الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

«التسويات معضلة».. 10 ملايين وحدة سكنية مغلقة بالقاهرة الخديوية.. قانون الإيجار القديم أبرز العقبات أمام تنفيذ خطة تطوير العقارات التاريخية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تواجه خطط تطوير العقارات التاريخية في وسط البلد والمعلنة من قبل الدولة بمعضلة التسويات مع المستأجرين المسيطرين على الوحدات السكنية والإدارية منذ عشرات السنون. وأكد خبراء أن العلاقة بين المالك والمستأجر تشبه طرفى مقص، كلاهما يرى الآخر مستغلا ومستبيحا لأمواله، خاصة أن قانون الإيجارات القديم كان أشبه بتمليك للوحدة وعدم إلزام المستأجر بوقت محدد. فيما تشهد الساحة الحالية شدا وجذبا بين مستأجر يرى أنه أفنى عمره في وحدة سكنية ودفع فيها «خلو رجل» بما يعادل ثمنها، ومالك يرى انه يظلم حيث يظل الساكن يدفع بضعه جنيهات نظير سكنه في شقة ذات موقع متميز. وبحسب آخر الإحصائيات هناك ١٠ ملايين وحدة سكنية إيجار قديم مغلقة، الأغلب منها في وسط القاهرة الخديوية، والتى تشكل أهم ركن في إشكالية قانون الإيجارات القديمة حيث تنقسم في تبعيتها إلى عدة أجزاء جزء يتبع وزارة الأوقاف والآخر الكنسية والثالث لأصحاب العقارات الذى هاجروا وأخذت عقاراتهم بوضع اليد طبقا لكلام السكان. وتقول السيدة حكمت المصرى ٥٧ عاما، لدى عمارة في شارع شبرا أنا ومجموعة من الورثة نصيب الفرد من إيرادها سنويا ٨٠ جنيها، نجمعها في نهاية ديسمبر كل عام، أغلب السكان الأصليين توفوا والموجودين هم أبناؤهم ولا يوجد دليل وحيد على أنهم مؤجرون، حيث لا يمتلكون عقودا تؤكد أحقيتهم، وأضافت: «بيننا العديد من القضايا المرفوعة ولم نكن نريد أن تصل الأمور إلى هذا الحد، الأغرب أن أغلبهم لديهم عقارات وشققا في مناطق راقية والمدن الجديدة. ويقول السيد علاء أحمد ٦٥ عاما، أبى كان يعمل في الخليج وأنا تعلمت وخرجت عقب الحرب من مصر إلى أوروبا عدت وأنا أعرف أن لدى فيلا في المهندسين وفى موقع جيد، وجدت ورثة المستأجرين حولوها لشركة، ويدفعون الإيجار بشكل منتظم في المحكمة، وهو ١٢ جنيها فقط لا غير، حاولت معهم بكل الطرق دون جدوى، متسائلا: «كيف يكون هناك ورثة للمستأجر وصاحب العقار الذى بناها من أمواله ودفع ثمنها عمره وغربته لا يملك شئيا، بل أصبحوا سفاحين في نظرهم» مطالبا الحكومة بإعادة النظر في قانون الإيجارات القديمة.

المستأجر 
وقال الدكتور إيهاب فهمى «مواطن ومتضرر»، إن الوحدات السكنية الإيجار القديم بها فوق الـ٣٠ مليون مصري، ولو تم إخراجهم من الوحدات السكنية الخاصة بيهم، ستجد نصف مصر في الشارع مشردين. يقول إلهامى المليجي، عندما استأجر والدى لى الشقة التى أسكنها دفع فيها مبلغا وقدره «خلو رجل»، بالإضافة إلى الإيجار الذى أدفعه منذ سنوات، أى ما يساوى حق شقة تمليك، ولكنه كان شكلا من أشكال التمليك، والمصرى كان ينزع للإيجار ولم يكن يفضل التمليك، والالتزامات صاحب العمارة لا يقوم بها إطلاقا ولا يقوم بعمل صيانة، ولكنى أجدد المصاعد ومداخل العمارة والصرف الصحى من خلال السكان. الأهم أن عمارات وسط البلد ملاكها ليسوا ملاكها، فمثلا العمارة التى أقطنها كانت لسيدة إيطالية، وبطرق غير مشروعة تم الاستيلاء عليها عن طريق لعبة توكيلات بالأسماء الشبيه لأصحابها واستخدام النفوذ. 

فض اشتباك 
الأغرب أن المستأجر يرى قانون الإيجارات القديم ظلما، فيما يرى المالك العكس وأنه جزء من حق يسترد، هذا الاشتباك فضته المحكمة الدستورية العليا في مايو ٢٠١٨ حيث قضت بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة ١٨ من القانون رقم ١٣٦ لسنة ١٩٨١ في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، وتضمن عبارة لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لاستعمالها في غير الغرض السكني». وقال النائب إسماعيل نصر الدين، عضو لجنة الإسكان بمجلس النواب، إن مشروع قانون الإيجار القديم، الذى يقدمه للبرلمان خلال دور الانعقاد الأخير، حدد مهلة ٣ أشهر لإخلاء الوحدة المغلقة لمدة ٣ سنوات. مضيفا أن القانون يتضمن عددًا من المواد، التى تضع ضوابط لتحديد من يستحق الاستمرار في السكن، ومن يجرى طرده من الوحدة، لافتا إلى أن أصحاب الوحدات السكنية المغلقة لمدة ٣ سنوات، يجرى توجيه إنذار لهم على يد محضر بالإخبار خلال ٣ أشهر. وأشار إلى أن هناك العديد من المؤشرات، التى على أساسها يجرى معرفة مدة غلق الوحدة السكنية، منها فاتورة استهلاك الكهرباء، واستهلاك المياه، مؤكدًا أن البرلمان لن يظلم أى مواطن صاحب حق، وأن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، كشف عن وجود ما يقرب من ١٠ ملايين وحدة سكنية مغلقة. وأضاف أن أصحاب الوحدات السكنية غير المغلقة، يجرى تمديد العقود معهم لمدة ٥ سنوات، على أن يجرى إخلاؤها بعد تلك المدة، مؤكدا أنه حال وجود قيمة إيجارية مناسبة يُجدد العقد لمدد أخرى بالتراضى طالما صاحب الوحدة سيحصل على الأجر المناسب. وتابع: «من الظلم أن يكون هناك أب لديه وحدة سكنية في التجمع ويترك وحدة مغلقة دون أن يستفيد منها أحد بدعوى أنها ملكه». 
وأوضح أن هناك مقترحا يسمح بحصول أصحاب الدخول المنخفضة على منحة مالية لا ترد لسداد قيمة الإيجار، بعد إقرار القانون كدعم من الدولة للأسر الأولى بالرعاية.

وأكد المهندس علاء والى، رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب، أن مشروع قانون الإيجارات القديم لغير الغرض السكنى المقدم من الحكومة ما هو إلا مشروع قانون «مقترح» حتى الآن وافقت عليه اللجنة وأعدت تقريرها بشأنه وسوف يخضع لمناقشات موسعة تحت القبة عندما يدرج ضمن جدول أعمال المجلس. 
وشدد رئيس اللجنة على أنه لا داعى لإثارة الرأى العام بالمعلومات المضللة والشائعات المغرضة المخالفة للحقيقة، والتى لا أساس لها من الصحة، مؤكدًا أن لجنة الإسكان بالبرلمان راعت خلال مناقشة مشروع القانون المصلحة العامة للجميع وحرصت تمامًا منذ إحالة مشروع القانون إليها الحفاظ على توزان العلاقة بين المالك والمستأجر والمواءمة الاجتماعية والبعد الاجتماعي بين طرفى العلاقة وما زالت حريصة، لأنها مشكلة شائكة منذ سنوات وتبحث عن الحلول.