الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

اليوم العالمي لمنع الانتحار.. 800 ألف شخص ينهون حياتهم سنويا.. 79% من الحالات في البلدان الفقيرة ومتوسطة الدخل..واستخدام المبيدات والشنق الأكثر شيوعا

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تحت شعار "العمل معا لمنع الانتحار" تحيي منظمة الصحة العالمية والرابطة الدولية لمنع الانتحار، اليوم العالمي لمنع الانتحار، يوم 10 سبتمبر من كل عام، وهو شعار مستمر من عام 2018 وحتى عام 2020.
وتسلط منظمة الصحة العالمية الضوء على الدور الذي يجب على المجتمع والأفراد القيام به لمواجهة التحديات التي يطرحها السلوك الانتحاري في المجتمع، باعتبار أن ذلك أهم عنصر لضمان فاعلية التعاون العالمي للوقاية من الانتحار.


ويقدم ما يقارب 800 ألف شخص سنويا على إنهاء حياته بنفسه، ومقابل كل حالة انتحار هناك الكثير من الناس الذين يحاولون الانتحار كل عام، وتمثل محاولة الانتحار السابقة أهم عامل خطر لعموم السكان.
ويعتبر الانتحار الثاني أهم سبب للوفاة بين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاما على الصعيد العالمي في عام 2016، طبقا لتقارير منظمة الصحة العالمية، وتشير التقارير إلى أن البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل تستأثر بنحو 79% من حالات الانتحار في العالم، ويعتبر ابتلاع المبيدات، والشنق والأسلحة النارية من بين الأساليب الأكثر شيوعا للانتحار على مستوى العالم.
وتمثل كل حالة انتحار مأساة تؤثر على الأسر والمجتمعات والبلدان بأكملها بما تحدثه من آثار طويلة الأمد على من تركوهم وراءهم، ويحدث الانتحار في مختلف مراحل العمر، وقد سجل ثاني أهم سبب للوفيات بين من تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عامًا.
من هم المعرضون للخطر؟
على الرغم من أن العلاقة بين الانتحار والاضطرابات النفسية "خاصة الاكتئاب والاضطرابات الناجمة عن تعاطي الكحول"، معلومة تماما في البلدان المرتفعة الدخل، إلا أن هناك العديد من حالات الانتحار التي تحدث فجأة في لحظات الأزمة نتيجة انهيار القدرة على التعامل مع ضغوط الحياة، مثل المشكلات المالية، أو انهيار علاقة ما أو غيرها من الآلام والأمراض المزمنة.
بالإضافة إلى ذلك، تقترن النزاعات والكوارث والعنف وسوء المعاملة أو الفقدان والشعور بالعزلة بقوة بالسلوك الانتحاري، وترتفع معدلات الانتحار كذلك بين الفئات المستضعفة التي تعاني من التمييز مثل اللاجئين والمهاجرين؛ والشعوب الأصلية، والسجناء، وتعتبر محاولة الانتحار السابقة أقوى عامل خطر للانتحار.
ويعتبر الانتحار من القضايا المعقدة، وبالتالي تتطلب جهود الوقاية من الانتحار التنسيق والتعاون بين العديد من قطاعات المجتمع، بما في ذلك القطاع الصحي والقطاعات الأخرى مثل التعليم والعمل والزراعة والعدل والقانون، والدفاع، والسياسة، والإعلام. وينبغي أن تكون هذه الجهود شاملة ومتكاملة، حيث إنه لا يمكن لأي نهج أن يؤثر بمفرده على قضية معقدة مثل قضية الانتحار.
فحتى الآن، لم يقم سوى عدد قليل من البلدان بإدراج الوقاية من الانتحار ضمن أولوياتها الصحية، ولم يذكر سوى 38 بلدا فقط وجود إستراتيجية وطنية للوقاية من الانتحار.
على الصعيد العالمي، هناك ضعف في إتاحة البيانات الخاصة بالانتحار والإقدام عليه ونوعية هذه البيانات. فلا يوجد سوى 80 دولة فقط من الدول الأعضاء لديها بيانات جيدة عن تسجيل الأحوال المدنية يمكن استخدامها مباشرة لتقدير معدلات الانتحار؛ ومشكلة ضعف البيانات حول الوفيات لا تقتصر على الانتحار، ولكن نظرا لحساسية الانتحار – وعدم شرعية السلوك الانتحاري في بعض البلدان - فمن المرجح أن يكون ضعف الإبلاغ وسوء التصنيف بالنسبة للانتحار أكبر منه بكثير مع سائر أسباب الوفيات الأخرى.
وتقر منظمة الصحة العالمية بالانتحار كأحد قضايا الصحة العمومية التي تحظى بالأولوية، حيث كان أول تقرير لمنظمة الصحة العالمية حول الانتحار بعنوان "الوقاية من الانتحار: ضرورة عالمية" والذي نشر في عام 2014، يهدف إلى زيادة الوعي بأهمية الانتحار ومحاولات الإقدام عليه من منظور الصحة العمومية، وإلى جعل الوقاية من الانتحار أولوية قصوى على جدول أعمال الصحة العمومية العالمي، كما يهدف التقرير إلى تشجيع البلدان ومساعدتها في تطوير وتعزيز استراتيجيات شاملة للوقاية من الانتحار في سياق نهج متعدد القطاعات للصحة العمومية.
ويعتبر الانتحار من الأمراض التي تحظى بالأولوية في برنامج منظمة الصحة العالمية للعمل على رأب الفجوة في الصحة النفسية والذي تم إطلاقه في عام 2008، ليوفر التوجيه التقني المسند بالبيانات لرفع مستوى تقديم الخدمات ورعاية الاضطرابات النفسية والعصبية والمتعلقة بتعاطي مواد الإدمان، وقد التزمت الدول الأعضاء في المنظمة بموجب خطة عمل منظمة الصحة العالمية للصحة النفسية 2013-2020 بالعمل من أجل تحقيق الهدف العالمي المتعلق بخفض معدل الانتحار في البلدان بنسبة 10% بحلول عام 2020.
كذلك تُعد معدلات الوفيات الناجمة عن الانتحار مؤشرًا من مؤشرات الغاية 3-4 من أهداف التنمية المستدامة: تخفيض الوفيات المبكرة الناجمة عن الأمراض غير السارية بمقدار الثلث من خلال الوقاية والعلاج وتعزيز الصحة والسلامة العقليتين بحلول عام 


2030.
وكانت منظمة الصحة العالمية قد اعتمدت عام 2003 مبادرة الرابطة الدولية لمنع الانتحار، باعتبار يوم 10 سبتمبر يوما عالميًا لمنع الانتحار، لتوحيد الجهود وتوفير العلاج المناسب للذين يعانون من أمراض نفسية، وإتاحة خدمات الرعاية المجتمعية والمتابعة الوثيقة، بالإضافة إلى تقييد إمكانية الحصول على وسائل الانتحار الشائعة، وتم الاحتفال الأول بهذا اليوم عام 2004.
ويأتي تعريف الانتحار وفقًا لمنظمة الصحة بأنه "القتل العمدي للنفس"، ويتكون السلوك الانتحاري من عدة خطوات تشمل التفكير في الانتحار ثم التخطيط له والتنفيذ الذي قد يؤدى إلى الوفاة أولا، ووفق الإحصاءات التي تم تحديثها مؤخرًا، فإن هناك 20 شخصًا حاولوا الانتحار مقابل كل شخص تمكن من الانتحار بالفعل، ويأتي السلوك الانتحاري نتيجة التفاعل بين العوامل البيولوجية والنفسية والاجتماعية والثقافية، وتبقى الأسباب النفسية والإدمان على رأس الأسباب المؤدية إلى الانتحار، إضافة إلى التعرض لأزمات اقتصادية؛ وكما تشير التقارير الدولية إلى أن الأسباب الرئيسية للانتحار تتمثل في الفقر والبطالة وفقدان أحد الأحباء والحجج أو المشكلات القانونية أو المتعلقة بالعمل.
وفي أبريل الماضي، كشفت دراسة لوزارة الصحة المصرية، أجريت على عينة من 10 آلاف و648 طالبًا وطالبة، تراوح أعمارهم بين 14 و17 عامًا، أن 21.5% من طلاب المرحلة الثانوية في مصر يفكرون بالانتحار، فيما يعاني 29.3% مشكلات نفسية بينها القلق والتوتر والاكتئاب، و19.5% بلغوا حد إيذاء النفس، بينما لجأ 33.4% من عينة الطلاب للعلاج لدى طبيب نفسي، و19.9% لجئوا لصيدلي، و15% لجئوا لنصائح الأصدقاء.
ولم تذكر الدراسة سبب تفكير هؤلاء الطلاب في الانتحار، غير أن أغلب الأسر المصرية تمارس ضغوطًا على الطلاب في المرحلة الثانوية، في إطار السعي للحصول على أعلى مجموع يؤهل الطالب للالتحاق بالكلية التي يرغبها، وهو ما يصيب بعض الطلاب بأمراض نفسية.
وكانت النسبة الأكبر انتحار الرجال، ومعظم حالات انتحار الرجال في هذه المرحلة العمرية ترجع إلى الظروف الاقتصادية وعدم القدرة على الإنفاق على الأسرة.
واحتلت المرتبة الثالثة في إحصائية المنتحرين الفئة العمرية من 7 إلى 15 عامًا، وكانت البنات المنتحرات في هذه المرحلة ثلاثة أمثال الأولاد، وبلغت نسبة الأطفال المنتحرين 5.21% من إجمالي المنتحرين في مصر.
وتختلف طرق الانتحار بين النساء والرجال، إذ إن 90% من النساء يستخدمن في انتحارهن الأقراص المنومة أو سم الفئران أو إلقاء أنفسهن من أماكن شاهقة أو في النيل، بالإضافة إلى لجوئهن إلى حرق أنفسهن، أما الرجال في مصر فإنهم ينتحرون عادة بالشنق أو قطع شرايين اليد أو إطلاق النار على أنفسهم أو الحرق.
وابتلاع المبيدات والشنق وإطلاق النار من أهم الوسائل المستخدمة للانتحار على مستوى العالم، في حين أن إلقاء الذات أمام وسائل المواصلات، بالإضافة إلى الحرق من أكثر الوسائل المستخدمة للانتحار في مصر.
ونسب الانتحار بين الذكور أعلى مقارنة بالإناث، لكن فيما يتعلق بمحاولات الانتحار فإن الإناث هن الأكثر شيوعًا.
وتشير الدراسات إلى أن أكثر من 90% من ضحايا الانتحار يعانون من أمراض نفسية، فالاكتئاب الشديد واضطراب ثنائي القطب والانفصال من أهم هذه الأمراض التي عادة ما تؤدي إلى الانتحار.