يواصل الأقباط الأرثوذكس، صوم السيدة العذراء مريم، والذى بدأ الأربعاء الماضي، ويستمر لمدة 15 يوما، ويُعد من أصوام الدرجة الثانية بالكنيسة المسموح فيها بتناول السمك.
ويعتبر صوم العذراء هو الصوم الوحيد الذى فرضه الشعب على الكنيسة القبطية، وهو موجود أيضًا فى الكنائس الأخرى، وإن اختلف التوقيت والمدة، فعند الروم الأرثوذكس هو أيضًا خمسة عشر يومًا كما فى الكنيسة القبطية، وهو خمسة أيام عند كل من السريان الأرثوذكس والأرمن الأرثوذكس، أما عند الروم الكاثوليك فيوما الجمعة اللذان يقعان بين يوم 1 و14 أغسطس من كل عام، ويصومه الكلدان الكاثوليك يومًا واحدًا.
وقدم
قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية،
التهنئة لأبنائه فى مصر والخارج بمناسبة صوم السيدة العذراء، جاء ذلك قبل
بدء عظته الأسبوعية والتى ألقاها قداسته الأربعاء الماضى بدير الشهيد
مارمينا العجائبى بمريوط.
وقال
قداسة البابا: أهنئكم جميعًا بصوم العذراء مريم هذا الصوم المحبوب جدًا فى
كنيستنا، وعادة كنائسنا تقيم فيه نهضات روحية واسعة فى كل مكان، أهنئكم
بهذا الصوم المبارك.
وقالت الدكتورة آمنة نصير، عضو مجلس النواب، وأستاذة الفلسفة والعقيدة بجامعة الأزهر، إنه يكفى أن السورة الوحيدة التى سميت على اسم امرأة فى القرآن الكريم، تحمل اسم السيدة مريم العذراء، تدليلًا على تقدير السيدة مريم فى الإسلام، ولا يقتصر ذكر اسمها على سورة مريم، بل يتكرر فى عدد من الآيات القرآنية الكريمة، وفى أكثر من سورة وذلك ثناء وتكريمًا لها.
وأضافت «نصير» أن القرآن الكريم لم يحمل اسم امرأه صراحًة إلا مريم بنت عمران فى سورة «آل عمران»، وفى هذه السورة رفع القرآن مقام السيدة مريم العذراء، فنرى كيف يرقى بها وبمقام ابنها عيسى عليهما السلام، وأنه يرقى بها وبآياته الكريمة بسيرة مريم، فقال الله تعالى فى سورة آل عمران: «وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ»، ولم نجد تقديرًا أعظم من تقدير الله لمكانتها، فهى أشرف نساء العالمين، بما اصطفاها المولى وطهرها، وقد كرمها الله بأن رفع ذكرها فى أمة الإسلام كرمز وقدوة، وسيدة لنساء الإسلام.
وأوضحت أستاذة الفلسفة والعقيدة بجامعة الأزهر، أن اسم مريم ذكر فى القرآن حوالى 34 مرة، منها 11 مرة جاء الحديث فيها عن مريم نفسها، و23 مرة عن عيسى ابن مريم، إذن مريم فقط قد تم تكرارها 11 مرة، وجاءت كلمة مريم فى عدد 12 سورة، وكان آخرها تكرارا فى سورة التحريم الآية 12، فهى المرأة الوحيدة التى سميت سورة فى القرآن الكريم باسمها وهى المرأة الوحيدة التى جاء اسمها صريحًا فى القرآن الكريم.
وفسرت «نصير»، ما يجمع الإسلام والمسيحية، هو عيسى عليه السلام حول المعجزات الثلاث: قصة مريم العذراء، ومعجزة ميلاده، ومعجزة نطقه فى المهد، وفى القرآن موضوع سورة مريم فى الآيات 16 حتى 40، تبدأ الآيات بذكر تعبد مريم وتقواها، واعتزالها للعبادة تحت رعاية زكريا، إلى أن أرسل الله لها «روحًا» على هيئة بشر، يطمئنها ويعدها بأنه سيكون لها ابن «زكيا»، وبمعجزة من الله حملت مريم، كما تذكرها أيضًا سورة الأنبياء، «آية 91»: «فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها آية للعالمين»، فى سورة مريم، حيث تخبر الآيات أن مريم اعتزلت الناس فى مكان «قصيّ»، حتى جاءها المخاض، وفى آلامها ومخاوفها، استندت مريم إلى جذع نخلة، وتأوهت: «يا ليتنى متّ قبل هذا وكنت نسيًا منسيا». عندها أتاها صوتٌ يقول لها ألا تخاف وألا تحزنى، يوجد أكثر من تفسير لهذه الآية، فهناك من يعتبره صوت جبرائيل، وهناك من يفسره على أنه صوت السيد المسيح نفسه، يشير الصوت عليها أن تهز جذع النخلة التى تستند إليها لتأكل من ثمارها، كما يطلب منها أن تنذر نفسها للصيام عن الكلام مع الناس، وأن تذهب بابنها عند قومها، حين رآها الناس تعجبوا أن يكون لها ابن من غير زواج، وذكّروها بعفة والديها: آية 28 «يا أخت هارون، ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيّا»، لكنها دون أن تتكلم، أشارت لهم أن يسألوا ابنها، فكان عجبهم أعظم، ولاموها أن تطلب أن يكلموا طفلًا رضيعًا: آية 30 «كيف نكلّم من كان فى المهد صبيًا»، عندها خاطبهم المسيح، كما تذكر أربع آيات متتالية (30): «قال إنى عبدُ الله، أتانى الكتاب وجعلنى نبيًا» (31) «وجعلنى مباركًا أين ما كنتُ، وأوصانى بالصلاة والزكاة ما دمت حيًا» (32) «وبرًّا بوالدتى ولم يجعلنى جبّارًا شقيا» (33) «والسلام عليّ يوم ولدتُ ويومَ أموتُ ويوم أبعث حيّا».
واختتمت الدكتورة آمنة نصير، أن الآيات القرآنية التى تتحدث عن السيدة مريم (امرأة عمران) وابنها السيد المسيح، يمكن إدراجها تحت عنوان تكريم المسيحية فى الإسلام، مثل: سورة «آل عمران» وهى عائلة السيدة مريم، وسورة «المائدة» والتى تتحدث عن معجزة المائدة الربانية المنزلة على عيسى عليه السَّلام وحوارييه، وسورة «مريم» وهى السيدة البتول العابدة الطاهرة والدة عيسى عليه السلام.
كنائس وأديرة تاريخية تحمل اسم العذراء مريم
دير السيدة العذراء «المحرق»
من أهم المقاصد السياحية المهمة فى مسار رحلة العائلة المقدسة بمصر، وقد بناه الأنبا باخوميوس، وعندما استشعر قداسة المكان اختار هذه البقعة لتكون ديرًا يحيط بالكنيسة الأثرية، التى تقع بالجهة الغربية من الدير، وهيكل الكنيسة موجود فى المغارة التى تشبه غرفة طبيعية منحوتة فى الصخر، ويقع الدير على بعد 12 كم غرب مدينة القوصية التابعة لمحافظة أسيوط، فى الكيلو 327 طريق (القاهرة - أسوان) بسفح جبل «قسقام»
ومن أبرز المعلومات عن الدير، يضم دير «المحرق» ثانى أقدم كنيسة فى العالم بعد كنيسة بيت لحم فى فلسطين، اشتهر باسم «دير السيدة العذراء مريم»، وذلك نظرًا لإقامة السيدة العذراء مريم وابنها السيد المسيح ويوسف النجار وسالومى التى تعهدت بخدمتهم به بعد رحلة شاقة لمسافة طويلة من بلاد فلسطين إلى مصر على دابة.
كنيسة السيدة العذراء فى القصير
بنيت كنيسة السيدة العذراء أو كنيسة سانت بربارة فى القصير جنوب البحر الأحمر عام 1937، داخل مجمع شركة الفوسفات الذى قام بإنشائه الإيطاليون آنذاك.
وتم إنشاء المجمع عام 1906، ليكون مركزًا خدميًا متكاملا للعاملين بشركة الفوسفات، حيث يحتوى على منازل الفنيين والعمال والمهندسين بالإضافة إلى مدرسة وكنيسة القديسة بربارة -السيدة العذراء حاليا- وتمت تسمية الكنيسة بهذا الاسم، لأن القديسة بربارة تعتبر حامية العاملين بالتعدين والمناجم وكانت كنيسة كاثوليكية.
وفى عام 1964، تم تحويل الكنيسة إلى كنيسة أرثوذكسية، فى عهد البابا مكاريوس، حيث تم تغيير اسمها لتصبح كنيسة السيدة العذراء، أما فى عهد البابا ثيوفيلوس عام 1995، فتم دمج الاسمين لتصبح كنيسة السيدة العذراء والقديسة بربارة.
وتعد الكنيسة تحفة معمارية من الداخل، حيث يمكننا أن نرى الأيقونات القبطية الحديثة من العام 1990، بالإضافة إلى النقوش الإيطالية التى ترجع لعام 1932، والتى تم ترميمها.
كنيسة السيدة العذراء فى المعادي
يتوافد عليها آلاف الزوار خلال موسم «صوم العذراء»، وتأتى على رأس الكنائس الأثرية التى تحمل اسم «العذراء»، وعُرفت هذه الكنيسة فى كتب التاريخ بكنيسة «المرتوتي»، وهى النطق العامى لكلمة «متيرتا» ومعناها «أم الله» باللغة اليونانية، كما عُرفت بـ«كنيسة العدوية» وهناك رأيان لسبب هذه التسمية، أولهما يرجع إلى أميرة مغربية سكنت فى المنطقة خلال القرن العاشر، والثانى يرجعها إلى أن السيدة العذراء عرجت عليها، ثم ركبت مركبًا وخرجت منها إلى الصعيد.
وتقع كنيسة السيدة العذراء على بعد حوالى 13 كم جنوبى ميدان رمسيس بالقاهرة، وعلى شاطئ النيل مباشرة، وعلى الجانب الشرقى فى ركبة منه على الكورنيش، آخذت موقعًا سياحيًا وأثريًا ممتازًا مما يجعلها إحدى المعالم السياحية المهمة، وخاصًة أن العائلة المقدسة قد عبرت بهذا الموقع المقدس فى طريقها إلى جبل قسقام بالصعيد، حيث يقع اليوم دير المحرق. ومنطقة هذه الكنيسة عرفت عبر التاريخ بعدة أسماء جغرافية مختلفة.
قالوا عن «أم النور»
الأب يوحنا سعد: «شكرًا يا أمي»
قال الأب يوحنا سعد، راعى كنيسة العذراء والأم تريزا بعزبة النخل، للعذراء مريم محبة كبيرة بقلبى وأيضًا دور كبير فى مسيرة حياتي.. أشعر أنها أم تحبنى وتحب الجميع وتهتم بتفاصيل خاصة جدًا.. سأحاول أسرد بعض المواقف.
أولًا: كنت بمصيف بالإسكندرية أنا والأسرة من وقت طويل.. كنت معرضا للغرق، وصرخت يا أمى أنقذيني، وشعرت بيدها الحنونة تمسك بيدى وتنقذ حياتي.
ثانيًا: 12 أكتوبر 1992، كنت أعانى من حمى التيفود والدكتور صرح بأنى أحتاج لمعجزة لأعيش ورأيت أمى العذراء، تقول إنى سأعيش وأيضًا سأكون كاهنًا، وأكرس حياتى لخدمة ابنها.
ثالثًا: قمت برياضة روحية قبل الكهنوت بدير سيدة البشارة إبريل 2015 واختارت أمى العذراء الاسم يوحنا الحبيب، وقالت لى ستكون رسالتى نشر الحب والحنان للجميع، خاصًة الأكثر احتياجًا.. وأنا فى طريقى للعودة من الرياضة الروحية حدثت لى حادثة وكنت معرضا للموت والعذراء أنقذتنى أيضًا.
رابعًا: فى يونيو 2017، تم إجراء لى عملية استئصال للزائدة بمستشفى سانت تريز بالإسكندرية، وكانت المشكلة أنها انفجرت ومكثت عدة أيام بالمستشفى، بعد العملية درجة الحرارة كانت مرتفعة (٤١ درجة)، ونشكر الله أمى العذراء مرة أخرى تنقذ حياتي، وقالت لا تخف ما زال لك رسالة نشر محبة ابنى للجميع.
خامسًا: 3 مارس 2019، حدثت لى حادثة ومكثت بمستشفى الإيطالى عدة أيام، وقضيت ليلة بالعناية المركزة وتحضر مرة أخرى أمى العذراء الساعة 3 صباحًا؛ لتشجعنى وتُطمئن قلبى بأنى سأكون بخير وسأكمل رسالتي.
