"لما أراد الله إظهار السر المصون الساري في الظهور والبطون من عالم الخفاء إلى عالم الظهور، ليتمّ بذلك كمال الصفا ومزيد السرور، ألهم عبد المطلب أن يذهب إلى وهب بن عبد مناف، وهو سيد بنى زهرة يومئذ نسبًا وشرفًا، فخطب منه ابنته آمنة أفضل امرأة في قريش حسبًا ونسبًا وجمالا لولده عبد الله، فزوّجه إياها ودخل بها، فحملت برسول الله صلّى الله عليه وسلّم من ليلتها"، هكذا تحدث رائد النهضة الحديثة وإمام التنوير رفاعة رافع الطهطاوي خلال كتابه "نهاية الإيجاز في سيرة ساكن الحجاز" الذي وضعه في السيرة النبوية.
ويعد "نهاية الإيجاز" من الكتب الفكرية المؤسسة لتناول السيرة الذاتية بالتحليل والنقد، على أساس عقلاني، كتبه رفاعة الطهطاوي في آخر حياته وطلب منه على مبارك أن يعجل بنشر الكتاب مسلسلا في مجلة "روضة المدارس".
قدم الطهطاوي خلال كتابه أخبار النبي محمد صلى الله عليه وسلم ووقائع دعوته وغزواته المختلفة، وتقسيم هذه الأخبار طبقا للمسار الزمنى لحياة النبي، وفيه اهتم بوضع بابا في نظم الدولة الحديثة، مستخدما المنهج العلمي في دراسته، ويتضح ذلك عندما يتعرض لواقعة غريبة أو حدث تاريخي يثير الجدل فإنه يقوم بعرض جوانبه للإحاطة بالمسألة ومن ثم يحدد توجيهها الفكري المقتنع به فيستطيع إزالة اللبس عن جدارة.
لم يكن اتجاه رفاعه الطهطاوي ناحية التحديث فقط مع ما رآه في باريس إبان البعثة التعليمية، فإلى جانب منادته بالاستفادة من العلوم والفنون الأوربية اهتم أيضا بإنجاز مشروعه في إحياء التراث العربي الإسلامي، ونجح في طبع عدة كتب من عيون التراث العربي، مثل تفسير القرآن للفخر الرازي المعروف بمفاتيح الغيب، وخزانة الأدب للبغدادي، ومقامات الحريري، وغير ذلك من الكتب التي كانت نادرة الوجود في ذلك الوقت.
يشار إلى أنه تحتفل الأمة الإسلامية بقدوم العام الهجري الجديد 1441هـ، فقد وضع التأريخ الهجري بداية من هجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم من مكة حيث اضطهاد المشركين له ولصحابته إلى المدينة التي استبشرت بقدومه وتغنوا لمجيئه "طلع البدر علينا من ثنيات الوداع".
