمة للمسلمين قبل الأقباط، حيث ارتبطت معجزاته بالكثير من المسلمين، وظلوا حتى تسعينيات القرن الماضى يحتفلون مع الأقباط، ويقيمون حول ديره الخيام، ويعتقدون فيه الشفاعة، حسبما أكد برسوم رضا، شماس «مرتل» بالدير، أن الاحتفال يقام في العاشر من سبتمبر حتى السابع والعشرين من الشهر نفسه، ويمتد من مسجد التوحيد حتى مدخل الدير، ويحضره العديد من الأقباط والمسلمين الزائرين، ويستمر نحو 20 يومًا، ويحضره عدد من الأساقفة، ويشهد الاحتفال عروضا وطنية ومسيحية لكورالات وأوبريتات من كنائس القاهرة.
برسوم العريان.. عاش وسط الضيق الشديد يحمل إيمانًا حيًا، وولد في 1257م من أبوين تقيين، وكان والده يدعى الوجيه مفضل، اتخذته الملكة شجر الدر كاتمًا لأسرارها، تقبله الوالدان كعطية إلهية ثمرة صلوات وأصوام طويلة، لذا ربياه في مخافة الله واهتما بحياته الروحية ودراسته في الكتاب المقدس.
وكان الباحث عصام ستاتى قد ذكر في كتابه «مقدمة في الفولكلور القبطي»، والصادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، أن الاحتفال بمولد «العريان» مظهر من المظاهر الذى تتفرد بها مصر، حيث يشهد جوًا من التسامح الدينى بين المسلمين والأقباط، فالعامة من المسلمين يشيرون له بـ«سيدى محمد البرسومي» أو بـ«سيدى العريان»، في الوقت الذى يقدسه المسيحيون، معتبرين أنه قائد نهضة الكنيسة في فترة كاحلة عليها، وأن المسلمين يقومون بزيارة دير الأنبا برسوم الخاص في منطقة حلوان، فهم يرونه وليًا مسلمًا وليس قديسًا مسيحيًا استنادًا إلى قصته الشهيرة، والتى تذكر أنه استطاع أن يعيش مع حية 20 عامًا بعد أن نزع منها الشر.
.................................................................
فعاليات الاحتفال على مدى 20 يومًا متتاليًا
عرض الفيلم التسجيلى لحياة القديس نهضة روحية.. ومعرض لجميع مشغولات الدير
دير «شهران»، وهو الاسم القبطى القديم للمعصرة، والتى وصفها الشيخ المؤتمن أبو المكارم سعد الله بن مسعود، فقال في كتاب «الكنائس والأديرة»: «شهران قرية كبيرة كانت عامرة على شاطئ البحر، ويذكر أن موسى النبى عليه السلام ولد فيها، ومنها ألقته أمه إلى البحر في تابوت خشبي، وشهران من المزارات الجليلة المقصودة لحسن وضعها وإشرافها على النيل».
ويقول العلامة المقريزى عن وصف الدير: «هو مبنى بالحجر واللبن، وبه نخيل، وعدة رهبان، ويقال إنما هو دير شهران، وإن شهران كان من حكماء النصارى».
وقيل عنه إنه كان ملكًا، وكان هذا الدير يعرف قديما بمرقوريوس، الذى يقال له مرقورة ولما سكنه «برسوما بن التبان» عرف بدير برسوما، وله عيد يعمل في الجمعة الخامسة من الصوم الكبير، فيحضره البطريرك وأكابر النصارى وينفقون فيه مالًا كبيرًا.
ويعتبر من‏ ‏الأديرة‏ ‏التي‏ ‏تشغل‏ ‏مساحة‏ ‏كبيرة‏، وأعاد‏ ‏تعميرها‏‏ ‏الأنبا‏ ‏بسنتي‏ ‏أسقف‏ ‏حلوان‏، وبها كاتدرائية ‏كبيرة‏ ‏ومباني ‏للخدمات‏ ‏والزوار‏ ‏والمكتبات‏، ويستقبل الدير مئات الآلاف من الأقباط، كما يأتى إليه أيضًا سائحون من جميع أنحاء العالم لنيل بركة القديس الأنبا برسوم العريان.
وتم إنشاء الدير، في القرن الحادى عشر الميلادي، ويرجع تاريخه، إلى أنه عندما سمح الحاكم بأمر الله لبعض الرهبان ببناء دير خارج القاهرة، فبنوا الدير أولًا على اسم الشهيد مرقوريوس أبى سيفين، وهو هذا الدير المعروف الآن بدير الأنبا برسوم العريان، ويوجد بالدير، مزار به رفات القديس الأنبا برسوم العريان، كما يوجد بالدير الكثير من الأيقونات والمخطوطات.
وفى هذه الأيام، يواصل دير الأنبا برسوم العريان بالمعصرة، فعاليات النهضة الروحية، للاحتفال السنوي، بعيد القديس برسوم العريان، والذى تستمر فعاليات الاحتفال به على مدى 20 يومًا متتاليًا، برئاسة الأنبا بسنتي، أسقف المعصرة وحلوان وتوابعها.
ويشهد الدير خلال فعاليات الاحتفال، تشديدات أمنية مكثفة، تأمينًا للزائرين، وفريق كشافة لتنظيم دخول وخروج الزوار من الداخل، ويستضيف الدير، عددا غفيرا من أساقفة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية من محافظات مختلفة عدة، على رأسهم الأنبا دانيال أسقف المعادى ودار السلام والبساتين، وسكرتير المجمع المقدس.
ومن بين الأساقفة الذى يستضيفهم دير الأنبا برسوم خلال فعاليات الاحتفالات السنوية، الأنبا كاراس، أسقف المحلة وتوابعها، والأنبا إسحق، أسقف طما وتوابعها، والأنبا بنيامين، مطران المنوفية، والأنبا يواقيم، أسقف إسنا وتوابعها، والأنبا صموئيل، أسقف طموه وتوابعها، والأنبا أبانوب، أسقف كنائس المقطم، والأنبا صليب، أسقف ميت غمر وتوابعها، والأنبا مارتيروس، أسقف عام كنائس شرق السكة الحديد، والأنبا ميخائيل الأسقف العام، بالإضافة إلى عدد من الكهنة من عدة إيبارشيات مختلفة.
وتتضمن فعاليات الاحتفال بعيد الأنبا برسوم العريان يوميًا، طقس صلاة العشية، وفقرة للتراتيل الروحية، لعدة كورالات متنوعة من كنائس مختلفة من جميع المحافظات، كما يتم خلال الاحتفال عرض الفيلم التسجيلى الذى يروى قصة حياة القديس، وتقام أيضًا، نهضة روحية، وتنتهى بعظة يلقيها أحد الآباء الكهنة، وتتخللها «زفة الأيقونة» التى تطوف بصورته الكنيسة وأرجاء الدير، كما يقام خلال المولد معرض لجميع مشغولات الدير، من ملابس وأعمال يدوية، وسجاجيد ومفروشات، ولعب أطفال، وتقدم أحيانًا بعض العروض المسرحية والترفيهية.
وكان قد دشن قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، منذ قرابة عام، ستة مذابح بكاتدرائية دير القديس الأنبا برسوم العريان، بإيبارشية حلوان، كما دشن حضن الآب وأيقونات الكاتدرائية.
.......................................................................


الاحتفال بموالد القديسين بدء الخلافة الفاطمية في مصر 
ظهرت مع بدء الخلافة الفاطمية في مصر في القرن العاشر الميلادي، وتؤكد الكثير من المراجع التاريخية والدراسات الأدبية مثل «موسوعة مصر القديمة» للمؤرخ سليم حسن، وكتاب «الموالد والتصوف في مصر» لنيكولاس بيرخمان، أن الاحتفالات الشعبية بموالد الأولياء والقديسين امتداد تاريخى لما كان يفعله قدامى المصريين في احتفالاتهم بموالد الفراعنة والآلهة، والتى كان من أهم ملامحها تقديس صاحب المولد المحتفل به.
وجاءت أوجه الاختلاف بين الموالد الإسلامية والقبطية، في كون الموالد القبطية للقديسين تمثل يوم نياحتهم، وفاتهم، أما لدى المسلمين، فموالد الصالحين والأولياء تمثل يوم ميلادهم، ففى الفكر القبطى لا يمثل يوم الميلاد أى بطولة أو إعجاز، أما يوم الوفاة فهو اليوم الذى أتم فيه البطل جهاده، وهنا يتمثل الاختلاف؛ فلدى المسلمين يكون الاحتفال بيوم الميلاد، لأنه اليوم الذى تباركت فيه الأرض وتزينت بوجود الولى الصالح عليها.
.........................................................
زفة الأيقونة.. أبرز ما يميز الموالد المسيحية
أشار أشرف أيوب معوض، في كتابه «الموالد القبطية.. مولد الأنبا شنودة نموذجا»، إلى أن الموالد القبطية لها طقوس خاصة تميزها، موضحًا أبرزها بأن غالبا تكون الموالد، ذات موعد ثابت ومحدد من كل عام، فهو تاريخ وفاة القديس أو استشهاده، ولا يتم في أى وقت مثل بعد الحصاد أو تبعا للظروف الأيكولوجية أو الاقتصادية أو بعد الانتهاء من الدورة الزراعية كما يحدث أحيانا في الموالد الإسلامية، كما أن طقس المعمودية من الطقوس المسيحية الأساسية، ويمارس في كثير من الأحيان في الموالد، إضافة إلى تقديم النذور والأضاحى كالأبقار والخراف، حيث إن هناك حرصًا شديدًا على إيفاء النذر إذا تحقق الأمر الذى نذر من أجله.
ويعتبر النشاط الاقتصادى من أبرز مظاهر المولد، حيث يستلزم وجود خدمات المطاعم، وتجارة المواد الغذائية، ويعتبر الوشم من الظواهر المنتشرة في الموالد المسيحية، وانتشار أكشاك كثيرة في أنحاء المولد لبيع الصور المسيحية، وبعض المناديل المطبوع عليها صور القديس، وأيضًا حلية الصليب إذا كانت في صورة ميدالية أو صورة معدنية أو جلدية.
ومن أهم ما يميز الموالد المسيحية، وهذه الأيقونة تكون صورة للقديس وتختلف عن الصورة العادية، إذ إن الأيقونة لها صبغة طقسية وعقائدية ويصلى عليها قبل وضعها في الكنيسة صلاة التدشين، حيث تدهن الأيقونة بزيت الميرون، ويحملها عدد من الشمامسة بزيهم الخاص وهو يحملون الصلبان أيضا والآلات الموسيقية الكنسية، مرتلين الألحان في موكب مهيب ومن حولهم يتدافع الآلاف من الشعب لأخذ بركة الأيقونة «القديس».
.......................................................................
أسقف المعصرة وحلوان: المسلمون أطلقوا على برسوم «سيدى محمد العريان»
كان الأنبا بسنتي، أسقف المعصرة وحلوان وتوابعها، قد أشار في تصريحات سابقة، أن المسلمين يعتقدون أن القديس الأنبا برسوم العريان شخص مسلم بل وشيخ، ويطلقون عليه «سيدى محمد العريان»، ويُرجع التسمية لأن القديس كان قديمًا محبوبا من قبل المسيحيين والمسلمين معًا، وكان المسلمون قديمًا يأتون للكنيسة ويأخذون بركته؛ وهم يطلقون على أصحاب الكرامات لفظ «سيدي»،مثل سيدى العارف بالله لذا أطلقوا عليه «سيدى العريان».
..............................................................
الثعبان.. وسيدى العريان والرفاعى
تربط الجماعة الشعبية من المسلمين بين برسوم العريان، وبين بعض الأولياء مثل أحمد الرفاعى في مسألة التعامل والتعايش مع الأفاعى واستئناسها وإخراجها من البيوت عن طريق وسطائهما، وتربط أيضًا بين العريان والسيد البدوي، حيث إن كلًا منهما أقام على السطوح، فالأول عاش عشرين عاما على سطح الكنيسة، والثانى عاش على سطح منزل خلوته، كما أن لكل منهما دوره في إنقاذ أتباعه، حيث حاول القديس أن ينزل المغارة فمنعه خدام الكنيسة مظهرين خوفهم عليه، أما هو فبإيمان بسط يديه نحو السماء وصلى، قائلا: «يا ربى، أنت الذى أعطيتنا السلطان أن ندوس على الحيات والعقارب وكل قوة العدو. الآن أنظر أنا إليك لكى تعطينى قوة أستطيع بها مقاومة هذا الوحش». وإذ رشم نفسه بعلامة الصليب تقدم نحو الثعبان، وهو يقول: «تطأ الأفعى والحيات، وتدوس الأسد والتنين»، فنزع الله من الثعبان طبعه الوحشي، وصار مرافقًا له في المغارة نحو 20 عامًا، فجاءت الجموع من كل مدينة تطلب صلواته وبركته، واستطاع «العريان» بالصلاة أن يروض الثعبان ويعيش معه في المغارة سنوات طويلة، ومن ثم فإن الجماعة الشعبية من المسلمين عادة ما يهتفون «عم يا عريان يا طب التعبان» و«عم يا رفاعى يا طب الأفاعي».
...............................................................


ترنيمة الأنبا برسوم العريان وحكايته مع الثعبان 
انبا برسوم العريان وحكايته مع التعبان
انبا برسوم العريان وحكايته مع التعبان
ياللا بنا نعرفها أوام ياللا بنا نعرفها قوام
ونمجد إلهنا الحنان، الحنان
لما كان زواره كتير راح يهرب من الشوشرة
في كنيسة القديس مارقوريوس وكان فيها مغارة
جوها تعبان كبير والناس خايفة ومحتارة
ولما جه أنبا برسوم تعالوا وشوفوا إيه جرى
انبا برسوم العريان وحكايته مع التعبان
انبا برسوم العريان وحكايته مع التعبان
ياللا بنا نعرفها أوام ياللا بنا نعرفها قوام
ونمجد إلهنا الحنان، الحنان
صلى ورشم الصليب راح وقال له: أأمرك
باسم اللى خلقك يا مبارك أقف هنا مكانك
لما راشمه بالصليب في الحال زالت طبيعته
وأظهر التعبان طاعته لصليب واسم أخرستوس
انبا برسوم العريان وحكايته مع التعبان
انبا برسوم العريان وحكايته مع التعبان
ياللا بنا نعرفها أوام ياللا بنا نعرفها قوام
ونمجد إلهنا الحنان، الحنان
كان القديس بيغذيه ياكل، يشرب من إيديه
ولما يقف للصلاة يبعد حالًا من نحوه
ولما كان زواره كتير والتعبان مخيف وكبير
يامره يبعد في الحال فيطاوعه من غير تفكير
انبا برسوم العريان وحكايته مع التعبان
انبا برسوم العريان وحكايته مع التعبان
ياللا بنا نعرفها أوام ياللا بنا نعرفها قوام
ونمجد إلهنا الحنان، الحنان
ودى حكاية القديس برسوم مع التعبان
عرفناها وفهمناها يالا نِفهم معناها
إللى يقول أنا هاصلى مهما يكون أو يحصللي
عمر ما فيه قوة تهزه، ربنا بيسندوا تملّي
انبا برسوم العريان وحكايته مع التعبان
انبا برسوم العريان وحكايته مع التعبان
انبا برسوم العريان وحكايته مع التعبان
..........................................
أرقام:
20 عامًا عاشها «برسوم» مع الثعبان في مغارة 
60 عامًا عمره على الأرض
10 سبتمبر 1317 رحل عن الحياة