الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

الدكتور جورج شاكر يكتب: الحياة الأفضل

جورج شاكر
جورج شاكر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بلا أدنى شك يشكل الفقر والحرمان خطرا كبيرا يهدد السلام والاستقرار الاجتماعي، حيث يهيئ الفقر بيئة خصبة تنمو فيها كل أشكال وألوان الانحراف والتطرف والفساد.
والحقيقة الساطعة كالشمس أن السنوات الخمس الأخيرة شهدت بلادنا العزيزة عدة مبادرات جادة وأمينة ومخلصة ضمن منظومة برامج الحماية الاجتماعية لتوفير الحياة الأفضل للفئات الأكثر احتياجا منها على سبيل المثال لا الحصر، صندوق تحيا مصر، ومشروع تكافل وكرامة، ومبادرة تطوير العشوائيات، ومبادرة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي في مبادرة 100 مليون صحة، وهذه الأيام جاءت مبادرة حياة كريمة التي دعا إليها سيادة الرئيس من قلب العاصمة الإدارية أثناء انعقاد مؤتمر الشباب، مبادرة إنسانية أكثر من رائعة فهو يحثنا ويشجعنا على توفير الحياة الأفضل للفقراء والمحتاجين والمهمشين الذين يعيشون بيننا، ومن حقهم علينا بل من واجبنا نحوهم أن ننتشلهم من مستنقع الفقر والمهانة، ونوفر لهم متطلبات الحياة بكرامة، حتى لا يظل الفقر يطاردهم ويحاصرهم في الحلم والفكر، بل علينا أن نساعدهم ونساندهم ليعيشوا الحياة الأفضل.
ومبادرة "حياة كريمة" تهتم بتطوير القرى الأشد فقراً لتحويلها من قرى أقل ما توصف به أنها ليست على الخريطة، وتعيش خارج إطار الزمن لأنها ظلت لعقود طويلة مهمشة ومنسية وبعيدة عن الأضواء، ولم تجد مَنْ يلتفت إليها أو يهتم بها إلى قرى جميلة ومنتجة ومبهجة تدب فيها الحياة بقوة وجمال.
كما أن هذه المبادرات تهدف إلى تحسين مستوى الخدمات الأساسية سواء في التعليم أو الصحة، كما تعمل على توفير المسكن الملائم لمحدودي الدخل، وإمداد المناطق المحرومة بالمرافق العامة مثل مياه الشرب النقية، والصرف الصحى، والمواصلات وغيرها من خدمات.. هذا إلى جانب رفع الحد الأدنى للأجور والمعاشات لمساعدة الفئات التي تأثرت بتداعيات الإصلاح الاقتصادي الغير مبسوق، ولا شك أن مبادرة "حياة كريمة" سوف ترفع من معنويات هذه الفئات، وتجعلهم يشعرون بقيمة ومعنى لحياتهم.
وفي يقينى أن هذه المبادرة الكريمة التي تدعو إلى حياة كريمة لكي تنجح وتحقق الهدف المنشود منها لا بد من تكاتف وتضافر كل الجهود مع الدولة.
وفي يقيني أنه واجب على الأغنياء والمقتدرين التجاوب مع هذه الدعوة، فيقوموا بتمويل هذه المبادرة، فمن العار علينا أن ننتظر من الغير أن يمد لنا يد المساعدة لسد أعوازنا وتغطية احتياجاتنا، وفي بلادنا أثرياء يمتلكون الكثير والكثير، وعيب علينا أن يكون حبنا للمال هو السبب الذي يبعدنا عن قيم التكافل والتكامل، والتراحم والتعاون.
سعدت جداً عندما قرأت عن أحد قضاة مصرنا الأجلاء كانت أمامه في المحكمة قضية طرد إمرأة من مسكنها لأنها تأخرت في دفع قيمة الإيجار الشهري، وقد أنذرها صاحب البيت مرات عديدة دون جدوى فاضطر لرفع قضية لطردها.
وعندما اعتلى القاضي منصة القضاء، وأخذ يبحث أوراق القضية، قام حاجب المحكمة بنداء أسماء أطراف القضية، وقف محامي المدعى يترافع ببراعة في القضية ويطلب تطبيق وتنفيذ القانون على المرأة وطردها من السكن لأنها تأخرت في دفع الإيجار، كان المحامي يتحدث بمهارة وقوة وحجة، وكان الرجل صاحب البيت يقف بجوار المحامي وتبدو عليه ملامح القسوة والعنف والجحود.
ثم جاء دور المرأة المدعي عليها وأخذت تحكي ظروفها والدموع تسبق كلماتها، وكانت المرأة تحتضن طفلاً وتمسك بيدها طفلا آخر.. كانت في حالة هلع وفزع وقالت: أنا أرملة مات زوجي بعد صراع طويل مع المرض وتركني مع طفلين نواجه العوز والفقر والحاجة وصعاب الحياة.. وأخذت المرأة تتوسل بدموعها حتى يتركها صاحب البيت في مسكنها حتى تدبر قيمة الإيجار، لكن الرجل بقساوة قلب، وبمشاعر متبلدة رفض رفضا باتا تلبية مطلبها ورغبتها.
وبعد دراسة القضية اضطر القاضي أن يطبق القانون الواضح الصريح ويحكم بطرد المرأة الأرملة من مسكنها.. وبعد أن عاد القاضي إلى بيته، كان يشعر بالأسف والأسى، وكان في قمة الضيق والألم.
لم يهنأ بطعامه، ولا بالجلوس مع أسرته، وعندما ذهب إلى فراشه لينام لم يعرف كيف ينام، فقد صنع النوم أجنحة لنفسه وطار من عينيه.. قام القاضي من فراشه وخرج من بيته، وراح يسأل عن مسكن المرأة الأرملة وعندما وجدها عّبر لها عن ألمه وضيقه، وقال لها: لم يكن أمامي في ساحة القضاء إلا تطبيق أحكام القانون لأكون عادلاً، لكني أشعر أنه لا يمكن أن أستريح إلا عندما أدبر لكِ سكنا بديلا ووعدها بذلك، وبالفعل بحث لها عن مسكن، وقام بدفع قيمة الإيجار من ماله الخاص لمدة سنة مقدماً، ولم يتركها حتى أطمئن على راحتها وسلامتها هي وولديها، وعندئذ شعر بسعادة غامرة لأنه حقق العدل مع الرحمة.
هذا نموذج يحتذى ومثال يقتدى به، في البذل والتضحية بحب وسخاء.
نعم! ليدرك الأغنياء أننا دخلنا إلى العالم بلا شيء وواضح أننا سنخرج منه بلا شىء.. لذلك علينا أن نتكاتف معا لنجاح مبادرة "حياة كريمة" ليعيش كل مواطن مصري على أرضه "حياة أفضل".