السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

خبراء يضعون روشتة النهوض بالزراعة.. تطوير المراكز البحثية.. ومجابهة التغيرات المناخية.. وتسويق المحاصيل بأجر عادل.. وتوفير البذور.. وعودة الإرشاد الزراعي

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تعد مصر من الدول التى تقوم على الزراعة منذ قديم الأزل وهو الأمر الذى يجعل المهنة من المهن المهمة خاصة أنها ترتبط بحياة نحو 10 ملايين مواطن يعيش فى البلاد، وبرغم ذلك فهناك العديد من التحديات التى يواجهها الفلاحون والمزارعون رأس مال الدولة فى توفير الإنتاج الزراعي. 


وأشار تقرير للإدارة المركزية لحماية الأراضى التابع لوزارة الزراعة الصادر خلال العام الماضى أن حملة إزالة التعديات على الأراضى الزراعية شملت إزالة التعديات على أكثر من ١٩ ألف فدان بإجمالى ٣٣٪ من المساحة التى تم التعدى عليها منذ يناير ٢٠١١ حتى الآن والبالغة ٥٦ ألف فدان، تضمنت نحو ٢٥٠٠ ملعب كرة خماسى بمعدل ٧٦٥ فدانا ما يتعارض مع مصالح الفلاحين.
وبحسب الأرقام الصادرة من نقابة الفلاحين المصرية، فإن إجمالى مساحة الأرض الزراعية فى مصر ١٠.٥ مليون فدان، منها نحو ٦ ملايين فدان أراض طينية.
وبحسب التقرير، فإننا فقدنا ٤٠٠ ألف فدان منذ عام ١٩٨٣، منها نحو ٩٠ ألف فدان بعد ثورة يناير ٢٠١١، وفقدنا أراضى زراعية خصبة بنحو ٢٩٠١ فدان فى عام فقط لمشاريع النفع العام وخدمة الإنتاج الزراعي.

يقول الدكتور جمال صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعي، إن أبرز المشكلات التى تواجه المزارعين فى مصر، هى التغيرات المناخية التى تسببت فى ارتفاع نسب الفاقد فى المحاصيل خلال الفترة الماضية.
وأضاف: «نجد على سبيل المثال من ٢٠ إلى ٣٠ ٪ فاقدًا من الخضر والفاكهة تتم زراعتها فى مصر بما يعادل خسائر سنوية تصل إلى ٢ مليار جنيه، ما حدث منذ عامين».
وتابع، أن الأسباب تمثلت فى إهمال مراكز الأبحاث الزراعية التى كان يقدر عددها إلى ١٨ مركزا بحثيا بحسب إحصائية للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، بعد أن انخفضت المخصصات المالية لها لتصل إلى ٣ ملايين جنيه فقط بعدما كانت تصل إلى ٢٠٠ مليون جنيه بعد تقليص وتخفيض ميزانياتها وهى المراكز المنوط بها الإرشاد الزراعى وبدونها يصبح هناك نقص فى الخدمات التوعوية التى يتطلبها مناخ زراعى قوى وقادر على الإنتاج بصورة أفضل.
وأكد صيام أن إهمال البحوث ساهم فى تزايد المشكلات التى وقعت للزراعة خلال الفترة الماضية مثل مشكلات القطن طويل التيلة والقمح وغيرها من المحاصيل التى كانت تمتاز مصر بوفرة فى إنتاجها، منبها إلى وجود مشكلة أخرى خطيرة تتعلق بتوفير المياه للفلاحين من أجل الرى وهى مشكلة تواجه قطاعا من الفلاحين وتتطلب حلولا جيدة فى ظل نقص المياه وفى ظل اتجاه إثيوبيا لبناء سد النهضة الأمر الذى من المتوقع أن يؤدى إلى بوار آلاف الفدادين حال عدم اتخاذ إجراءات مناسبة، الأمر الذى يتطلب اتجاه الدولة إلى ضخ استثمارات فى مجال معالجة مياه الصرف الصحى وتحلية مياه البحر.

ويقول الدكتور زكريا الحداد، أستاذ الهندسة الزراعية والنظم بكلية الزراعة بجامعة بنها إنه فى عيد الفلاح توجد العديد من التحديات التى تواجه الزراعة فى مصر، من بينها تقلص المساحات الزراعية فى ظل ضعف العائد على الفلاحين من الزراعة وارتفاع تكاليف الإنتاج وهو الأمر الذى أدى فى الكثير من الأحيان إلى اتجاه الفلاحين إلى زراعات أخرى تدر عليهم عائدا أو تبوير أرضهم الزراعية أو بيعها أو حتى إقامة ملاعب كرة خماسية عليها وقاعات أفراح بما يدر عليهم عائدا مناسبا وهو الأمر الذى يمكن أن يؤثر على الأمن الغذائى إذا لم يكن له حلول خلال الفترة المقبلة ويجعل من الاستيراد وسيلة لسد الفجوة الغذائية.
وأضاف الحداد أنه لا بد من وجود دور للدولة فى التعاون مع الفلاحين ومساعدتهم على الحصول على مقابل عادل جراء توريد المحاصيل الزراعية فى ظل التحديات الاقتصادية الناتجة عن رفع الدعم وغلاء مستوى المعيشة وهو ما يمكن أن يأتى فى صورة قرارات تنص على توريد المحاصيل بأسعار مناسبة وتفعيل دور التعاونيات الزراعية بصورة أكبر، مشيدا بعهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر الذى اهتم بالفلاحين وأصدر قوانين الإصلاح الزراعى وأدخل الميكنة الزراعية على أساس علمى سليم كإدخال آلات الحرث والحصاد وهو ما يعانى منه الفلاحون حاليا فى ظل قدم الآلات الزراعية والتى لم تعد صالحة للعصر الحالى على حد قوله فى ظل قدمها.
وطالب الحداد بتفعيل دور الإرشاد الزراعى والذى كان موجودا بصورة فعالة خلال فترة ما بعد ثورة ٢٣ يوليو وهو ما نتج عنه أنه كانت الإنتاجية من الفدان الواحد كبيرة وكان الفلاح يعيش بصورة أفضل من الحالية لما يجنيه من عائد مناسب، وهو ما يجب تطبيقه خلال العصر الحالى بتوفير الإرشاد الزراعى للفلاحين بصورة فعالة وداخل مختلف المحافظات التى تعتمد على الزراعة.
وأشار الحداد إلى أنه خلال عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر حدثت نهضة زراعية كبيرة حيث زرعت مصر منذ بداية ٢٣ يوليو وحتى سبعينيات القرن الماضي، ما وصل إلى مليون ونصف فدان من مختلف أنواع الزراعات واهتمت الدولة خلال تلك الفترة بشكل كبير بالمحاصيل الاستراتيجية خاصة القمح والقطن والأرز أيضًا.
وأضاف الحداد أن الدولة اهتمت بالفلاحين فأصدرت قانون الإصلاح الزراعى الأشهر وبموجبه حصل آلاف الفلاحين على حقوق تملك الأراضى الزراعية وهو ما شجعهم بصورة كبيرة فى الزراعة، مؤكدا على أن أهم ما يميز الزراعة فى مصر ويجعلها بصورة جيدة هو وجود مناخ من التعاون بين الحكومة والفلاحين والتعامل معهم بصورة آدمية علاوة على وجود الجمعيات التعاونية الزراعية والتى تقوم بدور هام فى مساعدة الفلاح على الزراعة وزيادة الإنتاج وتسويق المنتج الزراعى الذى ينتجه وهو ما يحتاج إليه الفلاح المصرى فى ظل افتقاد دور تلك الجمعيات وعدم الاهتمام به بالصورة التى يجب تطبيقها.
وأكد الحداد على أنه خلال عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر تمثل الاهتمام بالزراعة فى استصلاح الأراضى وتنفيذه للمشروع الزراعى الكبير الذى حمل اسم مديرية التحرير حيث انقسم هذا المشروع إلى قسمين «قطاع التحرير الشمالي» عبارة عن مدينة ومركز و٦ وحدات محلية قروية و٢٦ قرية رئيسية و٨ وحدات اعتبارية و٩٦ كفرا وعزبة ونجعا ويقع فى محافظة البحيرة وتم إنشاء هذا القطاع عام ١٩٦٢.
وأضاف: هذا بجانب قطاع التحرير الجنوبى فى بدر وغيرها من المناطق لافتًا إلى أن تلك القطاعات أثرت الزراعة بشكل كبير وكانت متكاملة الخدمات التى تقدمها للمزارعين حيث تم إنشاء مناطق كاملة الخدمات داخل تلك القطاعات مثل المستشفيات والمنازل والمدارس للفلاحين بما يكفل لهم حياة كريمة وبما يحقق تنمية الزراعة التى تحقق الأمن الغذائى لمصر وهو الأمر الذى تحقق بالفعل فمصر لم تكن تستورد محصول القمح كما كان لديها كفاية كبيرة من القطن الذى كانت الدول تتهافت على استيراده من مصر لاسيما مع جودة القطن المصرى طويل التيلة.

وقال محمد فتحى سالم، مستشار منظمة الفاو الأسبق وأستاذ الزراعة بجامعة السادات، إن هناك العديد من الإجراءات التى تم اتخاذها لتطوير الزراعة مثل الاتجاه إلى مشروع الصوب الزراعية والذى تم الإعلان عنه خلال الفترة الأخيرة والذى يسهم فى الحد من مشكلات الزراعة ويوفر الكثير من فرص العمل لافتا إلى أن ما حققته القوات المسلحة فى التنمية الزراعية لم تحققه وزارة الزراعة خلال ١٠٠ عام وهو ما سينعكس على الفلاحين بصورة إيجابية خلال الفترة المقبلة فى ظل العديد من المشروعات والقرارات المهمة والتى من بينها الحد من استيراد التقاوى وزراعتها وهو ما حدث مع محاصيل عديدة مثل محصول البطاطس والذى بسبب توفير التقاوى الخاصة به من المقرر أن يساهم فى زيادة إنتاجها خلال الفترة المقبلة، ولكن يجب كذلك الإشارة إلى أن تطوير الزراعة يأتى من خلال قطاع البحث العلمى البحثى والذى لا بد من تفعيله بصورة أكبر لكى يكون له دور فى دراسة الواقع الزراعى وكيفية تطويره بصورة أكبر، لافتا إلى أنه حينما يتم إهمال القطاع العلمى فهذا يؤدى إلى انتشار الأمراض بالمحاصيل وإصابتها بالكثير من المشكلات وهو الأمر الذى يجعل المكافحة أمرا صعبا فى ظل أن الفلاح هو من يتكفل بتكاليف تلك المكافحة وهو ما يمكن الحد منه من خلال الاهتمام بالإرشاد الزراعي.
ولفت إلى أن ظاهرة مثل التغيرات المناخية تحتاج إلى دراسة وأبحاث لمعرفة كيفية تأثيرها على الزراعة فى مصر ومن ثم اتخاذ اللازم لكى يتم تقويض السلبيات التى تتسبب فيها تلك الظاهرة التى أدت إلى فقدان الكثير من المحاصيل ورفع سقف معاناة الفلاحين.
وأضاف: معهد البحوث الزراعية وما يتضمنه من معاهد فرعية لم يقدم قيمة مضافة بصورة كبيرة خلال الأعوام الأخيرة الأمر الذى ترتب عليه أن الدولة قلصت ميزانية تلك المعاهد العلمية وهو الأمر الذى لا بد من تداركه، مطالبا الدولة بالتدخل لإزالة العراقيل ودعم الفلاح.