الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

زحام المترو.. وتداعياته

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هى فتاةٌ فى العقد الثالث من العمر، أقربُ للطول منها إلى القصر، كانت ترتدى عباءة سوداء تُجسد تضاريس جسمها، اتخذت من هذا الزي (اللافت) طُعما لصيد فرائسها، وسرقة ما بجيوبهم، اندست فى عربة المترو وسط الرجال، تاركة عربة السيدات تكاد تكون فارغة، وبدلا من أن تتخذ لنفسها مكانا قصيا، يحميها من الاحتكاك بمن يدخل ويخرج من العربة، وقفت أمام الباب تعوقُ حركة الركاب صعودا وهبوطا، التطم بها- عن غير قصد - أحدُ الشباب أثناء اندفاعه لدخول القطار قبل غلق الباب، فانهالت عليه شتما وسبابا، واتهمته بتعمد الاحتكاك بها، اعتذر لها الشاب، مؤكدا أن احتكاكه بها لم يكن أمرا مقصودا، فرفضت اعتذاره، وتمادت فى (وصلة) الردح والسباب، مُتهمة ركاب العربة بالسلبية؛ لأنه لم يهم أحدٌ لنجدتها رغم تعرضها - بزعمها - لتصرف خادش للحياء، أثارت كلماتُها حمية أحد الركاب، فانبرى لتهدئة الموقف، ونزع فتيل الشجار، فلانت الفتاةُ بعد جهد، وسكن صفيرُ التراشق، وبعد نزول الفتاة فى أول محطة وقف بها القطار، فوجئ من تطوع بفض الاشتباك بأن حافظة نقوده قد سُرقت، وأنه كان ضحية لنشالة مُحترفة!
تكشف هذه الصورة، التى كثيرا ما تتكرر فى أفلام السينما، والتى رأيتُها رأى العين، بإحدى عربات المترو، عن الآثار السلبية لشدة الزحام بوسائل المواصلات العامة، وخاصة بقطارات السكة الحديد ومترو الأنفاق، ذلك الزحام الذى يكون بيئة مناسبة لمشكلات عدة مثل التحرشات، والسرقات، والشجار بين الركاب، وتأخير رحلات القطارات عن المواعيد المحددة، وتكون نتيجة ذلك كله أن يصل الراكب إلى عمله أو مصلحته مهدودا مكدودا لا يقوى على العمل ولا يستطيع العطاء. 
وكخطوة من خطوات حل مشكلة الزحام، ومنع التحرش لا بد من ضرورة تكثيف الوجود الشرطى داخل المحطات لسرعة اللجوء لأفراد الأمن عند حدوث مشكلة، أو وقوع شجار؛ وذلك لاحتواء الأزمة قبل تفاقمها، أما سياسة التحرك بعد - خراب مالطا - فهى سياسةٌ فاشلة تؤصل لدولة الفوضى التى تقف مصر على قدم وساق لاجتثاث شأفتها، واقتلاعها من جذورها.
فضلا عن ذلك فلا بد أن يرى المخطئ والمُقصر (العين الحمرا) ويُضرب على يده بعصا من حديد، حتى يرتدع، ويكونَ عبرة لغيره ممن يفكرون فى خرق القانون، وذلك بتغليظ العقوبة، وفورية تحصيل الغرامة، مع شطب سياسة (الطبطبة) من صفحة حياتنا اليومية، لأنها سياسة معوقة، ترسخ للفوضي، وتزيد من حالة الاستهتار، فمعلوم أنه إذا انعدمت العقوبة أسىء الأدب، وحسنا فعلت الهيئة القومية لإدارة وتشغيل المترو بأن غلظت غرامة تأخير القطارات لتكون بواقع ٣٠٠ جنيه للأفراد عن كل دقيقة تأخير، و٤٠٠ جنيه للشركات.
إضافة إلى كل ما سبق فلا بد من تنمية روح المواطنة والانتماء، والتى بها يعلم المواطنون أن عليهم واجبات تجاه هذا البلد، كما أن لهم حقوقا يطالبون بها، أما أن يأخذ طرفٌ كل حقوقه، ويتهرب من أداء ما عليه، فإنها تكون قسمة ضيزي، وظلما بيِّنا.
وأخيرا دعونا نتفق على أن مصر دولة ذات تاريخ وحضارة، وتمتلك كثيرا من الثروات الطبيعية والموارد البشرية التى تضمن لها استعادة مجدها، شريطة أن تتضافر الإدارة السياسية مع الإرادة الشعبية لتحقيق ذلك الهدف الأسمي، وحتى تتحقق تلك الرغبة المنشودة سنظل نعانى وجود هذه الحيل الماكرة.