السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

إسرائيل وحزب الله.. بدء لعبة "القط والفأر" بين الجانبين.. دراسة لمركز المستقبل للدراسات والأبحاث المتقدمة: ردود أفعال "نتنياهو ونصر الله" تؤكد صعوبة التصعيد بين الجانبين

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
انتهت دراسة لمركز المستقبل للدراسات والأبحاث المتقدمة، إلى أن ردود الأفعال لكلٍّ من «نتنياهو» و«حسن نصر الله» أبرزت صعوبة التصعيد بين الجانبين، وهو ما دفع بقوة نحو ترجيح سيناريو الرد المحدود، فخيار التصعيد بات غير ذى أهمية بالنسبة للحزب في الوقت الحالي، حيث باتت لديه حسابات خارجية تجاوزت حساباته الداخلية، كانخراطه في صراعات المنطقة بسوريا واليمن، وهو ما أدى إلى تراجع مصداقيته لدى المواطنين، بعد أن اكتشفوا أنه ذراع إيرانية في المنطقة، وهو ما سيدفعه لتجنب مزيد من المغامرات غير المحسوبة التى قد تزيد من استنزاف قدراته.

وقالت الدراسة: «كشف استهداف إسرائيل لمواقع عسكرية تابعة لحزب الله اللبنانى في سوريا ولبنان خلال الآونة الأخيرة عن إصرار تل أبيب على تحجيم النفوذ الإقليمى لإيران والجماعات المسلحة التابعة لها كحزب الله في لبنان، والحشد الشعبى في العراق، وميليشيا الحوثيين في اليمن، وهو ما دفعها لفتح خطوط مواجهة غير مباشرة مع إيران، بهدف إضعاف نفوذ هذه الأذرع، ووضع خطوط حمراء ومساحات محظورة على أنشطة تلك الفصائل المسلحة، خاصة ما يرتبط بعمليات تهريب الأسلحة العابرة للحدود وتطوير قدرات عسكرية نوعية لتلك الميليشيات، مثل تطوير الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة التى يمكنها تهديد أمن إسرائيل، إلا أن التصعيد المتبادل بين حزب الله وإسرائيل، لا يتوقع أن يتجاوز نطاقات «الرد المحدود» نظرًا لإدراك الطرفين لتهديدات الانزلاق لسيناريو «الحرب الشاملة» وتداعياته على الأوضاع الأمنية والسياسية الداخلية. 

تطورات الأزمة
أضافت الدراسة، التى أعدها الباحث بالمركز محمود جمال عبدالعال: «لقد شهدت الحدود اللبنانية-الإسرائيلية» تصعيدًا عسكريًّا لم تعهده المنطقة منذ حرب ٢٠٠٦، وذلك بعد محاولة إسرائيل الوصول إلى عددٍ من الأهداف الإستراتيجية لقوات حزب الله اللبناني، المتمركزة في الضاحية الجنوبية لبيروت من خلال الطائرات المسيرة (الدرون)، إضافةً إلى استهداف أحد مراكز حزب الله في سوريا، والذى أسفر عن مقتل لبنانيين من العناصر التى تُقاتل في صفوف حزب الله في سوريا، وردًّا على هاتين العمليتين، توعد «حسن نصر الله» (الأمين العام لحزب الله) إسرائيل بشن ضربات عسكرية في قلب إسرائيل، وهو ما ظهر في إطلاق حزب الله عددًا من الصواريخ المضادة للدبابات، التى أدت إلى تدمير آلية عسكرية إسرائيلية في منطقة «أفيفيم» قرب حدود لبنان الجنوبية.
وأعلن الجيش اللبنانى قيام إسرائيل بإطلاق أكثر من ٤٠ قذيفة صاروخية عنقودية وحارقة صوب مناطق الجنوب، مما أدى إلى اندلاع عددٍ من الحرائق، ونفى نائب الأمين العام لحزب الله «نعيم قاسم» أن يكون هناك تصعيد عسكرى كبير على الجانبين، معتبرًا ما حدث نوعًا من رد الاعتداء وليس اعتداء، وهو ما يتناقض مع تصريحات «نصر الله» الذى اعتبر أن إقدام إسرائيل على استهداف مناطق نفوذ الحزب بمثابة خرقٍ لقواعد الاشتباك التى تم إقرارها بعد عام ٢٠٠٦، متوعدًا بالرد السريع على أى خروقات إسرائيلية، بما في ذلك إسقاط الطائرات المسيرة التى وصفها «نصر الله» بالانتحارية، وذلك بعد إعلان الحزب اكتشافه تفخيخ إحدى الطائرتين، وهو ما يعنى انتقال إسرائيل من دائرة التجسس عبر الطائرات المسيرة إلى محاولة تفخيخ هذه الطائرات لتنفيذ عمليات عسكرية ضد الحزب، مثل استهداف مقاره، أو محاولة اغتيال عناصره. وردًّا على هذا التصعيد، أعلن الجيش الإسرائيلى عن إلغاء إجازات جنوده في المنطقة الشمالية، وذلك للاستعداد لأى ردة فعل قد يُقدم عليها القائمون على حزب الله.

رد الفعل الإسرائيلى
علق رئيس الوزراء الإسرائيلى «بنيامين نتنياهو» على ضربات حزب الله للمناطق العسكرية الإسرائيلية، بأنها لم تؤدِّ إلى وقوع ضحايا، وتهدف حكومة «نتنياهو» من خطوة التصعيد تجاه حزب الله في لبنان والحشد الشعبى في العراق، إلى محاولة مواجهة النفوذ العسكرى الإيرانى في المنطقة فيما يسمى بـ«حروب الوكالة»، وقد هدد المتحدث العسكرى للجيش الإسرائيلى الرئيس اللبنانى «ميشال عون» بشن حرب شاملة مشابهة لحرب ٢٠٠٦. 
ويتخوف الجيش الإسرائيلى من توجه حزب الله لحرب العصابات، مثل اختطاف وقتل الجنود عبر الأنفاق، إضافة إلى تخوفه من نمو قدرات حزب الله العسكرية، خاصة فيما يتصل بتطوير الحزب بمساعدة إيرانية لمشروع الصواريخ الدقيقة القادرة على إصابة الهدف على بعد أمتار قليلة، إضافة إلى قدرة هذه الصواريخ على حمل المتفجرات والرءوس الحربية، وقد دفعت إسرائيل بتعزيزات عسكرية برية بالمناطق المتاخمة للحدود اللبنانية، بما يعنى استعداد الجيش الإسرائيلى لأى من هذه السيناريوهات المحتملة.

مواقف الأطراف المختلفة
تُمثل مشاركة حزب الله في تشكيل أغلبية مجلس النواب اللبناني، واعتباره مشاركًا في تشكيل الحكومة، معضلة كبيرة، إذ يُمكن أن يُورط حزب الله الدولة اللبنانية في حرب غير متكافئة مع إسرائيل، خاصة أنه من الفاعلين في تشكيل حكومة «سعد الحريري»، وهو ما يعنى أن أى مواجهة بين حزب الله وإسرائيل هى توريط للجيش اللبناني. 
واعتبر «ميشال عون» أن ما تم من الجانب الإسرائيلى خرق للسيادة اللبنانية، معلنًا أنه سيتابع الأمر مع مجلس الأمن والأمم المتحدة، ومن ناحيته، يعمل «الحريري» على تجنيب بلاده شبح الدخول في مواجهات عسكرية، حيث دعا باريس وواشنطن للتدخل لدى الجانب الإسرائيلى لخفض التوتر، وذلك من خلال اتصالين هاتفيين مع وزير الخارجية الأمريكى «مايك بومبيو»، ومستشار الرئيس الفرنسى «إيمانويل بون».
فيما حذر مجلس الأمن الدولى من اندلاع حرب جديدة بين إسرائيل ولبنان، وقرر في الوقت ذاته، تمديد مهمة بعثته من قوات اليونيفيل بجنوب لبنان لمدة عام إضافى، وعبَّرت واشنطن عن قلقها من التوتر الزائد على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، وأكد «مايك بينس» (نائب الرئيس الأمريكي) في اتصال هاتفى مع «نتنياهو» دعم واشنطن اللا محدود لدولة إسرائيل للدفاع عن نفسها. واستنكرت الخارجية الفرنسية، تبادل إطلاق النار على الخط الأزرق للحدود بين البلدين، معلنة أن الرئيس الفرنسى «إيمانويل ماكرون» تشاور مع رئيس الوزراء الإسرائيلى «بنيامين نتنياهو» والرئيس الإيرانى «حسن روحاني»، داعيًا جميع الأطراف اللبنانية والإسرائيلية والإيرانية إلى تحمل مسئولياتها في إحلال السلام بالمنطقة. 

حدود التصعيد 
تُبرز تطورات الأحداث على الساحتين اللبنانية والإسرائيلية أن أيًّا منهما غير مستعد للدخول في حربٍ شاملة غير محسوبة نتائجها ولا مجرياتها، ويُمكن أن يعمد كلا الطرفين إلى اتّباع إجراءات تحفظ لهما ماء الوجه، وهو ما عبَّرت عنه ابتسامة «نتنياهو» وهو يُقر بعدم وجود خسائر في الأرواح جراء قصف حزب الله للتجمع السكنى الإسرائيلى «أفيفيم»، وعبَّر عنه «نصر الله» حين توعد بالرد عن طريق إسقاط أى طائرة مسيرة تخترق المجال الجوى اللبناني. ويعنى ذلك بشكلٍ أو بآخر تجاوز الطرفين للأزمة الراهنة بشكلٍ كبير.
بالنسبة لإسرائيل، قد تؤثر عملية الدخول في حربٍ شاملة على حظوظ الحكومة الحالية، حيث يعمل «نتنياهو» على نيل ثقة الناخب الإسرائيلى في الانتخابات القادمة، وهو ما سيدفعه إلى عدم تزكية خيار الحرب لكسب ثقة الناس، ورغم حرص إسرائيل على عدم توسيع نطاق الحرب مع حزب الله، إلا أنها من الصعب أن تسمح للحزب بامتلاك سلاح نوعى من شأنه تهديد التوازن القائم، أو حتى محاولة إضعاف قوتها العسكرية، مثل موقفها من تطوير مشروع الصواريخ الدقيقة. أما بالنسبة لحزب الله فهو يهدف من هذا التصعيد إلى حفظ قواعد الاشتباك التى أرسى دعائمها قرار مجلس الأمن رقم (١٧٠١) بعد حرب تموز ٢٠٠٦، والتى ترتكز على قاعدة مهمة تتمحور حول أن أى مواجهة عسكرية بين إسرائيل وحزب الله لن تكون على الأراضى اللبنانية، وهو ما برز في المواجهات العسكرية بين إسرائيل وحزب الله في سوريا، وكذلك عمليات الاغتيال بحق قياديين في الحزب مثل اغتيال «عماد مغنية» القيادى بالحزب على الأراضى السورية.