الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

ذاكرة ماسبيرو.. نزار قباني: اللغة التي أفهمها لغة يتنفس بها الناس

نزار قبانى
نزار قبانى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«أريد أن يتحول الشعر إلى خبز يومي لجميع الناس، أعتقد أنه إذا كان هناك شاعر معاصر فعل ذلك فهو أنا، وهذا واضح، فحينما ألقى الشعر، يهرع آلاف الناس لسماعي»، بهذه الكلمات بدأ الشاعر نزار قباني حديثه في برنامج «نجوم زمان» مع الإعلامي وجدي الحكيم.
وأضاف:«أنزلت الشعر من سماء النخبة إلى أرض البشر فأنا منذ بداية رحلتي الشعرية أؤمن إيمانًا مطلقًا أن الشعر المكتوب هو للناس، وأنّ الناس هم البداية والنهاية في كل عمل شعري، وأن أسطورة الشعر المكتوب للطبقات الخاصة، للأمراء والنبلاء، سقط، نحن في عصر يجب أن يكون المستفيدون من الشعر هم الناس، قاتلت لأحقق هذه النتيجة، وكان ذلك بدأ يتحقق في بداية عام ١٩٤٨ في ديوانى طفولة نهد، وتوصلت إلى معادلة شعرية يكون فيها الناس جزءًا أساسيا من الشعر لا يتجزأ». 
وتابع: «كان يحركني دائما وجود قوة كبيرة بين الشاعر والجمهور، كان هناك نوع من الجدار اللغوي المنيع الذي يحول دون أن يتذوق الناس الشعر، لصعوبته على البسطاء والعاديين، أما عن شعرنا القديم الذي استمر من العصر الجاهلي حتى مطلع القرن العشرين فكان شعرًا صعبا لأنه كان يعتمد على التراكيب اللغوية الصعبة التي لا يسهل على الكثير معرفتها واستخدامها في سياق الأبيات، وعلى النقش وعلى الزخرفة، فأنا أردتُ من الشعر أن يخرج من جدران الأكاديميات المبسطة التي أحيانا يجدها البعض ضعيفة، وينطلق في الحدائق العامة، ويعايش الناس ويتكلم معهم، مضيفا في حديثه بأنه لا يؤمن بوجود أشياء مطلقة، ولا أشكال مطلقة، ربما أزمة شعرنا العربي، في عصور الانحطاط، أنه كانت القصائد عبارة عن قصيدة واحدة منسوخة على ورق كاربون: يعني أن الشاعر لم يكن ليفهم عصره أو ليفهم قضية الإنسان، العملية كلها بالنسبة للشعر العربي خلال الألف سنة الأخيرة كانت عبارة عن نوع من الاكتشاف نحن الآن لا نفكر بالشعر كلغة قاموس لا يستطيع أن ينظم قصيدة، وإنما الإنسان هو الذى ينظم القصيدة لهذا فإن القاموس سقط بكل محدوديته القديمة كمجموعة من الألفاظ والتراكيب والقوانين الصارمة التى لا تحتمل المخالفة. 
وزاد: «أحب أن أشير إلى ناحية مهمة، وهي أن هذه اللوثة الفنية جاءتني عن طريق جد لي لعب لعبة خطيرة في تأريخ المسرح العربي هو أبوخليل القباني، كان فنانًا من طراز رفيع، وأستطيع أن أشبهه بشارلي شابلن، كان هذا في نهاية القرن التاسع عشر، قاتَلَ المستحيلَ في بيئة دمشقية محافظة كي يضع ـ لأول مرة في الشرق ـ مسرحًا طليعيًا، وقد جاوز في مسرحه كل الموروثات، وكان نصيب أبي خليل النفي إلى خارج أسوار دمشق: ذهب إلى مصر، وفي مصر استطاع أن يكون رائدًا من رواد الحركة المسرحية التي عرفناها في مصر بعد ذلك، ارتبط بمن يلتقون معي في التفكير شعر عمر بن أبي ربيعة: أنا أرتبط معه بخيوط الواقعية الأرضية والبشرية، أنت تعرف أن عمر بن أبي ربيعة أخرج الحب كما أخرجته أنا من سراديب الكتب والحرمان إلى الهواء، موضحا أن الخصومة مع المرأة هي المصادر الشعرية الحقيقية نهايات الحب جعلتنى أكتب شعرًا أحسن من بداياته حينما ينقطع الخيط، وتثور العاصفة مع حبيبتك فأنت تبدأ بكتابة الشعر هذا يدعونى لأن أقول إن الدراما في الحب هي الشعر الحقيقي. 
واختتم حديثه بأنه كان أكثر المواقف صعوبة بحياتي عندما قابلتني امرأة ثلاثينة وقالت لي: لما كل هذا العذاب على المرأة، نحن لا نريد الحرية التي تطالب بها من أجلنا، زمن الحريم لا نكره وليس بشعا كما تصوره كلماتك، نحن نجلس في المنزل ملكات والرجل يأتينا في آخر النهار يحمل إلينا الطيب والعطر والهدايا واللآلئ، فكلماتك الثائرة اذا كنت تكتبها من أجل أن تخرجنا من حياتنا، اتركنا لحياتنا.