الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

المتحدث الرسمي باسم الكنيسة الأرثوذكسية في حواره مع "البوابة نيوز": العفة الجسدية والطاعة و"الفقر الاختياري" عناصر الرهبنة الثلاثة.. ومقتل الأنبا أبيفانيوس يبين شراسة الحرب على أولاد الله

 القس بولس حليم،
القس بولس حليم، المتحدث الرسمى باسم الكنيسة الأرثوذكسية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كشف القس بولس حليم، المتحدث الرسمى باسم الكنيسة الأرثوذكسية، أن «الراهب يختلف عن الأسقف، وعقب السيامة الأسقفية يُضاف العمل الرعوى داخل المجتمع بجانب التعبد، مثله مثل القسيس الذى يخدم فى المجتمع، فالأسقف يقود شعب ويقود كنائس، وما قام به نيافة الأنبا إيلاريون ليس جديدًا، فكل الرعاة والأساقفة يفعلون ذلك».
واوضح حليم في حواره مع ـ"البوابة نيوز: أن الراهب يلتزم بالدير وليس له شأن بالخدمة داخل المجتمع، فحياة الراهب تتمثل داخل الدير فقط، ويحيا بالعفة الجسدية، والطاعة، والفقر الاختياري، وهم الثلاثة عناصر الرئيسية للرهبنة.
وعن مدى تأثر الرهبنة بالتطور التكنولوجى والرقمى قال: «بالطبع دخلت إلى الرهبنة أدوات العصر، ولكن هذا تم فى إطار الحفاظ الكامل على مقومات الرهبنة من عفة جسدية، وطاعة، وفقر»، مؤكدا أن الرهبنة الحالية هى نفس الرهبنة كما أسسها الأنبا أنطونيوس، والأنبا باخوميوس، بخلاف تطور الوسائل الاعتمادية، مشيرًا إلى أن عصر الأنبا أنطونيوس كان يتم حينها الاعتماد على النار كمصدر ضوء، أما حديثا دخلت الكهرباء، وأصبح الراهب يعتمد عليها، وهكذا أيضا وسائل المواصلات الحديثة التى يتم الاعتماد عليها فى إطار الخدمة.
واوضح «بولس» أن الإخلال بجوهر الرهبنة يحدث فقط فى حالة نقص عنصر من العناصر الأساسية الثلاثة وهى البتولية، والطاعة، والفقر، والثلاثة يحيا الراهب بهم داخل الدير.
وعن المفهوم الاجتماعى للراهب قال: «هناك نوعان من الرهبنة، الرهبنة التعبدية، والرهبنة الخادمة، الراهب التعبدى يكون منعزلا وليس له علاقات اجتماعية، أما الراهب الخادم، فطبيعة الخدمة تفرض عليه الانخراط فى المجتمع».
ولما تشهده الأديرة فى الوقت الحالى من زيارات كثيرة ورحلات مستمرة قد تُعرّض حياة الراهب لصخب، وضوضاء العالم، أشار الأب بولس إلى وجود أماكن داخل الأديرة تم تخصيصها للرهبان، وهى تضم القلالى التى يختلى فيها العابد، ويمنع منعًا تامًا اقتراب الزائرين منها، وأماكن أخرى عامة يتواجد بها الوافدون على الدير، وأحيانا يخرج إليهم فقط الراهب المنوط بالخدمة والتعليم.
وعن حياة الراهب داخل الدير قال: «ليست مقتصرة فقط على العبادة، بل العبادة، والقراءات، والعمل اليدوي، وهذا أهم شيء لابد أن يمارسه الراهب، حتى لا يترك نفسه فريسة سهلة للفراغ والملل».
وعن حادث مقتل الأنبا ابيفانيوس على يد تلاميذ له من رهبان الدير، وما إذ كانت هذه الجريمة تحمل إشارة واضحة على تأثر الرهبنة بمغريات العالم أجاب: «لا يمكن أن نعمم ونقول الرهبنة تأثر بمغريات العالم لمجرد سقوط فرد أو اثنين من أبنائها، وإن كان ضَعِفَ أحد الإخوة، وسقط فى الشر، فهذا له دلالة واحدة وهى الإفاقة، ومحاسبة النفس، وإدراك شراسة الحرب على أولاد الله».
وتطرقنا فى حوارنا معه إلى طبيعة قلاية الراهب، وكيف كان الراهب قديما يعيش فى قلالى مقفرة، لا تحوى سوى موضع رأسه، وموقد، وعن الوضع الحالى لها قال: «بالطبع هناك تغيير كبير فى القلالي، إلا أنها ما زالت تحافظ على بساطتها، ولا يمكن مثلا أن تجد تلفازا فى إحداها، هذا ممنوع تماما، ونقول بصفة عامة أن مهما شهدت الحياة الرهبانية، والأديرة من تطور، فهى ستكون أقل بكثير من العالم.
وبسؤاله عن وجود نسّاك يسكنون البرارى والجبال بعيدا عن الأديرة، أوضح أنه ما زال هناك منهم، وإن كانوا قلّة، ومازال كل دير له شيوخه القادرون على الخروج منه للتوحد فى الجبال بمفردهم، مضيفًا أن ذلك ممنوع تمامًا على حديثى الرهبنة، وأصحاب الأعمار الصغيرة، لأن مثل هذا الفعل يحتاج لتدرج روحى طويل، يمكّنهم من مواجهة أخطارها سواء كانت روحية، أو جسدية، مشيرًا لبعض الأديرة التى تمنع هذا السلوك تمامًا، مثل دير الأنبا صموئيل المعترف، لأن الصحراء المحيطة به وعرة، والمتاهة فيها قد تعرض حياة من يخرج إليها للخطر.
وعن كيفية العيش فى الجبال بلا طعام، أوضح أن التوحد يكون لعدة أيام، قصيرة أو طويلة، يرجع بعدها الناسك لديره، ليوفر لذاته ما يحافظ به على استمرارية حياته، ثم يعاود مرة أخرى لمكان توحده خارج الدير، مؤكدا أن النسك من الأمور الصعبة جدا التى تتم تحت إشراف مشايخ الدير، وتحت اختبارات مسبقة لمواهب الراهب، وقدرته على التحمل.
وفيما يخص وجود نصوص فى الكتاب المقدس تفرض حياة الرهبنة، نفى قدسه وجود أى نص كتابى يفرض حياة الرهبنة، ولكن أشار إلى وجود نصوص تحث عليها دون فرض، كقول بولس الرسول «من تزوج فحسنًا يفعل، ومن لا يتزوج يفعل أحسن»، وأشار أيضًا إلى يوحنا المعمدان الذى كان يتوحد فى البرية، ولم يكن متزوجا، والسيد المسيح الذى كان دائما ما يختلى بذاته فى الجبل، وكان أيضا له خدمة ومهمة يتممها وسط الشعب، ويتابع قائلا: «الرهبنة موجودة فى روح الكتاب المقدس، والعهد القديم حدثنا عن نُسّاك قمران اللذين توحدوا فى البراري، فالرهبنة كانت قبل تحقيقها حلم الإنسان المسيحى فى تكريس حياته لله واحده، وتحقق الحلم بعد نشر سيرة الأنبا أنطونيوس، التى اتبعها كل راغب ومشتاق لحياة الوحدة مع الله».
ذكر عدة شروط متبعة فى عملية قبول طلبات الرهبنة وهي: أن يكون طالب الرهبنة حاصل على شهادة دراسية عليا، إجراء اختبار طبى ونفسى للتأكد من السلامة النفسية والجسدية، كل الأديرة عاملة وأشار هنا إلى حدث تاريخى حيث قال: «الرئيس السادات بنى مدينة السادات بالقرب من دير أبومقار لأنه أشاد بقدرة الرهبان على تحويل الأراضى الصحراوية المحيطة بالدير لأراض زراعية عامرة»، وأخيرًا ذكر أن الأديرة ليست عبئًا على المجتمع، فهى أديرة صاحبة إنتاج يكفيها، بل وتقدم من خلاله معونات للمجتمع.
وعن الرهبنة النسائية وتاريخ بدايتها وأسباب ظهورها قال: «كان للأنبا أنطونيوس شقيقة، وعندما باع كل ما يملك من ثروات، أودع شقيقته داخل بيت مخصص للعذارى وهبن ذواتهن للتعفف، والصلاة، والتعبد فقط، ووضع الأنبا أنطونيوس قوانين لهن، وبحلول القرن الرابع بدأت الرهبنة النسائية فى الظهور بأوضاع مقننة، وبدأت فكرة تعفف المرأة، وتركها ملذات العالم»، مشيرا لأشهر حالة نسك وتوحد فى الجبال والتى انفردت بها القديسة مريم المصرية.