الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

دراسة تكشف عمق الروحانية والأيقونات النادرة.. جبل العذراء في اليونان "آثوس".. ممنوع على النساء.. جوزيف زيتون: "مريم" المرأة الوحيدة التي دخلت الجبل

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يمكن أن تسمى جبل «آثوس المقدس» بـ«جمهورية رهبانية أرثوذكسية»، تنتشر فيها الحياة الرهبانية بشكل لا يمكن وصفه للحاج المؤمن، تصدمه صدمة روحية أخاذة بمجرد أن وطأت قدماه أرض شبه الجزيرة المقدسة هذه، وارتقى جبلها بمتعة روحية ولا أعذب، فمن يزور الجبل المقدّس للسياحة لأول مرّة يتنازعه انطباعان متناقضان صعب تلاقيهما. أول انطباع، وهو مُشجع: جمال المناظر والسلام العميق الذى ينبعث منها، واستقبال الرهبان وعظمة الطقوس الكنسية التى تؤثّر فى النفوس بشكل جميل.

أما الانطباع الثانى فهو غامض: تكريم الأيقونات، إشارات الصليب والانحناءات المتعددة، وكذلك ومظاهر التقوى عند الرهبان وأحاديثهم التى تذهل الزائر.


عاصفة عنيفة هبت على سفينة مريم ويوحنا الحبيب.. فحادت إلى شواطئ الجبل الحجاج الذكور مرحب بهم شرط طلب إذن الدخول من «مكتب الحجاج» فى تسالونيكى فى اليونان أيقونة العذراء الشافية من السرطان.. «المطعونة».. «المصابة».. «العذراء المعزية».. «التى يسيل منها الزيت» «عذراء البئر».. أهم أيقونات الجبل المقدس

حول هذا الجبل وآثاره، كتب الدكتور جوزيف زيتون، دراسة مهمة وشيقة، دخل فيها عالم هؤلاء الرهبان، أنهم لا يعيشون فى إطار مغلق، لأن جبل «آثوس» ليس هو عالمًا مقفلًا على ذاته، فإنه حيويًا مرتبط بعالم دينى وثقافى واسع، هو العالم الأرثوذكسى الكبير الممتد فى كل المعمورة.

والجبل الرهبانى المقدس، هو كمثل القلب الروحى لهذا العالم، التبادل قائم ومستمر بين الجبل ومناطق عدّة من هذا العالم، لا فقط بين الجبل واليونان وقبرص لجهة الحضور اليوناني، بل أيضًا روسيا، والبلاد السلافية وصربيا ورومانيا، وكذلك المشرق المسيحى أى سورية ولبنان والأردن وفلسطين ومصر، الذى يشكّل الأرثوذكس فيه أقلّيات، وإن كانوا الأكثرية بين المسيحيين، ولكنهم ديناميكيون. أضف إلى ذلك الجماعات الأرثوذكسية متنامية الحضور فى أوروبا الغربية والولايات المتحدة وأفريقيا وأستراليا التى هى أيضًا أقليّات ولكنها حيّة. تمثّل هذه المناطق، فى الجبل، الرهبان القادمون منها، وكذلك الحجّاج الذين يأتون إلى الجبل للمنفعة الروحية.


الموقع

يقول الدكتور جوزيف أن جبل «آثوس» هو إحدى شبه جزر خالكيذيكى الثلاث فى بحر إيجه. وشبه جزيرة «آثوس» هى أكثرهم شرقًا: طولها ٦٠ كيلومترًا وعرضها يتراوح بين ٨ و١٢ كيلومترًا. أما القسم المحيط بـ «آثوس»، فهو مؤلف من هضبات منخفضة وسهول منتظمة، هذه التضاريس تتضح أكثر فأكثر، والهضبات تصبح أكثر فأكثر علوًا حتى تصل إلى قمة جبل «آثوس» التى ترتفع عن سطح البحر ٢٠٣٣ مترًا.

تاريخ الجبل

منذ القدم يظهر جبل «آثوس» كمكان استثنائى ذات التاريخ والمصير المميّزين. فإن المؤرخ الإغريقى هوميروس ذكره فى كتاباته، والأسطورة تقول إنه كان إحدى مساكن الإله «زوس». لقد سميت خالكيذيكى فى القديم، «أكتي»، وجبل «آثوس» المتصل بها هو الأقدم ذكرًا.

تقول الأسطورة إنه فى المعركة التاريخية التى نشبت بين العمالقة والآلهة، رميت هذه الصخرة الكبيرة (آثوس) على رأس بوسايدون إله البحر.

فى التاريخ أيضًا ذِكر لـ«آثوس» فى حروب الميديّين، والهزيمة المريعة للأسطول الفارسى بقيادة الجنرال مردونيوس، بحيث غرقت كل سفنه ومات عشرون ألفًا من جنده، فى الجانب الجنوبى لشبه الجزيرة، عام ٤١٩ قبل الميلاد.

وحاول كزركس، قاهر الجنرال مردونيوس، أن يحطّم الأرض التى تصل بين «آثوس» والقارة لحماية سفنه من خطر أمواج البحر. كما أراد دينوكراتوس، المهندس فى جيش الإسكندر الأكبر، أن ينحت «آثوس» على شكل تمثال عملاق لملكه، حاملًا بإحدى يديه مدينة، وفى الأخرى كأسًا كبيرةً تجرى منها مياه نهر غزيرة تصب فى البحر.


التراث المسيحى

فى التراث المسيحي، هناك عدة قصص عن علاقة العذراء بهذا الجبل، فيقول الدكتور جوزيف إنه فيما كانت العذراء مريم مع يوحنا الحبيب فى سفينة متجهة إلى قبرص، هبّت عاصفة عنيفة حادت بالسفينة إلى شواطئ «آثوس». حيث باركت المكان فى هذا الموقع، وشُيّد فى وقت لاحق دير الإيفيرون. ونظرًا لجمال الموقع ولكون هذه الأرض استقبلت العذراء مريم، طلبت من ابنها أن يقدّمها لها هدية. عندها سُمع صوتٌ قائلًا: «ليكن هذا المكان لك، ليكن بستانك وفردوسك وملجأ كل الذين يبتغون خلاصهم».


الحياة الرهبانية

انطلقت الرهبنة فى شبه الجزيرة، فى القرن السابع للميلاد. وأتى الرهبان الأوائل إلى هذا المكان المنعزل بمناخه المميّز يبحثون عن خلاص نفوسهم. أتوا من نواحى كبادوكية ومصر وسورية الكبرى من حيث طردهم الإسلام. إضافة إلى بدعة محاربة الأيقونات أيضًا التى ازدهرت لعدة عقود فى القسطنطينية أنمت عدائية الأباطرة والحكّام والشعب للرهبان والحياة الرهبانية.

لكن هجرة الرهبان إلى «آثوس»، لم تكن بلا اصطدام مع الرعيان وقطعانهم الذين كانوا يحتلّون المنطقة. لذلك وفى عام ٨٨٥ م، صدر مرسوم مختوم بخاتمه الذهبي، من الإمبراطور الرومى باسيليوس الأول، منح فيه «آثوس» حصريًا للرهبان ومنشآتهم. ورغم استقرار النساك الأوائل على ضفاف شبه الجزيرة، إلا أن المستوطنات الرهبانية انتقلت لاحقًا إلى المرتفعات والمنحدرات التى يصعب الوصول إليها حماية من القراصنة.

وفى العام ٩٦٣ م، أخذ الإمبراطور الرومى نيكيفوروس فوقا على عاتقه تنظيم الحياة الرهبانية فى «آثوس»، بحسب أسس وقواعد محدّدة. فبعث إلى هناك صديقه ومعرّفه أثناسيوس الذى أصبح فيما بعد أول منشئ للحياة الرهبانية المشتركة فى «آثوس».

وفى العام نفسه أيضًا، أنشأ دير اللافرا الكبير. ولم يعد هناك أكواخ خشبية بل بناء حجرى يتّبع الرهبان فيه قوانين الحياة والصلوات المشتركة. هذه القوانين أو «التبيكون» استلهمت من القوانين المطبقة فى دير القسطنطينية الكبير «الستوديون».

وابتداء من القرن الثانى عشر، جاء رهبان أرثوذكس من جنسيات مختلفة ليستقرّوا مع اليونانيين جيورجيون وروس ولاتين وصربيون.

وفى القرن الثالث عشر المسيحي، عانى الرهبان فى الجبل المقدّس من الأزمة الحاصلة فى الكنائس فى المشرق. واستمرّ الوضع هكذا حتى القرن التالى على عهد الإمبراطور الرومي، أندرونيكس الثاني، الذى نشر السلام فى الجبل من جديد.

وشهدت هذه الفترة أيضًا اضطرابات بسبب الغزوات المتتالية للقراصنة وذُبح فيها عدد كبير من الرهبان، وأُحرقت أديرة كثيرة. كذلك نُهبت محتويات الأديرة النفيسة أو حُطِّمتْ. وفيما بعد ساهم الأباطرة الرومين وأمراء صربيين فى إعادة إعمار ما تهدّم من الأديرة.

أما القرن الخامس عشر المسيحي، فقد شهد فترة من السلام والنمو الروحى فى الجبل إلى حين استولى الأتراك على تسالونيكيا عام ١٤٣٠. مذ ذاك وقع الجبل تحت سلطة السلطان مراد الثاني، ومحمد الثانى الفاتح من بعده، الذى استولى على القسطنطينية عام ١٤٥٣.

وشكّل الجبل للمسلمين موضعًا ذا قيمة روحية عالية، فكان بنظرهم البلد الذى اسم الرب مبارك فيه نهارًا وليلًا، ومأوى الفقراء والغرباء. لاسيما والسلطان محمد الفاتح، نصب الراهب الآثوسى جناديوس بطريركًا على القسطنطينية بيده، وسلمه العكاز، ووضع التاج على رأسه، تمامًا كما كان يفعل الأباطرة الرومان.

ويستطرد الدكتور جوزيف قائلا: بسقوط القسطنطينية واستيلاء العثمانيين، ما كان للجبل المقدّس، ليستطيع الاستمرار تحت الضغط العثمانى لولا المساعدات السخية الآتية من روسيا ورومانيا ومولدافيا وأوكرانيا والقوقاز. ووجدت اليونان المحتلة فى جبل آثوس المحامى عن تراثها الفكرى والروحي. وقد تثقف الكثير من اللاهوتيين والمفكرين فى الأكاديمية الآثوسية. وهؤلاء شكّلوا النواة للنهضة اليونانية.

فى العام ١٨٢١، شكلّت الثورة اليونانية مرحلة جديدة فى تاريخ الجبل المقدّس. وانضم الكثير من الرهبان إلى مواطنيهم فى مقاومة العثمانيين. بعضهم لم يعد إلى ديره إلا بعد عشر سنوات من النضال الضاري، أى بعدما تحررت اليونان عام ١٨٣٠. فى الفترة اللاحقة، وقع الجبل المقدس فى سبات. فقد ابتدأ الرهبان يشيخون، ولم يكن هناك من يخلفهم. المريدون الشبّان كانوا قليلين. على هذا عانى الكثير من الأديرة الإهمال. ولم يتحسّن الوضع كثيرًا إلا حوالى العام ١٩٧٠، حين بدأت مجموعات شابة تحمل مشعل الحياة الرهبانية.


العصر الحديث

واليوم يتألف جبل «آثوس» من عشرين ديرًا كبيرًا، والكثير من المنشآت التابعة لها. وتسرى إدارة الجبل بموجب ميثاق حُرّر عام ١٩٢٤ وصُدّق عليه من قبل الدولة اليونانية عام ١٩٢٦. ولجبل «آثوس» كيانه المستقل ضمن الدولة اليونانية، وهذا النظام موافق عليه من قبل المجموعة الأوروبية. ويمارس المجلس المقدّس السلطة التشريعية فى الجبل، وهو مؤلّف من عشرين عضوًا، رؤساء أديرة أو شيوخًا (متقدّمين) من كل دير. أما السلطة التنفيذية، من ناحية أخرى، فهى منوطة بالـ«Sainte Epistasie»، وهو مجلس مؤلّف من أربعة أعضاء، كل عضو يمثّل أربعة أديار. ويقيم الحاكم المدنى فى «آثوس» فى مدينة كارييس، وهى المدينة الوحيدة والصغيرة فى شبه الجزيرة. وهو يقوم بدور وزير الخارجية والمسئول عن تطبيق الميثاق واحترام الأمن العام.

الزيارة والحج

يمنع على النساء زيارة الجبل المقدس بتاتًا وأيًا كانت صفتهن، بينما كل الحجاج الذكور مرحب بهم، أرثوذكسًا كانوا أو غير أرثوذكس، بشرط طلب إذن الدخول من «مكتب الحجاج» فى تسالونيكى فى اليونان.


أيقونات الجبل المقدس

تحفل أديار الجبل المقدس الـ ٢٢ بأيقونات مقدسة حُفظت فى هذه القلعة الروحية ومعظمها هُربت أو سلكت طريقها بأعجوبة، ناجية من دمار الحقد الديني، وهى فى الأديرة ومن أشهر هذه الأيقونات، أيقونة العذراء الشافية من السرطان، وأيقونة العذراء المطعون، وأيقونة العذراء التى أصيبت بطلقة رصاص، وأيقونة العذراء المعزية، وأيقونة العذراء التى يسيل منها الزيت، وأيقونة عذراء البئر، وأيقونة والدة الإله ذات الأيدى الثلاث، وأيقونة عذراء المديح، وأيقونة العذراء المحامية الرهيبة، والعذراء القائدة، وغيرها الكثير.

أهمّيّة جبل «آثوس» الرّوحيّة

لقد انفتح العالم الروحي، كما انفتح العالم المادى بعضا على بعض. فى القرون السابقة كنّا نتحدّث كثيرًا فى مجتمعنا الكنسى عن بريّة مصر ووادى النطرون، أيام بدايات الرهبنة الأرثوذكسيّة منذ زمان القدّيس أنطونيوس الكبير فى القرن الرابع الميلادى والقدّيس باخوميوس وصيصوى وغيرهم، وبعدما كتب الأدب النسكى جهادات رهبان سورية: محيط دمشق وغوطتها وقاسيون، والقلمون، والعربية وحوران، حمص ووادى النصارى، وحماه الأندرين، وادلب واريحا والمدن المنسية، ورهبان القورشية والسمعانين العموديين الكبير والصغير وبطاح حلب، ووادى العمق ومنطقة انطاكية، وفى هذه المناطق عاش عشرات الآلاف من الرهبان، وكذلك فى جبل لبنان، ومنطقة صحراء فلسطين ورهبان دير القدّيس سابا وبريّة الأردن وتوبة القدّيسة مريم المصريّة.

ومنذ القرن الحادى عشر حين تفجّرت أصقاع وغابات روسيّا عن جهادات قدّيسين مثل أنطونيوس وثيودوسيوس أهل كهوف كييف، وسيرافيم ساروفسكى وسيرجيوس رادونيج وباييسيى وفيليتشكوفسكي.

واليوم نذكر جبل «آثوس»، جبل العذراء القدّيسة حيث تبقى هى المرأة - السيّدة - الوحيدة التى دخلت الجبل ولا تدخله قدم امرأة أخرى من بعدها، فى بلاد اليونان. يعد هذا الجبل المقدّس وعبر ما يزيد عن الألف سنة، فى حياة الكنيسة وفى ضمير المؤمنين التائقين والساعين إلى حياة القداسة الفردوس الرهبانى الداعم للحياة الروحية الأرثوذكسية بتلويناتها القومية.



زيارة الجبل

ويقول الدكتور جوزيف إذا نظرت الجبل من بعيد أو درت حوله فى باخرة، وهذا وحده المسموح به للنساء أو للغرباء، والدخول إلى الجبل يكون فى بعض الأحيان سهلًا، وفى الأوقات الأخرى صعبًا، ترى مئات الأديار والمناسك مغطّاة بالغمام وبالأشجار وبالصخور والمزالق الوعرة، وبالثلوج فى الشتاء ويكلّل قمّته كنيسة التجلي.

هذه الجبال هى للنسور، وللذين يعرفون الصبر والقسوة على هذا الجسد الضعيف، والنفس الرّخوة التائقة إلى الرّاحة والتلذّذ بأنماط المعيشة السهلة.

طرقات الجبل التى توصل الأديار أو المناسك بعضها ببعض، ترابية مشقوقة بالأرجل والمعاول والرفوش… وما زالت إذ يغطّيها الثلج فى الشتاء تضيع، إلا تحت أقدام العارفين الطريق، فلا يضلّون. وعندما تصل إلى منسك أو إلى دير يلقاك وجه راهب معروق بالدموع والغربة عن مقاييسك واهتماماتك الدنيويّة، ربّما يبتسم لك، أو يقدّم لك كأس ماء بارد، أتى به من خارج حائط الغرفة، من بئر أو «حنفيّة»، من الحديقة القريبة مع قطعة حلوى.

وإذ تدخل ترى حولك الضرورى من الأثاث الخشبى المشغول مع القش. وكل أو غالبية الأديار مبنيّة من الخشب، حيطانها العالية أو القليلة العلو مكتوب عليها آثار حريق نكبات شتى، ابتعلت نيرانه جزءًا منها أو أبقت على القليل، فأعادت بنيانها الأيدى الخشنة المشقّقة بالعمل فى زراعة الحبوب البسيطة أو الخضار حول الدير، أو حفر علب خشبية للبخور، أو صنع صلبان للبركة أو مسابح لصلاة يسوع يشتريها الزوّار، فتكون هذه مساعدة للرهبان فى عيشهم.

الضيافة الروحية

الضيافة فى جبل «آثوس» هى أن تصل إلى المكان، وتدخل فى صمتك الداخلى العميق حتى تلقى جحيم نفسك مكشوفًا أمامك، فإما تردمه بالزيارة السريعة أو تبقى مكانك كاشفًا عرى خطيئتك أمام شيخ القلاّية، وبالصلاة التى تبدأ فى نصف الليل وتستمر حتى ظهر اليوم الثانى فى بعض الأحيان. وبالرجوع إلى شظف وبساطة العيش فتعرف أنك لست بحاجة إلى حضارة هذا القرن، الذى همّه أن يلهيك عن الحقيقة. حقيقة الإله وابتعادك عنه فتعود إلى بساطة الخليقة الأولى. هذه هى معركة الراهب الأساسية. وعيه سقطته فى عمق أعماق روحه ونفسه وجسده وكيانه. هناك يصرخ عقله به أن يهرب من جحيم النيران المستعرة بوجهه لالتهامه. وهناك انتظار وصبر وصمت وثبات روح والتماعه رجاء: الرب قام.


طرقات الجبل التى توصل الأديار أو المناسك بعضها ببعض، ترابية مشقوقة بالأرجل والمعاول والرفوش وما زالت إذ يغطّيها الثلج فى الشتاء تضيع، إلا تحت أقدام العارفين الطريق، فلا يضلّون

الضيافة فى جبل «آثوس» هى أن تصل إلى المكان، وتدخل فى صمتك الداخلى العميق حتى تلقى جحيم نفسك مكشوفًا أمامك، فإما تردمه بالزيارة السريعة أو تبقى مكانك كاشفًا عرى خطيئتك أمام شيخ القلاّية

شكّل الجبل للمسلمين موضعًا ذا قيمة روحية عالية، فكان بنظرهم البلد الذى اسم الرب مبارك فيه نهارًا وليلًا، ومأوى الفقراء والغرباء. لاسيما والسلطان محمد الفاتح، نصب الراهب الآثوسى جناديوس بطريركًا على القسطنطينية بيده