الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

"البتول".. مقدسة في الإنجيل مطهرة بالقرآن الشيخ.. صابر: سميت بـ"أم النور" بعدما انبثق منها علم المسيح وبركاته.. الأنبا روفائيل: تسبيحة كانت تمشي على الأرض والآن في السماء

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ينظر المسلمون والمسيحيون للسيدة العذراء مريم باحترام وإعجاب وتقدير، وهذه القديسة العظيمة المباركة المطوبة، تصلح حياتها لأن تكون مثالًا يُحتذى به ودروسًا نتعلّم منها، ممن وجدت نعمة فى عينى الله، فأنعم عليها بأن يولد المسيح المنتظر منها من دون كل النساء على مر العصور، فقالت: «فهوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبنى لأن القدير صنع بى عظائم واسمه قدوس» (لوقا 1: 48،49).

العذراء ومذبح السماء
ويقول الداعية الإسلامى المعاصر الشيخ أحمد صابر فى حب مريم «العذراء ومذبح السماء»: يحتفل العالم الآن بالعذراء مريم خير نساء العالمين على الإطلاق بنص جميع كتب السماء، والذى يتوافق أيضا مع عيد الأضحى المبارك، وهذه مفارقة ربانية لها معان سامية.
ويواصل: «بهذه المناسبة أبعث برسالة إلى كل إنسان طيب المعدن صالح العمل رقيق القلب شفاف الإحساس قلبه متصل بالله عز وجل، وبه نهر من الحب والمودة والرحمة لكل الإنسانية ومن ثم قبول الآخر والاعتراف به، فالدين للديان والعالم كله وطن لبنى الإنسان».
ويتابع «صابر»: سميت مريم بأم النور لأنها انبثق منها نور علم المسيح وبركاته ورسالاته وتضحياته، وجاء ليكمل لا ليهدم، ورغم أن العائلة المقدسة حوربت كثيرا من قبل أعداء النجاح والحب والسلام، ولكنها اختصت مصر بكرامات وبركات تركت آثار طيبة بين أبناء الوطن الواحد، وذلك على مر العصور وعبر التاريخ، فإن حب أم النور فى قلوب العالمين لا ريب فيه، ولكن ذلك الحب مهما كان، لا يقارن أبدا بحب المصريين سواء كانوا مسلمين أومسيحيين.
ويضيف: تجد قداسة ومحبة كبيرة جدا لأم النور والمسيح عيسى عليهما السلام وكأنهما موجودان معنا فى مصر برسالتهما فى كل مكان وزمان، لهذا نوصى كل إنسان بغض النظر عن اختلاف العقائد والأديان بقراءة الإنجيل والقرآن جيدا، وأن يتعلموا منهما منهج الحياة التى هى قصيرة جدا وإن طالت فلا بد من الموت والوقوف بين يدى الله تعالى.
ويشير «صابر» إلى أن المسلم يعلم أن الدين الحق هو المعاملة، وأن الصلاة والصيام والزكاة والحج بدون محبة وإخلاص نية وحسن معاملة لأخيه الإنسان لا قيمة لها، كما يعلم المسيحى أن المذبح الحقيقى هو مسبح القلوب والأعمال الصالحة وعليه أن يبدئ بمسبح الأسرة ثم المجتمع، لأن الكنيسة ليست بالجدران والمبانى والتشييد، ولكن بمجموعة الصالحين منها، وأن الإنسان هو الذى يقدس المكان وليس العكس.

القديسة العذراء مريم والتسبيح
أما الأنبا روفائيل، أسقف كنائس وسط القاهرة، فيتحدث عن القديسة العذراء مريم والتسبيح فيقول: إن حياة العذراء مريم هى تسبيح فى حد ذاتها، صمتها واتضاعها، طهارتها ونقاوتها، احتمالها وخضوعها، إن العذراء نفسها تسبيحة كانت تمشى على الأرض، والآن فى السماء.
وعندما فتحت هذه العروس الطهور فاها المبارك المقدس المملوء نعمة، كانت الكلمات الخارجة من فمها هى تسابيح غنية وعميقة تدل على روحها النسكية الأصيلة، وتدل أيضًا على شبعها بكلام الله، فتسبيحتها الواردة فى إنجيل معلمنا لوقا البشير تتشابه كثيرًا مع تسبيحة القديسة حنة أم صموئيل، والتى وردت فى (1صم1:2-10).
وعندما أدركت العذراء أنها صارت أم الله «أم ربي» (لو43:1)، لم تتكبر ولم تنتفخ.. بل بالعكس حولت المجد والتعظيم لله «تعظم نفسى الرب» (لو46:1)، فالرب وحده هو الجدير بالتعظيم والرفعة. ونحن فى كل مرة نرفع تمجيدًا أو مديحًا لأمنا العذراء الطاهرة.. نراها أيضًا تحول هذا المجد إلى الله ابنها ومخلصها وإلهها قائلة: «تعظم نفسى الرب، وتبتهج روحى بالله مخلصي» (لو46:1-47). لم تفتخر روحها بذاتها، ووضعها الجديد كملكة وأم للملك وأم لله، ولكنها ابتهجت بالله مخلصها.
لقد كانت العذراء مشغولة بالله وليس بنفسها، مثلما قالت حنة: «فرح قلبى بالرب. ارتفع قرنى بالرب» (1صم1:2). هذه هى النفوس القديسة البارة المنشغلة بالله، وليس بذواتها البشرية.. ليتنا نتعلم هذا الدرس.
كذلك لم تنس العذراء مريم أنها أمة الرب.. «هوذا أنا أمة الرب. ليكن لى كقولك» (لو38:1)، «لأنه نظر إلى اتضاع (مذلة) أمته» (لو48:1).
ونحن يجب أن نتعلم أيضًا من هذه الأم القديسة الطاهرة ألا ترتفع قلوبنا، بل ندرك دائمًا أننا «عبيدٌ بطالون» (لو10:17).. مهما عملنا من البر، ومهما وصلنا إلى مراتب روحية، أو كنسية، أو فى العالم.. فالمسيح دائمًا ممجد فى عبيده المتضعين فقط.
بروح النبوة تنبأت القديسة العذراء مريم عما سيحدث فى الكنائس فى كل العالم، وفى كل الأجيال من جهة تطويبها وتمجيدها ومديحها: «فهوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبني» (لو48:1).
نحن بالحق نطوبك يا أم النور الحقيقي، لأنك صرت أهلًا لأن تحملى بين يديك الجالس على مركبة الشاروبيم، ومن تسجد له الملائكة وكل الخليقة.. فأنت بالحقيقة تستحقى كل إكرام وتمجيد وتعظيم يا أم الله بالحقيقة.
وفى ملء الاتضاع العطر تفهم العذراء القديسة أن ما نالته من نعمة هو من إحسانات القدير ورحمته. نحن نقول عنها إنها تستحق كل كرامة، وهى تقول عن نفسها إن ما نالته من كرامة كان إحسانًا ورحمة من القدير «لأن القدير صنع بى عظائم، واسمه قدوسٌ، ورحمته إلى جيل الأجيال للذين يتقونه» (لو49:1-50).
هذه هى الروح المتضعة الحقيقية التى يقبلها الله، ويفرح بها.. «ليمدحك الغريب لا فمك» (أم2:27). وانطلقت العذراء القديسة مريم تسبح الله على صنيعه المجيد مع شعبه: «صنع قوةً بذراعه. شتت المستكبرين بفكر قلوبهم. أنزل الأعزاء عن الكراسى ورفع المتضعين. أشبع الجياع خيراتٍ وصرف الأغنياء فارغين. عضد إسرائيل فتاه ليذكر رحمةً، كما كلم آباءنا. لإبراهيم ونسله إلى الأبد» (لو51:1-55).
إنه هو الذى صنع القوة بتجسده، وغلبته للشيطان والخطية والموت، وهو الذى «يميت ويحيي. يهبط إلى الهاوية ويصعد. الرب يفقر ويغني. يضع ويرفع. يقيم المسكين من التراب. يرفع الفقير من المزبلة للجلوس مع الشرفاء ويملكهم كرسى المجد» (1صم6:2-8).
حقًا بالرب قد «اتسع فمى على أعدائي، لأنى قد ابتهجت بخلاصك. ليس قدوسٌ مثل الرب، لأنه ليس غيرك، وليس صخرةٌ مثل إلهنا» (1صم1:2-2).
«قسى الجبابرة انحطمت، والضعفاء تمنطقوا بالبأس. الشباعى آجروا أنفسهم بالخبز، والجياع كفوا. حتى أن العاقر ولدت سبعةً، وكثيرة البنين ذبلت» (1صم4:2-5).
إن إلهنا هو إله المستحيلات «لأنه ليس بالقوة يغلب إنسانٌ» (1صم9:2).
وإله تحقيق الوعد «كما كلم آباءنا. لإبراهيم ونسله إلى الأبد» (لو55:1)، فهو لا يخلف وعده لأنه «أمينٌ وعادلٌ» (1يو9:1).
ليتنا نتعلم روح التسبيح من أمنا العذراء، ونتكلم فى حضرة الرب مثلها.. بكلام متضع روحانى مليء بالفكر والعقيدة والإيمان الراسخ. 

تواريخ مضيئة فى حياة العذراء
بينما يتحدث الكاتب القبطى نشأت أبو الخير، عن تواريخ مضيئة فى حياة العذراء قائلًا: تحتفل الكنيسة القبطية فى اول مسرى الذى يوافق 7 أغسطس من كل عام بصوم العذراء، الذى يستمر 15 يوما، ويختتم بعيد العذراء يوم 22 أغسطس وصعود جسدها الى السماء.
ويتابع «بو الخير»: لذلك تقيم الكنائس التى تحمل اسمها وحتى التى لا تحمل اسمها نهضات روحية طوال أيام الصيام، حيث تقام القداسات والعشيات والعظات والمدائح، وتشهد كنيستها بمسطرد احتفالا كبيرا وخاصا، حيث أنها إحدى الأماكن التى وفدت إليها العائلة المقدسة ولم تكن الكنيسة المقامة حاليا موجودة فى المكان نفسه أثناء الزيارة، بل المغارة التى اختبأت فيها والبئر الذى شرب منة يسوع واستخدم ماؤه من قبل مريم ويسوع ويوسف، فصار مقدسا ومباركا ومزارا، ثم بنيت الكنيسة بعد ذلك فى المكان.
ويضيف الكاتب القبطي: والعذراء مريم لها مكانة كبيرة فى الكتاب المقدس وفى الكنيسة والمسيحية، فاذا كان يوحنا المعمدان هو أعظم موالى النساء، فإن العذراء هى أعظم المواليد من النساء، ولمكانتها سميت كنائس كثيرة باسمها، وأطلق المسيحيون اسمها على بناتهم، حتى اخوتنا المسلمين يسمون باسم مريم لمكانته العظيمة فى القرآن، حيث اصطفاها الله على نساء العالمين.
ويشير «أبوالخير» إلى أن للعذراء ظهورات متعددة، ولعل أبرزها ظهورها على قباب كنيسة العذراء بالزيتون وما صاحب ذلك من معجزات وبركات لأرض مصر، ويعتقد الكثيرون فى شفاعتها، وهناك تواريخ ومحطات نورانية فى حياة القديسة البتول الممتلئة نعمة، والتى تسربلت بالفضائل، ومنها الصمت والاحتمال والاتضاع والطهارة والنقاء، ففى يوم 7 مسرى الذى يوافق 13 أغسطس، بشر ملاك الرب اباها يواقيم بميلادها، ففرح بذلك هو وامها حنة ونذراها للرب.
أما عن عيد ميلاد العذراء، فيقول «أبو الخير» إن الكنيسة تعيد له فى أول بشنش، أما يوم 3 كهيك فهو اليوم الذى دخلت فية الهيكل للتعبد فى الدار المخصصة للعذارى، حيث عاشت فى الهيكل تخدم فى جو روحى طاهر مكرسة تخدم الكهنة واللاويين، وتحيا عابدة ناسكة.
ويؤكد أن العذراء عاشت بتول فى وقت لم تكن هناك بتولية أو رهبنة بالمفهوم المسيحي، وعاشت كذلك حتى سن الـ12، وكان يجب ان تخرج من الهيكل لتعود الى بيتها لكى تتزوج، فعاشت فى الهيكل فترة النذور المسموح به، وتوفى ابوها وهى عمرها 6 سنوات، وبعدها بسنتان توفت أمها، وبحثوا عن الأقرباء فلم يجدوا سوى يوسف النجار البار، وكان فى سن الـ 80 من عمره، واختار لها الله بيت يوسف بمعجزة جمع الكهنة أقاربها.
ويواصل «أبو الخير»: وظهرت حمامة على رأس يوسف عاشت فى بيته فى حياة طاهرة مقدسة يحميها وهى تخدمه، فقد قال له الملاك لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك، وحسب شرع اليهود امرأته، حيث يوجد عقد أو كتاب بينهم ولم يتم الزواج، وحين جاءتها البشرى بمولد يسوع المسيح ابن الله منها اضطربت من كلام الملاك، فهى تحيا حياة البتولية، فقالت كيف يكون هذا وانا لست اعرف رجلا، فطمأنها الملاك الروح القدس: يحل عليك وقوة العلى تظللك فلذلك ايضا القدوس المولود منك يدعى ابن الله، فقالت هو ذا انا امة الرب ليكن لى كقولك واكملت حياتها فى الطهارة والبتولية، وكانت تحفظ جميع الكلام الذى كلمها بها الملاك متفكرة به فى قلبها، وحين ذهبت إلى اليصابات لخدمتها، فبادرتها من اين لى هذا ان تاتى ام ربى الى مباركة انت فى النساء ومباركة هى ثمرة بطنك حين صار صوت سلامك فى اذنى ارتكض الجنين بابتهاج فى بطنى فتجيبها العذراء تعظم نفسى الرب وتبتهج روحى بالله مخلصى لأنه نظر الى اتضاع امته فهوذا منذ الان جميع الاجيال تطوبنى لان القدير صنع بى عظائم، واسمة قدوس ورحمتة الى جيل الاجيال للذين يتقونة ولدت المسيح، وهى بتول بمعجزة لم ولن تحدث وفى سن الـ16 للمسيح، تنيح يوسف البار، وظل المسيح مع امة العذراء مريم وكان يعمل نجار، وهكذا كان احتمال العذراء يفوق الكثيرين، وعندما ظهرت علامات الحمل فيوسف البار لم يشهرها واراد تخليتها سرا، ولكن كان متفكرا عما يكون هذا الى ان كشف له ملاك الرب عن ان الذى حمل بها هو من الروح القدس. 
ويشير «أبو الخير» إلى أنه من المحطات الهامة فى حياة العذراء، مجيئها إلى أرض مصر مع يوسف، تحمل وليدها وتعيد له الكنيسة يوم 24 بشنش، وتعيد عيد نياحة العذراء فى 21 طوبة، وتعيد ايضا فى 16 مسرى الذى يوافق 22 أغسطس بصعود جسدها إلى السماء، ويوم 21 بؤونة عيد العذراء حالة الحديد، حيث قامت بحل أسر القديس متياس الرسول ومن معه من القيود، و24 برمهات الذى يوافق 2 إبريل عيد ظهورها على قباب كنيستها بالزيتون سنة 1968، وتقام فى شهر كيهك تسابيح عن كرامة العذراء، ويسمى الشهر المريمى، وبقى ان نذكر ان بناء اول كنيسة على اسمها كان فى فيلبى.