السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

في كلمة مؤثرة.. أبو الغيط يكشف الخطر الأول على الأمن القومي العربي

أحمد أبو الغيط
أحمد أبو الغيط
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أكد أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن استمرار حالة الاحتراب الداخلي في بعض الدول العربية هو الخطر الأول الذي يُهدد الأمن القومي العربي، ذلك أن هذه الحروب، كما شهدنا خلال الأعوام الماضية، تُضعف مناعة الجسد العربي وتستدعي تدخل الآخرين في شئوننا، وتفتح لهم الباب للتلاعب بمصائرنا عبر تقسيم البلدان إلى ميليشيات متصارعة وطوائف متناحرة وما من غرضٍ لهذه التدخلات غير الحميدة سوى توسيع رقعة النفوذ، وإدارة معارك بالوكالة على أراضٍ عربية تسيل فيها دماء عربية لأهداف لا يُمكن أن تحمل خيرًا للعرب.
جاء ذلك في الجلسة الافتتاحية لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري في دورته العادية (152)، التي عقدت اليوم الثلاثاء برئاسة محمد علي الحكيم وزير خارجية جمهورية العراق.
وقال أبو الغيط، ما زال "حال الأزمة" يخيم على المنطقة العربية.. فهناك جبهات مفتوحة، وجراح لم تندمل في اليمن وسوريا وليبيا، وهناك الملايين من اللاجئين والنازحين تمثل معاناتهم اليومية، وبخاصة النساء والأطفال من بينهم، الكلفة الإنسانية الأفدح لاستمرار هذه النزاعات التي ما زالت تهدد حياة الإنسان ووحدة الأوطان.
وأضاف أن بعض هذه الصراعات ازداد تأزمًا.. فالجرح إن لم يُعالج انتشر وتوغل في الجسد، قائلا: "لقد دخلت المعارك العسكرية التي تشهدها المناطق المحيطة بالعاصمة طرابلس شهرها السادس.
وحول الوضع في ليبيا، دعا أبو الغيط، إلى إخراج ليبيا من هذه الأزمة المتفاقمة موضحا أن المطلوب اليوم هو خفض فوري للتصعيد الميداني، والتوصل إلى وقف دائم وثابت لإطلاق النار، والعودة إلى المسار السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة كما أنه مطلوب أيضًا، منا جميعًا.. وفي ضوء الشرخ الكبير الذي أحدثته التطورات الأخيرة في نسيج المجتمع الليبي.. أن نقف مع أشقائنا الليبيين ونعمل على استعادة جسور الثقة المفقودة بينهم، كما طالب بالخروج بمقاربة شاملة لتسوية الوضع الليبي في مجمله وتوحيد المؤسسات المنقسمة واستكمال المرحلة الانتقالية باستحقاقاتها الأمنية والسياسية والدستورية.
وحول الوضع في اليمن، قال ابو الغيط "شهدنا انقسامات جديدة تهدد وحدة التراب اليمني التي نسعى جميعًا لصيانتها وفي هذا الخصوص، فإننا نُرحب بتجاوب الأطراف المختلفة مع دعوة المملكة العربية السعودية للحوار ووقف المواجهات المؤسفة التي آلمنا جميعًا اندلاعها في بعض محافظات الجنوب.
وأكد أن الجامعة تتمسك بخيار السلام في اليمن.. وتدعم الشرعية الدستورية للحكومة برئاسة الرئيس عبد ربه منصور هادي، مضيفا أن العملية السلمية التي تقودها الأمم المتحدة في الحديدة تمثل خطوة جيدة لتخفيض التصعيد العسكري وبناء الثقة إلا أنها ما زالت تصادف عراقيل يضعها الطرف الحوثي الذي نحمله مسئولية التدهور المطرد في الوضع الإنساني.
وقال: لقد ظهر واضحًا خلال الفترة الماضية أن الطرف الحوثي لا يملك قراره وإنما يتلقاه من دولةٍ أخرى، داعيا إيران بأن ترفع يدها عن الساحة اليمنية وأن تكف عن دعم الميليشيات بالمال والسلاح، وأن تتوقف عن تحويل الأرض اليمنية إلى منصة لتهديد أمن واستقرار الدول المجاورة.
وأكد أن اليمن وأهله جزء لا يتجزأ من الأمة العربية، فاليمن عمق استراتيجي للأمن العربي كان وسيظل، وعلاقات اليمن مع جواره العربي هي الباقية والتدخلات الخارجية من قوى غير عربية عرض سيزول في يوم قريب لأن أغلبية الشعب اليمني ترفض هذه التدخلات وتتمسك بعروبتها.
وأضاف قائلا "لقد اتخذت التدخلات الإيرانية في الشئون العربية صورة أكثر خطورة وتهورًا في الشهور الماضية، إذ تجاوزت إشعال الأزمات داخل الدول إلى تهديد أمن الملاحة وإمدادات الطاقة في منطقة الخليج العربي، وقد اجتمع القادة العرب في قمة مكة في آخر مايو الماضي لإدانة كافة الاعتداءات الإيرانية على مبدأ حرية الملاحة البحرية في المياه الدولية في الخليج العربي وخليج عمان.. ومعروض أمام مجلسكم الموقر مشروع قرار في هذا الشأن الذي يهم العرب جميعًا.
وحول القضية الفلسطينية، قال أبو الغيط "لقد كانت السنوات الثلاث الماضية زمنًا ضائعًا بالنسبة للقضية الفلسطينية، فبدلًا من أن ننخرط في عملية سلمية جادة وفق مرجعيات واضحة، وجدنا أنفسنا ندور في حلقات مفرغة من انتظار خطط يُعلن عنها ورؤى يجري التبشير بها، بينما الواقع على الأرض لا يبشر بخير أو يدعو للتفاؤل، مؤكدا أن الخطة الوحيدة التي نراها تُنفذ اليوم للأسف هي خطة تصفية القضية والتضييق الشديد على أصحابها وتنطلق هذه الخطة من رؤية مقلوبة للوضع مفادها أن المشكلة تكمن في الشعب الخاضع للاحتلال، لا في القوة القائمة به، أو في واقع الاحتلال نفسه.
وأضاف قائلا: هكذا يتصور أصحاب هذه الرؤى أن الضغوط على الفلسطينيين والتضييق عليهم، كفيلة بحملهم على القبول بما لم يقبلوا به في السابق وعوضًا عن العمل على إنهاء الاحتلال –وهو جوهر النزاع منذ عام 67- يصر بعض الأطراف على معالجة القضية بتقويض أركانها الرئيسية التي تحظى بإجماع دولي.
ونوه بمرور ما يقرب من العامين على اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل.. فكم من الدول حذت حذوها؟.. دولة أو دولتان، قائلا إن الإجماع الدولي ما زال راسخًا في شأن كون القدس الشرقية أرضًا محتلة وقضية من قضايا الحل النهائي، لا يجري حسمها بالإعلانات الأحادية ولا بنقل السفارات والمكاتب التمثيلية إليها.
وأضاف لقد قطعت الولايات المتحدة تمويلها عن الأونروا فتداعت الدول لسد الفجوة التمويلية وتحاول اليوم أن تلتف على التفويض الممنوح للوكالة بموجب قرار دولي صادر عام 1949، مؤكدا أن التصويت على تجديد التفويض في شهري نوفمبر وديسمبر القادمين سيعكس الإجماع العالمي الرافض لإنهاء دور الوكالة في إعاشة 5.5 مليون فلسطيني، أو التلاعب بصفة اللاجئ لتفريغ قضية اللاجئين من مضمونها.
وقال إن لدى إسرائيل في اللحظة الحالية غطاء سياسيًا توفره لها الولايات المتحدة، بما يمكنها من الاعتداء على الأراضي العربية في بعض دول المنطقة كما شهدنا خلال الأسابيع الماضية، إنه نوع من اللعب بالنار وسلوك استعراضي لا غرض من ورائه إلا الدعاية الانتخابية.. ونحذر من أن استمرار مثل هذه التصرفات الهوجاء يهدد بإشعال المنطقة بصورة لن تكون في صالح أمن أو استقرار أي طرف.
وفي سوريا قال ابو الغيط: "نجد أن بعض القوى الإقليمية التي تسعى إلى اغتنام الفرص، وتحقيق مكاسب على حساب العرب في لحظة مرتبكة، تُمارس نوعًا من الانتهازية السياسية التي ستترك آثارها في ذاكرة الشعوب قبل الحكومات.
وأكد أن الحل في سوريا لا يكون بتقطيع أوصال الوطن السوري إلى مناطق نفوذ تحت هيمنة أجنبية وإنما بتسوية شاملة على أساس القرار 2254 تضمن للوطن وحدته وتكامل ترابه.. وتُعطي السوريين جميعًا، في داخل الوطن وخارجه، الأمل في أن الوطن السوري سيعود حاضنًا لكافة أبنائه بلا إقصاء وبغض النظر عن انتمائهم السياسي أو الديني طالما لم ينتهجوا الإرهاب سبيلًا.
وقال إن هذا هو المشروع السياسي الوحيد الذي يقود لاستعادة الوطن السوري، شعبًا وأرضًا وسيادة.
وحول الوضع في السودان قال أبو الغيط: "تحقق اتفاق سياسي أثلج الصدور وطمأننا على المستقبل، إنني أهنئ الحكومة الجديدة التي تم تشكيلها قبل يومين، والتي جاءت حصيلة اتفاق سياسي بين المكونات السودانية أثبت أن مجتمعاتنا قادرة على تجاوز الأزمات عبر الحوار.. وأن الصراع والاحتراب الداخلي مرهون باختياراتنا وقراراتنا وليس قدرًا محتومًا".