الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سياسة

"الشيخوخة الهيكلية" تضرب جذور "القاعدة".. وداعش وطالبان يرثان تركة الإرهاب

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
خبراء: لجوء التنظيم لنجل بن لادن دليل إفلاس مالي وفكري واستنساخ للقيادة
ما مصير تنظيم القاعدة في أعقاب مصرع حمزة، نجل أسامة بن لادن مؤسس التنظيم إثر غارة جوية لسلاح الجو الأمريكي، على معاقل التنظيم على الحدود الأفغانية الباكستانية؟
يتبادر هذا السؤال في أذهان المتابعين لتطورات الأحداث فيما يتعلق بالتنظيمات الإرهابية حول العالم، في ظل ما كان مخططا له من تجهيز نجل أسامة بن لادن، ليخلف أيمن الظواهري، الزعيم الحالي للقاعدة، بعد أن أصبح في حالة صحية لا يقوى معها على إدارة شؤون التنظيم.
استمرار تنظيم القاعدة، في المستقبل القريب، أصبح محل شك، طبقا لرؤية عدد من الخبراء، بسبب ما يمكن وصفه بـ"الشيخوخة الهيكلية"، التي ضربت أركان التنظيم، خلال فترة قيادة الظواهري له، خاصة أن هذه الفترة شهدت أيضا انسلاخ أعداد كبيرة من الشباب التابعين للقاعدة، وانضمامهم لتنظيم داعش، الذي بدا أكثر قوة وعنفا، وبالتالي إقناعا للشباب من معتنقي الفكر المتطرف.
ويتفق الخبراء على أن فكرة لجوء التنظيم لإعداد حمزة بن لادن، من أجل أن يصبح زعيما للتنظيم، يعد دليلا واضحا على إفلاس القاعدة ماليا وفكريا.
دليل الإفلاس
ويؤكد الدكتور طه علي الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، الطرح السابق مشيرا إلى أن الإفلاس المالي الذي يعاني منه تنظيم القاعدة، يعد سببا أسياسيا في اختيار حمزة بن لادن للتنصيب في خلافة قائدين تاريخيين للتنظيم هما أسامة بن لادن، وأيمن الظواهري.
وأوضح في حديث لـ"البوابة نيوز"، أن هذا التحرك جاء كمحاولة لاستعادة الممولين، عن طريق إعادة اسم "بن لادن" للواجهة من جديد، والإيحاء بأن نجله قادر على استعادة أمجاد التنظيم، لا سيما وأن حمزة مشهور بأنه كان تابعا مخلصا لوالده، ومؤمنا بكل أفكاره المتطرفة.
وشدد "علي" على أن تنظيم القاعدة، لن يبقى كثيرا، بعدما تلقى ضربة وفاة حمزة، ليس لكفاءته أو قدراته، وإنما للإفلاس الفكري الذي يعانيه التنظيم، بحيث لم يعد يملك من الحيل ما يمكنه من اكتساب الأتباع، أو الممولين.
ويلتقط الدكتور رفيق الدياسطي، أستاذ الجغرافيا السياسية، بجامعة الزقازيق، طرف الحديث، مؤكدا أن تنظيم القاعدة عندما لجأ لنجل ابن لادن، كان يهدف إلى إعادة تلميع نفسه، وإيجاد "كاريزما" جديدة لاسترداد ما فقده من أتباع، وممولين، وإعادة إنتاج أفكار جديدة، تصلح لإقناع هؤلاء الراغبين في الانتماء للتنظيمات الإرهابية من المتطرفين، وأصحاب العلل النفسية.
وأشار في تصريح خاص لـ"البوابة نيوز"، إلى أن التقارير الدولية، التي تصدرها الجهات المتابعة لأنشطة التنظيمات المتطرفة، تكشف أبعادا محددة حول مستقبل التنظيم، وتدفع نحو تأكيد أفول نجم القاعدة في دنيا الإرهاب، لصالح طلبان، وداعش، خاصة في شرق آسيا، وهي منطقة النفوذ التي باتت المرتع الأساسي لأتباع القاعدة، منذ هروب "بن لادن" الأب إلى أفغانستان عقب هجمات 11 سبتمبر 2001. 
ولفت الدياسطي إلى أن زعيم التنظيم الحالي أيمن الظواهري، حاول توسيع نفوذه عبر إنشاء فرع له في شرق آسيا والهند، لكنه فشل في إيجاد الأتباع من الشباب، أو إيجاد التمويل المناسب، هو ما يؤكد حالة "الشيخوخة الهيكلية" التي ضربت التنظيم، فبات غير قادر على الاستمرار لسنوات أخرى مقبلة.
وشدد أستاذ الجغرافيا السياسية، على أن فشل تنظيم القاعدة في تنفيذ عمليات مؤثرة، بمنطقة نفوذه الجديدة، يؤكد النظرة القائلة بأنه أوشك على الانهيار، تاركا الساحة لطالبان، لما لها من نفوذ قوي ينطلق من أفغانستان، وكذلك داعش الذي أعلن عن وجوده بقوة، في عمليات سريلانكا الإرهابية، التي أودت بحياة المئات. 
وأشار إلى أن تنظيم القاعدة يحاول الحفاظ على وجوده في جنوب آسيا، لكنه لن يستطيع ذلك، وبالتالي سيفقد آخر مساحة من مناطق النفوذ، كما فقدها في الشرق الأوسط، متوقعا أن يحدث انفصال قريب بين القاعدة، وطالبان، في ظل شعور عام ينتاب العاملين في الحفل الإرهابي، بأنه لم يعد هناك مكان للقاعدة في المستقبل. 
وأتم الدياسطي بالقول: "مقتل حمزة بن لادن، سيتبعه انهيار في البنية التنظيمية للقاعدة، ولن يبقى إلى عواجيز القادة، الأمر الذي سيؤدي بالفعل إلى شيخوخة هيكلية تنهي على التنظيم في ظرف سنوات قليلة.

استنساخ القيادة
بدوره أكد الدكتور ناجي هدهود، أستاذ الدراسات الآسيوية بجامعة الزقازيق، أن حمزة بن لادن، لا يمثل أكثر من أكذوبة جديدة، يحاول تنظيم القاعدة تمريرها لأتباعه، مشيرا إلى أنه حتى لو نجا من القتل، ما كان ليصنع فارقا كبيرا في مستقبل التنظيم.
وأوضح في تصريح لـ"البوابة نيوز"، أن الخدعة لم تكن لتنطلي على أتباع الإرهاب من الشباب الذين وجدوا ضالتهم في تنظيم داعش الأكثر دموية وعنفا، وكذلك الممولين الذين اتجهت بوصلتهم فعليا إلى البغدادي وعصابته، ولم يكن من السهل عليهم العودة إلى القاعدة مرة أخرى.
وقال هدهود: "يجب أن نستوعب أن تنظيم القاعدة، اعتمد منذ بدايته على مؤسسه أسامة بن لادن، لذا لم يحقق أي تأثير منذ تولي أيمن الظواهري القيادة خلفا له، لأن هذا النوع من التنظيمات الإرهابية، يستمد بقاءه من كاريزما قائده، وهو ما فطن إليه الظواهري وأتباعه، فأرادوا استنساخ ابن لادن جديد، لكنه حتى لو بقي على قيد الحياة، لم يكن ليحقق الهدف المرجو منه".
وتابع: "إدراك الولايات المتحدة، لمسألة أن أسامة بن لادن، يعد هو أساس تنظيم القاعدة، كان الدافع للاستخبارات الأمريكية، لكي تحرق جثمانه، ونثره في البحر، حتى لا تصنع من قبره مزارا يحج إليه أتباعه، ويستمدون القوة من سيرته باعتباره شهيدا قتلته الدولة التي تعد العدو الأكبر للتنظيمات الإرهابية".
وتوقع أستاذ الدراسات الآسيوية، أيضا، أن يؤدي مقتل حمزة بن لادن، الذي يبدو أنه كان زعيما توافقيا للتنظيم، بعد حقبة الظواهري التي توشك على الانتهاء، توقع أن تندلع الخلافات بين من بقي من قادة التنظيم، خاصة أن التقارير تشير إلى أنه لم يتم الاستقرار على خليفة للظواهري، منذ وفاة "بن لادن" الابن، كما أن لم يتم رصد أي مبايعات من قواعد التنظيم، لقائد بعينه، وهو ما يشعل طمع الجميع في المنصب، وبالتالي يفجر الخلافات بينهم بقوة. 

خريطة القادة
ومع تأكيد الأنباء التي تفيد بأن الظواهري يعاني من مرض شديد، ومقتل حمزة بن لادن، يكون من الصعب التنبؤ بمستقبل تنظيم القاعدة، إلا أن خريطة تنظيم القاعدة، منذ عهد ابن لادن الأب، شملت عددا من القادة، الذين لم يعد لهم وجود حاليا، مما أسهم في ترك فراغ كبير لا يوجد من يملؤه بعد رحيل الظواهري، ومقتل حمزة بن لادن.
ومن هؤلاء القادة أبو الخير المصري، عبد الله محمد رجب عبد الرحمن، الذي يعد الرجل الثاني بعد الظواهري، وهو بالطبع عضو بمجلس شورى التنظيم. 
وصدر ضد أبو الخير المصري، حكم بالمؤبد، في قضية "العائدون من ألبانيا"، عام 1998، وفي العام 2005 تم وضعه على قائمة الإرهاب الأمريكية، تمّ استهدافه وقتله، في شباط (فبراير) 2017، بصاروخ هيلفاير، أطلقته طائرة بدون طيار تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه).
أيضا هناك أبو محمد المصري، عبد الله أحمد عبد الله، وهو واحد من مؤسسي التنظيم وهو خبير في صناعة المتفجرات، وشغل لفترة طويلة مهمة سؤول اللجنة الأمنية للتنظيم. وكان من المقربين للملا عمر، حاكم طالبان، أثناء إقامته في قندهار، كما كان مسؤولا لفترة طويلة عن معسكر الفاروق. 
كذلك كان هناك سيف العدل، محمد صلاح الدين زيدان، وهو ضابط احتياط سابق، وتم ضبطه في القضية المعروفة إعلاميا بإعادة إحياء تنظيم الجهاد، وكان متورطا في محاولة اغتيال وزير الداخلية المصري، حسن أبو باشا، قبل أن يُطلق سراحه لعدم كفاية الأدلة، فيهرب إلى السعودية، ومنها إلى السودان، ثم إلى أفغانستان، وينضم للقاعدة.
وبالطبع كان من قادة القاعدة أبو مصعب الزرقاوي، ناصر الوحيشي، الذي التحق بأحد معسكرات التدريب التابعة لتنظيم القاعدة في أفغانستان، في نهاية تسعينيات القرن الماضي، وأصبح بعد ذلك مقربًا من أسامة بن لادن، حتى أصبح السكرتير الخاص له، وقبض عليه قضى عامَين في سجن الأمن المركزي بصنعاء في اليمن، قبل أن يهرب ويقود عملية استهداف مبنى السفارة الأمريكية في صنعاء، ثم قتل في 2015، بغارة لطائرة بدون طيار، في مدينة المكلا، عاصمة محافظة حضرموت شرق اليمن.