الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

«وجد كهفًا».. من تراث الأدب المسيحي لـ«ميشيل جبرائيل»

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى إحدى الجلسات الرائعة مع الدكتور عادل شكري، رئيس تحرير مجلة مدارس الأحد، قدم لى مجموعة قصصية قديمة عنوانها «وجد كهفًا» لكاتب يدعى «ميشيل جبرائيل» وهى مجموعة قصص صدرت فى السبعينيات وكتب المقدمة لها الأنبا غريغوريوس أسقف عام البحث العلمى والدراسات القبطية قائلا «أهنئ الكاتب على هذا النهج الجديد فى معالجة الأخلاقيات المسيحية بأسلوب قصصى شيق وعرض أدبى بارع لما يعتمل فى النفس البشرية من مشاعر وإحساسات وأفكار». 
الكاتب:
لا نعرف عن الكاتب الكثير فقط أنه كان ينشر القصص فى المجلات المسيحية (مرقس التى يصدرها دير أبو مقار– مدارس الأحد التى يصدرها بيت مدارس الأحد القبطى بروض الفرج – أغابى التى تصدرها الكنيسة القبطية فى أستراليا) فى ستينيات القرن الماضى ثم هاجر إلى أستراليا فى السبعينيات ولم يصدر أية مجموعة قصصية غير موضع المقال والتى صدرت عام 1971. 
المجموعة: 
تضم 9 قصص هى «وجد كهفًا» (لم يكن محترفًا)، و«أغلق الباب»، و«نظرة عتاب»، و«مدينتى مزيفة»، «قطعة من اللحم»، «اانت نوسة الطيبة»، «المتغرب»، وهى مكتوبة بأسلوب حديث. يهتم بالفكرة والتشريح النفسى وتخلو من الوعظ المباشر. الأمر الذى يضعها فى مرتبة عالية من الفن. وبحرفية شديدة. 
فى قصة «نظرة عتاب» يروى صديق لصديقه عن حلم يؤذى مشاعره يرى فيه أمه تركب معه فى عربة المترو وعندما يأتى المحصل ويطلب منها ثمن التذكرة فلا تجد معها أية أموال الأمر الذى يجعله يطردها ويروى قائلا وبالرغم من أن القطار كان يباعد بسرعة بيننا إلا أنه لم يفتنى أن أراها وقد ثبتت نظرها عليّ. آه يا عزيزى من نظرة العتاب التى رمقتنى بها. لست أعرف كيف أصفها لك أنها خليط من الحزن والحب والعتاب المر. ولم أحتمل ووجدتنى وقد خرجت بنصفى من نافذة القطار ورحت أناديها بأعلى صوتى ومن عمق شتائى كنت أهتف كمن فقد عقله «أماه.. أماه» واستيقظت من نومى وأنفاسى تتلاحق. 
وفى إبداع رائع نجد الكاتب يمزج بين هذا الحلم وقصة إنكار بطرس للمسيح لقد كانت نظرة عتاب مرة أخرى أخرجت بطرس إلى خارج ليبكى بكاء مرًا. 
مدينتى مزيفة. 
فى هذه القصة يتلقى البطل أمر التكليف بالتعيين فى إحدى النجوع المجهولة – طبيبا للوحدة الصحية – وفى طريقه لهذا المجهول يكتشف زيف المدينة. فيقول:
«مدينتى مزيفة. كل شيء فيها الآن مزيف مصنوع. ها قد اختفت فيها الطبيعة كيف يتراءى الجبل للعين أمام العمارات الشاهقة المتلاصقة والتى تطل من شرفاتها مئات اللافتات وكيف يرعش الطير مختالًا فى السماء وألوان النيون ترتعش وتتراقص فى كل مكان وكيف يتسنى لى أن أرهف السمع إلى حفيف الشجر واصطفاق الأجنحة والمذياع فى كل مكان يملأ المدينة بالهوس. منذ الصباح الباكر يفتح الناس عيونهم وآذانهم على أغانى الهوى المقيتة». 
إن القصة ترثى الحياة المزيفة بأسلوب ممتاز. 
(قطعة اللحم)
تلعب هذه القصة بمهارة على النفس البشرية وتعرى تلك المناطق المظلمة التى يخجل الإنسان من الوقوف أمامها. نحن أمام شخص متدين فى الظاهر يراسل الرهبان ويبحث عن نصائحهم له ويطارد خدام الكنيسة فى بيوتهم ليحصل على دروسهم وحكمتهم. وفى داخله يعكر صفو حياته. اشتراك شقيقه وزوجته له فى فطار العيد حيث يقاسونهم للحم. وما أجمل مواجهته مع الخزي. 
«ألعلى قد احترفت التردد على كل اجتماع والإنصات إلى كل متكلم ومكاتبة كل معروف فى دائرة الخدمة. والإلحاح فى التردد على الخادم ثم ماذا؟ ثم السقوط فى أول تجربة من تجارب المحبة!
إذا قبالة قطعة لحم اشتعل بسببها عقلى بلهيب البغضة توارى وراء الغيوم كل ما يقدمه أخى من محبة حوالى عام كامل. 
متعة قراءة هذه القصص تجعلنا نتساءل حول أهمية التراث المغمور فى المجلات القبطية التى صدرت فى مصر منذ أوائل القرن التاسع عشر الميلادى وشارك فى تحريرها الكثير من الكتاب المجهولين تماما بالنسبة لنا فهل يهتم الباحثون بجمع هذا التراث وإعادته للنور مرة أخرى؟