الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

دراما 2019 تسلط الضوء على تعدد الزوجات وتتجاهل مشكلة الطلاق

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إن القوى الناعمة المتمثلة في الدراما والإعلام لها أثرٌ كبير في تشكيل وعي الجمهور، وإمداده بمهارات التواصل بين الزوجين وحل مشكلاتهما بمفردهما دون تدخل أطراف أخرى قد تكون سببًا في تدمير العلاقة الزوجية، وتعد مصر من أكثر الدول التي ترتفع بها نسب الطلاق حيث تصل إلى 40%، ولايمكن أن نعتبر أن المشكلات المادية سببًا رئيسيًا في هذه الظاهرة كما يزعم البعض، حيث تستطيع الزوجة المصرية أن تتكيف مع أي ظروف معيشية فهى مثابرة وهدفها الأول في الحياة هو الحفاظ على بيتها، وحيث أن الدراما تتسم بقدرتها على التفاعل والتعامل مع عواطف الجمهور من خلال عدة عمليات نفسية، كالتقمص الوجدانى، والاستثارة العاطفية، ومن هنا يمكن للدراما – لاسيما التليفزيونية- أن تمارس تأثيرها من خلال غرس قيم وسلوكيات معينة، وانتزاع أخرى من النسق القيمى للأفراد، أو تقديم حلول معينة لبعض القضايا والمشكلات بحيث تصبح جزءًا أساسيًا من أسلوب تعامل الفرد مع المشكلات التى تواجهه، والقيمة الإعلامية للأعمال الدرامية تكمن في قدرتها على حمل الأفكار التى تعكس المفاهيم والقيم الإيجابية إلى الجمهور بطريقة غير مباشرة، وهذا الأسلوب يعد من أنجح أساليب التأثير.
فنجد أن الدراما التليفزيونية في عام 2001 قدمت نموذج " عائلة الحاج متولى " معبرًا في هذه الفترة عن مشكلة تعدد الزوجات في المجتمع المصرى، وتوالت موجة معالجة هذا النوع من القضايا بشكل ساخر دون التطرق إلى جوهر المشكلة، فطل علينا الفنان مصطفى شعبان في عام 2012 بمسلسل " الزوجة الرابعة"، ثم طل علينا الفنان حسن الرداد رمضان 2019 بمسلسل " الزوجة 18"، دون الأخذ في الاعتبار أن المجتمع يمر بمشكلات جديدة أكثر أهمية تضرب نسيج الأسرة المصرية وهى مشكلات الطلاق بالأخص لحديثى الزواج، بل إن الأخطر في الفترة الحالية هو التسويق من خلال الأعمال الدرامية لفكرة الطلاق والعمل على تقبله اجتماعيًا أو الدعوة إلى تعدد الزوجات وكأنه أمر طبيعى شائع، فضلًا عن معاناة الكثيرين من التدين الظاهرى وعدم استيعابهم أن «الطلاق» أبغض الحلال وأنه خراب مجتمعي، منوهًا أن أسباب الإنفصال التى تُعلن يكون أغلبها «بسيطًا» لا يرتقي أن يكون سببًا رئيسيًا وتدل على أن طرفى العلاقة لا يدركان ماهية العلاقة وقدسيتها. 
فالأرقام المفزعة التى تكشفها البيانات فهناك 9 ملايين طفل انفصل والداهم وعاشوا حياة غير كاملة، وعانوا أشد معاناة نتيجة لهذا القرار الظالم لهم، وحسب الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء فإن هناك 44 حالة طلاق من كل 100 عقد زواج، وأن نسب الطلاق زادت خلال عام 2017 إلى أكثر من 198 ألف حالة طلاق بزيادة قدرها 3.2% عن عام 2016، في المقابل انخفضت نسبة الزواج خلال العام ذاته عن 2016 بنسبة 2.8، وفى أخر إحصائية للجهاز المركزى أن نسبة عقود الزواج في عام 2019 أنخفضت إلى24.5 % بالنسبة للعام السابق، أين دور الدراما في الأسرة المصرية ؟! أليس من الضرروي أن تقوم بدورها في الإرشاد الأسرى وتحذير الأزواج من الاستسلام لفكرة الانفصال باعتباره الحل الأسهل، وأن «الطلاق» هو أشد السلبيات والمواقف العسيرة التى قد تواجه المرء في حياته ويخلف إرهاقًا نفسيًا وذهنيًا وماديا، إن ارتفاع نسبة الطلاق والتفكك الأسرى لهذا المعدل المرعب، أمر ضار للغاية للمجتمع، الذى تعتبر الأسرة نواته وقوته التى يرتكز عليها، وأنه يجب التعامل مع قضية التقكك الأسرى في الدراما التليفزيونية على أنها قضية مجتمعية شاملة تمس الجميع، وليست قضية منفردة أو عابرة، فمن العجيب أن نجد الدراما تجسد البطلة السعيدة بالطلاق فتقيم حفلًا كبيرًا تعزم فيه صديقاتها وترتدى فستان أسود وتطفىء شموع الكيك احتفالًا بطلاقها،ً هل هذا يعبر تعبيرًا حقيقيًا عن مجتمعنا؟، كفانا استيراد واقتباس دراما من الغرب، أن تعود الدراما لدورها التثقيفي في الأسرة المصرية بل وتلتحم بها وتعبر عن مشكلاتها الواقعية، لا بد أن تحارب الدراما الأفكار المروجة للطلاق وهروب الرجال والنساء من تحمل المسئولية بجروبات السوشيال ميديا أمثال " سناجل للأبد" و" نساء مستقلات " وجروبات " مطلقات وافتخر" و" سنجل ماما " إلى أخره من مسميات ينضم إليها الآلاف يوميًا ويتاثرون بأفكارها، الطلاق ليس أمرًا صعبًا فقط على المرأة فالرجل أيضًا يصبح مشتت ومرهق بين أولاده وبيته الذى جهزه من أثاث وتعب العروسين فيه ليبنوه معًا ثم ينتهى البيت ببيع أثاثه على مواقع الإنترنت بعد الإنفصال السريع، نعم هذا مايعانيه مجتمعنا الآن، إن صلحت الأسرة صلح نسيج المجتمع وأخرجنا جيلًا سوى نفسيًا يستطيع أن ينتج ويعطى لوطنه أفضل ماعنده، متى ستقترب الدراما من الأسرة المصرية أكثر؟ وتناقش مشكلاتها الواقعية، وتوجه الأسرة إلى بر الأمان وترسخ قيم المشاركة بين الزوج والزوجة، وخطورة الإنفصال على الأطفال الذين هم المتضرر الأول من «الطلاق» والتفكك الأسري.